تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | تنسيقيات الأساتذة تطالب بنظام جديد للترقيات

يعرف قطاع التربية والتعليم احتقانا كبيرا وسط الآلاف من الأطر التربوية، بسبب رفض وزارة التربية الوطنية، التي يوجد على رأسها شكيب بنموسى، تسوية الوضعية المهنية للعديد منهم، لاسيما فيما يتعلق بالترقيات المجمدة منذ سنوات، والتي تحرم أساتذة السلك الابتدائي والإعدادي من الاستفادة مثل أطر التعليم الثانوي.

الرباط. الأسبوع

    تدعو تنسيقيات الأساتذة المطالبين بالترقيات، إلى الإسراع في تسوية هذا الملف الذي لم يجد طريقه إلى التسوية منذ سنة 2011، ولا زال عالقا بسبب عدم تجاوب الوزارة الوصية – منذ عهد حكومة عباس الفاسي – مع هذا المطلب الذي ينص على تمكين فئة عريضة من أساتذة التعليم من الترقية إلى الدرجة الممتازة، وترقية أساتذة السلم 10 إلى السلم 11، إلى جانب الأساتذة حاملي الشواهد العليا والدكتوراه المقصيين من الترقية.

وقررت التنسيقيات الأربع التصعيد مع وزارة التربية الوطنية، بسبب عدم التزامها بحل الملفات العالقة حتى الاستجابة لمطالبها، وذلك عبر مقاطعة تسليم أوراق الفروض للإدارة، وتسليم النقط، وذلك موازاة مع الاستمرار في مقاطعة “منظومة مسار والمهام المواكبة والأستاذ الرئيس والأستاذ المصاحب والتكوينات المتعلقة بهما”.

نظام قديم منذ سنة 2003

    يقول رشيد البكوري، عضو تنسيقية المقصيين من خارج السلم، أن مشكل هذه الفئة من الأطر التعليمية قائم منذ صدور النظام الأساسي سنة 2003، الذي حرم ومنع أساتذة التعليم الإبتدائي والملحقين التربويين في الإدارة من حقوقهم في الترقية الممتازة، والتي كانت تسمى سابقا “خارج السلم” (يعني أساتذة الابتدائي والإعدادي والملحقين التربويين)، المحكوم عليهم بمقتضى هذا النظام الأساسي بعدم الحصول على الترقية وعدم تجاوز السلم 11 أو الدرجة الأولى، حيث أن الأساتذة محكوم عليهم أن يظلوا طيلة مسارهم المهني محبوسين ومحتجزين في “الزنزانة 11” دون تحسين أوضاعهم، رغم أن هناك من بينهم من قضى 22 سنة في هذا السلم، وهناك من تبقت له عاما فقط على التقاعد.

وأضاف أن سلم الأجور في قطاع التعليم في الماضي كانت محفزة ومشجعة، لكنها اليوم أصبحت متدنية ومتذيلة مقارنة مع القطاعات الأخرى، وفي منظومة الأجور العمومية، مما يؤكد الحيف والإقصاء المفروض على الأساتذة والأطر التربوية رغم وجود اتفاق أبريل، الذي ينص على ضرورة إنصاف هذه الفئة، وتحقيق ترقية استثنائية جماعية من خارج السلم للدرجة الممتازة بأثر رجعي ومادي وفق الشروط المعمول بها حاليا، مبرزا أن مسؤولي الحكومة والوزارة الوصية يعلمون أن هناك حيفا كبيرا وقع في حق الأطر التعليمية، وهناك مجموعة من مدراء ورؤساء المصالح والأقسام في وزارة التربية الوطنية يقرون بهذا الحق العادل والمشروع الذي يطالب به أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والملحقون التربويون، إذ لا يمكن الحديث عن الإصلاح وخارطة طريق للتعليم دون العمل على تحسين أوضاع رجال ونساء التعليم وإصلاح المؤسسات التعليمية عبر توفير شروط مستقطبة ومشجعة.

 

تهرب من اتفاق أبريل

    وقال نفس المصدر: “إذا كانت الوزارة الوصية لديها مجموعة من مشاريع للإصلاح، يجب عليها أولا تحفيز رجال ونساء التعليم داخل القسم، وذلك عبر تحسين الأوضاع المهنية وتسوية الترقيات المجمدة منذ اتفاق 26 أبريل 2011، والذي ينص على الدرجة الجديدة خارج السلم، والتي فعلتها مجموعة من الوزارات باستثناء وزارة التربية والتعليم، التي لم تنضبط للقرار الصادر عن رئيس الحكومة، لذلك، لازلنا نعاني الأمرين منذ 11 سنة”، مشيرا إلى أن الحل واضح ويكمن في فتح باب الترقية للدرجة الممتازة من خارج السلم في وجه الأساتذة الذين يستوفون الشروط المعمول بها، وتابع: “لهذا دعت التنسيقية الوطنية لموظفي الوزارة المقصيين من خارج السلم، إلى مقاطعة كل الأنشطة التربوية ونظام مسار وكل اللقاءات والتكوينات، بالإضافة إلى مقاطعة المجلس التعليمي والتدبيري والتربوي، وزيارة المفتشين، حيث لدينا شق نضالي وتربوي إذا لم تستجب الوزارة لمطلب قديم منذ اتفاق أبريل 2011، وهي مطالب تعطينا حقنا، فلا يعقل أن يبقى الأستاذ 20 سنة بدون ترقية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات.. هذا الوضع جعلنا نعيش معاناة مع الحياة اليومية، لهذا نطالب بأجرة محترمة تضمن الحياة الكريمة وتساعد الأطر على أداء مهامها، وفي حال رفضت الوزارة، فهي تتحمل مسؤولية فشل الإصلاح والاحتقان الكبير وسط الأسرة التعليمية”.

استثناء التعليم من الترقيات

    يقول المنسق الإعلامي لتنسيقية القنيطرة، أن الإقصاء الذي يتعرض له أساتذة التعليم الإعدادي والابتدائي من الترقية ممنهج، لأن عددهم كبير عكس أساتذة التعليم الثانوي وجميع قطاعات الوظيفة العمومية الأخرى، معتبرا أن هذا الإقصاء غير معقول، لأنه يضرب حقوق فئة عريضة من رجال ونساء التعليم، الشيء الذي دفعهم إلى الاحتجاج من أجل الدفاع عن مطالبهم، وأضاف: “من المؤسف أن تتم الاستجابة لجميع القطاعات الوظيفية إلا الأستاذ، لدرجة أن مستحقاتنا في الترقية لم نتوصل بها، فهي موقوفة التنفيذ، وهذا ضرب خطير لحقوق الأساتذة ولأهم قطاع في البلد، وهو القطاع الذي يبني جميع القطاعات الأخرى، فلا نعلم لماذا هذا التمييز وكل هذه الإجراءات التحقيرية للأستاذ في بلدنا، نتمنى من العقلاء في بلدنا أن يأخذوا هذا الأمر على محمل الجد، وأن يسرعوا في إخراج النظام الأساسي الجديد المنصف لجميع الفئات التعليمية، حتى لا يحدث هذا النزيف الذي نراه في كل القطاعات، فنحن في آخر الرتب العالمية، وهذا دليل على المشاكل التي يعاني منها القطاع”، وتابع: “نحن كأساتذة للتعليم نحتج على إقصائنا من الترقية خارج السلم، لا لشيء إلا لأن عددنا كبير ولا نستحق هذه الترقية، لهذا ندين بشدة هذا الإقصاء غير المشروع واللامعقول، وسوف نناضل بكل قوانا ونحتج للمطالبة بتسوية حقوقنا، وسنتخذ إجراءات للدفاع عن مطالبنا، عبر الامتناع عن إعطاء النقط للإدارة، وإيقاف جميع العمليات التربوية في المؤسسات التعليمية”.

ويقول أحد أعضاء التنسيقية، أن هناك الآلاف من الأساتذة المقصيين من الترقية (تنسيقية المقصيين من خارج السلم، والزنزانة عشرة، وضحايا النظامين)، بحيث وهناك أساتذة السلكين الابتدائي والإعدادي والملحقين التربويين وملحقي الإدارة والاقتصاد، يعانون من التهميش، بسبب النظام الأساسي الحالي الذي صدر سنة 2003 والمطبق عليهم لحد الآن، والذي يحرمهم من الترقية من خارج السلم، أي الانتقال للدرجة الممتازة، مضيفا أنه بموجب اتفاق 26 أبريل 2011، في عهد حكومة عباس الفاسي في الربيع العربي، تم الاتفاق على أساس تسوية وضعية هذه الفئة من رجال ونساء التعليم، مثل حالات أساتذة الابتدائي والإعدادي الذين  توقف مسارهم المهني في السلم 11، وسوف يتمكنوا من الولوج إلى الدرجة الممتازة، إلا أن الاتفاق لم يفعل لحد الآن وظل حبرا على ورق.

وأوضح نفس المصدر، أن “التنسيقية تأسست في سنة 2018 ومطالبها واضحة: تحقيق الترقية المستوفية للشروط المعمول بها حاليا، مثل أساتذة الثانوي وبنفس الشروط، وبأثر رجعي ومالي وإداري منذ سنة 2011، فليس مقبولا أن يظل هؤلاء الأساتذة محرومون من حقوقهم مثل باقي موظفي القطاعات الحكومية الأخرى دون أن يحصلوا على الحق في الترقية، طبقا للكفاءة والأقدمية وسنوات الخدمة الطويلة”.

الترقية حق مشروع

    وجه محمد، عضو فعال بالتنسيقية الوطنية لأساتذة “الزنزانة عشرة” (خريجو سلم 9)، رسالة إلى وزير التربية الوطنية ورئيس الحكومة قال فيها: “لن نتنازل عن حقوقنا المشروعة بموجب الدستور والقانون، نحن هنا نطالب برفع الظلم والحيف الواقع علينا منذ سنوات، ونطالب بإقرار خارج السلم للمقصيين بأثر رجعي ومالي وإداري، ونطالب بترقية استثنائية من خلال مرسوم وزاري لأساتذة الزنزانة عشرة بأثر رجعي”، وأضاف: “جميع تنسيقيات الأساتذة لها مطلب واحد: تسوية وضعية الأساتذة المهنية والمالية والوظيفية، والوصول إلى الحقوق المشروعة لهذه الفئة من الأطر التعليمية التي تناضل داخل المدرسة من أجل تعليم في المستوى لأبناء الشعب، والنهوض بالمدرسة العمومية”، محذرا الوزارة الوصية من التماطل، لأن الأطر التعليمية سوف تتمسك بحقوقها المشروعة وفق الدستور والقانون مهما كلفهم ذلك من ثمن.

وأكد ذات المصدر، أن التنسيقيات اتفقت على مقاطعة برنامج “مسار” وكل الأنشطة في الحياة المدرسية، إلى غاية الاستجابة للمطالب التي طال انتظارها منذ سنة 2011.

وقال أحد الأساتذة المحتجين: “بالنسبة لموضوع الترقية خارج السلم، فهو مطلب قديم منذ سنة 2012، حيث بدأ الحديث عن تحقيق ذلك في عهد الوزير محمد الوفا، لكن هناك من روج لمقترح درجة جديدة لفائدة أساتذة الإعدادي والابتدائي، ولكن الآن عدة قطاعات أخرى تستفيد من الترقيات والتعويضات إلا نساء ورجال التعليم لازالوا يطرحون هذا الملف والمطالب بتنسيق مع النقابات والبرلمانيين، والحكومة، ويقال أن هناك حديثا عن حل هذا المشكل بداية من سنة 2024، لكن ما هو هذا الحل؟ وكيف سيكون، هل على حساب مستقبل تقاعد الأساتذة؟ وهذا أمر خطير مرفوض، لأن دفع الأستاذ للتراجع عن نسبة من التقاعد سيكون له أثر وخيم على مستقبله”.

وأوضح المتحدث، أن هناك العديد من أطر التعليم متضررة بسبب نظام 2003، منهم ضحايا “الزنزانة 10″، وأساتذة التعاقد، وحاملو الماستر والدكتوراه في التعليم الابتدائي، بالإضافة إلى ملفات شائكة في المدرسة العمومية والتي تتطلب التجديد، لاسيما في ظل عصر العولمة والتكنولوجيا، وتأخر المدرسة العمومية.

وأكد ذات المصدر، أن وضعية الأستاذ صعبة للغاية، خصوصا بعد نهاية جائحة “كورونا”، وفي ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية، ومعاناة الطبقة المتوسطة مع غلاء الأسعار، معتبرا أن الأطر التعليمية والتربوية في حاجة إلى الزيادة في الأجور والترقية، قصد مواجهة مختلف التحديات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى