كواليس الأخبار

الملكية تفتح بابا جديدا للمصالحة مع المعتقلين السلفيين

الرباط. الأسبوع

    باشرت الدولة مع حلول عيد الفطر، قرارا غير متوقع بإطلاق سراح مجموعة من المعتقلين السلفيين الجهاديين، منهم 29 شخصا كانوا محكومين في قضايا الإرهاب، بعدما أعلنوا بشكل رسمي عن تشبثهم بثوابت الأمة ومقدساتها وبالمؤسسات الوطنية، بعد مراجعة مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية ونبذهم للتطرف والإرهاب.

في هذا الصدد، قال عبد الوهاب رفيقي، الباحث المتخصص في قضايا التطرف والإرهاب والإصلاح الديني، ورئيس مركز “وعي للدراسات والوساطة والتفكير‏”، أن “العفو الملكي بمناسبة عيد الفطر عن عدد من المعتقلين في قضية الإرهاب، يعد خطوة محمودة لا يمكن إلا تثمينها، وهي ليست المرة الأولى التي يصدر فيها العفو عن معتقلين سلفيين”، مضيفا أن العفو مندرج في إطار برنامج “مصالحة” الذي تم تدشينه سنة 2016، حيث استفاد منه عدد من المعتقلين الذين خضعوا لهذا البرنامج الذي عمره ست سنوات، ولا يمكن إلا دعم الجهود التي تبذل من خلاله.

وأكد رفيقي أن العفو الملكي مكن من حل جزء كبير من بعض الإشكالات التي ظلت مرتبطة بحادث 16 ماي، متمنيا أن يمس العفو في مناسبات قادمة معتقلين آخرين، لا سيما الذين أبدوا ندما على اعتناق الأفكار المتطرفة، وأظهروا استعدادهم للاندماج في المجتمع والعودة للحياة من جديد.

وأشار ذات المتحدث، إلى أن من بين الطرق والسبل التي تكافح بها الدولة الفكر المتطرف، مبادرات العفو التي تعطي إشارات على أن الدولة مستعدة لاحتضان أبنائها وإعادة إدماجهم في الحياة، وتمتيعهم بفرص أخرى كلما كانت نواياهم جيدة وعبروا عن استعدادهم للعودة للوطن والتصالح مع المجتمع.

في نفس السياق، اعتبر الباحث في الحركات الإسلامية، منتصر حمادة، أن “العفو الملكي الذي استفاد منه مؤخرا معتقلون من التيار السلفي الجهادي أو من المتأثرين به، يحمل عدة رسائل تهم الدولة وتهم هذا التيار، حيث أن تدبير هذا الملف الشائك لا يرتبط بأوضاع مغربية فقط، بل له تعقيدات في الخارج بسبب تأثير المنظومة السلفية الجهادية على نسبة من مراهقي وشباب المنطقة، وبالتالي، جرى تأثير للخطاب نفسه على نسبة من المراهقين والشباب المغربي”.

وأكد أن العفو الملكي يندرج في سياق تزكية مشروع “المصالحة” الذي أطلقته الدولة، عبر انخراط عدة مؤسسات في تفعيله، منها المؤسسات السجنية والحقوقية والمؤسسة الدينية وغيرها، مبرزا أنه مشروع انطلق سنة 2017 ويعرف سنويا الإفراج عن أفواج من المعتقلين بعد إعلانهم بشكل رسمي عن تمسكهم بثوابت الأمة ومقدساتها والمؤسسات الوطنية، وبعد مراجعة مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية ونبذهم للتطرف والإرهاب.

وقال أن رسالة الإفراج عن المعتقلين تبعث على التفاؤل من جديد لدى المعتقلين، بأن يتم الإفراج عن أسماء لها وزنها في التيار السلفي الجهادي، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الاتهامات التي كانت لصيقة بهم، حيث أن من بين المفرج عنهم هناك ثمانية أسماء لها وزنها، الأمر الذي يبين استجابة الدولة للمراجعات الصادرة عن هذه الأسماء، وبالتالي، تشجيع بقية المعتقلين الآخرين للانخراط في هذا الخيار الذي عنوانه المراجعات والمصالحة.

من جانبه، عبر الحقوقي محمد الزهاري، عن ترحيبه بالعفو الملكي الصادر في حق بعض المعتقلين السلفيين، والذي يأتي بعد مراجعاتهم للأفكار المتطرفة، والعنف الذي كانوا يؤمنون به اتجاه الأفراد والجماعات والمؤسسات العمومية وأجهزة الدولة، مؤكدا أن شخص ينبذ العنف ويرغب في السلم والسلام والانخراط في المجتمع، مرحب به.

وأشاد بالعمل الذي تقوم به مؤسسات الدولة من خلال العمل على تشجيع الأشخاص على المراجعات الفكرية داخل السجون في إطار برنامج يتضمن المواكبة والإدماج والتفاوض مع هؤلاء المعتقلين، مشيرا إلى أن العفو مرحب به من الناحية الحقوقية، لأنه يمنح الحرية للناس الذين قرروا مراجعة أفكارهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى