الرباط يا حسرة

حديث العاصمة | صحة الرباطيين في المزاد العلني

بقلم: بوشعيب الإدريسي

    أجمع معظم الرباطيين على تحول أنبل خدمة اجتماعية إلى سوق فوضوي للمتاجرة في أغلى وأثمن هبة إلهية، ألا وهي صحة الإنسان، وهو موضوع مسكوت عنه بالرغم من تفشيه بشكل يسيء إلى الرسالة الإنسانية التي أخطأت طريقها إلى بعض الممارسين، ولم ترصدها بعد مجالس المنتخبين المدافعة عن حقوق ناخبيها والمسؤولة على تمتيعهم بالقانون، وحمايتهم من الشطط والمزايدة على أعز ما يملكه الرباطيون، أي صحتهم.

ففي العاصمة يوجد أساتذة أكفاء فاقت شهرتهم حدود المملكة، وتستنجد بخبرتهم وتجربتهم مراكز صحية عالمية، وتعتمد عليهم كليات الطب في الداخل والخارج لإفادة طلبتها بمحاضراتهم القيمة، وبآخر مستجدات اكتشافات علاجات الأمراض.. هؤلاء الرواد في الإنسانية وفي إعطاء الصورة المثالية للطبيب المغربي هم حملة شرف أقدس مهنة، وهم الذين جعلوا منها مهمة لخدمة البشرية، يعززهم زملاء لهم في القطاع الخصوصي والعمومي بجديتهم ومهارتهم ومساعدة مرضاهم، غير أن هذا لم يحجب عن الرأي العام الأخطاء الكبيرة أو “المجازر البشعة” التي يرتكبها بعض المنتمين إلى نفس المهنة، فإذا اعترفنا وقدرنا ونوهنا بالشرفاء، فمع الأسف لا زال هناك غير الشرفاء، والأسف هنا لا يكفي، بل يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ الرباطيين من ابتزازات منعدمي الضمير الذين لا يفرقون بين السمسرة في بيع سيارة وبين تدخل جراحي أو استشفائي مع ممارسات أدخلوها عنوة في قاموس المعاملات، مثل “الدفع من تحت الطاولة”، ونفخ الفواتير، وتوجيه معين لمراكز التشخيص بالأشعة، أو التحليلات أو المصحات… إلخ، وهم بذلك يسيئون إضافة إلى المريض المغلوب على أمره، إلى أنفسهم وإلى وطنهم وإلى نبل مهنتهم الإنسانية، فمكانة الرباط الدولية تفرض على مجالسها المنتخبة تشخيص وتشريح هذا “الجرح” الغائر في أجساد من تمثل، ومداواته بتفعيل رقابة المكاتب الجماعية الصحية، وقمع الغش وارتفاع الأسعار، فلا يعقل أن تراقب البلدية ثمن خبزة وتفرض ألا يتجاوز درهما واحدا و20 سنتيما وتغض الطرف على ثمن عملية جراحية محددة في خمسة آلاف درهم لتقفز فوضويا إلى خمسة ملايين بالأداء بطريقة “لو نوار”، فيجب الاعتناء بشرفاء المهنة المجاهدين سفراء الطب المغربي، ومنهم من تقاعد دون شكر أو تنويه من مجالسنا التي عليها وضع سجل خاص لتسجيل شكايات الرباطيين على ما يتعرضون له من طرف المعالجين الذين فرضوا علينا المزاد العلني لعلاج صحتنا.. فهل تكون العاصمة منطلقا لتجفيف الساحة الطبية من الفاسدين ؟

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى