تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | تفاصيل جريمة بشعة هزت حد السوالم

تشابك الخيوط في قضية قتل وإحراق رجل أمن

أثارت الجريمة النكراء التي تعرض لها شرطي المرور “هشام. ب” غضب الرأي العام الوطني، بعدما عمد المجرمون لقلته وحرق جثته بدوار الخدارة بتراب إقليم برشيد دون شفقة ولا رحمة، مما يكشف تطور الفكر الإجرامي لدى الفاعلين، مما جعل الناس تطرح العديد من التساؤلات حول هذا الفعل الشنيع، بينما ربطه آخرون بمنظمات إجرامية محترفة.

الرباط. الأسبوع

    تم العثور على جثة الشرطي المحروقة يوم الخميس الماضي داخل بالوعة للصرف الصحي بدوار الخدارة بالجماعة القروية أولاد حريز إقليم برشيد، مع وجود أثار لدمائه بإحدى السقايات بالجماعة الترابية أولاد صالح، وهو ما يرجح مشاركة أربعة أشخاص في هذه الجريمة الشنعاء، بينما تم العثور على سيارة الضحية وقد التهمتها النيران بسوق الحد في بوسكورة، بحيث تبين للمحققين أن الجناة قاموا بإضرام النار في السيارة، بينما اختفى المسدس الوظيفي للشرطي، مما يؤكد فرضية وقوف عصابة منظمة وراء الجريمة.

ودخل المكتب المركزي للأبحاث القضائية “البسيج” ومصالح مراقبة التراب الوطني، على خط البحث في هذه القضية والتعاون مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من أجل فك لغز الجريمة، حيث تم توقيف أربعة أشخاص بمدينة السعيدية (امرأتان ورجلان)، للاشتباه في تورطهم في القضية، وذلك بعد الأبحاث التقنية التي قامت بها الفرقة الوطنية تحت إشراف النيابة العامة، واستندت على جملة من الأرقام الهاتفية والاتصالات التي تم تداولها تزامنا مع تواجد الشرطي الضحية بمكان عمله، بحيث أن عملية التوقيف تمت بإحدى الشقق المخصصة للكراء بالسعيدية، لكون انتقال الموقوفين من الدار البيضاء لجهة الشرق، كان الهدف منه الهروب إلى الجزائر عبر الشريط الحدودي، أو ركوب قوارب الموت نحو السواحل الإسبانية، كما قامت الفرقة الوطنية عقب عثورها على جثة الضحية، بالاستماع إلى امرأة لتحديد علاقتها بالشرطي الضحية، إلى جانب صاحب سيارة سوداء اللون، يرجح استعمالها من قبل الجناة في نقل الضحية إلى دوار الخدارة المكان الذي عثر فيه على جثته، حيث أدلى بأقوال مكنت من الوصول إلى شركائه المحتملين وهوياتهم، والذين تم إيقافهم في مدينة السعيدية.

واعتبرت بعض المصادر، أن قتل الشرطي بتلك الطريقة البشعة وإحراق سيارته والتخلص من الجثة، تؤكد وقوف عصابة إجرامية منظمة أو شبكة لترويج المخدرات والكوكايين وراء هذه الجريمة، حيث من المحتمل أن يكون شرطي المرور توصل إلى معلومات حول هذه الشبكة الإجرامية، أو سبق أن كان وراء سقوط أحدهم في قبضة العدالة، الأمر الذي جعلهم يلجؤون للانتقام والتخلص منه بتلك الطريقة الشنعاء، والدليل على ذلك، الدعم المادي الذي توصل به المشتبه فيهم الأربعة الذين سافروا من الدار البيضاء إلى السعيدية والمبالغ المالية التي كانت في حوزتهم لتدبير مصاريف الأكل والمبيت.

فقد تم إيقاف 6 أشخاص في هذه الجريمة المروعة، التي تبين أن الضحية تعرض للغدر والمباغتة من قبل الجناة، ولعدة طعنات في مختلف أنحاء جسمه، مما يؤكد أنه قاوم الاعتداء في البداية ودافع عن نفسه، خاصة وأنه كان يمارس الرياضة ويمتاز بلياقة بدنية عالية، لكن المجرمين كان لهم تخطيط مدروس بأسلوب المافيا، حيث قاموا باختيار ساعة تنفيذ الجريمة والتي يكون فيها الشرطي الضحية قد انتهى من عمله بمدار ابن تاشفين، وانتظار ساعة الصفر لمهاجمته قرب سيارته والاعتداء عليه بشكل جماعي، كما أن العثور على سيارة الضحية بعد يومين من وقوع الجريمة، يفيد أن الجناة يتوفرون على ملاذ غير بعيد عن مكان العثور على جثة الضحية.

فالطريقة التي نفذت بها الجريمة تبرز أنها ليست جريمة عادية تتعلق بالدفاع عن الشرف، أو الصراع حول فتاة أو بهدف السرقة وغيرها من الدوافع، والتي غالبا ما تظهر وراء حدوث العديد من الجرائم في المجتمع، لكن من خلال توقيف عدد من الأشخاص المشتبه فيهم، والذين وصل عددهم لأكثر من 6، يتضح أن للجريمة ارتباطا بشبكات لتهريب المخدرات والاتجار فيها، خاصة وأن المنطقة التي وقعت فيها الجريمة تعرف وجود أشخاص ذوي سابق قضائية في تجارة المخدرات.

يرى الخبير الأمني محمد أكضيض، أن حرق جثة الشرطي الراحل والسيارة، كان الهدف منها تدمير جميع الأثار والأدلة، وتؤكد أن الفاعلين هم على دراية بالمنطقة وينحدرون من ترابها، مضيفا أن ما يعزز هذه الفرضية أنهم بعد جريمتهم النكراء، غادروا المنطقة لأنهم يعلمون مسالكها، وحتى الطرق النافذة إلى ترك مسرح الجريمة وعملية الإخلاء، أي الفرار.

وأوضح الخبير في تدوينة له على مواقع التواصل الاجتماعي، أن عنف الجريمة وبشاعتها، وخاصة حرق الجثة، يحيلنا على بصمة “مافيا إيطالية أو بوجه عام أوروبية”، متسائلا: “هل يوجد بين هذه العصابة الإجرامية من سبق أن كان بسوابق عدلية في دولة أوروبية؟”، وأكد أن جرائم القتل في بعض الأحيان، تختلف في الوسط الحضري عنها في القرى والبوادي، وأن “مكان حرق الجثة وإلقائها في قناة الصرف الصحي ومكان حرق سيارته.. كلها قد تكون من صورة عنف خطير يحمل بصمة الجريمة في القرى مع بنية صحية بدوية للمجرمين”، مشيرا إلى أن الجناة استعملوا عنصر المفاجأة في التخطيط، مما يظهر أن الراحل تلقى ضربات قوية قاتلة أنهكته ولم تترك له أي فرصة ولو بسيطة لاستعمال سلاحه أو مقاومة الهجوم.

وعقب هذه الجريمة المروعة، وجه المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي، دورية إلى كافة المصالح الأمنية والدوائر، تشدد على ضرورة انتداب دورية مشتركة من شرطة المرور في المدارات وفي الشوارع العمومية، تضمنت تعليمات للعاملين في دوائر أقسام شرطة المرور لتخصيص دورية متكونة من شخصين أو أكثر عوض شخص واحد في المدارات وفي أماكن العمل.

وشددت هذه المذكرة الإدارية على ضرورة الحرص على التطبيق السليم لها من قبل كافة مصالح الأمن الوطني على الصعيد الوطني، وذلك لضمان سلامة أفراد شرطة المرور، وتعزيز الأمن في المناطق والمدارات الواقعة بعيدا عن المجال الحضري.

وحسب متتبعين ومواطنين، فإن جريمة القتل وحرق الجثة التي تعرض لها شرطي المرور هشام، تتطلب النظر في عقوبة الإعدام من جديد وتطبيقها في حق مرتكبي مثل هذه الجرائم المروعة، حيث طالب بعض النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، بـ”تطبيق عقوبة الإعدام وليس صدور حكم الإعدام لكل من ثبت في حقه هذا الجرم الشنيع”، فالكثير من الجرائم أصبحت تحدث في المجتمع بشكل خطير، منها جريمة “شمهروش”، وجريمة الطفل عدنان، وجرائم سفاح تارودانت، وغيرها من الجرائم التي هزت الرأي العام، والتي تتطلب إحياء عقوبة الإعدام، لأن مرتكبي هذه الجرائم لا يستحقون العيش في المجتمع.

وأبدى العديد من المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي، تضامنهم من والدة الشرطي الضحية، التي تعاني من مضاعفات صحية، مطالبين بتطبيق عقوبة الإعدام في حق الجناة، وذلك لإنصاف أسرة وأبناء الضحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى