حديث العاصمة | للرياضة روح.. فأين روح السياسة ؟

بقلم: بوشعيب الإدريسي
عاصمة المملكة تتألق في العالم بتنظيمها الرائع لمباريات المونديالتو كما توقعنا ذلك منذ حوالي شهر، عندما كشفنا أنها ستقدم “إعلان الرباط” للعالم على رقيها وتسامح إنسانها واهتمامها بسعادة سكانها مستفيدة من كفاءة القائمين على شؤونها، والتزام مواطنيها بممارسة الرياضة في فضاءاتها الخضراء وملاعب القرب والقاعات الرياضية، فأبهرت المعلقين الرياضيين العالميين بمرافقها ومناظرها ونظافة وإنارة شوارعها وتعلق أهلها بكرة القدم، كرياضة فيها روح حتى بات يضرب بها المثل الشائع “الروح الرياضية”، ويعني: الكثير في مكارم الأخلاق وتقبل الهزيمة وتعظيم الانتصار وإسعاد الناس بفن المراوغات وهز الشباك بالإصابات غير مبالين بالعنف الجسدي الذي يتعرضون له من الخصوم ولا من الإصابات الخطيرة التي تصيبهم وقد تشل أجسادهم، فيتقبلونها بروح رياضية في سبيل الدفاع عن فرقهم وعن مدينتهم أو بلدهم، فدماؤهم وعرقهم وتعبهم وصحتهم وحياتهم هبة لجماهير لا تطمع إلا في الانتصار، وحتى عند الانهزام ترضخ له بكل روح رياضية أمام فرق مناضلة تكدح وتتعب وتسهر لإرضاء تلك الجماهير التي لا تستفيد من أي امتياز مادي، ولكنها تحصل على ما لا يباع ولا يشترى.. إنها السعادة بلذة وطعم الانتصار ورفع راية المملكة عاليا، وقد كانت مشاركتنا في كأس العالم بدولة قطر جرعة من تلك السعادة التي أسعدت شعبا بكامله، وتذوق عذوبتها الصبيان وهم يحملون الرايات في الساحات ويهتفون برموز مملكتهم ومناضلي الرياضة.
ولا زلتم تذكرون الاستقبال التاريخي لهؤلاء المناضلين في القصر الملكي وشوارع العاصمة، فكان التتويج بأوسمة ملكية وشكر من الشعب، وسعادة لا توصف للمواطنين بسبب الرياضة.. فماذا للسياسة؟ وأين هي الروح السياسية؟
إن السياسة تأخذ أموالنا وأصواتنا وسلطاتنا وممتلكاتنا، وتتركنا كاليتامى، بينما أصحابها يتمتعون في المقرات الفخمة والسيارات الفارهة والحفاظ على السعادة في محيط هؤلاء الأصحاب ولا لغيرهم وبنفس سياسي، وبينها وبين الروح الرياضية ضاعت الثقة بين الناخبين والمنتخبين وتقوت اللحمة بين الرياضة والمواطنين، فاللهم احفظ الرياضة من السياسيين.