تحقيقات أسبوعية

مع الحدث | ماذا ينتظر المغاربة من الدخول البرلماني الجديد ؟

يعود النشاط البرلماني من جديد للواجهة السياسية عبر افتتاح الدورة التشريعية الربيعية التي ستمتد لأربعة أشهر، والتي ستنعقد في سياق وطني يشهد العديد من القضايا والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، أهمها إشكالية ارتفاع الأسعار والمواد الاستهلاكية التي أثارت استياء الرأي العام الوطني تجاه الحكومة، بالإضافة إلى عدة ملفات قوية تتعلق بالظرفية الاقتصادية التي كشفت عنها تقارير مؤسسات رسمية حول تراجع المستوى الاقتصادي والاجتماعي الداخلي.

 

الرباط. الأسبوع

تتمة المقال بعد الإعلان

 

    يعقد المغاربة آمالا كثيرة على الدخول البرلماني الربيعي لمعالجة العديد من القضايا والملفات الشائكة، في خضم سياق وطني موسوم بالعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، أبرزها ضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، والتحكم في التوازنات المالية مع الحفاظ على دينامية الاقتصاد وتعزيز مناعته وقدرته على الصمود في ظل ظرفية عالمية أصبحت جد معقدة، حيث يشكل الشأن الاقتصادي الوطني ملفا مهما بالنسبة للحكومة والمعارضة، لأنه مرتبط بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين، وهو ملف الحوار الاجتماعي بين النقابات والحكومة، والذي يتمحور حول ضرورة تنفيذ مطالب النقابات ومضامين الاتفاق الموقع في العام الماضي، خاصة فيما يتعلق برفع الأجور، والتغطية الصحية.

ويحل الدخول البرلماني خلال الشهر الجاري في ظل وضع سياسي ساخن بين الأغلبية والمعارضة، وفي ظل انتقادات مكونات المعارضة وتوجيه سهامها إلى الحكومة بسبب سياساتها العمومية، وأيضا الوضع الاقتصادي الذي أثر كثيرا على المواطنين، حيث يبقى أهم ملف سيشكل مواجهة بين المعارضة والحكومة، هو ذاك المتعلق بارتفاع الأسعار والاحتكار الذي عرفته الأسواق الوطنية، بعدما وقعت مشادات واصطدامات بين فرق المعارضة والأغلبية خلال اجتماعات اللجن البرلمانية حول مشكلة الأسعار المرتفعة والتي عرفتها كل المواد الأساسية والمحروقات.

تتمة المقال بعد الإعلان

وتنتظر مجلس النواب مجموعة من الملفات والقضايا التي عليه البت فيها، سواء المتعلقة بالقوانين المتعلقة بالصحة، والتعليم، والقانون الجنائي، والأسرة، والحوار الاجتماعي مع النقابات المتعثر، بالإضافة إلى الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية والعلاقات الدولية، ومن القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام والتي خلقت انقساما مجتمعيا، مشروع تعديل مدونة الأسرة، والذي يتضمن عدة محاور متعلقة بزواج القاصرات، والولاية على الأبناء، والإرث، والمساواة، خاصة في ظل تجاذب التيار الحداثي المطالب بالتعديلات، والتيار المحافظ الذي يرفض المس بالنصوص القطعية المرتبطة بالشريعة.

وبهذا الخصوص، يرى أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن مشاريع القوانين التي من المرتقب أن تناقش ويصادق عليها البرلمان في دورة أبريل، جلها مرتبطة بالمنظومة الصحية أو بالورش الاستراتيجي المتعلق بالحماية الاجتماعية، لأن الإشكال المطروح  اليوم متعلق بتحديد الأولويات بين الحكومة والمعارضة، وهناك انقساما مجتمعيا بشأنها، خاصة وأن حزب التجمع الوطني للأحرار يعتبر بأن الأولوية تتلخص في الاستمرار في تنفيذ الأوراش المرتبطة بالطابع الاقتصادي والاجتماعي، بينما جزء من أحزاب الأغلبية وكذلك المعارضة، تعتبر أن الأولوية تكمن في سن إجراءات وتدابير تشريعية تخفف من موجة الارتفاع الصاروخي للأسعار، ونفس المقتضى على مستوى فئة عريضة تنشط على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرا أن الإشكالية اليوم التي تواجه العمل البرلماني هي إشكالية تحديد الأسعار، والتعدد على مستوى مشاريع القوانين في ضيق الزمن التشريعي.

وأضاف نفس المصدر، أن “هناك قطاعات حكومية مختلفة تسابق الزمن من أجل وضع مشاريع قوانين مرتبطة بكل قطاع، فنجد أن قطاع العدل يحاول أن يبرمج نصوصا مرتبطة بإصلاح مشروع القانون الجنائي وإصلاح المهن القضائية، بينما وزارة الصحة تريد استكمال ورش المنظومة الصحية، ثم نجد أن وزارة التعليم تجود بعض المقتضيات القانونية، ونفس الشيء ينطبق على بقية القطاعات الوزارية، حيث أن الإشكالية المطروحة مرتبطة بجودة التشريع، وبالتالي، فالحكومة اليوم تسابق الزمن من أجل أكبر عدد من مشاريع القوانين، ولكن يلاحظ أن بعضها يظل مؤجلا لأنه مرهون بنصوص تطبيقية، على سبيل المثال، القوانين التي صادق عليها البرلمان في دورة أكتوبر، وهي تحتاج إلى تطبيق وإلى نصوص تطبيقية”، مشيرا إلى أن المواطن اليوم يرى بأن الجانب القانوني لا يحل الإشكالات الموجودة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والنموذج مرتبط بإشكالية الغلاء، إذ يلاحظ أن قانون حرية الأسعار والمنافسة يتضمن العديد من النصوص التطبيقية ولم يدخل حيز التنفيذ، لأن الحكومة لم تقم بالمصادقة على هذه النصوص التطبيقية.

تتمة المقال بعد الإعلان

وبخصوص عمل المعارضة في مواجهة الحكومة داخل البرلمان، قال أمين السعيد، أن النظام الدستوري في المغرب لا يسمح للمعارضة بالضغط بشكل كبير على توجهات الحكومة، لأننا نتحدث عن أغلبية في مواجهة أقلية، وضعف المعارضة مرتبط أيضا بالضعف العددي، وهناك هامش كبير بين الأحزاب التي في الأغلبية مع المتواجدة في المعارضة، حيث أن المسألة مرتبطة بطبيعة عددية، وليس بأغلبية تتفوق نسبيا بشكل قليل في المقاعد عن التي تتوفر عليها المعارضة، فنحن أمام أغلبية مضمونة وكبيرة، مبرزا أن هناك مشكلا آخر يتمثل في تشتت المعارضة واختلاف في المرجعيات، وفي التنسيق فيما بينها، فالاتحاد الاشتراكي مثلا لا يريد التنسيق مع التقدم والاشتراكية، وهناك تنسيق اضطراري بين مجموعة العدالة والتنمية مع الفريق الحركي ومع فريق التقدم الاشتراكية، وتظل بعض الأصوات داخل المعارضة لا تنسق مع هذا التنسيق، وأعني بها فيدرالية اليسار والاشتراكي الموحد.

من جانبه، اعتبر النائب البرلماني مصطفى الإبراهيمي، أن الموضوع المهم الذي يجب أن يحظى باهتمام في الدخول البرلماني الجديد، هو الوضع الاقتصادي في ظل ارتفاع التضخم، الذي بلغ نسبة غير مسبوقة منذ التسعينات وانعكس سلبا على مستوى الأسعار، بذريعة تداعيات “كورونا” وحرب أوكرانيا، بعدما تسلمت الحكومة المسؤولية من الحكومة السابقة بنسبة نمو 7.9 في المائة، معتبرا أن فرضيات وتقديرات الحكومة في قانون المالية كانت خاطئة، والدليل هي المراجعة التي تقوم بها على مستوى صندوق المقاصة عدة مرات حتى وصلت لـ 42 مليار درهم، متجاهلة المقترحات والتعديلات الموضوعية التي تقدمت بها المعارضة والتي كانت تأخذ بها الحكومات السابقة، مما انعكس سلبا على مستوى التضخم الذي ارتفع بشكل كبير ووصل لـ 10 في المائة، وظهرت نتائجه على المواطن في من خلال ارتفاع الأسعار.

وقال نفس المصدر، أن “ما يطغى على المشهد هو المشكل الاجتماعي بينما ترجع الحكومة جميع المشاكل إلى حرب أوكرانيا، فعندما نراقب عمل الحكومة نقف على أمرين: أن لديها هامشا للتحرك من أجل إيجاد الحلول، فهي لديها سلطة للتدخل ووضع حد للتسيب في فرض الأسعار، خاصة إذا كان المنتوج داخليا، مثل المواد الغذائية المدعمة من صندوق المقاصة، كالدقيق والسكر وغاز البوتان،  مبرزا أن الحكومة حققت مداخيل استثنائية من ضرائب المحروقات (34 في المائة من الغازوال، و43 في المائة للبنزين)، ومداخيل الدولة تضاعفت بفضل الضرائب وتحويلات مغاربة العالم ومداخيل الفوسفاط والسياحة، متسائلا: لماذا لا يكون الدعم للمواطنين مثل فترة “كورونا” والتي صرفت فيها الدولة تعويضات للطبقات الفقيرة وللأجراء والأسر؟ وأضاف: “المسألة المهمة كمرجع، هي التزامات الحكومة في التصريح الحكومي الذي قدمته خلال بداية تنصيبها، لكنها لم تنفذ أي شيء من تلك الالتزامات، مثلا الوعود المتعلقة بالتعليم والمقدمة للأساتذة بالزيادة في الأجور بـ 2500 درهم، تطرح التساؤل: أين الاتفاق مع الأساتذة؟ والذي تقول الحكومة بأن مشكل المتعاقدين تمت تسويته، في حين تنفي النقابات وجود اتفاق بهذا الخصوص، فعندما تنعدم الثقة تذهب المصداقية ويصعب استرجاعها، ونفس الشيء بالنسبة للالتزامات التي قدمتها بخصوص مليون منصب شغل، حتى جاء الخطاب الملكي وقام بتخصيص 550 مليار درهم في الاستثمار لخلق 500 ألف منصب، والحكومة تتحدث عن مليون و200 ألف منصب شغل كل سنة، غير أن الملاحظ بعد مرور عام، أننا خسرنا 24 ألف منصب وإغلاق 12 ألف مقاولة.

تتمة المقال بعد الإعلان

وأوضح نفس المصدر، أن مشروع التغطية الصحية الشاملة يعرف تأخرا كبيرا، إذ لم تحترم الأجندة، حيث كان من المفروض الانتهاء في سنة 2021 من المهن الحرة والمستقلين، لكن لحد الآن، هناك مجموعة من الفئات لم تدمج مثل المهن الحرة والحرفيين والمهنيين الذين يشكلون 11 مليون شخص، حيث أن هناك العديد من الشكايات بخصوص طلبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لهؤلاء الناس بالأداء، مشيرا أيضا إلى المشكل الذي خلقه عدم تفعيل السجل الاجتماعي بالنسبة لأصحاب “الراميد” الذين من المفروض أن يتم إدماجهم في سنة 2022، ثم إشكالية التمويل الذي يبقى غامضا، ويتعلق الأمر بتمويل كبير يتطلب توفير 51 مليار درهم، 23 مليارا منها من قبل الدولة والتي يدور الحديث عن جلبها من صندوق المقاصة، بمعنى رفع الدعم عن المواد المدعمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى