تحقيقات أسبوعية

متابعات | الميراوي يغلق الأبواب رسميا أمام طلبة أوكرانيا

الشروط التعجيزية في القرار الوزاري

عادت قضية الطلبة العائدين من أوكرانيا إلى الواجهة من جديد، بعدما أغلقت الوزارة الباب أمامهم للولوج إلى الجامعات الوطنية العمومية لإتمام دراستهم في شعب الطب والصيدلة وغيرها، واقترحت على الأولياء والآباء إدماج أبنائهم في المؤسسات الجامعية الخاصة، الشيء الذي خلق جدلا ورفضا واسعا من قبل تنسيقية الطلبة وجمعية الآباء والأمهات، بسبب الشروط التي وضعتها الوزارة الوصية.

 

إعداد: خالد الغازي

 

    اعتبرت تنسيقية الطلبة العائدين من أوكرانيا، أن الحل الذي اقترحته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يتناقض مع ما وعدت به سابقا بخصوص إدماجهم في الكليات العمومية تطبيقا لمبدأ التضامن الذي يحث عليه الدستور، والذي يحتم على هذه الكليات ضمان متابعة دراسة الطلبة العائدين من الحرب قسرا، في ظرف استثنائي يجب التعامل معه بحلول استثنائية أيضا.

وأكدت التنسيقية أن الكليات العمومية قادرة على استيعاب الطلبة العائدين، لكونها تفوق بكثير عدد الكليات الخاصة، خاصة وأن عدد طلبة الطب هو 835، وطلبة الصيدلة 654، وطب الأسنان 682 – حسب معطيات المنصة – وهي أرقام قليلة وتستطيع الجامعات العمومية استيعابها، مشيرة إلى أن الجامعات العمومية تفتح المجال سنويا أمام الطلبة الأجانب للالتحاق بها بنسبة معينة، لهذا وجب عليها إعطاء الأولوية للطلبة العائدين من أوكرانيا.

وحسب بعض المصادر، فإن العشرات من الطلبة قرروا العودة إلى أوروبا والبحث عن فرص أخرى للدراسة فيها بعدما أغلقت الوزارة الوصية الأبواب في وجوههم لإتمام دراستهم في الجامعات العمومية، بينما فضل آخرون الاستمرار في الدراسة عن بعد مع الجامعات الأوكرانية في انتظار توقف الحرب.

عبد القادر اليوسفي

في هذا السياق، اعتبر عبد القادر اليوسفي، رئيس الجمعية الوطنية لآباء وأمهات طلبة المغرب بأوكرانيا، أن مقترحات وزير التعليم العالي بخصوص إيجاد حلول منصفة لهؤلاء الطلبة، لم ترق إلى تطلعات الآباء لأن الإدماج في الجامعات الخصوصية تعجيزي بكل المقاييس، متسائلا: كيف يعقل لطالب تابع دراسته خلال الموسم الماضي (2021-2022) وتمكن من النجاح والارتقاء إلى فصل دراسي آخر، أن يقبل بإعادة السنة ويجري مباراة للولوج لجامعة خصوصية؟

وأضاف اليوسفي أن أولياء الطلبة يرفضون الولوج إلى الجامعات الخصوصية بسنة متأخرة وعن طريق المباريات بالإضافة إلى الرسوم المالية الباهظة التي تصل لـ 13 مليون سنتيم سنويا، معتبرا أن هذا المبلغ جد مرتفع مقارنة مع ما يؤديه الطلبة الذين يدرسون في أوكرانيا والذي لا يتجاوز كأقصى حد 5 ملايين سنتيم، الشيء الذي يعد فوق القدرة المادية للأسر، وأوضح أن مقترح الوزير لم يأخذ بعين الاعتبار مسألة التعليم عن بعد، بحيث لم يتحدث عنها، خاصة وأن هناك العديد من الطلبة مستمرون في التعليم عن بعد مع الجامعات الأوكرانية وتمكنوا من إكمال موسمهم الدراسي الماضي، ويستعدون حاليا للموسم الجديد بعدما نجحوا في اجتياز الامتحانات والاختبارات السنوية، داعيا وزير التعليم العالي إلى تقنين التعليم عن بعد من أجل السماح للطلبة الذين يدرسون في الشعب الطبية لإجراء تداريب وحصص تطبيقية في المؤسسات الاستشفائية تسهل لهم الحصول على المعادلة بعد الانتهاء من الدراسة.

وقال نفس المصدر، أن هناك طلبة آخرين مغاربة في دول الاستقبال الأوروبية، لابد من إيجاد صيغة تضمن لهم الدراسة في هذه الدول، خاصة وأن للمغرب علاقات واتفاقيات تربطه مع عدة بلدان بأوروبا يمكن أن يتم توظيفها لما يخدم مصلحة الطلبة وتسهيل إدماجهم في الدول المتواجدين بها، مشيرا إلى أن الوزير لم يتطرق لوضعية الطلبة المهندسين والبياطرة، الذين لا زالت وضعيتهم غامضة والذين لا يتعدى عددهم 200 شخص يسهل إدماجهم في المؤسسات العمومية.

وحسب عبد القادر اليوسفي، فإن مقترح الوزارة يستهدف فقط الطلبة المسجلين في المنصة الثانية، والتي تضم حوالي 800 طالب بالنسبة لشعب الطب، و654 بالنسبة لشعبة الصيدلة، و682 لطلبة طب الأسنان، ما يجعل فئة كبيرة من الطلبة الذين يدرسون في أوكرانيا والذين يصل عددهم إلى 9 آلاف طالب، خارج هذه الدائرة، مشددا على ضرورة تدخل الدولة لإيجاد حلول للطلبة العائدين أو اللاجئين في الدول الأوروبية من أجل تمكينهم من متابعة دراستهم على الصعيد الوطني، وحتى الأوروبي، عبر استغلال الاتفاقيات التي تجمع المغرب بدول الاتحاد في المجال الثقافي والعلمي والاقتصادي، وذلك لإيجاد حلول متعددة لجميع الطلبة داخل المغرب وخارجه، لاسيما وأن عودة الطلبة كانت بتعليمات ملكية سامية.

فشل الوزارة في حل الملف

محمد بنساسي

    من جهته، يرى محمد بنساسي، رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب، أن الوزارة الوصية تأخرت كثيرا في التعاطي مع ملف الطلبة العائدين من أوكرانيا ولم تدبره بالشكل المطلوب على الرغم من دخولهم في السنة الثانية منذ رجوعهم إلى أرض الوطن، إلا أن حالة التيه والارتباك لا زالت تخيم عليهم وعلى أوليائهم وهذا فيه تقصير كبير من لدن الوزارة، كما يؤشر على ضعفها ومحدوديتها في حلحلة المشاكل والملفات التي تدخل في نطاق صلاحياتها بفعالية ونجاعة، مضيفا أن الاتحاد كان يأمل حل هذا الملف من خلال إدماج الطلبة العائدين من أوكرانيا في الجامعات الوطنية العمومية إلى جانب زملائهم الذين يتابعون دراستهم الجامعية بها دون سلك التدابير والإجراءات الواردة في بلاغ الوزارة الأخير والتي لا تزيد الملف إلا تعقيدا.

وأكد بنساسي أن المقترح الذي تقدمت به الوزارة الوصية على القطاع، لم يستجب لتطلعات الطلبة العائدين من أوكرانيا، حيث أن مطلبهم الأساسي كان يرمي إلى إدماجهم في الجامعات العمومية شأنهم في ذلك شأن باقي زملائهم الذين يتابعون دراستهم بها، وأن الوزارة تجاهلت هذا المطلب العادل والمشروع وانصرفت في اتجاه إدماجهم في الجامعات الخاصة استنادا على مباريات سيتم إجراؤها في الشهر الجاري مع الأخذ بعين الاعتبار مستوياتهم وتخصصاتهم، مبرزا أن المشكل يكمن في كون تكلفة الجامعات باهظة جدا ربما أكثر من بعض الجامعات الخاصة بالدول الأوروبية التي توفر عرضا أفضل وتكوينا أحسن لفائدة الطلبة، كما أن غالبية الطلبة العائدين من أوكرانيا لا يستطيعون توفير هذه التكاليف الباهظة التي تفوق 13 مليون سنتيم في السنة دون احتساب مصاريف السكن والتنقل ووسائل الدراسة على طول السنة، الأمر الذي سينعكس سلبا على مردودية عدد كبير منهم وسيرهق الذمة المالية للآباء.

وبالنسبة لأسباب رفض الوزارة الوصية إدماج الطلبة العائدين من أوكرانيا في الجامعات العمومية، قال: “لحد الآن تبقى أسباب غامضة وغير مفهومة ولم تقدم الوزارة إلى يومنا هذا أي تفسير أو توضيح منطقي يبرر رفضها، لكن يتضح أنها تدعم توجه تنسيقية طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، الذين رفضوا بشكل مطلق إدماج زملائهم العائدين من أوكرانيا في المؤسسات الجامعية الوطنية العمومية إلى جانبهم، وهذا التوجه ينطوي على كثير من الحيف والإقصاء في حق طلبة مغاربة عائدون من هول الحرب”.

وشدد رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب على ضرورة تدبير الوزارة لهذا الملف في بعده الشمولي بكثير من روح المسؤولية دون الانزلاق إلى منطق المفاضلة، لا سيما وأن بلادنا في حاجة ماسة إلى أطر طبية وكفاءات متمرسة في مختلف التخصصات والمسالك، وقادرة على رفع رهان الدولة الاجتماعية التي أرسى جلالة الملك محمد السادس أسسها.

وتابع بنساسي قوله: “يمكن للوزارة أن تسلك الحل السهل وتبحث عن شراكات مع جامعات أوروبية لتمكين الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا من إتمام دراستهم الجامعية بها، وبهذا تكون قد عالجت الإشكال”، معتبرا أن “عودة الطلبة لأرض الوطن مهمة ينبغي استثمارها من خلال إدماجهم في الجامعات الوطنية العمومية المغربية، لأن ذلك ستكون له إيجابيات كبيرة على قطاع الصحة ببلادنا”.

13 مليون سنتيم للدراسة في المغرب

    يونس الخليلي، طالب شعبة الطب في أوكرانيا، قال أن مقترحات الوزارة كانت جزء من المطالب التي كانت تريدها فئة من الطلبة للدراسة في الجامعات الخاصة، لكنه لا يعتبر حلا نهائيا، لأن غالبية الطلبة لا يستطيعون الدراسة في القطاع الخاص، لأنهم لا يتوفرون على الإمكانيات المادية لتأدية الرسوم السنوية، فمثلا جامعة محمد السادس لعلوم الصحة تتطلب 12.5 مليون سنتيم، بالإضافة إلى رسوم التسجيل التي تصل لـ 5 آلاف درهم، مشيرا إلى أن المنح الجامعية لا تتجاوز 20 في المائة وغير كافية لتغطية المبلغ الذي يبقى فوق القدرة الشرائية للآباء.

وبخصوص تكلفة الدراسة في أوكرانيا أوضح نفس المصدر: “شخصيا كنت أدرس بـ 4 ملايين ونصف بالجامعة، وأدفع مليون سنتيم للحي الجامعي للحصول على غرفة خاصة لمدة سنة، لهذا تظل 10 ملايين للدراسة في جامعة طبية خاصة، صعبة جدا، إلى جانب مصاريف التغذية والسكن بالرباط والدار البيضاء ثم وسائل النقل، لذلك نتمنى أن يحدد الوزير مع أولياء الطلبة مبلغا معينا في متناول الطلبة وتتكفل الدولة بالفارق، وألا يتجاوز المبلغ 6 ملايين لأن الآباء لا يستطيعون تسديد الرسوم أكثر من أوكرانيا”، وأضاف: “الطلبة الذين يدرسون في أوكرانيا ليسوا فقط من يتحصلون على معدل عشرة في شهادة الباكالوريا، وإنما هذا البلد يمنح فرصة للشباب لدراسة أي مجال كيفما كان، عكس المغرب، حتى لو حصل الطالب على معدل 16 في امتحان الباكالوريا يجب عليه أن يجتاز مباراة كلية الطب والصيدلة وفي الأخير لا ينجح فيضطر للذهاب إلى تخصص آخر، مشددا على ضرورة إصدار قرار وزاري يسمح لطلبة الطب الذين يدرسون عن بعد مع الجامعات الأوكرانية، بإجراء تداريب وحصص تطبيقية في الجامعات الطبية.

الأفضل استمرار الدراسة عن بعد

    إلياس بلفضيل، مدير مكتب للتوجيه والإرشاد للطلاب بالجامعات الأجنبية، قال أن “مقترح الوزارة كان واضحا منذ البداية، لأن وزارة التعليم العالي لا يمكن أن تمنح مقاعد للطلاب العائدين من أوكرانيا في الجامعات الحكومية، لكون الطاقة الاستيعابية للجامعات لا تسمح بذلك، ولو كانت تسمح لتم إلحاقهم منذ عودتهم، لهذا رأت الوزارة أن الحل يكمن في إدماج الطلبة في الجامعات الخاصة بعد أن يقوموا بمرحلة تأهيلية ودروس تقوية في اللغة الفرنسية، لكونهم كانوا يدرسون في أوكرانيا بلغة أخرى”.

واعتبر بلفضيل أن أثمنة المؤسسات الجامعية الخاصة في المغرب جد مرتفعة بالنسبة للطلبة الذين كانوا يدرسون في أوكرانيا والذين ينحدرون من أسر متوسطة أو محدودة الدخل، لذلك يبقى الحل بالنسبة لها البحث عن جامعات أجنبية لأبنائهم في البلدان المجاورة، مضيفا أن هناك آباء يستطيعون تأدية الرسوم الدراسية لأبنائهم الطلبة في الجامعات الخاصة بالمغرب، وهذا أفضل لهم من الانتقال إلى دولة أخرى والبحث عن السكن وتحمل معاناة الغربة.

وأكد نفس المتحدث أن الموسم الدراسي على وشك الانطلاق (بداية شهر شتنبر)، ويصعب على الطلبة الذين كانوا يدرسون في أوكرانيا الانتقال إلى جامعات أخرى، ويبقى الحل بالنسبة لهم الاستمرار في الدراسة عن بعد مع الجامعات الأوكرانية، بينما من يتوفرون على الإمكانيات المادية يمكنهم إرسال أبنائهم إلى جامعات أجنبية، سواء عن طريق مكاتب الوساطة أو الوزارة أو عبر الأنترنيت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى