تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | صراعات أصحاب التطبيقات الذكية وسيارات الأجرة تدخل مرحلة الخطر

عبر المئات من سائقي سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة بمدن الدار البيضاء والرباط وفاس، عن عدم رضاهم من صمت السلطات عن “التجاوزات” التي يقوم بها أصحاب السيارات الخاصة الذين يشتغلون بواسطة تطبيقات النقل، معتبرين أن هذه الظاهرة تدخل في إطار “النقل السري” الذي يجب محاربته تفاديا للمخاطر والأضرار التي يخلفها على السائقين المهنيين.

الرباط. الأسبوع

    خلف انتشار تطبيقات النقل جدلا واسعا بين السائقين المهنيين ونقابيي القطاع، بسبب اختلاف وجهات النظر بين رفض وقبول هذه الوسائل التكنولوجية الجديدة، إذ هناك من يعتبرها خدمة متطورة تمكن المواطن من الاختيار المناسب والحصول على الجودة، بينما يرى مهنيون أنها خدمة غير قانونية ومخالفة للظهير 63 وللقواعد والضوابط القانونية والدوريات المنظمة لقطاع النقل.

وعرفت بعض المدن والجهات صراعات بين المهنيين وممتهني هذه التطبيقات، خاصة على صعيد الدار البيضاء والرباط، مما دفع بأرباب “الطاكسيات” لمطالبة وزارة الداخلية والنيابة العامة، بالتحرك العاجل من أجل وقف تطبيقات النقل “غير القانونية”، مشددين على ضرورة محاربة الظاهرة لأنها تشكل منافسة غير شرعية بالنسبة لهم وتخدم مصلحة شركات أجنبية عابرة للقارات.

ودعت النقابة الوطنية لسائقي الأجرة، إلى “تطبيق القانون في حق نشطاء النقل السري عبر التطبيقات طبقا لما تقتضيه القوانين والتشريعات الجاري بها العمل”، محملة المصالح المختصة مسؤولية تفشي النقل السري عبر التطبيقات، وزيادة منسوب الاحتقان الاجتماعي لدى مهنيي سيارات الأجرة، حيث يرفض سائقو سيارات الأجرة في الدار البيضاء والرباط بالخصوص، استمرار استعمال التطبيقات الذكية في نقل الأشخاص.

في هذا السياق، يقول محمد مشخشخ، الكاتب العام للنقابة الوطنية لقطاع سيارات الأجرة، المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل، أن “ظاهرة النقل عبر التطبيقات هي نقل سري وفق الضوابط القانونية التي تنظم قطاع النقل داخل سيارات الأجرة أو بواسطة السيارات، وعند الحديث عن هذه التطبيقات، يجب الرجوع إلى ظهير 63، وللأسف، هناك هجوما كبيرا على قطاع سيارات الأجرة وعلى السائقين المهنيين، خاصة وأن عددا هائلا من المهنيين الذين يشتغلون في هذا المجال، يخضعون لمجموعة من القوانين التي تؤطر المهنة، حيث لو كان هناك قانون منظم للقطاع لن تكون هناك هذه الظواهر السلبية، لأننا سنظل دائما تحت سقف قانون منظم”.

وأضاف ذات المتحدث، أن هناك حملة شرسة على قطاع سيارات الأجرة، لأننا عندما نتكلم عن سائق سيارة الأجرة الذي هو محكوم بالمهنة التي يشتغل فيها، فإننا نجد أن هؤلاء “الخطافة” عبر التطبيقات يتحدثون عن الحق المكتسب، بحيث ممكن لهذه الظاهرة أن تستفحل بشكل خطير على النظام العام، لهذا لابد من محاربة هذا النوع من النقل، وتأهيل قطاع سيارات الأجرة لكي يكون قادرا على العمل باحترافية ويقوم بدوره بشكل كبير، موضحا أن خدمة سيارة الأجرة لها تكلفة مرتبطة بمجموعة من التحملات والواجبات المادية، منها الغازوال، والصيانة، والقروض، وتكلفة المأذونية، إذ أن التكلفة الصافية هي التي تحدد نوع الخدمة والربح الذي سيوفره السائق، إلى جانب أن هناك متدخلين آخرين لا علاقة لهم بالقطاع يفرضون العبء على المواطن والكلفة، منهم صاحب المأذونية و”مول الشكارة” المستغل الذي لا يعطي قيمة إضافية للقطاع.

وأردف محمد مشخشخ: “إذا قمنا بإزالة هؤلاء المتدخلين في القطاع، الذين يخلقون هذا الإشكال، فسيتم تأهيل قطاع سيارات الأجرة في علاقته بالالتزامات والواجبات، وبالتالي، سيتحسن مستوى الشغل في هذا المجال، وهذا ما تحاول النقابات الخماسية الوصول إليه في حوارها مع وزارة الداخلية قصد إصلاح القطاع، لأن المشكل مرتبط بكثرة المتدخلين، الشيء الذي يخلق إشكالا للسائق المهني وللمواطن، لذلك، لا بد من إرادة سياسية من الحكومة لكي تصلح القطاع وتحد من الصراعات والمشاكل”.

واعتبر نفس المصدر، أن الأشخاص الذين يشتغلون بواسطة التطبيقات الذكية للنقل، يعملون في النقل السري وخارجين عن القانون، وليس لهم الحق في فرض شيء ضدا على القانون والتنظيم فهم يعملون بشكل فوضوي، منتقدا الهجوم الذي يطال سائقي سيارات الأجرة الذين يدافعون عن حقوقهم المادية والمعنوية، ويقومون باللجوء إلى السلطات الأمنية المختصة لأجل الوقوف على المخالفة وتطبيق القانون.

بدوره، قال عزيز الداودي (نقابي)، أن السلطات تتهاون في محاربة الأشخاص الذين يشتغلون بدون رخص للنقل عبر العمل بواسطة التطبيقات التي تملكها شركات عابرة للقارات والتي وجدت ملجأ لها بالمغرب للقيام بنشاطها في النقل السري غير المرخص، مشددا على ضرورة تطبيق القانون والحد من هذه الظاهرة ووضع حد للمخالفين الذين لا يتوفرون على ترخيص.

وأضاف أن الأشخاص الذين يعملون عن طريق هذه التطبيقات، يخرقون القانون ولا يتوفرون على التأمين بالنسبة للزبائن الذين يركبون معهم، بينما سائق سيارة الأجرة عليه واجبات منها تأمين الركاب بمبلغ 8 آلاف درهم، وتأدية الضرائب والمساهمة المهنية الموحدة، والانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي، مطالبا بحماية السائق المهني الذي ينخرط في القطاع المنظم ويلتزم بالانخراط في القرارات والدوريات التي تصدرها السلطات الوصية من أجل تنظيم القطاع، من بينها توفير مركبة جديدة حتى يكون القطاع في مستوى الخدمة ويقدم صورة جيدة للواجهة السياحية للمدينة.

وأكد ذات المتحدث على ضرورة تدخل الحكومة لمحاربة الظواهر السلبية التي تسيء لقطاع سيارات الأجرة والتي تخلق مشاكل كثيرة، ومنافسة غير قانونية، والحد من الريع والمتدخلين لكي يظل قطاع نقل “الطاكسيات” خدماتيا واجتماعيا، معتبرا أن “النقل بواسطة التطبيقات هو بمثابة سرقة موصوفة واعتداء على القوت اليومي لمهنيي سيارات الأجرة، الذين يشتغلون وسط إكراهات كثيرة، منها مصاريف وواجبات التأمين والرسوم الجبائية، بالإضافة إلى مشكل الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات والتي أدت بمجموعة من السائقين المهنيين إلى الإفلاس”.

ودعا عزيز الداودي المصالح المختصة، إلى التعامل بصرامة مع الظاهرة من أجل القضاء عليها من المنبع، وذلك من خلال إيقاف الشركات الوهمية التي تدعي في نظامها الأساسي أنها تمارس نشاطا آخر غير النقل عبر التطبيقات، لكنها في الواقع تستغل الخصاص في مجال النقل لكي تخرق القانون وتمارس النشاط بدون ترخيص.

العديد من المواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي يستعملون تطبيقات النقل، لكونها أفضل وسيلة للوصول إلى الوجهة المقصودة في أقرب وقت ممكن وبتكلفة مناسبة دون عناء الانتقال إلى محطة سيارات الأجرة والانتظار في الطابور للوصول إلى العمل أو إلى مؤسسة ما، لهذا يرى بعض المهنيين أن تطبيقات النقل تعد وسيلة تكنولوجية جديدة غير محرمة، لها إيجابيات بالنسبة للسائق المهني الذي ينخرط فيها وبالنسبة للمواطن الذي يختارها.

وحسب مواطنين آخرين، فإن تطبيقات النقل وسيلة مقبولة بالرغم من عدم توفر صاحب السيارة على ترخيص، إلا أنها تظل أفضل طريقة لكسب الوقت ولقضاء الأغراض، بالإضافة إلى أنها توفر خدمة التنقل عن قرب من المنزل أو من الحي، بعيدا عن ضجيج الشارع وصراعات وسباق أصحاب سيارات الأجرة على المقاعد في المحطات.

في هذا الإطار، يؤكد سمير فرابي، الأمين العام للنقابة الديمقراطية للنقل، أن هناك فئة من المقاولين الذاتيين يشتغلون في قطاع النقل عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة (التطبيقات) منذ عدة سنوات، منهم فئة يحملون رخص السياقة والبطاقة المهنية فضلوا الانتقال من سيارات الأجرة إلى سائقين للسيارات الخاصة عبر التطبيقات الذكية، بسبب الإكراهات التي يعرفها قطاع سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة، مضيفا أن السبب الذي دفعهم للذهاب إلى التطبيقات هو ما يسمى “الروسيطة” التي يفرضها صاحب “الطاكسي” و”مول الشكارة” بشكل يومي على السائق، خصوصا وأن قطاع سيارات الأجرة يوجد به عدد كبير من المتدخلين من بينهم صاحب المأذونية، والمستغل، وصاحب التنازل، عكس النقل عبر التطبيقات الذي يعرف متدخلا واحدا فقط هو السائق الذي يبرم اتفاقية إلكترونية مع الشركة المسؤولة عن التطبيق، وقال: “هذا النوع من النقل عبر التطبيقات يخلق فرص عمل يمكن أن تخلق حتى 50 ألف نشاط، من غير فرص الشغل المباشرة التي ستفتحها المراكز والمكاتب لدى هذه الشركات، والتعليمات الملكية تصب في تشجيع الاستثمارات وخلق أنشطة مدرة للدخل وتغيير القوانين من أجل خلق مناصب شغل للشباب، وهذا الملف يظل عالقا متأخرا رغم أن المغرب يتطور في مجال النقل والتكنولوجيا، ولا نعرف الأسباب، وهناك دول أخرى تستعمل هذا النوع من التطبيقات عبر الترخيص”.

وأوضح نفس المتحدث، أن النقابة الديمقراطية للنقل تقدمت إلى وزارة النقل بعدة مقترحات لتنظيم النقل عبر التطبيقات الذكية، ولولاية جهة الدار البيضاء سطات، وذلك بهدف تقنين هذا النوع من النقل لأنه يحتضن عددا كبيرا من المنخرطين والسائقين ضمن عدة شركات، معتبرا أن النقل بالتطبيقات أصبح مطلبا مجتمعيا من قبل المواطنين، وخير دليل على ذلك، ارتفاع عدد الرحلات على مستوى التطبيق والإحصائيات المسجلة، حيث أن 65 في المائة من المواطنين أصبحوا يستعملون تطبيقات النقل، لأنه يسهل عملية الأداء البنكي دون الحاجة إلى “الكاش” والنقود، وهناك أسر تستغل هذه التقنية والعملية من أجل نقل أطفالهم إلى المدارس الخصوصية دون صعوبات.

وعبر سمير فرابي عن رفضه للطريقة التي يتم بها إيقاف أصحاب السيارات الخاصة الذين يشتغلون عن طريق التطبيقات الذكية، من خلال “نصب الكمين والإيقاف في الشارع”، مطالبا وزير النقل بالعمل على تقنين النقل بواسطة التطبيقات، وتسوية وضعية السائقين العاملين في هذا المجال، ووضع دفتر تحملات في المستوى يفتح المجال أمام الشباب العاطلين عن العمل والحاملين للبطاقة المهنية أو للمقاول الذاتي للعمل.

ويقول حسن خليفة (نقابي)، أن “تطبيقات النقل هي وسيلة تطوير للقطاعات الموجودة، فمثلا عندما نتحدث عن إدارة معينة تستعمل التكنولوجيا بهدف تسهيل منصات التواصل مع المرتفقين، كذلك دور التطبيقات، فهي جاءت لتأهيل القطاعات الموجودة، لكنها أخذت منحى آخر عند الحديث عن قطاع سيارات الأجرة ضد التطبيقات، لكن في الحقيقة، فهذه التطبيقات دخلت لقطاع يشتغل عن طريق سيارات الأجرة، وبالتالي، لماذا لم تنجح في قطاع السيارات الأجرة؟ وهذا سؤال كبير.

وأضاف المتحدث ذاته، أن ولاية الدار البيضاء تفاعلت في هذا الباب وأصدرت دفتر تحملات يسمح بإدخال التكنولوجيا في قطاع سيارات الأجرة والالتزام بها، مع العمل مع سيارة مرخصة وسائق مهني دون فرض شروط كبيرة، كما رخصت لشركات للعمل بالوسائل التكنولوجية الحديثة منها شركة اشتغلت مع سيارات الأجرة منذ ثلاث سنوات وحصلت على ترخيص، مشيرا إلى مسألة الجودة التي يطلبها الزبون والتي يجدها في تطبيقات النقل، والمتمثلة في احترام السائق له والخدمة السريعة والثمن المناسب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى