
الرباط. الأسبوع
حتى وهم في عطلة عن الحضور للجلسات، فإن حساباتهم البنكية تتزود من الخزينة العامة بتعويضاتهم الشهرية، وهم 9 في الغرفتين، يتقاضون ما يتقاضاه أطباء بعد دراسة جامعية مضنية تمتد إلى حوالي 7 سنوات ليكون الراتب لكل واحد حوالي المليون سنتيم وعليه واجب إنقاذ المرضى من الموت والآلام، مع تحمله ما لم توفره له وزارته للقيام بمهامه، وهؤلاء الـ 9 نواب لهم أجورهم ورواتبهم كل في مهامه: التجارية أو الفلاحية أو المحاماة والهندسة، وغيرها، ثم يعوضون على مهامهم البرلمانية بمبلغ قيمته 4 مرات أجر الطبيب الموظف دون الامتيازات، والمضحك هو مناقشة البرلمان لأسباب هجرة الأطباء من الوطن دون اكتشاف المبرر، وتلاحظون، فقد ربطنا تعويض النواب بالصفة التي يحملونها وليس بتفعيلها بالحضور والمردودية، والتواصل مع دوائرهم، ولنا في العاصمة السياسية “يا حسرة” مجموعة نيابية يقال عنها “غبرت يوم انتخبت” حتى أننا نسينا أسماءهم.
نوابنا الذين فضلوا أن يتمتعوا بتعويض بدلا من أجر، فلهم في ذلك مآرب، أولها أن التعويض لا يخضع للضرائب، وثانيها لا يمنع من الاستفادة من تعويضات أخرى، وثالثها لا يلزم بالقيام بالمهام المنوطة به، وهذا ما تعاني منه العاصمة مع بعض نوابها الذين يتقاضون الملايين شهريا طيلة السنة، حضروا أم لم يحضروا في أشغال تهم المواطنين ومؤدى عنها من ضرائبهم.
ونحن في بداية سنة جديدة، ماذا حققوا للعاصمة السياسية في السنة الماضية؟ وأمام مقر البرلمان عشرات الوقفات الاحتجاجية والاستنكارية التي يعبر خلالها المتضررون عن تظلمهم من تعسفات أو حيف أو نسيان إنصاف أو تنفيذ ما يطلبه المواطنون، فهذه الوقفات في دوائر برلمانيينا ممثلي الرباط، ومفروض عليهم تبليغ مواضيعها والدفاع عن تسويتها واستقبال ومحاورة المحتجين بطريقة ديمقراطية، بينما من منازلهم ومحلات مهنهم يشكو مئات الآلاف من الرباطيين غلاء تسعيرة الدراسة في المؤسسات التعليمية الخاصة التي استفردت بالآباء والأمهات والأولياء لتفرض عليهم ديكتاتورية أثمنتها دون شفقة ولا رحمة، ولم يتدخل نوابنا لتشريع نص يسمح بدعم واجبات التمدرس الخاص ما دامت الحكومة عاجزة عن تلبية حاجيات المتمدرسين، وفي العاصمة “يا حسرة” عشرات المؤسسات التعليمية الحكومية أوصدت أبوابها منذ سنتين ولم تثر انتباه البرلمان ليتدارس ويأمر بإعادة فتحها لاستئناف مهامها، ثم يبحث عن الرابط الذي يربط بين الإقفال وانتشار التعليم الخصوصي، ويجتهد في البحث للوقوف عند أسباب تردي التعليم العمومي المؤطر من خريجي أحسن الأطر المحصنة بالإجازات ودبلومات التكوين.
فهذا ملف بسيط معروض لأكثر من 20 سنة هنا في العاصمة، ونوابنا عنه غافلون وبأجورهم متمسكون بدون إسماع صوت الرباطيين المنددين بالغلاء الفاحش لتعليم حر ولمؤامرة تبخيس التعليم العمومي.