هل هو عيد العمال أم عيد الباطرونا ؟
الرباط. الأسبوع
تسعد النقابات والتنظيمات العمالية للاحتفال بعيد الشغل يوم فاتح ماي، بعد توقف اضطراري دام ثلاث سنوات بسبب جائحة “كورونا”، ليعود عيد العمال في ظل العديد من المشاكل والتحديات الإقليمية والأزمة الاجتماعية والاقتصادية، التي تمر منها المملكة والعديد من البلدان العربية، ومعاناة الطبقات الشعبية والمتوسطة جراء الغلاء وارتفاع الأسعار، وأثار ذلك على الواقع المعيشي للمواطنين.
وقد شكل فاتح ماي أو عيد العمال محطة نضالية منذ الاستقلال، لتأكيد حضور الطبقة العمالية والطلابية في المشهد النقابي، حيث كانت الاستعدادات على قدم وساق وعلى بعد أسابيع، للاحتفاء بهذا اليوم المميز، فالعديد من الطلبة والمتعاطفين والمناضلين كانوا يشاركون بروح عالية، سواء داخل مقرات التنظيمات النقابية أو مع الجمعيات أو الفروع، للاحتفال بهذا اليوم عبر توزيع المنشورات ووضع الملصقات على الجدران، والتسلل في صفوف المسيرات العمالية، ورفع شعارات سياسية واجتماعية للتعبير عن عدم رضاها عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
في الأمس، كانت شعارات النقابات والمناضلين في المسيرات العمالية والمهرجانات الخطابية والوقفات أمام قبة البرلمان، ترفع ضد الحكومة والبرلمان والباطرونا على حد سواء، لخلق تجاوب مع المتتبعين من مختلف الطبقات الشعبية، واستقطاب حماس المتفرجين والمشاركين، وذلك لتأكيد وقوف الهيئات النقابية مع الطبقات الشعبية والعمالية والدفاع عن الكادحين والعاطلين والطبقة المتوسطة، ضد تغول السياسيين والباطرونا والمستفيدين من الريع.
وكان التضامن سمة أساسية بين الفعاليات النقابية، لأنها كانت تحمل رسالة واحدة تتمثل في الدفاع عن حقوق العمال والأجراء، وتوحيد المطالب والترافع بشكل جماعي في مواجهة الحكومة والباطرونا من أجل انتزاع بعض المكتسبات والحصول على بعض الزيادات في الأجور والترقيات في صفوف الموظفين القدامى، إذ شكل فاتح ماي محطة سنوية بالنسبة للتنظيمات النقابية للضغط على الحكومة، كما كان مناسبة لأحزاب المعارضة للخروج بدورها للشارع والنزول بثقلها عبر التنسيق مع بعض النقابات، لتأكيد وقوفها إلى جانب الفئات الهشة.
كان فاتح ماي مهرجانا حقيقيا حافلا بالعديد من اللوحات والصور التشخيصية لواقع العمال في مختلف المهن والقطاعات، نساء من شركات النسيج والمصانع يشاركن بوزرات العمل، وعمال النظافة والمناجم بملابس العمل، وعمال شركات البناء والموقف، إلى جانب موظفي الجماعات والإدارات العمومية والممرضين والممرضات، وذلك في مسيرات كرنفالية متنوعة من حيث اللافتات من كل الشعارات والألوان، ومن كل الأصناف، حاملين لوحات تتضمن مطالب شعبية وعمالية مختلفة، إلى جانب رايات فلسطين، والاتحاد السوفياتي، وصور تشي غيفارا وغاندي والخطابي في شوارع الرباط والدار البيضاء.
أما اليوم، فقد تغير العمل النقابي ولم يعد دور النقابات كما كان، وأصبح بعض دعاة النضال هم المستفيدون من الوضعية الاقتصادية والاجتماعية من خلال الجمع بين الراتب السمين والتعويضات البرلمانية، إلى جانب السفريات والمشاركة في اللقاءات والمؤتمرات النقابية الدولية، كما تحولت بعض النقابات إلى قواعد لدعم بعض الأحزاب الحكومية، التي تضم قياديين من الباطرونا.