الغلاء يسبب أزمة ثقة بين الرباطيين والمنتخبين

الرباط. الأسبوع
تصوروا حوالي 300 منتخب بإدارات ومديريات وأقسام وبياطرة وأطباء، في حرب منذ حوالي ربع قرن مع الغش والغلاء، وطيلة هذه المدة ازداد هذا الغش والغلاء وتطورا واستأسدا وتجبرا وكأن تلك المديريات والأقسام لإنعاشهما والحفاظ على قوتهما لنهب أرزاق عباد الله، وصورة صغيرة من كل شوارع وأسواق العاصمة “يا حسرة”، تلخص كل شيء عن الوضعية المزرية: غياب تام لإشهار الأثمان على المواد الغذائية في الدكاكين ونقط البيع في الأحياء، ليتضح ويتأكد فراغ الساحة من التأطير والتنظيم والمراقبة، التي تتكفل بها مؤسسات إدارية ومجالس منتخبة وغرف مهنية ومنظمات جمعوية لحماية المستهلكين من المضاربات التي لم تعد موسمية، فصارت مرفوقة بالغش والتدليس الجاثم والمتسلط على الرباطيين في كل الأوقات وعلى كل المواد الأساسية.
وهذا الفراغ القانوني بات وقعه سلبيا على حماية الناس من الوقوع في مصائد الانتهازيين لتجويع وحرمان الأسر من لقمة العيش بافتعال غلائها ومنهم من يلجأ إلى صناعة الغش لتمرير بضائعه بأغلى الأثمنة ماديا والأخطر منها صحيا، وقد دقت إدارة الصحة ناقوس الخطر على تفشي أمراض خطيرة تنخر أجساد الرباطيين ولم تحدد مصدرها أو تحاشت الخوض فيها، ومن أبرزها مرض السرطان الذي يغزوهم في صمت، ولحد الآن لم تكشف أسبابه ومسبباته.
والمكاتب الصحية الجماعية المكلفة بحفظ الصحة “يا حسرة”، حصرت “مهامها” في تهييء تقارير سنوية إلى المجالس تخبرها بإحصائيات عن المرضى الذين يئنون ويعانون من أوجاع أسقامهم، وتحيطها علما وبالتفصيل عن عدد المتوفين، وربما تختم بقراءة الفاتحة ترحما على أمواتنا، كان من الممكن إنقاذهم لو قامت بمسؤولية الصحة الجماعية للإنقاذ بدلا من تقمصها دور المكلفة بنقل أخبار تفشي وانتشار عدوى الهلاك المرضي وضحاياه الذين “قتلهم”، أما عن الغش والغلاء، فلهما أقسامهما ومواردهما المالية واللوجستيكية لتحمي الرباطيين من الهلاك، ولتتكلف بدحرهما وقهر ابتزاز المواطنين بالتحايل عليهم لسرقتهم على مرأى ومسمع من المجالس المنتشرة في كل أحياء العاصمة يؤطرها المجلس الأكبر من البناية الكبرى المسيجة بالحديد يساعده المجلس القابع في ساحة الجولان المحصن داخل شبه “قفص” محروس ومطوق هو الآخر بالحديد، وكل هذه المجالس استطابت الإقامة في مقراتها، في حين أن مكانهم “النضالي” هو الميدان ليكونوا قريبين من المواطنين وهمومهم.