تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | فشل وهبي في مباراة المحاماة يتحول إلى مأساة إنسانية

الرباط. الأسبوع

    دخل عدد من الطلبة الراسبين في امتحان الأهلية لممارسة مهنة المحاماة، في إضراب عن الطعام بمقر جمعية حقوقية بمدينة تمارة، احتجاجا على عدم تفاعل المؤسسات مع شكاياتهم الجماعية المعروضة على القضاء من أجل فتح تحقيق في الخروقات التي شابت مباراة الامتحان، حسب تعبيرهم.

وأكد الطلبة أن الإضراب خطوة جديدة بعدما تقدموا بعدة شكايات فردية وجماعية إلى النيابة العامة، وإلى محكمة النقض، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والعديد من المؤسسات الأخرى، بعدما نظموا عدة وقفات احتجاجية لـ”إبراز “دفوعاتنا الشكلية والموضوعية، التي فضحت أكاذيب وزير العدل، من خلال كل الإجراءات التي سلكناها في سبيل استيراد حقوقنا عن طريق المؤسسات”، يقول المتضررون.

تتمة المقال بعد الإعلان

وأضاف الراسبون في امتحان المحاماة: “كل ما قمنا به لم يكن كافيا لفتح تحقيق ومحاسبة المتورطين، بل قوبلت نضالاتنا الميدانية والمؤسساتية بسياسة الآذان الصماء، وبالتسفيه والتنقيص من لدن وزير العدل، خلصنا في نهاية المطاف إلى قناعة واضحة المعالم، أننا لا شيء في هذا الوطن”، مبرزين أن خطوة الإضراب عن الطعام هي ردة فعل تجاه السكوت المؤسساتي غير المبرر، محملين مسؤولية تبعات هذه الخطوة، لكل المؤسسات التي كان من المفروض أن تتعامل مع قضيتهم بجدية بالغة.

العديد من الفاعلين الحقوقيين والسياسيين عبروا عن تضامنهم مع الطلبة الراسبين  المضربين عن الطعام، والذين قرروا المجازفة بحياتهم في سبيل الدفاع عن مطالبهم المتمثلة في إعادة النظر في اختبار ممارسة مهنة المحاماة، وفتح تحقيق في الأسماء التي تمت إضافتها في لوائح المتفوقين، وفي هذا السياق، عبر الحقوقي والمحامي محمد الغلوسي، عن تضامنه المطلق مع هؤلاء الطلبة في معركتهم، داعيا إلى التراجع عن الإضراب المفتوح عن الطعام، لأن الحق في الحياة يبقى دوما مقدسا ولا شيء أجمل من الحياة، والنضال لا يبدأ وينتهي عند امتحان المحاماة، لكون النضال مسار طويل ومعقد وتضحية وصبر وعدم المراهنة على فورية النتائج، مؤكدا أن مكافحة الفساد والريع والرشوة.. تحتاج إلى نضال مستميت ووعي ويقظة المجتمع ومنظماته، كما تحتاج إلى رأي عام واع وقادر على إضعاف وتحجيم القوى المستفيدة من واقع الفساد والتي لاتزال لحدود اليوم قوية.

واعتبر الغلوسي، أن المسؤولية تقتضي فتح حوار بناء معهم والإنصات إليهم، قائلا: “غياب التواصل والحوار وركوب التحدي لن يزيد إلا من ارتفاع منسوب الشعور بالظلم والحكرة، وسيدفع هؤلاء الشباب ثمن ذلك من صحتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية.. ألا يوجد عاقل في هذا البلد يعرف كيف يطفئ النيران المشتعلة التي تأكل من النزر القليل المتبقي من الثقة والأمل؟ أنا لي اليقين بأن وزير العدل لو استقبل هؤلاء الطلبة وفتح معهم قنوات للحوار وعدم تركهم يمرغون في الوحل في شوارع الرباط، لكان المنحى مغايرا تماما للمشهد الأليم الذي نشاهده اليوم، لكن وزير العدل – للأسف – منذ مجيئه إلى الوزارة وهو يصب الزيت على النار في كل الاتجاهات”.

تتمة المقال بعد الإعلان
حنان رحاب

بدورها، انتقدت حنان رحاب، رئيسة منظمة المرأة الاتحادية، في تدوينة لها، تفاعل وزير العدل مع ملف هؤلاء الطلبة، معتبرة أنه لم يفلح في إقناع الرأي العام بنزاهة المباراة، وتبرير مخرجاتها، ورفض، وهو وزير للعدل ومحامي، الاحتكام للقضاء وطلب فتح تحقيق في مواجهة معطيات حفلت بها مواقع إخبارية، وقالت القيادية في حزب الاتحاد الاشتراكي: “إن تجاهل إضراب عن الطعام يهدد السلامة الجسدية والصحية لمواطنين مغاربة، يبين أن الوزير يمارس تدبير الشأن العام بمنطق العناد، ولو طارت معزة، عوض منطق الإنصات وحل المشاكل”.

فبينما يخوض عدد من الطلبة إضرابا عن الطعام في مدينة تمارة كشكل من الاحتجاج، يواصل طلبة آخرون عقد لقاءات تواصلية مع وسائل الإعلام من أجل الحديث عن القضية، والكشف عن المستجدات المتعلقة بهذه الخطوة الجديدة التي أقبل عليها الطلبة.

شيماء عباد، عضو اللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية للمحاماة، تقول: “إن خطوة الإضراب التي كانت محل نقاش كبير بلغ حد الخلاف داخل اللجنة الوطنية، هي خطوة يجسدها الطلبة بكل صدق وإلى آخر رمق، ولا يمكن إلا أن نتضامن معهم ونرفض الممارسات البئيسة التي تهدف للضرب في مصداقيتهم التي تثبتها التقارير الطبية للأشخاص الذين ساءت وضعيتهم الصحية، والذين يعانون الدمار النفسي والجسدي بسبب عدم التعامل مع الملف بجدية”، معتبرة أن مرحلة الإضراب عن الطعام جاءت بعدما فقد الشباب الأمل بعد نقاش طويل، وطرق جميع أبواب المؤسسات بروح وطنية واحترام تام للثوابت وإيمان بمؤسسة القضاء، لكنهم اصطدموا بأفق مسدود.

تتمة المقال بعد الإعلان

وأضافت نفس المتحدثة، أنها تخشى على أرواح الطلبة الراسبين الذين اختاروا معركة الأمعاء الفارغة، بعدما تم تجاهل شكاياتهم وعدم تحريك الدعوى العمومية وفتح تحقيق حول “امتحان مبني على باطل شابته مجموعة من الخروقات، خاصة وأن الوزير يعترف بأنه خرق القانون على مرأى ومسمع من الجميع، واليوم نتحدث عن الفساد الذي ينخر المؤسسات، والتواطؤ الملاحظ يتجسد من خلال صمت مجموعة من المؤسسات والفاعلين الذين التزموا الصمت ولم يستطيعوا قول الحق”، متسائلة: “لماذا لم تحرك النيابة العامة الدعوى العمومية وتفتح التحقيق في الموضوع الذي أخذ بعدا دوليا ولم يعد ذا بعد وطني؟ موضحة أن التحقيق لا يسيء لهيبة الدولة، فهيبة الدولة تتحقق بالقانون وتنصف الناس الذين ظلموا، بينما وزير العدل يحاضر في حقوق الإنسان في جنيف والطلبة يصارعون الموت وكأنهم لاجئين في ظروف لاإنسانية.. فنحن ليست لدينا حرب ولكن لدينا وهبي”، مؤكدة أنهم يرفضون التطبيع مع “الفساد والمحسوبية” ويفضلون مغرب الجميع الذي ينصف المواطن الضعيف الذي ليست له مكانة اجتماعية.

بدورها، قالت نورة الماوي، طالبة راسبة: “دخول الطلبة في إضراب عن الطعام جاء بسبب التأخير الذي عرفه ملف القضية، بعدما تقدموا بأدلة ومعطيات من أجل إنصافهم وفتح تحقيق حول التجاوزات التي عرفها امتحان الأهلية”، مضيفة أن “الطلبة الراسبين يؤكدون تمسكهم بوطنيتهم وحقوقهم ويحملون رموز المملكة والدستور في وقفاتهم الاحتجاجية ولا تحرضهم أي جهة أجنبية”.

وأوضحت ذات المتحدثة، أن الطلبة يناضلون بروح وطنية عالية ويرفضون تخوينهم، لأنهم متمسكون بالخطابات الملكية، ويلتمسون التدخل الملكي لإنصافهم ورفع الضرر الذي لحق بهم في امتحان الأهلية، رافضة الاتهامات التي تحاول بعض الجهات توجيهها للطلبة للمس بوطنيتهم وصورتهم وتفضيل كفة الوزير عليهم.

تتمة المقال بعد الإعلان

وقد كشف المحامي عز الدين فدني، الذي يتولى الدفاع عن ملف الطلبة أمام القضاء، أن القضية قيد الدراسة من قبل النيابة العامة رغم وضع الشكاية يوم 26 يناير الماضي، وأن الوكيل العام لدى محكمة النقض قدم مجموعة من المبررات التي تسبب في هذا التأخير، من بينها أن هناك مجموعة من الشكايات قدمت ضد وزير العدل من قبل جهات متعددة، مما كان سببا في تأخير الملف وتطبيق المسطرة الواجب اتباعها.

وقال نفس المصدر، أن ملف الطلبة الراسبين ينقسم إلى قسمين، فيه الجانب الحقوقي والسياسي، والقانوني والقضائي، مؤكدا على ضرورة الدخول في المعركة القضائية التي انطلقت بالطعن في قرار الوزير لدى محكمة النقض وتوقيف تنفيذ القرار، إلى جانب شكاية أخرى ضد وزير العدل لازالت معروضة على الوكيل العام لمحكمة النقض تخضع للدراسة.

كما صرح المحامي فيصل أومرزوك، أن قضية الطلبة الراسبين لها بعد حقوقي وتمس المغاربة جميعا، ولا بد من التفاعل معها لأن مجموعة من الطلبة الراسبين قرروا الدخول في إضراب عن الطعام، مطالبا وزير العدل وهبي بأن يتوقف عن العناد ويتدخل لحل المشكل الذي خلقه، ويحافظ على هيبة الدولة من خلال تحقيق المساواة بين المواطنين حتى لا يكون هناك فرق بين ابن الوزير وابن المواطن العادي، منتقدا التصور الذي يقول أن إعادة مباراة الأهلية والامتحان يمس هيبة الدولة، لأن هيبة الدولة تتعلق بسيادة القانون وحفظ حقوق جميع المواطنين، والحفاظ على أرواح المضربين عن الطعام والمهددين بالموت، وأضاف: “الوزير صرح بخرق القانون من خلال رفع عدد الناجحين إلى 1200 أو أكثر، لهذا يجب أن يعاد الامتحان، فوهبي عليه تحمل المسؤولية، والحرص على هيبة الدولة ليس بالحفاظ على مباراة الامتحان وخرق القانون، إنما تقتضي محاسبة الوزير الذي خرق القانون، وهيبة الدولة ليست بانتقاء أشخاص راسبين ضمن فئة الناجحين، لهذا، نتساءل: هل ابن الوزير ضمن 400 شخص الذين تمت إضافتهم للائحة المتفوقين؟”.

تتمة المقال بعد الإعلان

وشدد المحامي أومرزوك على أن تقوم مؤسسات البلاد (مجلس حقوق الانسان، الحكومة، البرلمان) بدورها في الاستماع لهؤلاء الطلبة الراسبين وتعقد معهم لقاءات حوارية وتفتح تحقيقا في الشكايات التي تقدموا بها، لأنه لا يمكن قبول مباراة غير قانونية تحوم حولها شبهة، متسائلا: كيف للوزير أن يقبل ضم مجموعة من الأشخاص لاختبار الشفوي وهم في وضعية شبهة؟ وما هو السند القانوني لذلك؟ فإذا تم انتقاء راسبين تحت المعدل، فالقانون يجب أن يطبق كله لا جزء منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى