تحت الأضواء | تفكيك شبكة مخدرات يهدد مستقبل سياسيين كبار
تكليف الجنرال حرمو بأكبر قضية من نوعها
الرباط. الأسبوع
دخل الجنرال دوكور دارمي محمد حرمو على الخط للإشراف على عملية التحقيق مع 15 دركيا محط شبهة للارتباط بشبكة للاتجار الدولي في المخدرات بمدينة الجديدة، بعدما قرر توقيفهم عن العمل إلى حين استكمال مساطر التحقيق معهم، قبل عرضهم على النيابة العامة المختصة لتحديد مدى علاقتهم بالقضية التي هزت الرأي العام المحلي والوطني.
وأعطى حرمو تعليماته لفتح بحث مع الدركيين الموقوفين في ثكنة تامسنا حول مدى علاقتهم بملف بارون المخدرات “حمدون”.
وقد كلف الفرقة الوطنية للدرك الملكي بالرباط، للإشراف على التحقيقات مع الدركيين الذين يشتبه في علاقتهم مع شبكة “حمدون” الموقوفة في الجديدة، قبل أن تتم إحالتهم على أنظار النيابة العامة المختصة بمحكمة الاستئناف بالجديدة للنظر في التهم المنسوبة إليهم بعد الانتهاء من البحث الأمني.
وحسب مصادر مطلعة، فإن عمليات التحقيق في شبكة بارون المخدرات “حمدون” قد تكشف خيوط ارتباطات أخرى ومتورطين آخرين ينتمون لأحزاب سياسية محلية وبعض المنتخبين ومسؤولين بإقليم الجديدة، وذلك لتسهيل عمل هذه الشبكة أو توفير الغطاء لها لتهريب المخدرات من سواحل الإقليم إلى أوروبا ومدن أخرى.
ويأتي تحرك قيادة الدرك الملكي في هذا الملف، بعدما تم تداول تسجيل صوتي لزعيم الشبكة الملقب بـ”حمدون” القاطن بالجديدة، يتهم فيه عشرات المسؤولين والدركيين بالمشاركة معه في تهريب المخدرات، مما دفع بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية للدخول على الخط، حيث قامت بتوقيف البارون “حمدون” رفقة شقيق له في إحدى الضيعات الفلاحية، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لعمالة إقليم الجديدة، وأحالتهما صبيحة يوم الأحد الماضي على أنظار النيابة العامة المختصة، لدى محكمة الاستئناف بالجديدة، قصد مباشرة مساطر المحاكمة واتخاذ الإجراءات المناسبة.
وفي نفس السياق، قامت الفرقة الوطنية للدرك الملكي بالرباط، بفتح تحقيق وبحث معمق، تحت إشراف النيابة العامة المختصة لدى محكمة الاستئناف بالجديدة، مع الدركيين الموقوفين من بينهم رؤساء مراكز، والذي يعملون بعدة مراكز متفرقة تابعة للقيادة الجهوية بالجديدة، يشتبه في ارتباطهم بشبكة تهريب المخدرات التي يقودها البارون الموقوف، والذي يوجد رهن السجن الاحتياطي، في انتظار توسيع عمليات البحث للكشف عن المتورطين الآخرين على صعيد المدينة، خاصة وأن هناك مصادر تتحدث عن وجود علاقة بين “حمدون” وبعض المنتخبين وأعضاء في مجالس منتخبة، بالإضافة إلى بعض الشخصيات، علما أنه من أبرز المستثمرين في المجال الفلاحي والعقار.
وتفيد المصادر ذاتها، أن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف تجاوب مع مطلب الوكيل العام للملك، بخصوص إخضاع “حمدون” وشقيقه للتحقيق التفصيلي في حالة اعتقال، وإيداعهما السجن المحلي بتهم ثقيلة تتعلق بحيازة المخدرات والاتجار الدولي فيها، في انتظار مرحلة الاستنطاق التفصيلي وإجراء المواجهات المباشرة مع الأشخاص الموقوفين من قبل المصالح الأمنية والدركية، بالإضافة إلى مسؤولين ومنتخبين، والدركيين الذين يخضعون للبحث في تامسنا ضواحي الرباط، تحت إشراف الجنرال محمد حرمو الذي أمر بتوقيفهم عن العمل وتحويلهم إلى مكاتب الفرقة الوطنية للدرك للتحقيق معهم، مع وضعهم تحت المراقبة الإدارية بمقر الدرك بتامسنا، قبل إحالتهم على القضاء لاتخاذ القرارات المناسبة في حقهم وفق ما يمليه القانون.
وقد نجحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في حل لغز التسجيل الصوتي، الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر تطبيقات مواقع التواصل، والمنسوب لبارون المخدرات “حمدون”، يؤكد فيه منحه مبالغ مالية كبيرة لعشرات المسؤولين في ظروف مشبوهة، يرجح أن لها علاقة بالتهريب الدولي للمخدرات، الشيء الذي مكن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بفضل خبرتها، من الوصول إلى الشبكة الإجرامية وتفكيك عناصرها انطلاقا من الشريط الساحلي للمحيط الأطلسي بين الجديدة والدار البيضاء، إذ وصلت إلى العديد من أفراد هذه الشبكة المتخصصة في التهريب الدولي للمخدرات بالتزامن مع الوصول إلى مستودعات ومخازن المخدرات بجماعة مولاي عبد الله قرب الجديدة، والتي كانت جاهزة للتهريب نحو أوروبا، ليتم توقيف عدة أشخاص، وحجز زوارق مطاطية ومحركات عالية القوة، وشحنة تتكون من 17 رزمة من مخدر الشيرا بلغ وزنها الإجمالي 629 كيلوغراما، وسيارة نفعية، فضلا عن حجز دراجة مائية “جيتسكي” وبراميل تحتوي على ما مجموعه 6000 لتر من المحروقات.
وفي وقت سابق، تمكنت عناصر الفرقة الوطنية من توقيف شبكة أخرى تضم 17 متهما، من بينهم كولونيل متقاعد، ودركي سابق، بالإضافة إلى خمسة متهمين آخرين تم توقيفهم بإقليم بن سليمان، للاشتباه في علاقتهم بشبكة دولية متخصصة في تهريب المخدرات، بحيث مكنت الأبحاث القضائية والأمنية من إيقاف باقي المتورطين، ليرتفع العدد إلى 27 متهما، من بينهم مستثمرون وأصحاب شركات لتمويل البواخر، إضافة إلى زوجات مستثمرين مبحوث عنهم صدرت في حقهم مذكرات بحث على الصعيد الوطني.
وقد تمت إحالة الموقوفين المشتبه فيهم على قاضي التحقيق بمحكمة الجديدة في الوقت الذي واصلت فيه مختلف المصالح الأمنية (الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وعناصر مراقبة التراب الوطني) عملها للكشف عن الأسماء المتورطة، وتفكيك الخيوط المتشابكة لشبكة التهريب الدولي للمخدرات من سواحل الجديدة، حيث اعتمدت على تتبع أرقام الهواتف المستعملة، والتي كانت موضوع عمليات التقاط المكالمات الصادرة منها وإليها، والتي تأكدت من خلال استقرائها من اكتشاف شبكة إجرامية اتخذت من الشريط الساحلي الممتد بين الجرف الأصفر والدار البيضاء وبوزنيقة، محطة للقيام بعمليات تهريب كميات من المخدرات عبر المسالك البحرية.
ومازالت التحريات مستمرة حول مدى امتداد هذه الشبكة الدولية، التي تمكنت في ظرف وجيز من نسج علاقات واسعة على صعيد إقليم الجديدة مع مسؤولين وموظفين وشخصيات تنتمي لعالم السياسة والمال، من بينهم منتخبون لهم مهام ومسؤوليات بالمجالس المحلية الترابية بجهة دكالة، حيث قامت المصالح الأمنية برصد ممتلكات الموقوفين وأرصدتهم وسفرياتهم خلال الفترة الأخيرة داخل وخارج الوطن، إلى جانب الثراء الذي يتميز به العديد من الأشخاص المشتبه فيهم، الأمر الذي يرجح إمكانية تورطهم مع شبكات تهريب المخدرات بإقليم الجديدة.
ولم يتوقف الأمر عند هذه الشبكة، فقد تمكنت المصالح الأمنية بالجديدة، من تفكيك شبكة أخرى متكونة من خمسة أشخاص، ينشطون في شبكة متخصصة في ترويج الممنوعات والمخدرات، حيث جرى تنفيذ عمليات الإيقاف بشكل متزامن بمجموعة من الدواوير التابعة للجماعتين القرويتين مكرس وخميس متوح بضواحي الجديدة، في مناطق تابعة لعناصر الدرك الملكي للقيادة الجهوية للجديدة.
وأسفرت عملية الاعتقال عن حجز ما مجموعه 270 كيلوغراما من سنابل القنب الهندي، إضافة إلى 2800 غرام من مخدر “الشيرا”، و160 غراما من مخدر الكوكايين الخام، وبندقية صيد ومجموعة من الخراطيش الخاصة بها، فضلا عن حجز سيارتين وعدة لوحات ترقيم وطنية وأجنبية للتحقق منها، إضافة إلى حجز مجموعة من الهواتف المحمولة والأسلحة البيضاء والمبالغ المالية التي يشتبه في أنها من عائدات ترويج المخدرات والمشروبات الكحولية.
وتم تقديم الأشخاص الخمسة على النيابة العامة من ضمنهم ثلاثة كانوا موضوع مذكرات بحث وطنية في تجارة المخدرات، بعدما تم التحقيق معهم حول الأفعال المنسوبة إليهم، ومدى وجود متورطين آخرين معهم، خاصة في ظل تنامي نشاط العديد من مروجي الممنوعات والمبحوث عنهم على صعيد الجماعات الترابية التابعة لإقليم الجديدة، على غرار زاوية سيدي إسماعيل، وخميس متوح، وجماعة مولاي عبد الله، وجماعة المكرس، والتي تخضع جميعها لنفوذ عناصر الدرك الملكي، مما يطرح التساؤل حول سبب نشاط هذه الشبكات المتعددة في إقليم الجديدة بشكل كبير في الفترة الأخيرة ؟
تحية لصفحة الفرشة التي كشفت الملف وتفاعلت معه الاجهزة الامنية