تحقيقات أسبوعية

مع الحدث | حرب الجامعة العربية تنتهي بخضوع الجزائر للشروط المغربية

في انتظار قمة المزايدات

أسفرت قرارات الجامعة العربية الصادرة عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، عن إخضاع الجزائر للشروط التي وضعها المغرب من أجل السماح لها بتنظيم القمة العربية في شهر نونبر المقبل، الشيء الذي دفع السلطات الجزائرية إلى إيفاد مبعوثين إلى العواصم العربية، حاملين دعوات لجميع القادة العرب لحضور القمة.

الرباط. الأسبوع

    كشف بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المملكة المغربية سوف تستقبل وزير العدل الجزائري، الذي يحمل دعوة من الرئيس عبد المجيد تبون للملك محمد السادس، من أجل حضور القمة العربية المنتظرة.

وجاء في بلاغ للوزارة، أنه ((في إطار التحضير للقمة العربية المقبلة، المقرر عقدها بالجزائر العاصمة في فاتح نونبر 2022، قررت السلطات الجزائرية إيفاد عدد من المبعوثين إلى العواصم العربية، حاملين دعوات لجميع قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية)).

وأوضح البلاغ نفسه، أنه ((سيتم إيفاد وزير العدل الجزائري إلى المغرب، بعد المملكة العربية السعودية والأردن، في حين سيسلم وزير الداخلية الجزائري الدعوة نفسها إلى القمة، لكل من تونس وموريتانيا)).

 فقد أجبرت الدبلوماسية المغربية بتنسيق مع الدول العربية وحلفائها، النظام الجزائري، على تقديم تنازلات كثيرة من أجل السماح له بعقد القمة العربية في بلاده، بعدما تم تأجيلها لثلاث مرات بسبب محاولات عسكر الجزائر إقحام جبهة البوليساريو في أشغال القمة العربية.

وتلقى النظام الجزائري صفعة قوية من الأنظمة العربية، بعدما حاول الترويج للقمة بشكل يخدم مناوراته المفضوحة، حيث كان يسعى لأن تكون القمة فرصة لإعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وتوحيد الفصائل الفلسطينية، وإقحام الجبهة الوهمية في الاجتماع، إلا أن الجزائريين تأكدوا أن مشاركة سوريا مستحيلة في هذه القمة برفض عربي وخليجي.

وقد حاول وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة، إقناع وزراء الخارجية العرب بحضور سوريا، إلا أنه تراجع عن تصريحاته وأعلن عن عدم مشاركة سوريا في القمة العربية المنتظرة شهر نونبر القادم، ليقدم النظام الجزائري تنازلات خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، من أجل تمكينهم من تنظيم القمة في موعدها، ما اعتبره المحللون ضربة موجعة للجزائر التي حاولت الترويج لانتصاراتها الوهمية.

وقد فرضت الدول العربية على الجزائر الامتثال لشروط المغرب من أجل تنظيم القمة، التي تسعى من خلالها لتأكيد حضورها العربي ونيل اعتراف الدول العربية، حيث فرض عليها تقديم دعوة رسمية للملك محمد السادس من أجل حضور القمة العربية، مع ضرورة فتح المجال الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية والطائرة الملكية من أجل الحضور للقمة العربية.

وقدم النظام العسكري اعترافا بالدور الذي يقوم به الملك محمد السادس، رئيس “لجنة القدس”، خلال اجتماع الوزراء العرب، بوقف الإجراءات الإسرائيلية في القدس المحتلة، والالتزام بالموقف العربي، بعدما ظل النظام العسكري يروج لمغالطات وينتقد المبادرات التي يقوم بها المغرب في قضية القدس.

فقد تبين أن الدبلوماسية المغربية تمكنت من إجهاض أحلام النظام العسكري الجزائري، الذي كان يسعى لعقد القمة العربية بدون حضور المغرب، لكي يظهر بصورة البلد المؤثر في الساحة العربية، وأنه قادر على فرض قراراته على أعضاء الجامعة العربية، إلا أنه اصطدم بإجماع عربي وخليجي حول مكانة المغرب الأساسية في المنظومة العربية، ليرضخ للشروط العربية وينفذ القرارات، التي من أهمها احترام الوحدة الترابية للمغرب ومؤسساته والسيادة المغربية على الصحراء خلال القمة المقبلة.

في نفس السياق، أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية، أن القمة العربية المقبلة يجب أن تنعقد دون حسابات ضيقة، وقال خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية: “إن السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية بعيدا عن أي حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، وتوطيد الثقة اللازمة، والتقيد بالأدوار الخاصة بكل طرف”، وأكد أن “المغرب بقيادة الملك محمد السادس، حرص على الانخراط في صلب العمل العربي المشترك، سواء من داخل الأجهزة الرئيسية لجامعة الدول العربية، أو من خلال الهيئات المتفرعة عنها، والذي تجسد في احتضان المملكة المغربية لسبع قمم عربية، ساهمت في جمع الكلمة العربية وإعطاء زخم جديد للعمل العربي المشترك”، ودعا الوزير إلى قراءة موضوعية لواقع العالم العربي، المشحون بشتى الخلافات والنزاعات البينية، والمخططات الخارجية والداخلية الهادفة إلى التقسيم ودعم نزعات الانفصال وإشعال الصراعات الحدودية والعرقية والطائفية والقبلية، واستنزاف المنطقة وتبديد ثرواتها.

وقال بوريطة أيضا: “إن العالم العربي يوجد اليوم أمام مفترق طرق جد صعب، يفرض علينا بإلحاح تجاوز المعوقات التي تحول دون تعزيز اللحمة والتضامن بين أقطارنا العربية، وتصرف أنظارنا وجهودنا عن التصدي للقضايا الكبرى السياسية منها والاقتصادية المطروحة بإلحاح على الأجندة العربية، والتي يتعين التعامل معها بفاعلية”، مشيرا إلى أن “الإشكال الرئيسي يكمن في غياب رؤية مشتركة واضحة لمواجهة تلك التحديات، بما يحافظ على أمن الدول واستقرارها ووحدتها الترابية والوطنية”، وقد “آن الأوان لوضع أسس قوية لشراكة عربية مندمجة تهدف إلى تطوير آليات العمل العربي المشترك، وبناء نظام جماعي حديث ومتجدد وفعال، يوفر الشروط الموضوعية للتعاون البيني وتشجيع الاستثمار وتأهيل الاقتصاد والإنسان العربي وتحسين أدائه وتسهيل انخراطه في مجتمع المعرفة والاتصال، وتكريس مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، مع مراعاة خصوصيات ومقومات كل بلد وشعب بإرادته المستقلة وحسب وتيرة تطوره”، يقول وزير الخارجية.

المغرب ينسف مخطط الجزائر 

    جددت الأردن موقفها الثابت بدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، خلال لقاء وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بنظيره الأردني أيمن الصفدي، بعمان.

وأكد الصفدي في ندوة صحفية، يوم الإثنين الماضي، موقف بلاده الثابت في دعم الوحدة الترابية للمغرب، وضرورة حل قضية الصحراء المغربية على أساس مبادرة الحكم الذاتي، وبما يضمن ويحمي الوحدة الترابية للمغرب وسيادة المغرب على جميع أراضيه، وأوضح: “إن الأردن يعتز بالعلاقات التاريخية الأخوية الاستراتيجية التي تربط المملكتين، اللتين تعملان على تطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات تنفيذا لتوجيهات قائدي البلدين”.

وقال الوزير الأردني، أنه تحدث مع بوريطة حول أفق التعاون وفق بيان القمة الصادر عن لقاء الملك محمد السادس والملك عبد الله الثاني في الدار البيضاء عام 2019، واتفقا على بدء التحضير لانعقاد اللجنة العليا المشتركة التي كانت قد التأمت في المغرب في العام 2016 لتعقد في عمان في أقرب وقت ممكن.

 

قيس سعيد يستقبل زعيم الجمهورية الوهمية.. الحادث الذي كاد أن يفجر الجامعة العربية

 

 خلافات عربية متعددة

    جاءت القمة العربية في القاهرة لتبرز العديد من الخلافات بين الدول العربية فيما بينها، لا سيما بعد بروز الخلاف المغربي مع تونس عقب استقبال الرئيس قيس سعيد لزعيم الانفصاليين إبراهيم غالي، الشيء الذي جعل العلاقات الدبلوماسية تصل للقطيعة بعد سحب المغرب لسفيره من تونس.

وبالرغم من تصريحات الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، حول تسوية الخلاف المغربي التونسي بعد لقاء جمع وزيري خارجية البلدين، إلا أن ناصر بوريطة فند وجود تسوية، موضحا في تصريحات للصحفيين في القاهرة، أن موقف المغرب من استقبال الرئيس التونسي لزعيم جبهة البوليساريو، لم يتغير، واصفا ما فعله قيس سعيد بـ”الجسيم وغير المقبول”، وقال: “إن إشارة الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في لقاء صحفي عقب اختتام أشغال الدورة الـ 158 لمجلس الجامعة، إلى تسوية الخلاف بين المغرب وتونس، تهم حصرا فقرة اقترح الوفد التونسي إدراجها بشأن قمة تيكاد، والتي رفضها المغرب رفضا قاطعا”.

وأشار إلى أن تدخل عدد من الدول العربية، خاصة الأردن، مكن من التوصل إلى نص توافقي يحيل على التعاون بين اليابان والدول العربية، دون الإشارة بأي شكل من الأشكال إلى قمة “تيكاد”.

وقد برزت خلافات عربية خلال الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية لجامعة الدول العربية، بعدما غادر وفد مصر قاعة اجتماعات وزراء الخارجية العرب، الذي ترأسته وزيرة الخارجية بحكومة “الوحدة الوطنية” الليبية، وذلك تعبيرا عن دعمه لموقف الحكومة المكلفة من طرف مجلس النواب الليبي، والتي طالبت أمين عام جامعة الدول العربية، برفض تولي حكومة الوحدة الوطنية التابعة لعبد الحميد دبيبة، رئاسة الدورة الـ 158 لمجلس جامعة الدول العربية.

وقام المغرب بدور أساسي في تسهيل التوصل إلى صيغة متوافق عليها لرئاسة ليبيا للدورة الحالية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، من خلال مجموعة من المساعي استمرت على هامش اجتماعات الدورة.

ومن المرتقب أن تنعقد القمة العربية المقبلة في الجزائر، في ظل النزاعات والخلافات بين الدول العربية، بحيث يسود خلاف بين السعودية وقطر حول العديد من القضايا العربية، بالإضافة إلى الخلاف بين المغرب وتونس بسبب سقطة الرئيس التونسي بعد استقباله لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، كما توجد خلافات عربية أخرى بين السودان ومصر حول قضية نهر النيل والحدود البرية، إلى جانب الخلاف الإماراتي مع سلطنة عمان، والصراع السياسي بين الأحزاب في العراق.

وتأتي القمة العربية في ظل استمرار مشكلة الحدود في الوطن العربي التي ترجع إلى فترة الاستعمار الأجنبي، الذي أوجد نزاعات الحدود السياسية بين البلدان العربية ودول أخرى مجاورة لها بدء من انتهاء الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى، حيث أن الأسباب وراء هذه النزاعات هي أسباب سياسية من فعل الحكومات المختلفة مثل ما هو حاصل بين السودان ومصر حول مثلث حلايب ونتوء وادي حلفا، وبين العراق والكويت، وبين العراق والسعودية، وبين السعودية والدول الأخرى المطلة على الخليج العربي، وبين عمان واليمن، وبين اليمن والسعودية، ثم بين المغرب والجزائر، ولبنان وسوريا.

 

الجامعة العربية تصدم الجزائر

    كشفت عدد من التقارير الإخبارية، أن جامعة الدول العربية اشترطت على الجزائر اعتماد خريطة المغرب كاملة إذا ما أرادت إنجاح القمة العربية المزمع تنظيمها بها، الأمر الذي وضع الرئيس عبد المجيد تبون ومن وراءه في موقف محرج.

ويأتي قرار الأمانة العامة للجامعة العربية، ليقطع الطريق على تحرشات النظام العسكري في الجزائر بوحدة المغرب الترابية، إذ تتخوف الجزائر من فشل القمة التي من المنتظر أن تنعقد بعد حوالي شهرين من الآن، وذلك بسبب مواقفها العدائية ضد عدد من الدول العربية أولها المغرب، حيث فرضت الجامعة العربية على النظام العسكري الحاكم في الجزائر، استخدام خارطة الدول الأعضاء الرسمية دون بتر أي مناطق منها إن هي أرادت استضافة القمة.

مناورة الجزائر الفاشلة

    حاولت الجزائر قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، الترويح لإمكانية حضور الرئيس السوري بشار الأسد في أشغال القمة العربية في شهر نونبر القادم، إلى جانب حضور جبهة البوليساريو، إلا أن رغبة الجزائر اصطدمت برفض عربي كامل للحضور السوري، خاصة من قبل السعودية وقطر والمغرب، حيث فشلت الجهود الجزائرية من أجل إعادة النظام السوري للجامعة العربية.

وحاولت الخارجية الجزائرية التهرب من محاولاتها بعدما أصدرت بيانا قالت فيه أن “وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، أبلغ لعمامرة أن دمشق تفضل عدم طرح موضوع استئناف شغل مقعدها بجامعة الدول العربية خلال قمة الجزائر، وذلك حرصا منها على المساهمة في توحيد الكلمة والصف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي”.

وجاء هذا البلاغ لرفع الحرج عن الجزائر، ويعفيها من التمسك بمطلب إدراج عودة سوريا إلى مقعدها، بعدما حاولت أخيرا إيجاد توافق عربي على دعوة النظام السوري للقمة المقبلة، تمهيدا لعودته إلى الجامعة العربية، والتي كانت قد علّقت عضويته بعد قرار أصدره وزراء الخارجية العرب في 12 نونبر 2011، في ذروة الحراك الثوري السلمي في سوريا.

وتلقت الجزائر صفعة من قبل مجلس الجامعة العربية، بعدما نسف المغرب أي محاولة لإقحام جبهة البوليساريو في القمة القادمة أو الترويج لأطروحتها من قبل النظام الجزائري، حيث تقدم بمشروع ملحق يضاف إلى الخطة الشاملة للحد من عمليات تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة والإرهابية، يركز على البعد الحقوقي والقانوني والإنساني في التصدي لعملية تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، خاصة ما تقوم به جبهة البوليساريو، شريكة الجزائر، من تجنيد للأطفال القاصرين، حيث لقي هذا المشروع موافقة من قبل الأجهزة المتخصصة بالجامعة لإخراجه إلى الوجود في القريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى