متابعات

متابعات | التعاون الوطني.. المؤسسة التي فشل في ترويضها كل الوزراء

رغم تعاقب العديد من الحكومات، لم ينجح جل الوزراء، بمن فيهم الوزراء الحاليين، في الحد من المشاكل التي تتخبط فيها مؤسسة التعاون الوطني، آخرهم الوزيرة عواطف حيار، والتي تستنزف ملايين الدراهم كل سنة، سواء في تسيير المقرات أو تقديم المنح المالية للجمعيات الشريكة، مما يطرح تساؤلات حول منهجية تسيير هذه المؤسسة في غياب المراقبة والمتابعة، خاصة وأنها شهدت في السنوات السابقة صراعات سياسية ونقابية واختلالات متعددة كشفت عنها تقارير رسمية.

الرباط. الأسبوع

    لم ينجح العديد من مدراء مؤسسة التعاون الوطني، التي يترأسها حاليا خطار المجاهدي، والذين يتم تعيينهم في عهد الحكومات السابقة، (لم ينجحوا) في حسن تدبير المؤسسة التي لا زالت تعاني العديد من المشاكل والاختلالات على مستوى التدبير المالي والإداري، مما دفع العديد من الأصوات النقابية والهيئات الجمعوية، للمطالبة بتدخل الحكومة قصد تسوية المشاكل المرتبطة بحقوق الموظفين والموارد البشرية، وتطوير العمل مع الجمعيات، عبر فسح المجال للكفاءات والجمعيات الهادفة وليس الجمعيات التي تستغل العمل الاجتماعي لمصالح خاصة.

وقد سجل المجلس الأعلى للحسابات، العديد من الملاحظات حول طريقة تدبير المشاريع الممولة من قبل صندوق التماسك الاجتماعي، وطول مدة إنجاز هذه البرامج، إذ أن نسبة المشاريع المصادق عليها مركزيا لا تتجاوز 0.4 في المائة من مجموعة المشاريع، إلى جانب طول آجال المصادقة عليها وثقل المساطر المعتمدة، بالإضافة لعدم إمكانية تسوية بعض الإشكالات خلال مرحلة الإنشاء، وصعوبة المواكبة وعدم اعتماد تواصل مؤسساتي في توزيعها.

تتمة المقال بعد الإعلان

وكشف تقرير لجنة مراقبة المالية العامة المنبثقة عن البرلمان، ضعف المراقبة التي تمارسها مؤسسة التعاون الوطني على الخدمات المقدمة من طرف الجمعيات، وأيضا محدودية برنامج تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، وضعف بعض الخدمات الطبية وشبه الطبية، إلى جانب عدم ملاءمة التأطير المرصود لهذا التعليم والفضاءات المخصصة له.

ووقف التقرير على عدد من الاختلالات التي شهدتها مؤسسة التعاون الوطني، منها تفويض صلاحيات منح المساعدات للجمعيات، وعدم عقد المجلس الإداري للمؤسسة دوراته بشكل منتظم، وغياب تنظيم داخلي يحدد شروط وظروف انعقاد المجلس الإداري، إلى جانب غياب اللجن الدائمة المنبثقة عن المجلس الإداري، وعدم تعديل النظام الأساسي المؤطر لاختصاصات المجلس.

وأكدت اللجنة – في تقريرها – على أهمية مراجعة النظام الأساسي والتنظيم الهيكلي لمؤسسة التعاون الوطني بما يتوافق مع توجهات واستراتيجية وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وتعزيز تموقع المؤسسة في استراتيجية القطب الاجتماعي كفاعل في الرعاية والمساعدة الاجتماعية.

وبشأن تدبير ومراقبة مؤسسة التعاون الوطني، دعت ذات اللجنة إلى تعزيز حكامة المؤسسة من خلال احترام تمثيلية جميع أعضاء المجلس الإداري وانتظامية انعقاد دوراته، ووضع آليات تتبع تنفيذ قرارات المجلس، وإحداث اللجان الدائمة المنبثقة عن المجلس الإداري، كلجنة الحكامة، ولجنة الاستراتيجية والاستثمار، فضلا عن إخضاع مساطر وشبكات تنقيط منح المساعدات للجمعيات لمصادقة المجلس الإداري، كما دعت إلى تسريع المصادقة على عقد برنامج بين التعاون الوطني والدولة، وتفويض اتخاذ القرارات والتعاقد حول الأهداف مع المنسقيات الجهوية والمندوبيات الإقليمية التابعة للتعاون الوطني، مؤكدة على أهمية قيام المفتشية العامة للمؤسسة بالاختصاصات الموكولة إليها وعدم الاقتصار على معالجة الشكايات وتتبع صفقات تدقيق مؤسسات الرعاية الاجتماعية والجمعيات الشريكة.

تتمة المقال بعد الإعلان

وطالبت ذات اللجنة بالعمل على دعم الموارد المالية المخصصة للحساب الخصوصي المسمى “صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي”، لمواكبة الحاجيات المتزايدة للبرامج الاجتماعية التي تعتمدها مؤسسة التعاون الوطني، واستحضار التقائية مختلف برامج وخدمات مؤسسة التعاون الوطني وبرامج القطاعات الحكومية الأخرى، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والفاعلين الترابيين، والمؤسسات العمومية، ومختلف المتدخلين في العمل الاجتماعي العمومي، مؤكدة على أهمية وضع رؤية جديدة للتدخل العمومي في مجال العمل الاجتماعي مبنية على أساس الجهوية وإعمال مبدأ العدالة المجالية في التوزيع الجغرافي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وتقوية شراكة مؤسسة التعاون الوطني مع الجماعات الترابية، وترسيخ العمل بمنطق التدبير الاجتماعي العمومي المنفتح على المقاربات العلمية المعاصرة في مجال التنمية الاجتماعية.

وشدد التقرير على ضرورة النهوض بتدبير موارد مؤسسة التعاون الوطني ونظامها المعلوماتي، عبر وضع نظام أساسي جديد لتدبير الموارد البشرية وتأهيلها، وتوزيعها بشكل عادل بين الجهات حتى تتماشى مع الاختصاصات الجديدة للمؤسسة، وتعزيز الموارد البشرية العاملة بمؤسسة التعاون الوطني مع اعتماد مرجع للكفاءات والتوظيفات بما يتلاءم مع حاجيات المؤسسة، داعية إلى اعتماد نظام معلوماتي متكامل لقيادة وتدبير وتتبع ومراقبة مختلف أنشطة التعاون الوطني، يواكب توجهاته الاستراتيجية وتنزيل مخططه المديري المعلوماتي والمشاريع الهيكلية والتقنية والوظيفية المنبثقة عنه، مع رصد الاعتمادات اللازمة.

وأوصت لجنة مراقبة المالية العامة، بتدقيق التزامات ومسؤوليات الأطراف في إطار التسيير المشترك بين الجمعيات ومؤسسة التعاون الوطني فيما يتعلق بالأنشطة الواجب توفيرها داخل مراكز التربية والتكوين، وتأهيل وتجديد مراكز التعاون الوطني ودعمها بالموارد البشرية ووسائل العمل، ووضع نظام لمراقبة وتقييم المراكز التابعة للمؤسسة، والرفع من جودة التكوينات وعدد المكونين بمراكز التكوين.

وقد طالبت الفرق البرلمانية في مجلس النواب – خلال مناقشة تقرير لجنة مراقبة المالية العامة – بإصلاح مؤسسة التعاون الوطني وانخراطها في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، عبر الرعاية والتكفل بالمواطنين الذين في وضعية هشاشة، وتسوية الاختلالات المتعلقة بالحكامة المالية والإدارية، منوهة بالعمل الذي يقوم به المجلس الأعلى للحسابات لإعداد التقرير الموضوعاتي حول مراقبة وتسيير المؤسسة (2012-2018)، بالرغم من غياب نظام معلوماتي يوفر معطيات منسجمة إلى جانب ضعف الأرشيف.

في هذا الإطار، اعتبر حميد الدراق، عضو الفريق الاشتراكي، أن مؤسسة التعاون الوطني شهدت تجاوزات بالجملة، ترتب عنها هضم حقوق الموظفين والمستخدمين المكفولة دستوريا، مثل الترقية والالتحاق بالزوج والترسيم، وإلغاء الحركة الانتقالية الخاصة بالمسؤولين الإقليميين والجهويين، مضيفا أن هذه الأوضاع أثرت سلبا على انخراط الموارد البشرية في التوجه الجديد للمؤسسة، ونشر الإحباط واليأس في صفوف المستفيدين والمسيرين، كما أن ذلك كرس فشل تنزيل عدد من البرامج الاجتماعية التي تبنتها الوزارة الوصية بشراكة مع مؤسسة التعاون الوطني.

وطالب نفس المصدر، الحكومة، بوضع برنامج يهدف إلى محاربة الفقر والهشاشة ابتداء من مستخدمي مؤسسة التعاون الوطني، ورفع أجورهم التي تقل عن الحد الأدنى للأجور، وغياب التغطية الصحية والتأمين عن الشغل والمبالغة في ساعات العمل وغياب شروط العيش الكريم، داعيا الوزارة إلى العمل على جعل الدعم المخصص للمراكز من طرف القطاعات العمومية والمجالس الجماعية بعيدا عن الحسابات الحزبية والسياسوية الضيقة احتراما للأهداف والوعود الواردة في برامج الحكومة.

وأضاف حميد الدراق، أن تدبير الموارد البشرية داخل مؤسسة التعاون الوطني عرف تجاوزات بالجملة، ترتب عنها هضم الحقوق المكفولة دستوريا، كالترقية والالتحاق بالزوج والترسيم، وإلغاء الحركة الانتقالية الخاصة بالمسؤولين الإقليميين والجهويين، مشددا على ضرورة تصحيح وضع المؤسسة لتصبح الفاعل الأول في المساعدة الاجتماعية، وذلك بتطوير وتحيين التكفل ومواكبة الفئات المستهدفة وتشجيع التمدرس، الذي يعاني من ضعف التأطير لدى الجمعيات المعنية.

من جهته، أكد إبراهيم اجنين، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن الملاحظات التي سجلها المجلس الأعلى للحسابات حول حكامة مؤسسة التعاون الوطني وتدبيرها، تستدعي التسريع بتعديل النظام الأساسي للمستخدمين وملاءمة النظام الأساسي للمؤسسة مع توجهاتها الاستراتيجية، داعيا إلى تفويت بعض المهام للجهات المعنية بها، من أبرزها: التعليم الأولي، محو الأمية، التكوين المهني، ودور الطالبة والطالب.. حتى تتفرغ المؤسسة للاختصاصات المنوطة بها، وشدد على ضرورة تقوية تدخلات المؤسسة لمواجهة بعض الظواهر الاجتماعية التي يعرفها المجتمع المغربي بحدة، كظاهرة المختلين عقليا والمرضى النفسيين، والمتسولين وأطفال الشوارع، مشيرا إلى الملاحظة التي أثارها المجلس الأعلى للحسابات والتي تهم الطاقة الاستيعابية المحدودة لمستشفيات الأمراض العقلية، خاصة وأن الاستشفاء يتطلب مدة طويلة، ونتيجة لذلك، يتم إلزام مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالاحتفاظ بهؤلاء المرضى مع أنها ليست مرخصة لمثل هذه الحالات.

وطالب نفس المتحدث، بالعمل على استكمال تنزيل مخطط تنمية مؤسسة التعاون الوطني الذي يهدف إلى تمكين المؤسسة، في إطار تموقعها الجديد كفاعل وطني في ميدان المساعدة الاجتماعية، من الآليات والمساطر والمؤهلات ووسائل العمل التي تمكن من بلوغ النجاعة والفعالية في تدخلاتها في مجال المساعدة الاجتماعية.

بدورها، تطرقت البرلمانية نبيلة منيب، إلى الريع الذي تعرفه مؤسسة التعاون الوطني، من خلال استغلال “الكارطيات” في المجال السياسي والانتخابوي على مستوى الأقاليم الجنوبية، مطالبة بإعادة تأسيس مؤسسة التعاون الوطني من أجل ضمان لعب دورها في بناء الدولة الاجتماعية، قائلة: “بالفعل هناك محاولات إفساد، ليس للساكنة الصحراوية فقط، بل لساكنة جهات أخرى، بأغراض سياسية وانتخابوية، وهناك غياب التتبع والمراقبة لعمل مؤسسة التعاون الوطني، وهدر المال العام، والاستغلال السياسي والانتخابي وضعف الكفاءات وغياب الشفافية والرقمنة وانعدام الشجاعة والقدرة على إحداث قطائع”، فنحن “في حاجة إلى نظرة استباقية لوضع لتسيير بدائي ومتخلف لمؤسسة مهمتها رعاية الفئات الأكثر هشاشة، والتي تحتاج لخدمات وللإدماج لصون كرامتها بمعية أسرها”، تضيف منيب موضحة أن “وضعية مؤسسة التعاون الوطني تطرح سؤال التقائية برامج وخدمات التعاون الوطني وبرامج القطاعات الحكومية والفاعلين الترابيين، والتي لا أثر لها، حيث الفوارق تتسع إلى جانب دائرة الفقر والأطفال في وضعية إعاقة والمتخلى عنهم والمرضى العقليون وغيرهم”.

وتابعت منيب عرضها بأن “المؤسسة تعرف المالية السائبة وضعف الكفاءات وغياب الشفافية ورقمنة السجلات، ما يعني محو أثار الجريمة”، مشيرة إلى “تقلص دور مؤسسة التعاون الوطني في محاربة الأمية، بالإضافة إلى التفويت التلقائي لصلاحيات لمنح المساعدات للجمعيات لفائدة مدير التعاون الوطني”.

وأشارت النائبة عن حزب الاشتراكي الموحد، إلى أن “مؤسسة التعاون الوطني تعاني من مشكل غياب التتبع والمراقبة، وهدر المال العام، والاستغلال السياسي والانتخابي، وضعف الكفاءات وغياب الشفافية والرقمنة، وغياب الشجاعة والقدرة على إحداث قطائع”، مشددة على “ضرورة صياغة نظرة استباقية لوضع حد لتسيير بدائي متخلف لمؤسسة مهمتها رعاية الفئات الأكثر هشاشة، والتي تحتاج لخدمات وللإدماج من أجل صون كرامتها”.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى