تحقيقات أسبوعية

خاص | خبايا أول إحصاء للفقراء في المغرب

لا حديث في صفوف المغاربة خلال الأيام الحالية إلا عن أهداف برنامج السجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي الموحد، والتي يجهلها الكثير من المواطنين بسبب الشائعات الرائجة والمعلومات المغلوطة حول تخصيص دعم مباشر لبعض الفئات من المجتمع بعد التسجيل في هذا النظام المعلوماتي.

الرباط. الأسبوع

    تجمع السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد علاقة معلوماتية وإدارية مهمة، لأنهما يوفران المعطيات الأساسية التي من المفترض أن تحدد الفئات الاجتماعية المستهدفة والمؤهلة للحصول على برامج الدعم الاجتماعي، والبرامج الموازية، كما يهدف هذا البرنامج الجديد إلى حل معضلة وإشكالية البرامج الاجتماعية الحالية، التي تتطلب ميزانية مهمة ومصاريف كثيرة قصد تحديد الفئات المحتاجة، لكن في غياب معلومات دقيقة حول المستفيدين.

تتمة المقال بعد الإعلان

وستكون الوكالة الوطنية للسجلات هي المسؤولة عن تدبير السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وتتولى مهمة ضمانة حماية المعطيات الرقمية للسجلات، وسلامة المنظومة المعلوماتية للمسجلين، كما ستقوم بمنح المعرف الرقمي الاجتماعي للأشخاص المقيدين بالسجل الوطني للسكان، وستقوم بالدقيق والتحقق من صدقية المعطيات المصرح بها في السجلين من قبل الأفراد والأسر.

السجل الوطني للسكان

    يعتبر السجل الوطني للسكان المرحلة الأولى من هذا المشروع الاجتماعي الكبير، لكونه نظام معلوماتي أساسي لتسجيل المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين في المغرب، ويعطي لكل شخص رقما خاصا به يسمى المعرف الرقمي المدني الاجتماعي.

تتمة المقال بعد الإعلان

وقد أوضح مصدر من وزارة الداخلية، أن السجل الوطني للسكان هو عبارة عن منظومة تستهدف المستفيدين من الدعم الاجتماعي، اشتغلت عليها الوزارة منذ سنة 2018 في إطار الورش الكبير المتعلق بإصلاح منظومة الدعم الاجتماعي والحماية الاجتماعية، حيث أن برامج الدعم الاجتماعي انطلقت منذ عهد الاستقلال، وظهرت الكثير من البرامج حتى بلغت لأكثر من 120 برنامج دعم اجتماعي والتي تستهدف فئة معينة ولا تستفيد منها فئة أخرى، بسبب غياب معايير موضوعية لتحديد استفادة الأسر المغربية حسب الوضعية الاجتماعية لأفرادها، لهذا جاء هذا الإصلاح من أجل وضع أسس صحيحة ومنظومة معلوماتية دقيقة تسمح بتحديد المستفيدين الذين يستحقون التسجيل في برامج الدعم الاجتماعي، انطلاقا من نظامين معلوماتيين، هما السجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي الموحد، تشرف عليهما الوكالة الوطنية للسجلات.

ويضيف المصدر، أن المرحلة التجريبية بدأت في جهة الرباط سلا القنيطرة في شهر دجنبر 2021، قبل تعميم عملية التسجيل في السجل الوطني للسكان على مستوى خمس جهات في أكتوبر الماضي، هي جهة الرباط سلا القنيطرة، وطنجة تطوان الحسيمة، وفاس مكناس، وبني ملال خنيفرة، والدار البيضاء سطات، إذ سيتم تعميم العملية في آخر السنة الجارية على جميع الجهات الأخرى، قصد تسجيل عشرة ملايين من المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين خلال سنة 2023، ضمن السجل الاجتماعي والسجل الوطني للسكان، مبرزا أن عملية التسجيل في السجل الوطني للسكان خدمة ستظل مستمرة ودائمة، لأن هناك مواليد جدد وأسر جديدة تتكون في المجتمع المغربي، وستكون أرضية توفر قاعدة بيانات ومعطيات تقنية خاصة بالأسر، بالنسبة لبرامج الدعم التي ستأتي من بعد، والتي ستعتمد بالأساس على السجل الاجتماعي الموحد.

المعرف الرقمي

تتمة المقال بعد الإعلان

    يعتبر السجل الوطني للسكان نظاما معلوماتيا يسمح بتسجيل الأشخاص، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، كبارا أو صغارا، إذ يحصل كل شخص على معرف رقمي، ويجب أن يكون لدى جميع أفراد الأسرة حتى المواليد والرضع والصغار، وذلك من أجل الحصول على قاعدة بيانات تضم جميع فئات وشرائح المجتمع.

ويقول مصدر وزارة الداخلية، أن التسجيل في السجل الوطني للسكان لا علاقة له بأي دعم اجتماعي، وبعيد كل البعد عن هذه البرامج ذات الطبيعة الاجتماعية، بل هو فقط نظام معلوماتي يتضمن معلومات عادية حول كل مواطن (الاسم العائلي، والعنوان وتاريخ الازدياد، ورقم الهاتف، وبصمات قزحية العين، وصورة الوجه)، يمكن كل شخص قام بإدخال معلوماته الشخصية من الحصول على “معرف رقمي” مكون من عشرة أرقام سيظل معه طيلة حياته، والذي سيتم استخدامه في جميع المساطر المتعلقة ببرامج الدعم الاجتماعي، مشيرا إلى أن هناك ثلاثة أهداف لمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي: الهدف الأول، تحديد الأسر التي تستحق الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي بناء على معطيات اجتماعية واقتصادية دقيقة، والهدف الثاني، تبسيط المساطر المتعلقة بالولوج لبرامج الدعم، لأن هذه المنظومة تتضمن أنظمة معلوماتية جد متطورة توفر معطيات سريعة دون الحاجة إلى الوثائق الثبوتية والإدارية، وتسمح للأسر بالتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، أما الهدف الثالث، فهو تجويد فعالية برامج الدعم الاجتماعي، لكي يظهر أثر هذا الدعم بشكل إيجابي على المستوى المعيشي للمواطن ويضمن لهم العيش الكريم، واستهداف الناس المحتاجين فقط، لاسيما وأن الدولة تستثمر أموالا كثيرة في برنامج الدعم الاجتماعي.

 

تتمة المقال بعد الإعلان

الأسر والسجل الموحد

    قال نفس المتحدث، أن السجل الاجتماعي الموحد هو أيضا نظام معلوماتي، لكنه مختلف عن السجل الوطني للسكان، لكونه نظاما يتعلق بالأسر التي يجب أن تصرح بجميع معلوماتها ضمن هذا البرنامج، عدد أفراد الأسرة، ومبلغ  استهلاك الكهرباء والماء، والممتلكات، وبناء على هذه المعطيات يتم تصنيف الأسر حسب مؤشر اجتماعي واقتصادي معين، وهو معيار يكشف المستوى المعيشي للأسرة والذي يتم الاعتماد عليه من قبل برامج الدعم الاجتماعي لانتقاء الأسر التي تستحق الاستفادة من البرنامج أو التي لا تستحق، كمثال هناك برنامج سوف يستهدف فئة صغيرة ذات مؤشر صغير، وهناك برنامج يستهدف شريحة كبيرة.

وحسب ذات المصدر، فإن الأسرة التي تريد الاستفادة من برنامج الدعم الاجتماعي في المرحلة الأولى، يجب أن يكون جميع أفرادها مسجلين في السجل الوطني للسكان ويتوفرون جميعا على المعرف الرقمي، كبارا وصغارا، بعد الذهاب إلى جميع الملحقات الإدارية لتسجيل جميع أفراد الأسرة، ثم تأتي مرحلة التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، والذي يمكن التسجيل فيه عبر الأنترنيت دون الذهاب إلى الإدارة، من خلال الدخول للموقع الرسمي وإدخال “المعرف الرقمي”، ثم التصريح بالمعلومات (عدد غرف البيت، فاتورة الكهرباء والماء، تمدرس الأطفال في التعليم العمومي أو الخصوصي…) دون الحاجة إلى جمع وثائق إدارية أو الإدلاء بها، وبعد الانتهاء من عملية التسجيل، تصبح الأسرة مدرجة في السجل الاجتماعي الموحد.

تتمة المقال بعد الإعلان

وأكد المصدر نفسه، أن المنظومة المعلوماتية تقوم بعد تسجيل الأسر في السجل الاجتماعي الموحد، بالتدقيق والتحقق من جميع المعطيات المصرح بها، وذلك من خلال ارتباط النظام المعلوماتي مع مؤسسات أخرى لديها معطيات عن الأسرة وعن أفرادها، مثل شركة الماء والكهرباء، ومصلحة تسجيل السيارات، ومؤسسات التأمين الصحي، وإدارات أخرى، قبل منح الأسرة الحق في التسجيل ضمن برامج الدعم الاجتماعي، موضحا أن منظومة السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، ليست برامج للدعم، بل هي منظومة تقنية فقط تستعملها برامج الدعم الاجتماعي وتعطي قاعدة بيانات عن الأفراد والأسر.

 

مؤشر اجتماعي للأسر

    تحصل الأسر التي تقوم بالتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، على “مؤشر اجتماعي واقتصادي”، مثلا هناك أسر يكون عندها المؤشر هو 9.01، وأسرة أخرى 9.25، بهذا الشكل سيكون استهداف وتوزيع الأسر وفق هذا المؤشر، أما بالنسبة لبرامج الدعم الاجتماعي، فكل برنامج سيحدد عتبة لكل أسرة، وكل برنامج يتضمن عتبة محددة، مثلا الناس الذين لهم مؤشر أقل من 9.45 ستكون لهم الأهلية للاستفادة من برنامج الدعم، بينما الأسر التي لديها أكثر من هذا المؤشر لن يكون بإمكانها الحصول على الاستفادة.

وقد تم اعتماد هذا المؤشر بناء على إحصائيات قامت بها المندوبية السامية للتخطيط، والتي اشتغلت عليه منذ سنوات، حيث قامت في سنة 2019 بإجراء تحقيق حول 16 ألف أسرة، وبناء عليه، تم تحديد المتغيرات التي تعيشها الأسر المغربية من خلال مقارنة المصاريف المتعلقة بالماء والكهرباء والنفقات الموازية، قبل الوصول إلى المؤشر الاجتماعي والاقتصادي للأسر.

حماية المعطيات الشخصية

    أفاد مصدر وزارة الداخلية، أن من بين الأسس التي بنيت عليها هذه المنظومة المعلوماتية، هي حماية المعطيات الشخصية للمواطنين، لأنها منظومة مستمرة وستظل لسنوات وتتضمن مشروعا وطنيا كبيرا، وتأمين هذه المنظومة الرقمية له أهمية كبيرة، وقد تم تكليف فريق من المهندسين والأطر بالعمل عليها قبل تطوير المنظومة وخروجها للوجود، موضحا أن “هذه المنظومة تحمي المعلومات بناء على ثلاثة جوانب، أولها احترام القوانين والمعايير، وخاصة القانون 08.09، والنظام لديه ترخيص من اللجنة الوطنية لمراقبة وحماية المعطيات الشخصية، ثم احترام المعايير الدولية، إلى جانب أن القانون 72.18 المتعلق بهذه المنظومة، يتضمن أكثر 14 مادة تؤكد على احترام المعطيات ذات الطابع الشخصي.

وأوضح المصدر ذاته، أن أي معلومات في قاعدة المعطيات تكون مشفرة ومحمية وغير ظاهرة للعموم وحتى للموظفين، كما تسمح المنظومة للأشخاص المعنيين بمراقبة معلوماتهم الشخصية والاطلاع عليها، بحيث يمكن لأي شخص أن يرفض استغلال معطياته الشخصية أو معلوماته من أشخاص آخرين، وهناك خاصية تسمح لأي شخص بأن يعرف جميع المؤسسات التي طلبت معلوماته، مثلا مؤسسة تتعلق بدعم اجتماعي معين طلبت معطيات عن شخص تقدم بطلب لديها، بالإضافة إلى خاصية المعرف الرقمي، الذي يمكن تبديله بمعرف رقمي مؤقت، كما أن هناك مجموعة من الأشياء، من الجانب القانوني والتقني والوظيفي تحمي المعطيات الشخصية، يضيف المصدر.

موقع الطبقة المتوسطة

    ويؤكد المصدر أن السجل الوطني للسكان أو السجل الاجتماعي الموحد، غير مرتبط بفقير أو غني، وإنما هو أداة تقنية فقط تقدم معطيات ومؤشر اقتصادي واجتماعي للأسر، وليس سجلا خاصا بالهشاشة أو إحصاء للفقراء مثل ما يتم تداوله ونشره في مقالات صحفية ومواقع التواصل الاجتماعي، بل هو سجل متاح للجميع قصد استخدامه في أي برنامج دعم اجتماعي في المستقبل، مثلا يمكن أن يكون هناك برنامج لدعم اجتماعي يستهدف 80 في المائة من المغاربة سيعتمد في برنامجه على معلومات المواطنين المسجلة في السجل الاجتماعي الموحد.

كما أن السجل الاجتماعي يسمح لكل أسرة تغيرت وضعيتها الاجتماعية أو فقد رب الأسر عمله، يمكن تحيين المعطيات المسجلة في السجل للتصريح بالمعطيات الحديثة حسب ظروف الأسرة، حتى تستفيد من برامج الدعم، كما أن هناك عملية تلقائية يقوم بها النظام المعلوماتي للتأكد من مصاريف كل أسرة، هل لا زالت تؤدي نفس نفقات الماء والكهرباء مثلا قبل تعديل المؤشر الاجتماعي والاقتصادي الخاص بها، مبرزا أن أي قطاع سيشرف على برنامج اجتماعي، لا بد أن يتحقق من أهلية الأسر التي تستحق الدعم، عبر تحديد عتبة المستوى المعيشي، والمؤشر الاجتماعي أو مستوى النفقات اليومية، حيث سيكون المؤشر الاجتماعي لكل أسرة هو العتبة للاستفادة من البرنامج.

كما يعتبر السجل الاجتماعي ذا أهمية كبيرة بالنسبة لمشروع التغطية الصحية الاجتماعية، لكونه يوفر معلومات ويعد وسيلة لاستهداف الفئات التي تستحق، لأن تصريحات الأسر في السجل حول مستواها المعيشي والممتلكات والنفقات، تسمح بتصنيف هذه الأسر هل هي متوسطة أو فقيرة، ولاستفادة أي أسرة من التأمين الصحي الإجباري، يجب أن تتوفر على مؤشر اجتماعي خاص بها يكون في مستوى أو أقل من العتبة التي ستحددها وزارة الصحة في هذا البرنامج.

ومن تم، فإن منظومة السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، ذات أهمية كبيرة في تخطيط السياسة الاجتماعية للدولة، لأنها تعطي صورة إجمالية عن الساكنة والأسر المغربية والأجنبية، وتوفر قاعدة بيانات أساسية تسمح بالولوج لبرامج الدعم المستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى