تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | الطلبة الراسبون في امتحان المحاماة يواصلون المعركة ضد وهبي

اتهم الراسبون في امتحان الأهلية لممارسة مهنة المحاماة، وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بارتكاب “خروقات وتجاوزات” في القانون المنظم لمهنة المحاماة، و”استغلال النفوذ وسلطاته، من خلال تصريحاته التي أكد فيها تدخله من أجل السماح لممتحنين بالترشح خارج الآجال القانونية”، معتبرين أن هذه الأخطاء تستوجب إقالته وإعفاءه من عمله بالوزارة.

إعداد: خالد الغازي

    كشف أعضاء ما يسمى “اللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية لممارسة مهنة المحاماة”، عن العديد من الاختلالات التي عرفها امتحان الأهلية على مستوى التسجيل واللوائح الأولية، والصعوبات التي رافقت الترشيح، بالإضافة إلى إدراج أسماء في اليوم الأخير قبل الامتحان، مؤكدين استمرارهم في النضال والترافع من أجل الدفاع عن حقوقهم، عبر نهج جميع المساطر القضائية والإدارية.

وانتقد الطلبة المعنيون صمت الأحزاب السياسية والبرلمان بخصوص هذه القضية وعدم تفاعلها مع الوقائع، عبر فتح تحقيق في “الخروقات المسجلة في الامتحان والنتائج واللوائح”، واصفين موقفها بـ”التواطؤ مع الوزير ضد فئة عريضة من أبناء الشعب”.

في هذا السياق، يرى محمد أمين، منسق “اللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية لممارسة مهنة المحاماة”، أن وزير العدل من خلال معرفته لمسار الدعوى العمومية التي تقدم بها الطلبة الراسبون للطعن في امتحان الأهلية لممارسة المحاماة، أراد أن يقوم بخطوة استباقية لـ”التملص من جريمة التزوير ويلبسها ثوبا آخر، لأن الجريمة كما عرفها المشرع من خلال المادة 351-356 من القانون الجنائي، هي استبدال وقائع في مقرر رسمي على النحو الذي يسبب ضررا للغير، أو بأحد الأساليب التي حددها المشرع في المادة 253، من بينها “استبدال أشخاص بأشخاص وهميين، وأن تكون سوء النية”، معتبرا أن الوزير وهبي يريد الخروج من المنفذ بدعوى أنه يريد مساعدة أبناء الشعب بعدما سمح بفسح باب التسجيل لكي لا يقال أن هناك أسماء نجحت لم تكن متواجدة في لوائح التسجيل، مما يطرح التساؤل: من هؤلاء الأشخاص الذين استفادوا من التسجيل؟ وبناء على أي قرار؟ لأن جميع المغاربة من حقهم الاستفادة من التسجيل.

واعتبر محمد أمين، أن “تصريحات وزير العدل، خطيرة لأنها تمس استقلالية القضاء وسيادة الدولة، بعدما قال أن الشكايات يجب أن تتضمن مرفقات”، متسائلا: هل الوزير اطلع على الشكايات؟”، موضحا أنه “من خلال تصريحاته، نفهم ذلك، فهو إذا اطلع على الشكايات، فأنا أضع علامة استفهام على استقلال السلطة القضائية، لأن المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية تنص على السرية، وشكايتنا يجب أن تكون محاطة بالسرية، وربما لا يعرف الوزير أن النيابة العامة خصم شريف والقاضي الجنائي غير مرتبط بطلب الأطراف، حيث يمكن للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية انطلاقا من شكاية أو أي أمر آخر”.

وأكد نفس المتحدث أن اللجنة الوطنية للطلبة الراسبين، سلكت جميع المساطر الممكنة في إطار الدعوى العمومية، وتقدمت بعدة شكايات ورسائل إلى الوكيل العام لدى محكمة النقض، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وجميع رؤساء الفرق البرلمانية، والقضاء الإداري، وذلك بمقال رسمي، وتقديم تظلم عبر الديوان الملكي إلى جلالة الملك بصفته رئيسا للبلاد ورئيس المجلس الوزاري، مرفوق بمحضر يتضمن تصريحات الوزير وقرص مدمج، لأن المسألة تمس بسيادة الدولة.

وأشار نفس المصدر إلى أن الوزير عبد اللطيف وهبي هاجم الطلبة والطالب مراد الأشقر في تكرار لسيناريو قضية أستاذ تارودانت سنة 2011، والتي دافع فيها الوزير عن موكله وهاجم الضحية، قائلا: “من العار على محامي مارس المهنة لسنوات وعلى رأس وزارة، أن يخطئ في استجماع عناصر التزوير، لأن عناصرها تقوم على القصد الجنائي الخاص، فكيف لشخص تسجل مرتين أن نقول له نية التزوير، لو أن مراد الأشقر كان يريد التزوير، هل سيجتاز الامتحان مرتين؟ والسؤال الثاني: إذا تسجل الأشقر مرتين، يجب أن نجد اسمه مرتين، فلماذا يذهب رقمه لشخص آخر لم يكن مسجلا في المرة الأولى؟”.

ندى، طالبة باحثة في سلك الماستر، انتقدت صمت الأحزاب السياسية والبرلمان، قائلة: “هناك تواطؤ وهو وصمة عار على جبين كل الأحزاب، سواء الأغلبية أو المعارضة، والتي لم تسجل موقفا واضحا وصريحا من هذ المهزلة المحبوكة التي أصبحت واضحة وضوح الشمس، والخروقات والشبهات تبين أن امتحان المحاماة لسنة 2022 هو مهزلة محبوكة بعد إقصاء كم هائل من الطلبة الذين لديهم كفاءات، والذين كان يمكن أن يكونوا محامين، لكنهم أصبحوا يناضلون في الشارع للمطالبة بالحق الذي هو حق مشروع، لهذا، فما حصل سيبقى لسنوات وصمة عار على جبين الأحزاب إذا لم تسجل موقفها، خصوصا بعد اجتماع لجنة التشريع مع الوزير والتي كنا نظن أنها ستناقش الملف مع وهبي وتجيب عن تساؤلات المتضررين، لكن اللقاء خصص للحديث عن مشروع قانون”.

وأوضحت نفس الطالبة، أن “العديد من التصريحات والوقائع تثير الشكوك وتستوجب المساءلة، من مسألة تسريب الامتحان، واعتراف الوزير بخرقه للقانون وتدخله يوما قبل الامتحان لفسح المجال أمام فئة معينة للتسجيل، ثم قيامه بتخفيض المعدل قصد زيادة عدد الناجحين بإضافة 1200 شخص لرفع العدد إلى ألفي شخص”، مشيرة إلى أن “هذا التدخل هو استغلال للنفوذ وتجاوز للسلطة وخرق للمادة 6 من القرار المنظم لمهنة المحاماة 43/22، وخرق للمادة 3 التي تحدد آجال التسجيل، وأيضا للمادة 8 من مرسوم 25 نونبر 2011 المنظم لعملية إجراء المباريات واحترام الآجال المحددة، معتبرة أن جميع الأدلة تؤكد أن القضية مشروعة وعادلة، فليست المسألة إقصاء فقط لكفاءات شابة، وإنما هي قضية فساد واستغلال النفوذ وتجاوز القانون والسلطة”.

من جانبها، كشفت الطالبة شيماء، عضو “اللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية لممارسة مهنة المحاماة”، عن بعض الاختلالات والأخطاء التي حصلت في عملية تسجيل المرشحين منذ اليوم الأول، حيث أنه خلال نشر اللائحة الأولية للمترشحين، لم يجد حوالي 500 شخص أسماءهم، بدعوى أنهم لم يقوموا بتحميل الوثائق والشواهد، بينما عملية الحصول على وصل التسجيل تستلزم ضرورة تحميل الوثائق أولا، متسائلة: كيف يمكن إسقاط المئات من الطلبة والطالبات خلال عملية التسجيل، ثم بعد ذلك تحصل العديد من الأمور، منها تغيير مراكز الامتحانات، وفتح باب التسجيل في آخر يوم، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من الطلبة تقدموا بشكايات وتظلمات داخل الآجال القانونية، لأنهم لم يجدوا أسماءهم في اللوائح، وبالتالي، حرموا من اجتياز المباراة بعدما انتظروها لسنوات.

وأضافت نفس المتحدثة، أن تصريحات الوزير غير مقبولة من رجل دولة وزعيم حزب سياسي كبير، بعد وصفه للطلبة الراسبين بأنهم “مجرد كمشة” وفئة قليلة، إلى جانب اعترافه بتسجيل أشخاص خارج الوقت القانوني للامتحان وفتح باب الموقع، دون نشر إعلان للعموم والطلبة لتمديد التسجيل، وهذا يعتبر خرقا قانونيا واضحا.

إن قضية الطلبة الراسبين في امتحان المحاماة أصبحت معروفة لدى الرأي العام الوطني، من خلال احتجاجهم في الشارع أمام البرلمان، لتأكيد تمسكهم بمطلب إلغاء نتائج الامتحان الذي لم يكن منصفا للغالبية من المترشحين، معتبرين أن تصريحات الوزير تتضمن الكثير من المغالطات والتناقضات للهروب من المسؤولية وتكريس الأمر الواقع وإقصاء أصحاب الحق، لذلك، قرر العديد من الطلبة اللجوء إلى القضاء بشكل فردي، للطعن في نتائج الامتحان، وتقديم شكايات إلى مؤسسات دستورية والديوان الملكي، قصد إنصافهم من قرارات الوزير وهبي.

نورة طالبة عضو في اللجنة المذكورة، قالت أن “تصريحات الوزير وهبي بهذا الخصوص تكرس الطبقية بين أبناء الشعب، وتعطي الامتياز لأبناء القضاة والمحامين، وتحتقر مجموعة من أبناء الطبقة الفقيرة، لأنهم احتجوا على طريقة تدبير الامتحان التي شابتها العديد من الخروقات والأخطاء”، مضيفة أن “الوزير اتخذ قرارات غامضة وغير مفهومة، منها فتح التسجيل للمشاركة في المباراة في آخر يوم بدون إشعار أو إعلان رسمي، ثم انتقاء 1200 شخص من الطلبة للزيادة في عدد الناجحين بدعوى امتصاص البطالة، في حين أن الآلاف من الطلبة والطالبات لا زالوا يعانون من البطالة ويشتغلون في مكاتب المحامين”، مشيرة إلى أن الآلاف من الراسبين لا يستطيعون المشاركة في الاحتجاج، لأنهم يخشون من نفوذ الوزير وسلطته وتهديداته لهم، فـ”بالنسبة لي شخصيا، خضت تدريبا لمدة ثلاث سنوات عند أستاذة محامية حتى أغلقت مكتبها، بحيث كنت أعمل حتى منظفة داخل المكتب من أجل أن أحصل على الخبرة وأصبح يوما ما محامية، لهذا، فهذه المباراة كانت تشكل بالنسبة لنا آفاقا وبوابة على المستقبل لممارسة المهنة”، تعلق ذات المتحدثة.

بدورها، صرحت ليلى، طالبة راسبة في امتحان المحاماة، بأن الطلبة سلكوا المساطر القانونية وطرقوا أبواب مؤسسات، وذلك لليقين بأن قضيتهم حقيقية وبأن الامتحان شابته خروقات، والوزير يسعى للتغطية عليها ومهاجمة الطلبة الراسبين وتحقير خطواتهم ومطالبهم، من خلال تصريحات متناقضة، قائلة: “الوزير يقول ان ابنه درس القانون في كندا، بينما نقيب المحامين في كندا لن يستطيع النجاح في امتحان ممارسة المحاماة في المغرب، ببساطة لأنه يتعلق بالقانون المغربي وليس الكندي”، وأضافت، أن “من بين الخروقات التي قام بها الوزير في الامتحان، أنه فتح الموقع الرسمي لتسجيل بعض الأشخاص ليلة قبل الامتحان، بينما كان من المفروض أن يعلن في بلاغ رسمي بموقع الوزارة، عن تمديد التسجيل للجميع، لكي تتاح الفرصة لأبناء الشعب جميعا وللأشخاص الذين يقطنون في المناطق الجبلية والقرى لإعادة التسجيل، خصوصا الذين لديهم ضعفا في صبيب الأنترنيت، لكن – للأسف – هذا لم يحصل وتم فتح الموقع لفائدة فئة معينة، ثاني شيء، هو أن هناك أشخاصا لم يكونوا في اللوائح الأولية التي قبلت من أجل المشاركة في الامتحان، ولكنهم كانوا في النتائج النهائية للناجحين”، و”الشاب مراد الأشقر اضطر لتقديم الاعتذار، لأن الوزير استعمل سلطته ونفوذه لتهديد الطلبة”، تقول نفس المتحدثة.

محمد طالب راسب أيضا، قال: “لدينا الثقة في المؤسسة الملكية، التي رفعنا إليها تظلما عن طريق الديوان الملكي، إلى جانب القضاء الذي ننتظر كلمته، ولا نريد التأثير في كلمة القضاء كما فعل الوزير وهبي وخرج بتصريحات يتحدث عن القضاء، لهذا نحن نرى أن الفاصل بيننا في هذا الملف، هو مؤسسة القضاء، وتدخل صاحب الجلالة نصره الله”، منتقدا تصريحات وهبي التي أراد من خلالها تحوير الملف لاتجاه آخر، وتهديد الطلبة الراسبين بالمتابعات القضائية للتغطية على “الفساد الذي طبع تدبير امتحان المحاماة”، يوضح نفس الطالب.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد اعتبر في تصريحاته خلال حضوره للقاء بمقر وكالة المغرب العربي للأنباء، أن نتائج امتحان الأهلية لممارسة المحاماة كانت منصفة لجميع الطلبة، رافضا الانتقادات التي وجهت لوزارته بخصوص عملية التسجيل وطريقة وضع الامتحان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى