جهات

حديث العاصمة | سنة أولى لأول رئيسة مجلس الجماعة

بقلم: بوشعيب الإدريسي

    في شهر شتنبر من السنة الماضية، انتخب مجلس الجماعة ولأول مرة منذ إحداث النظام الجماعي، سيدة لرئاسته، في ظروف متوترة بالأزمات والأوبئة ما ظهر منها وما ظل في عالم الغيب، مما حدى بالملاحظين لوصف تلك الرئاسة بـ”الملغومة”، على اعتبار خلو مسار “القائدة” الجديدة من ممارسة أي تجربة جماعية، وطبيعة تزكية مجلسها من أعضاء جلهم يعدون من عمالقة العمل الجماعي على الصعيد الوطني من بينهم رئيسان سابقان لنفس المجلس وخبير وطني في القانونين الانتخابي والجماعي.

وقد كان الرهان معقودا على كبوة من الرئيسة قبل إتمام سنتها الأولى، لترفع الراية البيضاء وتعلن عن الانسحاب، إلا أنها فاجأت الجميع بمهارة مراوغاتها لـ”ضربات” إسقاطها أو على الأقل “مرمدتها في الأرض”، وكانت تتحرك بين الألغام المبثوثة في طريقها مسلحة بخريطة مواقع هذه الألغام، ومع ذلك لم تسلم من الأفخاخ المدسوسة عن قصد أو دون قصد، كتنبيهها إلى حدودها في حدود “رئيسة المجلس” مقيدة وملزمة بتنفيذ ما يقرره الأعضاء في اجتماعات الدورات، مناصفة مع العامل، بناء على المواد 92 و94 و111 من التشريع الجماعي، وهذه المناصفة تفرض المشورة عند كل خطوة تهم شؤون الرباط، لأنها عاصمة المملكة، علما أن القانون حدد المنصب في “رئيسة مجلس الجماعة”، فلا وجود لصفة العمدة في العاصمة.. إنها انتحال لصفة غير قانونية، بل إن المشرع كرر صفة “الرئيسة” في كل مواد القانون على أنها “رئيسة للمجلس الجماعي” وبيّن صلاحياتها في المادة 94، ولم يشر للعمدة ولا البلدية، فكان واضحا بأن الرئاسة على المجلس وليس على الجماعة وإلا لكان سماها “رئيسة الجماعة”، وبالتالي، فهي ليست “عمدة العاصمة” فلهذه العاصمة والي يجب التشاور معه في كل ما يتعلق بشؤونها.

وفي هذا النهج، ينبغي للرئيسة التي قاومت المؤامرات وتصدت للابتزازات وبرهنت على أنها سياسية خريجة مدرستين تشبعت منهما بمبادئ التدبير والتسيير، أن تلتزم بهما كمبدأ من مبادئها وهي المعروفة بصرامتها وصراحتها ووفائها لتعهداتها وبُعد نظرها، ومن أركان السياسة: لا أصدقاء دائمون ولا أعداء قارون، خصوصا من رئيسة مجلس جماعة، فكل أعضائه متساوون بحكم القانون وبعرف التدبير الرئاسي، فهي تخدمهم ولا تبالي بانتقاداتهم أو هفوات بعضهم من حزبها ضمانا لحرية التعبير، فتصحح لمن أخطأ وتقنع من عاكسها الرأي، وتبادر إلى الاتصال الدائم بمكونات مجلسها وتكون مدافعة عن ملتمساتهم، حاضرة داعمة لهم، لأنها رئيسة وشريكة وزميلة منهم وإليهم، منحوها ثقتهم وعليها أداء الثمن بالصبر وعدم التسرع في أي موضوع كان، والافتخار بكونها رئيسة مجلسهم، نجاحه أو فشله من مسؤوليتها، وهذا واجبها في سنتها الأولى من رئاستها وستنجح في مأموريتها إذا ابتعدت عن الألقاب الزائفة والظهور غير المحسوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى