مع الحدث

مع الحدث | سياسيون وولاة وعمال على خطى مبديع

المهددون الكبار في المرحلة الراهنة

عاد الحديث في صفوف الرأي العام، عن فساد المنتخبين الكبار المتورطين في قضايا المال العام أو شبهات حول صفقات عمومية وتضارب مصالح، وتحقيق مصالح خاصة، خاصة بعدما تم اعتقال البرلماني محمد مبديع رئيس جماعة الفقيه بن صالح، ليطرح المواطنون العديد من التساؤلات حول عدة ملفات لا زالت رائجة لدى القضاء، أو محط تحقيق تتعلق بالعديد من الأسماء الوازنة في الحياة السياسية، ومنها على سبيل المثال، قضية القيادي الاتحادي خالد عليوة، الرئيس المدير العام السابق للقرض العقاري والسياحي، بالإضافة إلى ملفات شبيهة، كملف حجيرة، وبعيوي، وأبدوح، واللائحة طويلة(…).

إعداد: خالد الغازي

    بسبب تنامي ملفات الفساد والعديد من القضايا المرتبطة بالمال العام، وغياب قوانين رادعة، لا زال المغرب يتبوأ المراتب الأخيرة في مؤشر مدركات الفساد، إذ يحتل المرتبة 94 عالميا والثاني مغاربيا بـ 38 نقطة، مسجلا بذلك تراجعا بـ 7 درجات وبنقطة واحدة عما كان عليه الوضع في سنة 2021، حيث أكدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن المغرب لم يحسن تصنيفه على مدى العقدين الماضيين.

فقد أكدت القضايا والملفات الرائجة في المحاكم، والتي يتابع فيها منتخبون كبار وبرلمانيون، ضعف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في تحقيق نقلة نوعية للمغرب نحو محاربة والتصدي للفساد المالي والتدبيري للمؤسسات العمومية، حيث أن الاستراتيجية التي تم وضعها منذ سنة 2015، مازالت بعيدة كل البعد عن التفعيل، بسبب ضعفها وعدم وجود قوانين صارمة لتقويتها وتنزيلها، وفي ظل عدم انخراط الوزراء والمسؤولين الكبار عن المؤسسات والإدارات العمومية، وبسبب عدم عقد اجتماعات اللجنة الوطنية بكيفية منتظمة، وعدم تجريم الإثراء غير المشروع والاغتناء الفاحش، الذي يعتبر أبرز الأسباب في تبديد الأموال العمومية، وغياب قانون يجرم ظاهرة تضارب المصالح التي يقع فيها العديد من الرؤساء والمسؤولين، وعدم توفير الحماية للجمعيات والنشطاء المبلغين عن الفساد.

تتمة المقال بعد الإعلان

في هذا السياق، يقول محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “هناك ملفات قيد البحث التمهيدي، وقيد التحقيق وقيد المحاكمة.. استغرقت وقتا طويلا، وهو ما يشكل – في نظرنا وتقديرنا – هدرا للزمن القضائي، ويتنافى مع مضامين الدستور الذي يؤكد على ضرورة البت في هذه القضايا داخل أجل معقول، كما أن من شأن ذلك أن يشكل مؤشرا على عدم جدية السلطة القضائية في التعاطي مع قضايا الفساد”، موجها نداءه إلى السلطة القضائية بالتدخل من أجل تحريك الملفات العالقة وتسريع وتيرة البت فيها، واتخاذ إجراءات وتدابير حازمة لمواجهة المتورطين في هذه القضايا، والحرص على إصدار أحكام قضائية تتناسب وخطورة جرائم الفساد المالي، لأنها جرائم مشينة وخطيرة ولابد من أن تكون الأحكام الصادرة فيها تحقق الردع العام والخاص، باعتبار أن السلطة القضائية يدخل ضمن أهدافها ومهامها الدستورية والقانونية، تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد وعدم الإفلات من العقاب، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأوضح نفس المتحدث، أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ولدت ميتة رغم الأموال العمومية التي خصصت، وأعلن عنها في سنة 2015 إلى 2025، إلا أنه تم تجميدها، ولم نر أي أثر لها على أرض الواقع، وحتى البرامج التي خصصت لها لوحظ أنها لم تر النور، وطالب كل الجهات المعنية، بالعمل من أجل الانكباب على وضع استراتيجية وطنية فعالة ومنسجمة وبأبعاد متعددة وفق مقاربة تشاركية، يكون الهدف منها الوقاية من الفساد والرشوة، ووضع سياسات عمومية قادرة على تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد.

وقال ذات المصدر، أن “الرأي العام اليوم يتطلع والمغرب يعيش وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة، ومنسوب الثقة في المؤسسات تراجع بشكل كبير، يتطلع إلى نقطة ضوء وتحدوه الرغبة لكي ينتقل البلد إلى وضع آخر أفضل، ولكي تكون للبرامج التنموية فعالية على مستوى مختلف الجهات والمناطق، لابد من مكافحة كافة مظاهر الفساد والرشوة ونهب المال العام، لذلك نراهن على القضاء في هذه المسألة من أجل مواجهة الفساد بكل حزم وصرامة”.

وحسب الغلوسي دائما، فإن العديد من الملفات لا تبرح مكانها تتقاذفها الرفوف، من بينها ملف “تفويت الأملاك العقارية العمومية بجهة مراكش” تحت ذريعة الاستثمار، في عهد الوالي الأسبق عبد الفتاح البجيوي، وملف “كازينو السعدي” الذي يوجد لدى محكمة النقض منذ مدة، وملف رئيس بلدية بني ملال السابق أحمد شدا، وملف رئيس المجلس الإقليمي لوزان العربي المحرشي، وملف معارض الجديدة المعروض على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وملف الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة، الذي استفادت شركة في اسم أبنائه القاصرين من عقار عمومي بمنطقة تارݣة بمراكش، إضافة إلى ملف البرلماني محمد الحيداوي، والمتعلق بفضيحة تذاكر المونديال.

تتمة المقال بعد الإعلان

فالكثير من الملفات لازالت رائجة في مختلف المحاكم تتعلق بمنتخبين كبار، ورؤساء جماعات وبرلمانيين، من أبرزهم قضية عمر حجيرة البرلماني الاستقلالي، وعبد النبي البعيوي القيادي في حزب “البام”، ولخضر حدوش رئيس مجلس عمالة وجدة، والتي قررت محكمة النقض إعادة البت فيها بعرضها على محكمة الاستئناف بالرباط، بعدما قامت محكمة الاستئناف بفاس بإدانتهم بسنتين حبسا نافذا في حق حجيرة وحدوش، وسنة نافذة في حق رئيس مجلس الجهة.

ويتابع في الملف المعروض على محكمة الاستئناف بالرباط، مهندسون ومقاولون استفادوا من صفقات جماعة وجدة، بتهم تتعلق باختلاس أموال عمومية، وذلك بناء على ما ورد في تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، المتعلق بجماعة وجدة خلال الفترة ما بين 2006 و2009.

وترجع تفاصيل القضية إلى ثماني سنوات، بعدما توصلت النيابة العامة بتقرير صادم عن مجلس الحسابات، يؤكد تورط 17 شخصا من بينهم رؤساء مجالس وموظفين جماعيين ومقاولين، في تبديد أموال عمومية تقدر بحوالي 4 ملايير سنتيم، تتعلق بصفقات لأوراش الطرقات ومشروع التهيئة الحضرية لمدينة وجدة، والذي رصدت له ميزانية 24 مليار سنتيم، تم تمويلها من طرف صندوق التجهيز الجماعي التابع لوزارة الداخلية.

وكشف التقرير وجود تضارب للمصالح وعلاقة منفعة خاصة بين رئيس مجلس الجهة عبد النبي البعيوي، بعد حصول شركته المتخصصة في الأشغال العمومية، على صفقات تهيئة المجال الحضري لجماعة وجدة، التي كان يرأسها لخضر حدوش، ورصده لعدة خروقات وغش في عملية إصلاح الطرقات.

ومن بين الملفات الثقيلة والمعروضة على القضاء، قضية تفويت عقارات عمومية لمجموعة من الأشخاص وذوي النفوذ والمناصب في المجالس المنتخبة، في عهد والي جهة مراكش المعزول، عبد الفتاح البجيوي، والتي مازال التحقيق فيها مستمرا تحت إشراف الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بمراكش، ويتعلق الأمر بـ”خروقات وتلاعبات” ارتكبتها لجنة الاستثناءات التي يترأسها الوالي بدون سند قانوني.

وحسب شكاية الجمعية المغربية لحماية المال العام، فإن “شخصيات استغلت علاقاتها ببعض مراكز القرار العمومي للحصول على امتيازات والاستفادة من العقار العمومي بأثمنة رخيصة دون احترام لمبادئ المنافسة والشفافية والمساواة ضدا على الدستور والقانون”، مشيرة إلى أن شخصيات نافذة ضمنهم مسؤولون سياسيون بالجهة، أصبحوا بقدرة قادر منعشين عقاريين لهم أرصدة بنكية وممتلكات عقارية بعدما كانوا لا يملكون أي شيء نتيجة سيادة الفساد والريع والإفلات من العقاب.

وكشفت الجمعية عن استفادة أشخاص من تراخيص وعقارات عمومية تحت غطاء الاستثمار وضدا على القانون ومبادئ الشفافية والنزاهة والمساواة المنصوص عليها دستوريا، بعدما تم “الترخيص للمستشار الجماعي السابق عبد العزيز البنين، بإنجاز مشروع سكني بالقرب من منطقة سيدي الضو، والذي كان في البداية عبارة عن سكن اجتماعي، وهو المشروع المسمى بتاركة بريستيج، مع العلم أن المنطقة مخصصة للفيلات”، ومنحه “ترخيصا عن طريق لجنة الاستثناءات لإنشاء مدرسة ومصحة خاصة على مساحة هكتارين قرب مقر إدارة الضرائب بمنطقة المسيرة”، و”الترخيص لمحطة وقود بمنطقة العزوزية بالقرب من المدرسة الفندقية”، و”الترخيص لبناء فندق بالقرب من المحطة الطرقية الجديدة بمنطقة العزوزية”، و”الترخيص في منطقة خضراء لمحطة وقود ومطعم على مستوى الطريق المؤدية إلى الدار البيضاء مرورا بمنطقة الحي الصناعي، ثم الترخيص لمحطة وقود أفريقيا بنفس المكان”.

ويظل ملف فضيحة مسؤولي مجالس خريبكة، من بين الملفات التي لازالت معروضة على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء والتي يتابع فيها البرلماني المهدي عثمون نائب رئيس مجلس المستشارين، والرئيس السابق لمجلس جماعة خريبكة، رفقة متهمين آخرين من بينهم محمد الزكراني، الرئيس الحالي للجماعة ورئيس المجلس الإقليمي سابقا، بتهمة المشاركة في تبديد واختلاس أموال عمومية، وارتكاب خروقات في التعمير في تجزئة سكنية.

وقد قرر قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، متابعة البرلماني المهدي عثمون رفقة 9 أشخاص آخرين، من بينهم موظفين بالجماعة ومقاولين في حالة سراح، حيث يتعلق الملف بخروقات واختلالات وقعت في بلدية خريبكة، جعلت وزارة الداخلية تدخل على الخط وتقرر عزل الرئيس من منصبه، وعرضه على القضاء.

وتعتبر فضيحة تجزئة “الفردوس” من القضايا التي تأخر الحسم فيها بعدما خلقت ضجة كبيرة بمدينة خريبكة، وورطت البرلماني عثمون رفقة متهمين آخرين، حيث يرجع الملف إلى سنة 2009، عندما أصدرت وزارة الداخلية قرارا بعزل الرئيس السابق للمجلس الجماعي، بعد وقوف المفتشية العامة لوزارة الداخلية على وجود خروقات تعميرية خطيرة تتعلق بتجزئة “الفردوس” التي أثارت احتجاجات وضجة وطنية بسبب خروقات في التعمير، حيث تمت متابعة البرلماني الحالي بتهمة اختلاس أموال عمومية وتبديد المال العام والتزوير في وثائق إدارية واستعمالها، واستغلال النفوذ، في حين توبع بالمشاركة في الاختلاس وتبديد المال العام، للمشتبه فيه رئيس المجلس الإقليمي بخريبكة الحالي، محمد الزكراني، رفقة مقاولين ومهندسين وتقنيين والبالغ عددهم 20 متهما.

وتعتبر قضية محمد كريمين، من القضايا التي تطرح تساؤلات لدى الرأي العام الوطني، خاصة على مستوى عمالة بنسليمان، لكون المعني بالأمر تمكن من العودة لرئاسة المجلس الجماعي لبوزنيقة، رغم إدانته في ملف سابق من قبل محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بأربع سنوات موقوفة التنفيذ، في قضية تتعلق بـ”تبديد أموال عمومية بصرف الجماعة محروقات لفائدة مفوضية أمن بوزنيقة، مع أداء مصاريف سفر أحد نواب الرئيس إلى إسبانيا في مهمة خاصة”.

وقررت محكمة النقض إعادة ملف رئيس جماعة بوزنيقة محمد كريمين، إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء من جديد، بعدما وافقت على طلب الطعن الذي تقدم به، في حين كان ينتظر معارضون تأييد الحكم الاستئنافي قصد عزله من رئاسة مجلس الجماعة، إلا أن مشاكل كريمين لا حدود لها، إذ سرعان ما دخلت وزارة الداخلية على الخط بعدما توصلت بمراسلة تؤكد تورطه في حالة تضارب للمصالح.

وقرر عامل إقليم بنسليمان عرض قضية كريمين على المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، قصد مباشرة مسطرة العزل من منصبه طبقا لمقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية، بعدما كشف مستشارون في المجلس عن وثائق تبين تورط الرئيس في تنازع للمصالح، كونه شريك مع صاحب شركة النظافة “أوزون” في شركة أخرى متخصصة في مجال آخر.

وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أصدر تقريرا يكشف فيه العديد من الاختلالات في تسيير مجلس جماعة بوزنيقة، تتعلق بعدم اتخاذ قرارات لتحسين الخدمات الاجتماعية، مثل الوقاية الصحية، والنظافة العمومية، إلى جانب منح النائب الأول للرئيس تفويضا غير قابل للتفويض طبقا للمادة 103 من القانون التنظيمي، وعدم قيام مصالح الجماعة بإحصاء الأراضي الحضرية غير المبنية، مما ترتب عنه ضياع مداخيل مهمة تفوق 9 ملايين درهم بين سنتي 2014 و2017، كما رصد التقرير اختلالات مالية تهم 70 مليون درهم من مالية الجماعة الحضرية.

قضية أخرى تعتبر من قضايا فساد المنتخبين خلال الفترة الحالية، معروضة على غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، والتي يتابع فيها البرلماني محمد أبرشان، رئيس جماعة “إعزانن” إقليم الناظور، وابنه، بالإضافة إلى عدد من المتهمين الآخرين من بينهم موظفين في الجماعة الترابية، ونائب للرئيس في المجلس.

وقرر قاضي التحقيق بنفس المحكمة إحالة البرلماني أبرشان ومن معه، على غرفة الجنايات الابتدائية، على إثر متابعته بتهم “الارتشاء والتزوير في محررات رسمية، وأخذ منفعة في مؤسسة يتولى إدارتها والإشراف عليها، وتسليم رخص وشواهد إدارية بغير حق لمن ليس له الحق فيها، واستغلال النفوذ والغدر، وإعفاء من أداء رسوم وواجبات عامة، وإحداث تجزئات أو مجموعات سكنية من غير الحصول على إذن والمشاركة في إقامة بنايات بدون رخص البناء فوق ملك من الأملاك العامة”.

وقد أيدت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بفاس، قرار قاضي التحقيق بالغرفة الأولى، الذي قرر متابعة النائب البرلماني محمد أبرشان في حالة سراح، بينما سبق أن تقدمت النيابة العامة بملتمس من أجل متابعته في حالة اعتقال رفقة بقية المتهمين.

قضية “كازينو السعدي” بمراكش من القضايا المهمة التي لازالت متداولة لدى القضاء، والتي يتابع فيها البرلماني السابق عبد اللطيف أبدوح، القيادي في حزب الاستقلال، وعبد العزيز مروان، ومحمد نكيل، ومحمد الحر، والتي تتعلق بتفويت بقعة أرضية لإحدى الشركات السياحية بملغ مالي لم يتجاوز 600 درهم للمتر مربع، في حين أن ثمن العقار في المنطقة يفوق 15 ألف درهم للمتر مربع.

وظهرت القضية بعدما تقدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام بشكاية للقضاء ضد المستشار البرلماني عبد اللطيف أبدوح، رئيس مقاطعة المنارة، حول عملية تفويت للأرض التي يوجد عليها فندق “السعدي” المشهور بـ”كازينو السعدي”، حيث فضح شريط صوتي نقله مستشار جماعي اسمه مصطفى بنمهدي، إلى الوكيل العام، يكشف تورط منتخبين كبار في عملية تفويت عقار مساحته 10 آلاف متر مربع، منها 7720 متر مربع أرض عارية و2200 توجد فوقها بناية “الكازينو”، ورغم أن القضاء أدان العديد من المنتخبين في ملف “كازينو السعدي”، إلا أن متابعتهم في حالة سراح مكنتهم من العودة بقوة إلى المشهد السياسي بمدينة مراكش، والحصول على مناصب مسؤولية على مستوى المقاطعات، مما يطرح تساؤلات كثيرة حول مدى تخليق الحياة السياسية ومنع المفسدين من الوصول للمجالس المنتخبة والبرلمان.

وقد قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بتأييد الحكم الجنائي الابتدائي والقاضي بإدانة مجموعة من المتهمين ضمنهم شخصيات سياسية وازنة بالجهة، وبعد ذلك، عرضت القضية على محكمة النقض منذ سنة 2021، ولحدود الآن لم تحسم محكمة النقض موقفها من هذه القضية الشائكة، والتي يتابعها الرأي العام باهتمام كبير ويترقب أن تكون السلطة القضائية حازمة في مكافحة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة عبر قرارات شجاعة وجريئة.

واعتبر محمد الغلوسي، أن تأخير الحسم في قضية “كازينو السعدي” بمراكش، يتعارض مع الدستور الذي يؤكد على ضرورة البت في القضايا داخل آجال معقولة، ويمكن أن ينعت ذلك بهدر الزمن القضائي والنجاعة القضائية، متسائلا: هل حان الوقت لحسم هذه القضية، أم أنها مرشحة للركود مدة أطول؟

وهناك العديد من القضايا التي يتابع فيها منتخبون ومسؤولون عن عدة جماعات ومجالس، بتهمة تبديد المال العام وإبرام صفقات، وغيرها من الاختلالات والخروقات، والتي لا زالت قيد التحقيق أو في المراحل الأولى، ومن بين الملفات التي لم تحسم بعد منذ سنوات، ملف المتابعين في ملف الراحل عبد الوهاب بلفقيه، والذي يضم 17 شخصا، حيث يسعى بعض المتهمين إلى استغلال وفاة المتهم الأول في القضية لربح الوقت ومحاولة الإفلات من العقاب.

وقد تمت إحالة الملف على غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، من قبل قاضي التحقيق، بتهمة المشاركة في تبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير، حيث يتابع ضمن القضية حسن الطالبي رئيس بلدية كلميم والمنسق الإقليمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، إضافة إلى موظفين ومهندسين ومنتخبين.

وتمت إعادة إخراج القضية من الحفظ بعدما راسلت الجمعية المغربية لحماية المال العام رئيس النيابة العامة والوكيل العام للملك، حول عدم مشروعية وقانونية قرار الحفظ، خاصة وأن وثائق القضية تفيد بحصول اختلالات قانونية ومالية وتدبيرية جسيمة اعترت إنجاز مشاريع التهيئة بالمدينة وصفقات عمومية وغيرها، لا سيما وأن الملف يتضمن وثائق ومحاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي اشتغلت عليها بمهنية.

قضية أخرى من نوع آخر، بطلها البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، محمد الحيداوي، رئيس فريق أولمبيك أسفي لكرة القدم، المتورط في فضيحة تذاكر مونديال قطر، والذي استدعته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الأسبوع الفائت، للمرة الثالثة، بخصوص عملية بيع تذاكر كأس العالم، والتي من المنتظر أن تسقط أسماء أخرى في الرياضة والسياسية، كما سبق أن صدر في حقه حكم قضائي بثلاثة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 30.000 درهم، في قضية تتعلق بجنحة “عدم توفير مؤونة شيكات عند تقديمها للأداء”، و”النصب”.

وتعتبر قضية العربي المحرشي، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، من القضايا المرتبطة بتدبير الشأن المحلي، حيث لا زال مصيرها مجهولا حتى اليوم بعدما فتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقا فيها بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، قصد التحقيق في معلومات حول شبهة اختلالات مختلفة شملت الصفقات العمومية بالمجلس الإقليمي لوزان، وكذا سندات الطلب، ودعم الجمعيات، والنقل المدرسي، والمحروقات، وأجور الموظفين، وغيرها.

ويبقى ملف العربي المحرشي من الملفات الغامضة والمتأخرة، والتي لازالت لم تأخذ طريقها للقضاء، حيث لا يزال لدى الشرطة القضائية منذ مدة طويلة ولم يتخذ بشأنه أي قرار، حسب جمعية حماية لمال العام، التي تقدمت بشكاية تشير إلى وجود شبهة اختلالات تدبيرية ومالية وقانونية بالمجلس الإقليمي لوزان.

وتتعلق الاتهامات الموجهة إلى المحرشي في الملف، بـ”صنع منصب على مقاس المرشح الوحيد لمنصب مدير شركة التنمية الإقليمية للنقل المدرسي”، و”إقصاء المرشحين الآخرين الذين تقدموا بملفاتهم، واعتبارهم غير مؤهلين ولا تتوفر فيهم المعايير والشروط المطلوبة للمنصب”.

أما القضية البارزة الأخرى، والتي تتعلق بمعارض الجديدة، فيتابع فيها النائب البرلماني هشام المهاجري، رفقة الرئيس السابق لجماعة الجديدة عبد اللطيف التومي، وكذا باشا المدينة السابق، إلى جانب 30 متهما آخرين، حيث لازال الملف متداولا لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء منذ سنوات.

وحسب حماة المال العام، فقد استغرقت القضية ثماني سنوات و65 جلسة دون إصدار قرار نهائي لحدود الآن، دون احتساب المدة التي استغرقتها أمام الشرطة القضائية في إطار البحث التمهيدي وأمام قاضي التحقيق في إطار التحقيق الإعدادي طبقا لقانون المسطرة الجنائية.

ويتابع المتهمون بتهم اختلاس وتبديد أموال عمومية، وإقصاء المنافسين من المناقصة، وتزوير وثائق إدارية ونزع أوراق محفوظة بإدارة عمومية، وخيانة الأمانة واستغلال النفوذ وانتزاع حيازة عقار من الغير، ومنح أملاك وموارد الجماعة مجانا للغير دون إذن القانون، والإعفاء من الضرائب ومن الواجبات المفروضة على استغلال أملاك الجماعة كل حسب المنسوب إليه.

وسبق أن صدر حكم الإدانة في شهر يوليوز 2017، في حق كل من المهاجري والتومي بالسجن النافذ لمدة سنة، وبسنتين في حق الباشا، وذلك بناء على معطيات كشف عنها تقرير المجلس الجهوي للحسابات، تؤكد استغلال البرلماني المهاجري لفضاء ملعب “أحمد الأشهب” لإقامة معرض الجديدة التجاري دون مقابل، بعد افتحاص قضاة المجلس لحصيلة عمل المجلس الجماعي.

ويرى حماة المال العام، أن الفساد يستنزف 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، و50 مليار درهم سنويا في مجال الصفقات العمومية، وفئة قليلة تستحوذ على الثروة، وعمداء مدن يبرمون صفقات لشراء أو كراء سيارات فخمة لنوابهم في عز الأزمة والحكومة ترفض إقرار الضريبة على الثروة وتجريم الإثراء غير المشروع، ومراجعة قانون التصريح بالممتلكات في ظل مناخ سياسي يسمح بإفلات لصوص المال العام والمفسدين، من العقاب مع استمرار الفساد والريع.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى