تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | آسفي.. من أكبر طاجين في العالم إلى المزهرية العملاقة

مدينة آسفي حاضرة المحيط الضاربة في القدم، إلى جانب كونها مدينة السمك بدون منازع، فهي أيضا مدينة الخزف بامتياز، أُنشِئَت بربوة عالية على وادي الشّعبة، منبع الطين والخزف الذي اشتهرت به، كان الملك الراحل الحسن الثاني حريصا على الأكل من أطباقه، ومتاحف العالم وتجار التحف يتسابقون عليه.

بقلم: عبد الله النملي

    دخل الخزف الذي تشتهر به مدينة آسفي المتاحف وصالات العَرض في كُبريات عواصم العالم، وزينت به قصور ملوك وأمراء العرب.. هذه المدينة المُطلة على المحيط الأطلسي، عرفت في منذ أيام حَدثا فريدا واستثنائيا، بعد أن تم الكشف يوم الإثنين 17 أكتوبر 2022، عن مزهرية عملاقة للفخار، ذات الطلاء الزجاجي، هي الأكبر من نوعها في المغرب وإفريقيا، على ارتفاع خمسة أمتار وعرض مترين، استعملت فيها حوالي 4000 قطعة زليج من صنف “التبوع”، وهو نوع من الزخرفة الخزفية التي تشتهر بها عاصمة عبدة منذ قرون طويلة، وحوالي طن و700 كيلو من الخزف الصافي. وهي عبارة عن آنية مزهرية ضخمة أشبه بإبريق كبير مع الاختلاف الوحيد في عدم وجود مقبض، يعلوها غطاء عبارة عن جامور كتب عليه “آسفي، حضارة، ثقافة وفخار”، وقد بُنيت المزهرية من الإسمنت المسلح، وألبِسَت بالخزف. وتحتوي على زخارف مسفيوية وأندلسية وأمازيغية، شُيدت بأهم مدار يربط آسفي بمدينتي مراكش والدار البيضاء، قرب محكمة الاستئناف بملتقى شارعين رئيسيين: الحسن الثاني ومولاي يوسف، غير بعيد عن المتحف الوطني للخزف.

المزهرية العملاقة، هي من فكرة المبدع المسفيوي عبد العزيز المودن، حيث كتب على صفحته بـ”الفايسبوك”: “أحب أن أضيف حقيقة أخرى ومهمة، وهي أن مهندس هذه التحفة الفنية هو العبد الضعيف عبد العزيز المودن، فهو صاحب هذا الحلم الذي استمر ثلاث سنوات، وهو صاحب فكرتها وكل تفاصيلها، وهو مقترح طرق ووسيلة تحقيقها بهذا الحجم الكبير وبهذا الارتفاع الذي يتجاوز الستة أمتار، وقد ناقشت تفاصيل كل ذلك مع أطر من المكتب الشريف للفوسفاط ومع صديقي المعلم المنفذ أحمد لغريسي”، وقد أنجزت هذه المزهرية في مدة زمنية اقتربت من السنة، بتمويل كلي من المجمع الشريف للفوسفاط، بتكلفة مالية بلغت 800 ألف درهم، حيث أبهجت عاصمة عبدة، مدينة الفخار، واستقطبت زوارها من الذين تناقلوا صورها على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الصحفية الإلكترونية المختلفة.

وقد أشرف على مزهرية آسفي العملاقة حرفيون مهرة من كبار الصناع المسفيويين، ومن قدماء المعلمين، من أمثال المعلم أحمد لغريسي والمعلم عبد القادر بن إبراهيم الفخاري، وتلاميذ مدرسة التكوين المهني بآسفي، في إطار الاحتفال بمرور ألف عام على تواجد صناعة الخزف بآسفي، والاستعداد للقيام بالمهرجان الدولي للفخار، تحت إشراف عمالة إقليم آسفي، وبمساهمة وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، ومجلس جهة مراكش آسفي، والغرفة الجهوية للصناعة التقليدية، والمجلس الإقليمي، وجماعة آسفي، وشركاء آخرين، وقد تم إنجاز المشروع على مرحلتين: الأولى خاصة بإعداد المكان وتهيئته، والثانية بصناعة وتركيب المزهرية، كما شارك بعض مهندسي مكتب الفوسفاط في ورشات واجتماعات مع فريق العمل من المعلمين والشباب المتعلمين بمركز التكوين المهني للفخار والسيراميك.

مزهريات فخارية عملاقة.. تاشهومجو وميديشي

    وجريا على نفس المنوال، سبق أن صنع التركي أحمد تاشهومجو، في ولاية إزمير غربي تركيا، مزهرية عملاقة من الفخار بطول 3 أمتار ونصف وبوزن 250 كلغ وقطر متر واحد، باستخدام التراب الأحمر الذي تشتهر به منطقته، وتألق معرض “فن الحياة الفرنسي” بمنطقة التنقل في “إكسبو 2020″، بمزهرية “ميديشي” العملاقة، المصممة على يد الفنان هانس فان بينتم، وتضم 13 ألفا من أحجار الكريستال النقية، ومزدانة بأضواء “ليد” داخلية، في تحفة فنية جاءت بطول 2.5 متر وعرض 1.4 متر، ووزن إجمالي يصل إلى 300 كلغ، وبسعر يبلغ نصف مليون يورو (2.06 مليون درهم).

طاجين آسفي الخزفي.. أكبر طاجين في العالم

    وليست المزهرية العملاقة بآسفي أول حدث عالمي بارز مرتبط بالخزف تشهده المدينة، بل سبق ذلك منذ 23 سنة حدث أكبر، تمثل في الطاجين الخزفي العملاق الذي دخل موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، وجرى الاعتراف به كـ”أكبر طاجين في العالم”، وبات واحدا من أشهر المعالم السياحية والفنية بالمدينة، حيث بلغ طوله 4.5 أمتار وقطره 6.3 أمتار، مما يجعله رائع المظهر فاقت شهرته الحدود، حيث اجتمعت أكثر من 200 امرأة مغربية لإعداد وليمة ضخمة أطلق عليها “طاجيني”، كوليمة من أكلة السردين الشعبية المحببة بمدينة آسفي، احتاج تحضيرها 12 طنا من السردين و500 كلغ من الدهون الحيوانية، وقد اشتهرت مدينة آسفي في العالم وذاع صيتها باسم “مدينة أكبر طاجين في العالم”، وشيد هذا الطاجين العملاق في إطار فعاليات “مهرجان آسفي” لصيف 1999، وذلك بمبادرة مشكورة من جمعية الفاعلين الاقتصاديين بآسفي، حيث عزمت على فعل شيء يشد انتباه الداخل والخارج إلى هذه الحاضرة “المنسية”، وذلك بتحضير “أكبر طاجين لأكلة كويرات سمك السردين”، مستلهمة الشجاعة والحماس في تحقيق ذلك من أهل سوس الذين أنجزوا قبل عقد من الزمن “أكبر قصعة لأكلة الكسكس”، والتي عرضت بأكادير يوم 3 مارس 1993، ويقول عنه الأستاذ إبراهيم اكريدية، مؤرخ آسفي: “طاجين آسفي أو أكبر طاجين في العالم، تجسيد بحجم عملاق للطاجين الآسفي الأصيل، وهو معلمة فنية تزين ساحة محمد الخامس بالمدينة الجديدة من آسفي، يقصدها الزوار من داخل المدينة وخارجها، ولا تخطئها كاميرات الصحفيين كلما هموا بإنجاز استطلاع مصور في شأن من شؤون المدينة، حيث أضحت تمثل واحدة من أشهر معالم آسفي، إن لم تكن أشهرها عند الكثير من الناس”.

وقد أحسن صنعا كل من فكر من الآسفيين في إنجاز هذه المعلمة وحققها ونصبها بأشهر ساحات آسفي، فإنجاز أكبر طاجين لم يكن عملا نشازا مبتدعا ومرفوضا، بل إنه يستمد فكرته ووجوده وشرعيته من تاريخ المدينة وحضارتها وثقافتها كعاصمة عريقة لا يجادل فيها لصناعة الفخار والخزفيات وسبقيتها إلى ذلك مع مجموع دكالة منذ غابر العصور، وقد تنبه إلى هذه الحقيقة غير المنازع فيها، في القرن الماضي وقبل عدة عقود خلت، بعض النبهاء من أهل آسفي، فنصبوا عند المدخل الشرقي للمدينة، وبمناسبة أحد الأعياد الوطنية، تحفا خزفية بحجم كبير، كنا ونحن صغار ننبهر بحجمها، وقد استمر وجودها لعدة سنوات قبل أن تختفي بقدرة قادر، كما جرت العادة مع المعالم التاريخية والرموز، التي صارت أثرا بعد عين، وقد جاء “أكبر طاجين في العالم” كتعويض مستحق ومحمود عن فقدان هذه التحف الخزفية الجميلة، التي هدمت وأزيلت دون أن تعوض بأخرى، واليوم يتربع “طاجين آسفي” بشموخ وزهو في أجمل ساحات المدينة وملتقى أهم شوارعها، وهي “ساحة محمد الخامس”، وبفعل وجوده البهي والمهيمن، بات هذا الفضاء الجميل والمفتوح، يعرف عند العديد من الأهالي والزوار، بـ”ساحة الطاجين”La place du Tajine .

صاحب الفكـرة.. عبد العزيز المودن الآسفـي

    لا بد من التذكير وللتاريخ من أن صاحب فكرة تقديم “أكبر طاجين سمك سردين في العالم” وكذلك المزهرية العملاقة بآسفي، هو عبد العزيز المودن، من مواليد مدينة آسفي سنة 1949 بحي أشبار، ينحدر من أسرة ميسورة، تابع دراسته الابتدائية بمدرسة بياضة، ثم الثانوية بمدرسة ابن خلدون والإدريسي، وأقسام الباكالوريا بثانوية الحسن الثاني بمراكش، وبعد الحصول على شهادة الباكالوريا التحق بفرنسا لاستكمال دراسته، غير أنه اضطر للعودة إلى المغرب للبحث عن عمل، لأن تكاليف الدراسة بفرنسا كانت باهظة، إلا أن انخراطه في العمل لم يشغله عن المطالعة وقراءة الكتب سواء باللغة العربية أو الفرنسية أو الإسبانية حتى أصبح كاتبا وشاعرا بالفرنسية والعربية، وفنانا في نحث مجموعة من الحيوانات بالحجم الكبير، عمل قبل تقاعده إطارا متعدد التخصصات بمعمل الشركة الشريفة للنسيج، وفي وقت لاحق، استطاع أن يؤسس شركة تابعة للميناء في إطار تصدير علب السردين إلى مجموعة من الدول، كما أسهم في تأسيس وإدارة العديد من الجمعيات الفاعلة بآسفي، ومن ذلك رئاسة جمعية التنمية السياحية بآسفي وناحيتها، وكاتبا عاما للمجلس الإقليمي للسياحة، والكاتب العام بالمكتب المسير لـ”جمعية الفاعلين الاقتصاديين بآسفي”، ونائب رئيس “جمعية آسفيي العالم”، وعضو منظمة الدفاع عن الوحدة الترابية، وعضو منظمة “مغرب إفريقيا”، ورئيسا لجمعية “العناية بالمقابر والأضرحة المسلمة والغير المسلمة”، ومسؤولا وممثلا قانونيا للطائفة اليهودية، وعضوا بجمعية البحث في التراث الديني والثقافي والفني، وصاحب متحف آسفي المصنف رقم “2 نجوم” عالميا، وصاحب منتزه يحتوي على كل المعالم التاريخية المصغرة بآسفي، ورئيس مشروع “أكبر طاجين” الذي حصل على شهادة “غينيس”، وصاحب مجسم مركب راع RA II ، وصاحب مزهريات قرب دار السلطان، وصاحب خرائط المدينة بالخزف، وصاحب اللوحة الخزفية آسفي حاضرة المحيط التي توجد بحديقة القدس، وصاحب الصيانة الدائمة للطاجين منذ 23 سنة مع السلاسل الحديدية التي تحيط به، وفي سنة 2018، تطوع لدفن بحار بولوني “مجهول” بالمقبرة المسيحية بآسفي بعد 25 سنة من انتظار الحصول على الترخيص، وتطلب منه ذلك وقتا كبيرا ومضنيا وتنقلا مستمرا بين آسفي والرباط وبولونيا، حيث تمت مراسيم الدفن بحضور ممثلين عن السلطات المحلية بالمدينة وعناصر من المصلحة الولائية للشرطة القضائية.

 

الخزف وآسفي اسمان لمكان واحد

    سواء تعلق الأمر بالطاجين الخزفي الأكبر في العالم أو المزهرية الخزفية العملاقة، اللذين تزدان بهما أهم ساحة ومدارة بآسفي، فإنه من المرجح أن صناعة الفخار التي تشتهر بها آسفي ولجت المدينة منذ أقدم العصور، ولا نكاد نعثر على كتابات تاريخية توثق لهذه الصناعة بآسفي، فوحده المؤرخ محمد بن أحمد الكانوني العبدي، الذي تحدث عن هذه الصناعة في بضعة سطور، حيث قال: “هذه الصناعة، أي الفخار، من أكبر مميزات آسفي.. فلقد حازت فيه أجمل ذكر وأجل إكبار بوجود تربتها الطينية فسارت بذكر أوانيها الركبان وزينت بها المتاحف والبيوت، وكان لها في معارض الصناعة الأهلية أجمل التفاتة وأكبر اعتبار.. وهي من الصناعات القديمة بآسفي، صرح بعض المؤرخين الإفرنجيين بأنها وجدت بآسفي منذ عصر الفينيقيين قبل الميلاد المسيحي بقرون”، ويقول المصطفى العياطي المسناوي: “الدليل على عراقة وقدم صناعة الفخار بآسفي، راجع إلى تشابه تقنية الفخاريات التي صنعت في عهد الفينيقيين بطريقة بدائية وتلك التي استعملها الآسفيون القدامى والتي توجد منها بعض القطع بمتحف آسفي للفخار، ويضاف إلى ذلك أن استقرار الفخارين الأوائل بآسفي لم يكن ليحدث لولا وجود رواسب من الطين الأحمر على ضفتي وادي الشعبة الذي ينطلق من ينابيع تاكابروت مخترقا المدينة قاصدا المحيط الأطلسي كمصب له، علما أن مدينة آسفي قد استمدت اسمها أصلا من ذلك الوادي”، ومن جهته، كتب سعيد شمسي الباحث الأثري، محافظ المتحف الوطني للخزف بآسفي، على صفحته بـ”الفايسبوك”: “حرصت آسفي على تخليد الذكرى الألفية للخزف بصنع أكبر مزهرية في المغرب مزينة بزخارف من التراث الخزفي المسفيوي والمغربي”، وأضاف: “صناعة الخزف بآسفي ليست وليدة القرن 20، حينما أنشئت بها أول مدرسة عصرية للخزف بالمغرب وإفريقيا، أو وليدة القرن 19 حينما استقر بها ثلة من المعلمين الفاسيين، بل تمتد جذورها إلى القرن 11 الميلادي، حينما اتخذتها الدولة المرابطية ميناء لعاصمتها مراكش، حسب ما أبانت عنه الحفريات الأثرية لسنة 1994” وأشار إلى أن “تاريخ صناعة الخزف بالمدينة يرجع لألف عام على الأقل إن لم نقل للمائوية السادسة قبل الميلاد، إبان الفترة الفينيقية”.

وقد ازدهرت صناعة الخزف بآسفي بعد هجرة الأندلسيين، الذين استقروا بفاس وتطوان، وتخصصوا في هذه الحرفة، حاملين معهم تقنيات الفارسيين والسامرائيين والمصريين، والتحق بعضهم بآسفي حيث أبرزوا أصالة هذا الفن، ونذكر منهم عبد السلام لوكنصي، الذي حل بتل الخزف سنة 1875، ومعه بعض الصناع الذين عملوا بدورهم على تكوين صناع آخرين، حتى باتت آسفي تتصدر قائمة المدن المغربية في صناعة الخزف، التي يطلق عليها المسفيويون اسم “العملي”، نسبة لأحد رواد هذه الصناعة المعلم بوجمعة العملي، الذي أحدث سنة 1918 نقطة تحول كبرى في صناعة الخزف بالمدينة، بعد استقدامه من مدرسة الفنون الجزائرية، حيث أعطى اسمه لفن الخزف بآسفي ومزج الطابع المسفيوي بخطوط هندسية متطورة، تتطلب تقنية ودقة مستوحاة من الطابع المحلي، وهيمنة اللون البني المستوحى من الزرابي البربرية والريفية، مع إضافة اللون الأبيض والأسود، ثم إضافة الطابع الفني المتعلق بالنقش الفارسي الإسلامي.

آسفي والخزف.. شهرة عالمية

    ومن بين العوامل التي جعلت آسفي تتربع على عرش صناعة الخزف على المستوى الوطني، انتشار هذه الصنعة بحجم أكبر من باقي الحرف التقليدية، وساهم في شهرتها أيضا تمركزها في “تل الخزف”، الذي يصنف موقعا تاريخيا، ومحجا يساهم في السياحة المحلية والأجنبية، وهو الموطن الأول لصناعة الفخار بالمدينة، وبالنظر إلى المكانة التي يحتلها هذا القطاع بمدينة آسفي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، فقد تم سنة 1920 تصنيف تل الفخارين ضمن المآثر التاريخية لآسفي، حيث يعد منذ بداية القرن 20 المحج البارز والرئيسي لسياح وزوار هذه المنطقة، علاوة على تواجد سوق الفخارين بالقرب منه، وهو بمثابة معرض دائم للمنتجات الخزفية، وتتميز صناعة الخزف المسفيوي بإتقان “المعلمين” لهذه الحرفة، التي ورثوها أبا عن جد، وكذا بجودة الطين بالمنطقة، الذي يحتوي على أوكسيد الحديد بنسبة كبيرة لا تتوفر في مناطق أخرى من المغرب، هذه العوامل جعلت خزف آسفي يشكل منبعا من منابع التنمية المحلية، وتعدت شهرته الحدود المغربية، كما سبق للمدينة أن شاركت بهذا الموروث الثقافي في ملتقيات دولية حصلت فيها على ميداليات وألقاب دولية مختلفة، منها الميدالية الذهبية في المعرض الدولي بمارسيليا سنة 1922، ودبلوم شرفي في المعرض الدولي بباريس سنة 1931، ودبلوم ووسام استحقاق من المعرض الدولي بنيويورك، وجائزة الحسن الثاني بطنجة سنة 1949.

وبموقعها المُطل على الساحل الأطلسي، والشاهد على قرون طويلة من الحضارة والتاريخ الغني والمتنوع، كان لمدينة آسفي الحظ في ربط علاقة قوية ووثيقة ومشتركة مع فن الخزف، جعلها توصف منذ سنة 1919 إلى يومنا هذا، بعاصمة الخزف المغربية بامتياز. وبقدر ما منحها الفخار شهرة عالمية غدت معها هذه المدينة ذائعة الصيت عبر العالم، فكلما ذكرت آسفي، كلما دخل الفخار والخزف على خط الحديث، إلى درجة باتت معها المدينة تلقب بـ”عاصمة الفخار” الذي يلتصق باسم آسفي، فكل الصور الآتية من هناك لزوار وسياح مغاربة أو أجانب تلتقط مشاهد لمنتجات غاية في الإبهار بين الصحون والأكواب والمزهريات وغيرها مما جادت به أنامل الصانع التقليدي المسفيوي، تجعلك بالفعل تؤمن أنها عاصمة هذا النوع من الصناعة التقليدية التي امتد إشعاعها على المستوى الوطني والدولي، كتراث ثقافي يعكس مدى قدرة الصانع التقليدي وحسه الإبداعي على خلق تحف فنية رائعة وجميلة، مكنت من استهواء زوار المدينة المغاربة والأجانب، ذلك أن الكثيرين ما زالوا يستعملون الفخار ويعتمدون عليه لفوائده الصحية غير المُلوثة، وأيضا اتخاذه كديكورات يزينون بها بيوتهم، حتى أصبح ينافس أشهر المنتجات العالمية في مجال التزيين والديكور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى