جهات

الرباط | بين التأمين التضامني الإجباري والتأمين التعاضدي

الرباط. الأسبوع

    في زمن الخدمات الذكية والبطاقات التعريفية والبنكية الإلكترونية وغيرها، تستمر التعاضديات المكلفة بتأمين صحة الموظفين الخاضعين لنظام الوظيفة العمومية ومتقاعديها، وفية لتسليم منخرطيها بطاقة هي مجرد “كارطون” عادي بمثابة إشهاد على عضويتهم في أسلاكها، في حين أنها تأمين تؤمن به وتعاضد وتؤازر المنتسبين إليها، وبالطبع مقابل اقتطاعات شهرية من أجورهم حسب درجاتهم التي تفوق في أغلبها قيمة تعاقد المؤمنين الخواص من طرف زبنائهم.

واليوم، وقد شرع في تطبيق التأمين الإجباري التضامني على المعوزين والعاطلين الذين منحت لهم حرية العلاج، في المستشفيات العمومية وأطبائها، أو في المصحات والعيادات الخصوصية على أن يعوضوا لاحقا بنسبة حوالي 70 % من نفقاتهم، هذا في القطاع التضامني للضمان الاجتماعي، أما في التعاضديات التي أنشئت لتعاضد منخرطيها، فإنها اكتفت بـ”تأمين” طريق ملفات المرضى إلى الصندوق ونسبة التعويض قد تتساوى مع الممنوح في التأمين التضامني الإجباري، وهذه المساواة بين التأمين الإجباري “المدعم” والتأمين التعاضدي المكلف، تبحث لها عن مبرر، كيف ارتقى الأول عن الثاني؟ ولماذا ظل هذا الثاني جامدا يتعثر في مطبات نظام تأميني جد هش، وبصراحة جد بدائي تغلب عليه العشوائية واحتقار ذكاء المنخرطين بإرغامهم على سلوك مساطر متجاوزة حتى في نظام الدول التي لا زالت في ركب التخلف، مثل نظام استرداد مصاريف الأدوية الذي يفرض تقديم الوصفة الطبية ومعها منشورات الأدوية وما يثبت أثمنتها بسحبها من علبتها وإلصاقها بالملحقات المصاحبة، مما يتطلب عملا فنيا في التقطيع ومهارة في استخدام المقص وذكاء زائد لوضعها في المكان المناسب على تلك الوصفة، ثم التفرغ الكلي لتحرير ورقة طلب الاسترداد التي لا تشبهها أي ورقة مماثلة في ملء الخانات بالأرقام وتكرار المعلومات الموجودة في ملفات الاشتراك.

فكل منخرط هو شريك في التعاضديات وليس مجرد “زبون”، لأن أنظمتها التأسيسية تصنفها في خانة الجمعيات التي يسيرها منتخبون من المنخرطين، ويتابع أنشطتها مندوبون محليون متمركزون في مختلف الأقسام الوزارية والجماعية، وعليهم مسؤولية التمثيل والدفاع عن حقوق المتعاضدين، وأيضا تبليغ شكاياتهم وتساؤلاتهم، ومن هذه التساؤلات: ما هو الفارق الذي يميز اليوم التأمين التعاضدي المفروض على الموظفين أمام تنافسية التأمين الإجباري المدعم لفائدة بعض الموظفين؟ ثم ما موقفهم من الإجراءات “البالية” المستندة على نظام تآكل وصار من الماضي منذ عقود في مرجعية التعويضات “البخيلة”، وليس في غياب المعاملات الذكية والتغطية الصحية الفعلية مع المساعدة الاجتماعية، ولكن في الدور التعاضدي الصحيح الممكن للمشتركين الاستفادة منه.

وهنا نطرح السؤال على النقابات الممثلة للشغيلة في الإدارات: هل تعاضديات موظفي بلدان ما وراء البحار لازالت مسجونة في أسوار خدمات القرن الماضي، أم طورتها منذ عقود، ومكنت متعاضديها من بطاقات إلكترونية تفتح كل أبواب الاستشفاء والنقاهة والمساعدة الاجتماعية؟ ولماذا لم يطالب بذلك مندوبو موظفي العاصمة لإنقاذ المواطنين من هذه “الحكرة” ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى