جهات

حديث العاصمة | عاصمة عظيمة في حاجة إلى أفكار عظيمة

بقلم: بوشعيب الإدريسي

    قانون الجماعات بصفة عامة وجماعة العاصمة بصفة خاصة، لم يعد ملائما ولا مسايرا لنهضة وتطور مدينة توجت بألقاب عديدة أضافتها إلى تسميتها عاصمة المملكة، وفي القريب ستتصدر الاقتصاد الإفريقي والصحة بكل اختصاصاتها، والتعليم بكل شعبه، لتقفز إلى منافسة لمثيلاتها في العالم، وهي بذلك ضمنت مكانتها العالمية في خدمة الإنسانية وحجزت لها لقبا مستحقا جديدا: “عاصمة الخدمات الإنسانية”، وهذه النهضة المنتظرة بكل تأكيد مع حلول سنة 2025، لم يفرضها النمو الديموغرافي لساكنتها، والذي يحدد به المشرع مصير أي مدينة أو قرية ويعتمد عليه في تكوين المجالس وتحديد الميزانيات، وإنما لمرافقها العلمية والإدارية والتشريعية والسياسية والدبلوماسية، وهذه الصفات من الأركان المؤكدة التي ترتكز عليها الرباط، وبرهنت بها على قدرتها الخارقة في خلق تنميتها وتطورها وشد الأنظار إليها مستفيدة مما أغدق عليها المشروع الملكي من إنجازات عملاقة.

فماذا أنجزت المجالس المنتخبة وهي التي تخنقنا بالضرائب والرسوم والذعائر، وتلوث بيئتنا بأدخنة سياراتها المتهالكة الجماعية منها والمكتراة بلوحات مدنية حتى تطمس بها حقيقة إهدار المال الجماعي في التعالي على الرباطيين الواقفين في البرد القارس والأمطار وظلام الفجر لامتطاء الحافلات في فضاءات عارية ومظلمة لتنقلهم إلى مقرات عملهم، ليوفروا ويتقاسموا أجورهم ومداخيلهم مع الذين يلتحقون بمجالسهم وأشعة الشمس فوق سياراتهم وكؤوس الشاي تنتظرهم وعطر مواد التنظيف يفوح من أبواب مكاتبهم، وجدرانها مزينة باللوحات الفنية التي يمولها بند قار كل سنة في الميزانية حتى يتمتع بفنها بعض منتخبينا ولا يتذكروا أن من الذين يمولونها كادحون لم يناموا الليل ليهيئوا بضاعتهم ويحملونها إلى الأسواق ويؤدوا عليها عند ولوجها رسوما بـ”الكاش” تقدر بحوالي 4 مليارات سنويا، ولمن؟ لمن صوتوا عليهم وأصبحوا في النعيم والرفاهية.

وعلى الجماعة قروض تؤدى أقساطها سنويا، ولكن نفقاتها الباذخة وتدبير أملاكها ومردودية فوائد ادخار أموالها، في الخزينة، كل هذه المعاملات التي تتكرر كل سنة وتعود مع كل حزب يزيح الآخر من الرئاسة، لم تتغير مع تغير الأحزاب ومرشحيها وتناوبهم على تسيير شؤون العاصمة وعلى ضبط وترتيب مواردها بالدرجة الأولى من ممتلكاتها والتي تنتج حاليا “حفنة” من الدراهم لاستقرار أكريتها، وشلل وعقم التفكير في جعلها أداة رئيسة في الاستثمار الجماعي، بها تحقق  المشاريع وتجعلها رأسمالا توظفه في المزيد من الأملاك، ولا أحد من المنتخبين استفسر عن سر جمود مداخيل هذه الأملاك منذ 30 سنة في حين تضاعفت في نفس المدة 10 مرات مبالغ الضرائب والرسوم المفروضة على الرباطيين.

بناء على هذا، أصبح من الضروري والملح تنزيل قانون جديد للجماعات تكون فيه جماعة العاصمة استشارية واقتراحية بعد فشلها في تدبير شؤون عاصمة عظيمة محرومة من عظمة أفكار منتخبيها.     

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى