تحقيقات أسبوعية

متابعات | من يوقف فساد قطاع التأمين بالمغرب ؟

تقارير سوداء تفضح التواطؤ

أصدرت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، تقريرا أسود يكشف “اختلالات وفساد قطاع التأمين بالمغرب”، وذلك من أجل إثارة انتباه مؤسسة رئاسة الحكومة وباقي المؤسسات الدستورية والمنظمات وهيئات المجتمع المدني، خصوصا التي تعنى بمحاربة الفساد وحماية المال العام وحماية حقوق المستهلك، وبهدف دق ناقوس الخطر حول ما يعرفه قطاع التأمين بالمغرب من مخاطر واختلالات تهدد الأمن الاجتماعي لجميع شرائح المجتمع، وفئة عريضة من المستثمرين فيه، والتي سببها الممارسات التي يقوم بها مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين في السوق.

 

إعداد: خالد الغازي

 

    كشف تقرير جمعية وسطاء ومستثمري التأمين أن الشركات المعنية تخالف الأعراف والعهود الدولية، عبر القيام بممارسات تدخل في صميم المنافسة غير الشريفة والغير مشروعة في القطاع والتي تقترفها المؤسسات المالية الكبرى بالبلاد، والمتعلقة بحرية الأسعار والمنافسة وفقا للتشريعات التي صادق عليها البرلمان المغربي في مدونة التأمينات، وتفوت على خزينة الدولة مداخيل ضريبية مهمة بملايير الدراهم سنويا، والمساهمة في التهرب الضريبي والمشاركة في هدر المال العام، وإفلاس المئات من مكاتب الوساطة في التأمين بسبب الخروقات المسجلة.

في هذا الصدد، كشف يونس بوبكري، رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين، أن هذا التقرير جاء بناء على الدور الذي تقوم به الجمعية، لإبداء رأيها فيما يخص التشاركية في السياسات العمومية وحركية المجتمع المدني، مضيفا أن التقرير جاء لكي ينور الرأي العام بخصوص المنافسة غير المشروعة والمنافية للمنافسة الشريفة التي تمارس منذ سنوات، حيث أن الهيئة الوصية على القطاع لا تتدخل كما يجب لتطوير القطاع نحو الأفضل رغم أن الأرقام والإحصائيات التي تصدر، تبين أن القطاع مصنف قاريا وعربيا، إلا أنه يتخبط في مشاكل كبيرة وعميقة سوف تؤثر على جميع شرائح المجتمع بمن فيهم المستثمرين في هذا المجال.

وأوضح بوبكري أن “التقرير حاول أن يكشف أبرز الاختلالات وأوجه الفساد التي تمارس من طرف فاعلين في القطاع من شركات التأمين من جهة، والأبناك من جهة أخرى، حيث تم عرض الملف على العديد من المؤسسات الدستورية في البلاد، منها رئاسة النيابة العامة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والبرلمان، ومجلس المنافسة، ورئاسة الحكومة والمجلس الأعلى للحسابات، والهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها، وقد تفاعلت بعض المؤسسات وبعضها الآخر تأخرت في إبراز دورها للكشف عن المشاكل البنيوية في القطاع”، مبرزا أن التقرير يكشف مجموعة من الاختلالات في تدبير الهيئة الوصية من طرف المسؤولين، والقوانين الداخلية التي تنظمها وحتى القرارات العقابية التي تصدر عنها، والتي لا تمس الخروقات التي يتعرض لها وسطاء التأمين، إذ أن التقرير لم يتناول كامل الاختلالات والخروقات، ولكنه حاول التطرق للمشاكل التي ستمس الأجيال القادمة.

وأكد نفس المتحدث أن دستور 2011 جاء بمؤسسات جديدة من أجل تخليق الحياة العامة وإبراز دورها في إطار الضبط والحكامة لكي تحترم القوانين، خاصة وأن توصيات اللجنة الملكية للنموذج التنموي الجديد، دعت المؤسسات إلى تقنين القطاعات للقيام بدورها كما يجب، لأن المجال الاقتصادي والمالي تنتشر فيه العلاقات والمصالح والريع وغيرها من الممارسات التي تمس بالحكامة، مشيرا إلى أن مؤسسة مراقبة قطاع التأمين ومؤسسات أخرى، تتجاهل هذه المشاكل رغم أنها تتوصل من الجمعية بالعديد من الشكايات بشأن الاختلالات التي يعرفها القطاع، رغم أن للمجلس صلاحيات لكي يقوم بعدة تدابير وقائية، إلا أنه لم يقدم مؤشرات للبحث في التجاوزات التي يتوصل بها، وقال: “إن ما يعيشه القطاع يتطلب تدخلا من السلطات العليا في البلاد، لأنه يمس الاقتصاد الوطني، حيث لا يمكن القيام بالاستثمار بدون مرافقة المؤسسات المالية أو مؤسسات التأمين التي هي الشركات الممارسة في القطاع، خاصة إذا كانت هذه المؤسسات تقوم بتحالفات وتواطؤات وممارسة غير مشروعة، تذهب في إطار تكتلات لأجل تحديد الأسعار والعمولة والمعاملة التجارية، الشيء الذي يمس بالصورة الإيجابية للاستثمار الوطني قاريا ودوليا”، مؤكدا على “ضرورة اتخاذ قرارات عاجلة من الحكومة لتخليق القطاع ومحاسبة المسؤولين عن الاختلالات، وتنظيم مناظرة وطنية للتأمين، لإعادة النظر في عدة أمور بعد 16 سنة من تحرير القطاع دون أن تظهر نتائجه على الفاعلين والمواطنين”.

وأشار بوبكري إلى أن الإشكالية الأخرى تتعلق بعلامات دولية، سواء في الأبناك أو في شركات التأمين، وعوض أن تساهم في احترام قواعد العمل التجاري أو الممارسة وفق القوانين المغربية والمعايير الدولية، انخرطت بدورها في التحالفات والاتفاقات والتواطؤات في تحديد الأسعار والاستفراد بالمستهلك المغربي، وكمثال على ذلك، تحالف بعض الأبناك مع شركات للتأمين (التجاري مع وفا، أكسا مع بي. م. سي. إي، سهام مع مصرف المغرب، وب. م. سي مع إر. إم. أ) حيث تحتكر هذه الشركات 70 في المائة من سوق معاملات تأمين الحياة.

آلاف الوكالات بدون اعتماد

    حسب تقرير جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، فإن معطيات وأرقام هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي تبرز أن شركات الأبناك الحاصلة على الاعتماد في المغرب لا تتجاوز 11 مؤسسة بنكية، في حين أن هاته الشركات تقوم بترويج عقود التأمين في أزيد من 6182 وكالة بنكية لتقديم عمليات التأمين، وفقا للأرقام المصرح بها من قبل الهيئة الوصية على القطاع إلى غاية 31 مارس 2019، كما أن عمليات التأمين تتم خارج الضوابط القانونية في الواقع للمستهلك المغربي وعبر عدد من الوكالات، لا تتوفر على أي اعتماد من الدولة، في مخالفة صريحة للفصل 306 والذي ينص على أنه لا يمكن لبريد المغرب وشركات الأبناك المعتمدة بموجب القانون رقم 34.03، المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وجمعيات السلفات الصغرى، أن يعرضوا عمليات التأمين إلا بعد الحصول على اعتماد من الهيئة في هذا الشأن.

وأضاف التقرير أن من بين المخالفات الحاصلة في القطاع، أن عدد الأبناك بالمغرب الحاصلة على الاعتماد في مجال عمليات التأمين، رأسمالها أجنبي، بينما ينص قانون مدونة التأمينات 99-17 والمادة 304 منه، على شروط يجب احترامها للحصول على الاعتماد من طرف وسيط التأمين، وهي أن يكون نصف الرأسمال على الأقل في حوزة أشخاص طبيعيين يحملون جنسية مغربية، أو أشخاص معنويين خاضعين للقانون المغربي، الأمر الذي لا يطبق على أرض الواقع، حيث أن العديد من الوكالات البنكية، وفي غياب أي دور رقابي من الهيئة الوصية منذ سنوات، تقوم بترويج وبيع عقود التأمين للعديد من فروع التأمين خارج نطاق القانون والضوابط المنصوص عليها في مدونة التأمينات، والتي منها على سبيل المثال، بيع وترويج عقود تأمين عن أخطار المسؤولية المدنية للعربات، أو تأمين حوادث الشغل، أو التأمين ضد الأخطار المتعددة للمنازل والمؤسسات المهنية وغيرها.

وتقوم المؤسسات البنكية – وفق نفس التقرير – بترويج هذه الأصناف والفروع من التأمين خارج سياق مدونة التأمينات، مما يجعل الزبون المغربي المكتتب لهاته العقود يقع ضحية جشع القطاع المالي البنكي الذي يصر على خرق القانون، وتقديم هاته المعاملات التجارية المحظورة عن طريق أشخاص غير مؤهلين ولا يتوفرون على الصفة القانونية والمهنية لتقديم النصح والإرشاد للزبناء في هذا المجال، وغياب أماكن خاصة ومستقلة تشير إلى رقم الرخصة وتاريخها ونوعية العروض المقدمة في عمليات التأمين مثل ما هو منصوص عليه في المدونة، مضيفا أن المؤسسات المالية بالمغرب تنافس آلاف المقاولات الصغرى والمتوسطة في السوق بدون أي استثمار حقيقي في القطاع لا المادي ولا المعنوي، ولا في تكوين الموارد البشرية، وبدون أداء أي ضرائب عن الاستغلال مع الاستفادة من مختلف الفرص التي توفرها معطيات بيانات الزبناء وحساباتهم البنكية، كما تقوم بترويج عقود التأمين بدون اعتماد عبر شبكة الأنترنيت بشكل مباشر وبدون مكاتب فعلية بأثمنة تفضيلية عن تلك المعتمدة لدى وسطاء التأمين، في منافسة غير متكافئة.

الاحتكار وضعف المنافسة في القطاع

    أفاد التقرير أنه أمام الخروقات المسجلة من لدن القطاع البنكي من جهة، وسياسة التركيز الاقتصادي الممارسة من قبل شركات التأمين والأبناك من جهة أخرى، وفي غياب أي تدخل من قبل هيئة الرقابة والمؤسسات الأخرى المسؤولة عن المنافسة، فإن بوادر الهيمنة الاقتصادية أصبحت تتسع رقعتها للإجهاز الكلي على أي تنافسية في قطاع التأمين، خاصة بعد الصفقة المعلن عنها مؤخرا بعد تفويت مجموعة فرنسية لحصة 78.7 في المائة من بنك مصرف المغرب لفائدة مجموعة “هولماركوم” التي تمتلك فرعا استثماريا في مجال التأمين، وهي شركة “أطلنطا سند”، وذلك من أجل التحكم في السوق والدمج بين القطاعين معا في مجموعة واحدة، وبالتالي، تكريس الهيمنة.

وأبرز التقرير أن تقارير الهيئة حول رقم معاملات فرع التأمين على الحياة خلال السنوات الأخيرة، كشفت أن رقم الوسطاء عرف شبه ركود ما بين سنتي 2013 و2015، ليرتفع نسبيا سنة 2016 ثم يعود للنزول ابتداء من سنة 2017، عكس ما حققته شبكة الوكالات البنكية والتي حققت تطورا في رقم المعاملات بلغ نسبة مائة في المائة في السنوات الأخيرة، وحسب الإحصائيات الرسمية، فإن حصة الأسد من بيع وترويج عقود التأمين بالقطاع، تعود لفرع التأمين على الحياة والتي تصل لـ 50 في المائة من رقم المعاملات بالقطاع مقارنة مع بقية فروع التأمين الأخرى بما يناهز مبلغ 20 مليار درهم، في حين يسجل جل الوسطاء صفر درهم كرقم معاملات سنويا من حصة هذا الفرع رغم توفرهم على اعتمادات ورخص من قبل الدولة لبيع وترويج جميع فروع التأمين.

وأكد التقرير أن لوبي الأبناك يحتكر سوق التأمين بالمغرب، بسبب التمييز الممارس في الأسعار بالنسبة لعملية اكتتاب عقود التأمين بين تلك التي تسوقها شركات التأمين لدى شبكة الوسطاء المعتمدين في التأمين ومثيلتها لدى الوكالات البنكية، وبسبب هذه الممارسات والسياسات الاحتكارية والتواطؤات، فإن 90 في المائة من المكاتب توجد حاليا في حالة هشاشة وصعوبة مالية والمئات منها أفلست أو تم تفليسها في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن المنافسة الشريفة لا يتم الإشارة إليها في التقارير السنوية للهيئة الوصية على القطاع، والمقدمة إلى رئاسة الحكومة، حيث يتم تدمير مستقبل الآلاف من الأسر بسبب ممارسات مسكوت عنها والتي تضرب في الصميم كل الجهود المبذولة من طرف الدولة لتحسين صورة وجاذبية الاقتصاد الوطني.

“هدية مالية” لموظفي الهيئة من الشركات

    تم إحداث هيئة مراقبة التأمينات سنة 2016 في إطار سياسة حكيمة من الدولة، لتحديث مؤسساتها الرقابية بالنظام المالي، وإعطاء عناية خاصة لقطاع التأمين بالبلاد، والسهر على حسن سيرورته في المستقبل، باعتبارها إحدى الهيئات الأساسية للتقنين والحكامة التي يعتمد عليها المغرب في مراقبة وتنظيم القطاع المالي.

وحسب التقرير، فإن مدونة الأخلاقيات وحسن السلوك لموظفي الهيئة المعتمدة من المجلس الإداري تتضمن فقرة غريبة، تنص في الفصل 14 منها على أنه “يسمح لجميع موظفي الهيئة الحصول على الهدايا إذا كانت لا تتجاوز قيمتها 2000 درهم، شريطة أن لا تكون فقط نقدا، وذلك في إطار القيام بالمهام الوظيفية، باعتبارها مشروعة وتدخل في باب المجاملة وحسن المعاملة والبروتوكول في التعامل مع موظفي الهيئة، وفي حالة كانت الهدية بقيمة أكبر من مبلغ 2000 درهم أو نقدا، فلا بأس، حيث يكفي أخذ الموظف المعني الموافقة من السيد رئيس الهيئة”.

وقد اعتبر التقرير أن السماح للموظفين بتلقي هدايا من المؤسسات والشركات التي تخضع للرقابة، يعتبر تشجيعا على “الفساد”، وأنها أفعال يجرمها القانون الجنائي بشكل صريح وفق التشريعات المصادق عليها من البرلمان، مشيرا إلى أن هذا البند لا زال معتمدا من طرف مسؤولي الهيئة ضمن مدونة حسن السلوك لجميع الموظفين، الشيء الذي يتنافى مع تعليمات وخطابات الملك الموجهة للمسؤولين حول الحكامة وتخليق تدبير الشأن العام وتعزيز دور المؤسسات الرقابية، وتكريس الشفافية في النظام المالي والاقتصادي.

عدم تجاوب الهيئة مع الشكايات

    كشف التقرير أن هيئة مراقبة التأمينات ترفض التجاوب مع الشكايات والملتمسات المقدمة إليها من طرف المهنيين، سواء الفردية أو الجماعية، أو المقدمة إليها من قبل الهيئات، حيث تظل هذه الشكايات مهملة رغم خطورة المواضيع والمخالفات المشتكى بها، من بينها الشكاية الجماعية المقدمة من قبل “الملكية المغربية للتأمين” بتاريخ 25 نونبر 2020، والشكاية الجماعية لوكلاء شركة فرع “أليانز” الألمانية بالمغرب، وشكاية جماعية لوكلاء شركة “سند للتأمين” بتاريخ 2020.09.14، والشكاية الموجهة من قبل جمعية وسطاء التأمين المتعلقة بالتوقيف التعسفي لوسائل الإنتاج والتفليس لمئات المقاولات الصغرى والمتوسطة، والتوقيع على مستندات تحت الإكراه والضغط، والتي ظلت بدون رد من قبل الإدارة الوصية.

وتحدث التقرير عن الدورية التي أصدرتها الهيئة بتاريخ 16 يوليوز 2015، والتي تم فرضها بأثر رجعي على وسطاء التأمين لفائدة الشركات المسيطرة على القطاع، وذلك عبر دفع جميع مكاتب الوساطة لتوقيع بروتوكولات تحت الضغط والإكراه لفائدة شركات التأمين وتحميلهم ديونا غير مشروعة بفوائد بنكية وبوثائق محاسباتية غير صحيحة، وتأدية واجبات الزبناء الذين استفادوا قبل صدور الدورية من تسهيلات في الأداء، والتي كانت سببا في الزج بالمئات من الوسطاء والمستثمرين في السجن ونهب ممتلكاتهم وضياع مستقبلهم.

واتهم التقرير الهيئة بـ”التستر على جرائم اقتصادية ولاأخلاقية خطيرة تقوم بها العديد من الشركات ومن بينها شركات للتأمين ذات علامات تجارية دولية استثمرت في المغرب وعملت على نهب حقوق المستثمرين في الوساطة بمجال التأمين، وعدم احترامها للضوابط القانونية والأعراف التجارية المتعارف عليها وطنيا ودوليا، في تعاملها مع شبكة التوزيع العاملة لفائدتهم والزج بالمئات من الوسطاء في السجون ظلما بتهم وهمية وتلفيق تهمة خيانة الأمانة لهم أمام المحاكم الزجرية بخصوص منازعات عن عقود مدنية تجارية محضة”، وأشار إلى “وجود انحياز مفضوح لمصالح لوبي شركات الأبناك وشركات التأمين من خلال عدم اتخاذ أي جزاءات بخصوص الخروقات المرتكبة من طرفهم، والتي تصل إلى حد التزوير في الوثائق والمحاضر الرسمية وحرمان الدولة من مداخيل ضريبية بملايير الدراهم”، بالإضافة إلى “التغاضي عن الخروقات المسجلة بخصوص المنافسة غير المشروعة من طرف شركات التأمين وشركات الأبناك منذ سنوات والتي تصل عقوبتها قانونيا إلى 10 في المائة من رقم المعاملات السنوي، طبقا لقانون حرية الأسعار والمنافسة وأداء التعويضات للمتضررين”.

الهيئة في خدمة مصالح الشركات

    دعت جمعية الوسطاء، في تقريرها، إلى وضع حد لعمليات الاحتكار وتغول لوبي شركات التأمين الكبرى وعدم التزامها بمبادئ المنافسة الشريفة، الشيء الذي يضر بحقوق المستهلك المغربي وستكون لذلك نتائج مدمرة على مستوى التماسك الاجتماعي في ظل غياب كلي للمراقبة وتحكم فاعلين في الأسعار ووضع حد للتنافسية، رغم أن القطاع يخضع لحرية الأسعار والمنافسة منذ سنة 2006، كما دعت مؤسسات الدولة الرقابية، إلى إصدار قرارات عاجلة لوضع حد لهذه الممارسات المحظورة من الفاعلين الاقتصاديين، في إطار احترام المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية الملقاة على عاتقهم، والعمل على تحقيق التوافق بين التنافسية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وخلق مناخ رحب للاستثمار مبني على الثقة في المؤسسات والأمن الاقتصادي وإنعاش الشغل.

وطالب التقرير بإعادة النظر في الرخص الممنوحة أو إبداء الموافقة من طرف المؤسسات الرقابية، لا سيما بخصوص عمليات التركيز الاقتصادي التي تتم بين الأبناك وشركات التأمين، والتي أصبحت تمثل تهديدا حقيقيا لجاذبية الاقتصاد الوطني وتنافسيته وطنيا وقاريا ودوليا، مؤكدة على إعادة النظر في تركيبة المجلس الإداري الحالي لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، وتوسيع تركيبتها بإشراك أعضاء من مؤسسات الحكامة وممثلي هيئات المجتمع المدني التي تعنى بحماية المستهلك، وبحماية المال العام ومحاربة الفساد، من أجل المزيد من الشفافية والحكامة الجيدة.

وأوصى التقرير بمراجعة القانون الأساسي رقم 64.12 المتعلق بالهيئة الوصية على قطاع التأمينات، والتنصيص ضمن بنوده، على منع مسؤولي شركات التأمين من التعيين أو عضوية مباشرة للمجلس الإداري للهيئة أو لجن التقنين والانضباط بالهيئة، أو العكس، إلا بشروط صارمة حتى لا تصبح الهيئة مخترقة أو في خدمة لوبيات ومصالح خاصة لفاعلين اقتصاديين على حساب المصالح العليا للوطن والمواطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى