تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | كواليس ترشح المغرب مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030

أعلن الملك محمد السادس عن ترشيح مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاحتضان مونديال 2030، في خطوة شكلت مفاجأة كبيرة للقارة الإفريقية وللاتحاد الإفريقي لكرة القدم، مما جعل الحلم الإفريقي يعود من جديد لاستضافة أكبر حدث رياضي عالمي، حيث جاء هذا الترشيح الثلاثي بعد حصول الملك على جائزة “التميز الرياضي” من قبل “الكاف”، وقد جاء ذلك خلال كلمة لجلالة الملك ألقاها نيابة عنه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، خلال حفل أفضل إنجازات عام 2022 في العاصمة الرواندية كيغالي، والذي شهد تسليم جائزة “التميز” للملك محمد السادس بحضور شخصيات وازنة، في اعتراف دولي يترجم حجم القفزة النوعية التي أدركتها كرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة، وقال الملك أن ((الترشيح المشترك سيحمل عنوان الربط بين إفريقيا وأوروبا، وشمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وسيشكل أسمى معاني الالتئام حول أفضل ما لدى الجانبين وينتصب شاهدا على تظافر الجهود والإمكانات بين هذه الأطراف)).

إعداد: خالد الغازي

 

    ترشيح المغرب الجديد رفقة إسبانيا والبرتغال، يوازي الترشيح المشترك الذي فازت به أمريكا وكندا والمكسيك لاستضافة مونديال 2026، حيث أن دخول المغرب ضمن الملف الإيبيري (إسبانيا-البرتغال) يعطي دفعة قوية للملف، وذلك عبر نيل دعم الدول الإفريقية والعربية، لا سيما وأن للمغرب تجربة سابقة وقدم ملفات قوية نالت ثقة العديد من البلدان والأصوات، لذلك يعتبر انضمام المغرب إضافة بالنسبة للملف الإسباني-البرتغالي، نظرا لموقعه الجغرافي القريب من أوروبا، ووزنه الكروي والسياسي على الصعيد القاري، وعلاقاته الواسعة مع أغلبية بلدان إفريقيا، والدول العربية والإسلامية بأزيد من 50 دولة.

وبهذا الخصوص، يرى المحلل الاقتصادي والسياسي محمد جدري، أن ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال، وفي حالة قبول الملف من قبل أعضاء “الفيفا” لاحتضان كأس العالم 2030، سيعود بالنفع على المملكة قبل وأثناء وبعد تنظيم المونديال، فقبل التظاهرة ستكون هناك مجموعة من الاستثمارات من أجل تحسين البنيات التحتية وكل ما يتعلق بالملاعب والفنادق والنقل السياحي والطرق، والنقل الجوي والبري والبحري، إلى جانب شركات الخدمات والحراسة والنظافة والتنشيط، مضيفا أن كل هذه الأمور تتطلب استثمارات مهمة حتى تكون المملكة قبلة للحدث العالمي واستقبال أعداد كبيرة من الجماهير من مختلف الجنسيات، مما سينعكس إيجابا على مداخيل القطاع السياحي من حيث ارتفاع ليالي المبيت في الفنادق، وارتفاع الاستهلاك المحلي، واقتناء منتجات الصناعة التقليدية، ومجموعة من الأمور الأخرى، وبالتالي، الزيادة في فرص الشغل، وسيكون المونديال مناسبة للتسويق السياحي للمغرب في العالم لاستقطاب الآلاف من السياح الذين لم تتح لهم الفرصة لزيارة المملكة، معتبرا أن تنظيم المغرب المشترك لهذا الحدث الكروي الأول على المستوى العالمي، لا يمكن إلا أن يعود بالنفع على المملكة المغربية والاقتصاد الوطني وخلق الثروة وفرص الشغل بالنسبة للشباب المغاربة.

وأوضح أن إسبانيا كانت تتجه شرقا لجمع ملف ثلاثي يجمعها بكل من البرتغال وأوكرانيا، لسببين اثنين: الأول أن علاقتها كانت متوترة مع المملكة المغربية، والأمر الثاني كانت تريد جلب تعاطف دولي مع أوكرانيا، لكن عقب الفضيحة المالية لرئيس الاتحاد الأوكراني الذي قام بتحويل مبالغ مالية لحسابه الشخصي، وبالتالي، لن يكون هناك تعاطف دولي لمنظومة كرة القدم مع الاتحاد الأوكراني، مبرزا أن تحسن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا جعلها ترجع للمحور الأول: المغرب-إسبانيا-البرتغال، لأن تحسن العلاقات هو الذي دفع الجارة الشمالية للتفكير في ملف مشترك يجمعها مع المغرب وجارها البرتغال.

وقال نفس المتحدث، إنه في حالة قبول الملف، أمام المغرب ست سنوات لتحسين البنية التحتية والتسريع في إنجاز عدد من المشاريع، مثل القطار فائق السرعة، ومجموعة من الملاعب في الحسيمة، الجديدة، القنيطرة، حتى تكون جاهزة إما لاستضافة المباريات أو تداريب المنتخبات، إلى جانب البنية التحتية للفنادق والمطاعم والنقل الحضري وتعميم تجربة الترامواي في فاس أو مراكش وطنجة، لأن البنية التحتية لها دور كبير في احتضان مثل هذه التظاهرات.

من جانبه، قال المحلل رشيد لزرق، أن احتضان المونديال رغم أنه حدث رياضي، لكن لديه أبعاد سياسية، خاصة وأن المغرب يسعى من خلال الترشيح الثلاثي، إلى التكامل بين الدول الثلاث، على اعتبار الملف بينها له أكبر الحظوظ لينال شرف استضافة كأس العالم، فالرياضة تحولت إلى عوامل اقتصادية وعوامل سياسية، وهذه الشراكة والثقة التي تجمع الدول الثلاث يمكن أن تقوي المشاريع الكبرى وتسرع من ملف الربط بين المغرب وإسبانيا، وبالتالي، سيعطي التكامل، مشيرا إلى أن المعاملات الاقتصادية والتجارية الكبيرة بين المغرب وإسبانيا، يمكن أن توطد الاعتماد المتبادل بين البلدين، والربط بين إفريقيا وشبه الجزيرة الإيبيرية وتعزيز التعاون شمال-جنوب، وأضاف أن قرار الملف المشترك صادر عن الدولة الإسبانية وليس لحزب سياسي في الحكومة، على اعتبار أن الاعتراف الإسباني بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية هو اعتراف دولة وليس حكومة أو حزبا معينا، وبالتالي، فالعلاقات بين الدول تعتمد على الاستمرارية وغير مرتبطة بصعود الأحزاب للحكومات.

فقد شكل ملف الترشيح الثلاثي بين المغرب وإسبانيا والبرتغال مفاجأة كبيرة على الصعيد الدولي، خاصة وأنه يتميز بقوة اقتصادية كبيرة، وبموقع جغرافي متميز عن الملف السعودي-اليوناني-المصري، غير المتجانس، وملف الأرجنتين-الأوروغواي-البارغواي، بحكم أن أمريكا اللاتينية احتضنت التظاهرة مع البرازيل 2014، وآسيا سبق أن نظمت التظاهرة مع روسيا، إلى جانب صعوبة تقديم ملف متكامل نظرا لتباعد الإمكانيات بين مصر مع السعودية واليونان، الأمر الذي يتطلب بنيات تحتية كبيرة وملاعب في المستوى الكبير مقارنة مع ما تتوفر عليه إسبانيا والبرتغال والمغرب.

وفي هذا الإطار، اعتبر الإعلامي البرتغالي باولو فيريرا، أن الترشح المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم 2030، سيجعل من تنظيم هذه التظاهرة الرياضية الأفضل على الإطلاق، ويمنح مزيدا من التماسك لهذا الملف، خصوصا وأن هذا الملف الثلاثي سيجعل تنظيم هذه التظاهرة ممزوجة بكثير من العبقرية والإبداع والشغف بكرة القدم، مشيرا إلى أن كأس العالم ستكون لأول مرة عابرة للقارات من حيث البلدان المضيفة، إذ من شأنه أن يجمع بين إفريقيا وأوروبا، وشمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وكذلك العالمين الإفريقي والعربي.

وأكد ذات الصحفي في مقال له بصحيفة “دياريو دو نوتيساش” البرتغالية، أن البلدان الثلاثة لديها تاريخ مشترك طويل، وتجمعها العديد من الروابط الثقافية والاقتصادية، معتبرا أن ترشح المغرب وإسبانيا والبرتغال يكتسي أهمية كبيرة أيضا من الناحية السياسية، لأنه يقوم على فكرة جعل الحوض المتوسطي عنصرا للوحدة، وأن علاقات البرتغال مع جارتيه ظلت ممتازة، على اعتبار مدريد والرباط أقرب عاصمتين إلى لشبونة.

وتحدث الإعلامي البرتغالي عن النجاح الذي حققه المنتخب المغربي في مونديال قطر كأول بلد إفريقي يصل إلى نصف النهائي، مما يعطي قوة أكبر لهذا الترشح، وينضاف إلى ذلك الترتيب المتقدم لمنتخبات الدول الثلاثة في تصنيف “الفيفا”، حيث يحتل المغرب المركز الحادي عشر مباشرة خلف إسبانيا العاشرة، والبرتغال التاسعة.

من جانبه، قال رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في لقاء صحفي مع نظيره البرتغالي: “إن الترشح المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة مونديال 2030، الذي أعلنه الملك محمد السادس، يعد “رسالة إيجابية جيدة للغاية تعمل على تحسين الظروف بالنسبة لنا للمضي قدما في هذا الترشيح، الذي يضع الملف في وضع أفضل للظفر بهذا السباق، ويعزز أيضا العلاقات بين أوروبا وإفريقيا وبين ثلاث دول تتقاسم العديد من المصالح”.

بدوره، أكد رئيس الحكومة البرتغالية أنطونيو كوستا، أن الترشح المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة مونديال 2030، له وزن إيجابي للغاية، ويبعث برسالة مهمة جدا إلى العالم بأسره، وإلى أوروبا وإفريقيا، وهي أن القارتين المتجاورتين ترغبان في العمل سويا، قائلا: “من خلال هذا الترشيح، ما نريده هو الاحتفال بالرياضة معا من خلال الدفاع عن منافسة عادلة ومتوازنة”، مؤكدا أن “الأمر يتعلق بقرار بالغ الأهمية”.

وقد أعلن الاتحادان الإسباني والبرتغالي لكرة القدم، رسميا عن انضمام المغرب إلى الملف الثلاثي لتنظيم كأس العالم 2030، مؤكدين ذلك لممثلي الاتحاد الأوروبي في اجتماع الاتحاد الأوربي لكرة القدم، الذي نظم على هامش مؤتمر “الفيفا”، وجاء في بيان الاتحادين، أن “الترشيح الأوروبي-الإفريقي يعد تاريخيا لأنه الأول من نوعه، حيث ستقام لأول مرة كأس العالم بشكل مشترك في قارتين مختلفتين، وسيساهم اتحاد الدول الثلاث المجاورة، في تعزيز العلاقات بين أوروبا وإفريقيا، وكذلك منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها”، كما أن “الترشيح الثلاثي سيلهم آلاف الشباب من كلتا القارتين في مشروع مشترك، ويمكن أن يعود على المنطقة بتطور كبير على الصعيدين الرياضي والاجتماعي”، يضيف بيان اتحادي كرة القدم الإسباني والبرتغالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى