تحقيقات أسبوعية

متابعات | أول مواجهة بين الأمانة العامة للحكومة والمعارضة

حول سحب القوانين من البرلمان..

عادت قضية سحب القوانين من البرلمان إلى الواجهة بعد جواب الأمين العام للحكومة محمد الحجوي، على مراسلة المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، والتي انتقدت قيام الحكومة بسحب مجموعة من مشاريع القوانين من مجلس النواب، قائلة أن هذه العملية تمت بشكل انتقائي يطرح الكثير من الأسئلة حول تصورها ومخططها التشريعي، لاسيما وأن المشاريع المسحوبة من مجلسي البرلمان لها علاقة بمحاربة الفساد والريع.

واعتبرت المجموعة النيابية لـ”البيجيدي” في سؤالها إلى الأمانة العامة للحكومة، أن سحب هذه المشاريع صادم، لأن الأمر – في نظرها – يتعلق بنصوص قانونية حظيت بمصادقة المجلس الحكومي، وتتعلق بتنزيل استراتيجيات وطنية تتجاوز الزمن الحكومي، مشيرة إلى أن “عملية السحب تستبطن أن للحكومة مخططا تشريعيا يفترض أنه يحدد الأولويات التشريعية ويتناغم مع البرنامج الحكومي، وهو ما يجب معرفته”.

وكانت فرق المعارضة قد انتفضت ضد وزير العدل والحكومة، بسبب سحب مشروع الإثراء غير المشروع، الذي يعتبر قانونا مهما لمحاربة الفساد ومساءلة المسؤولين عن مصدر ثرواتهم، وحماية المال العام من النهب، مؤكدة رفضها للسياسة التي تنهجها الحكومة فيما يتعلق بتعطيل مشاريع قوانين مرتبطة بالإصلاح ومحاربة الفساد.

تتمة المقال بعد الإعلان

من جانبها، ردت الأمانة العامة للحكومة على اتهامات فرق المعارضة البرلمانية للحكومة وعن سؤال المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بخصوص مسألة سحب مشاريع القوانين، قائلة أن “الحكومة تقوم بواجبها الدستوري على أكمل وجه في إطار قانوني ليس فيه أي إشكال”.

 

إعداد. خالد الغازي

تتمة المقال بعد الإعلان

 

الحجوي يدافع عن الحكومة

    رفض الأمين العام للحكومة، محمد الحجوي، الاتهامات التي وجهتها المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية للحكومة بحماية الريع والفساد، بعد سحبها لعدد من مشاريع القوانين من المؤسسة التشريعية، معتبرا أن من حق الحكومة دستوريا سحب القوانين التي تريد استنادا إلى النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان.

تتمة المقال بعد الإعلان

وقال الحجوي في رده عن سؤال كتابي لرئيس المجموعة النيابية عبد الله بوانو: “ليس هناك ما يخالف الدستور، لكون المادة 177 من النظام الداخلي لمجلس النواب، تنص على أنه للحكومة أن تسحب أي مشروع قانون في أي مرحلة من مراحل المسطرة قبل تمام الموافقة عليه في مجلس النواب”، مضيفا أن “من حق الحكومة اللجوء إلى هذه المسطرة، وليس في ذلك ما يخالف الدستور أو القوانين التنظيمية”، وأوضح الحجوي ذلك بأن مقتضيات المادة 196 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، تقول “يمكن للحكومة أن تسترجع أو تسحب مشاريع القوانين المقدمة من لدنها متى شاءت وفي أي مرحلة من مراحل المناقشة، شريطة اتباع نفس مسطرة إيداعها، ما دامت تلك المشاريع لم تتم المصادقة عليها من قبل مجلس المستشارين”.

الانتقائية في سحب القوانين

    ترى فرق المعارضة أن الحكومة تتعمد سحب القوانين التي تخدم جهات ولوبيات معينة، وخاصة المستفيدة من الريع والملك العمومي والإثراء غير المشروع من خلال التلاعب بالصفقات العمومية واختلاس المال العام، والتي تعتبر مشاريع مهمة لتقويض الفساد ومحاصرته وتخليق الحياة العامة، وربط المسؤولية بالمحاسبة وزرع القيم الفضلى داخل المجتمع.

تتمة المقال بعد الإعلان

في هذا السياق، أكد النائب البرلماني، مصطفى الإبراهيمي، أن “المجموعة النيابية والمعارضة لا تناقش دستورية سحب القوانين من طرف الحكومة، وإنما ترى أن سحب هذه القوانين من الحكومة تم بانتقائية من خلال سحب مشاريع معينة ومختارة، على غرار مشروع تجريم الإثراء غير المشروع الذي كان على الأغلبية الحكومية النظر فيه ومعالجته وإدخال التعديلات التي تريد، لأنها تتوفر على أغلبية مريحة تمكنها من تمرير القوانين عبر التصويت عليها بأغلبية مريحة جدا”، وأضاف أن “الحكومة قامت أيضا بسحب قانون احتلال الملك العمومي والملك البحري، الذي تستفيد منه أسماء حزبية ووزراء سابقين لديهم مصالح متضاربة، لهذا تمت عرقلة تمرير هذا المشروع وضغطت هذه الأسماء على أحزابها لتجميد المشروع القانون”، مشيرا أيضا إلى قانون منح التغطية الصحية والذي يعتبر مشروعا مهما يسمح بتوسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل الوالدين، ويهدف إلى تمكينهما على غرار الزوج والأولاد، من الاستفادة من نظام التأمين الإجباري عن المرض لفائدة الأجراء وأصحاب المعاشات في القطاع العام، متسائلا عن الانتقائية التي تقوم بها الحكومة في سحب مشاريع قوانين معينة عوض سحب جميع القوانين دفعة واحدة من البرلمان وإعادة النظر فيها وتجويدها.

وأبرز الإبراهيمي، أن هناك العديد من الخلافات المطروحة مع الحكومة، والتي لا ترغب في الإجابة عنها أو معالجتها، من بينها مسألة الزيادة في ثمن المحروقات دون أن تتدخل الحكومة ورئيسها الذي يملك أكبر شركة لتوزيع المحروقات، وهنا لديه مسألة تضارب المصالح، لكون شركته تحقق أرباحا هائلة من هذه الزيادات، إلى جانب استفادة الدولة من هذه الزيادات بنسبة ضريبية تصل لـ 30 بالمائة في “الغازوال” أو البنزين، متسائلا: أين تقرير مجلس المنافسة بخصوص المحروقات؟ ولماذا لم يخرج للوجود بعدما أصدر المجلس تقريرا حول أزمة ارتفاع أسعار الزيوت النباتية، وبرأ الشركات المحتكرة للسوق الوطنية من المسؤولية؟

وانتقد ذات البرلماني تهرب الحكومة من الإجابة عن قضايا الأسعار والمحروقات، فهي ليست لديها رغبة في حل المشكل، سواء بتسقيف الأسعار، أو نقص الضريبة والأرباح، إذ تتذرع دائما بالسوق الدولية وأزمة أوكرانيا، وترفض التواصل مع المعارضة والإجابة عن تساؤلاتها حول العديد من القضايا.

تتمة المقال بعد الإعلان
تنسيقية أحزاب المعارضة في البرلمان

 

أسباب سياسية

    يرى المحلل السياسي عبد الرحيم العلام، أن الحكومة الجديدة الليبرالية من حقها أن تجهز مشاريع جديدة، وليس عليها أن ترتهن بقوانين وضعتها حكومة إسلامية أو ذات مرجعية دينية لم تحسم فيها أو تمررها، حيث من حقها سحب مشاريع موضوعة لدى البرلمان منذ مدة ولم يتم البت فيها، مضيفا أنه من الناحية الدستورية والسياسية، من حق الحكومة أن تسحب المشاريع حتى لو كانت انتقائية، ولكن تقييم عملية السحب سيكون بعد إعادة هذه المشاريع إلى قبة البرلمان.

وأوضح أن هناك أسبابا سياسية هي التي دفعت الحكومة إلى سحب هذه المشاريع، قصد تجويدها وتطويرها، وهذا هو الظاهر للعلن، لكن إذا كان السحب يخفي أمورا أخرى، من قبيل رفض بعض الجهات داخل الحكومة لقانون الإثراء غير المشروع أو إلغاء إشراك الوالدين في التغطية الصحية، وعدم الإضرار بحقوق اجتماعية للمواطنين أو محاربة الفساد، فالموضوع يتطلب الانتظار إلى حين إعادة الحكومة هذه المشاريع المسحوبة إلى البرلمان، لمقارنتها مع المشاريع السابقة، ثم الحكم هل الأمر يتعلق بتجويد أم بإفساد للقوانين والتقليل من جودتها.

واعتبر العلام أن عملية سحب مشاريع القوانين من البرلمان تحسب لهذه الحكومة، لأنه بإمكانها أن تترك هذه المشاريع في خزانة البرلمان تستمر لأربع أو خمس سنوات أخرى كما كان من قبل، بعدما ظلت العديد من المشاريع عالقة ومجمدة في المجلسين، مثل مشروع قناة البرلمان الموجود في مجلس المستشارين منذ سنة 2016، وقانون مدونة التغطية الصحية للوالدين منذ سنة 2016 أيضا، ثم مسودة القانون الجنائي منذ سنة 2014-2015.

وكشف نفس المتحدث عن كون مشروع القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية ظل يراوح مكانه في ثلاجة الأمانة للحكومة وفي عهد حكومة العثماني، منذ سنة 2011، قبل أن تخرجه الحكومة الحالية إلى حيز الوجود، حيث صادق عليه مجلس النواب في انتظار مصادقة مجلس المستشارين قبل إعادته إلى المحكمة الدستورية، مؤكدا أنه قانون تنظيمي ومهم جدا، من شأنه أن يجود المنظومة القانونية ويساهم في تعديل مجموعة من القوانين، ويجعلها ملائمة للدستور ويسهل ولوج الأفراد إلى المحكمة الدستورية، إذ سيصبح بإمكان أي مواطن الدفع بعدم دستورية القوانين أمام المحكمة الدستورية، بعدما كانت من اختصاص الملك ورئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان.

سحب قوانين مهمة

    العديد من مشاريع القوانين التي قامت الحكومة بسحبها من البرلمان تطرح عدة تساؤلات، ليس عند المعارضة فقط، بل حتى لدى الرأي العام والهيئات الحقوقية والمدنية، حيث تم سحب مشروع القانون رقم 10.16 الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، الذي يتضمن محور “الإثراء غير المشروع”، ومشروع القانون رقم 03.19 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة يتضمن “الملك البحري”، وكذا مشروع القانون رقم 20.46 بتغيير وتتميم القانون رقم 13.33 المتعلق بالمناجم، ومشروع القانون رقم 63.16 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، ومشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة وكيل أعمال ومحرر العقود الثابتة التاريخ.

وقد انتقد النائب البرلماني رشيد حموني، عن حزب التقدم والاشتراكية، الحكومة، لأنها “تعمل كل ما في وسعها لحماية الريع والامتيازات، حيث أنه بعد سحبها لقانون الإثراء غير المشروع، أقدمت وبدون تقديم إيضاحات، على سحب مشروع القانون رقم 03.19 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، بعد أن تم تقديمه في نهاية الولاية السابقة بلجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، من طرف وزير التجهيز السابق، الذي استطاع إخراج هذا المشروع بعد 12 سنة من المشاورات”، مشيرا إلى قيام الحكومة بسحب مشروع القانون رقم 46.20 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم، والذي جاء كذلك للحد من التلاعبات بالمناجم وإضافة بعض المواد، وهو قانون كذلك مهم جدا.

وأضاف حموني في تدوينة له بحسابه “الفايسبوكي”: “وراء هذا السحب ضغط وزراء سابقين ومدراء مركزيين يستفيدون من الملك البحري العمومي، ببناء مشاريع وفيلات وسكن رئيسي وثانوي على شواطئ البحر، بالاستغلال المؤقت، وهذا القانون سيضع حدا لهذه الامتيازات ويمهلهم 7 سنوات لإخلاء الملك العمومي”، وتابع: “لكن الغريب أنه عوض اجتهاد هذه الحكومة على مستوى الإنتاج التشريعي، اجتهدت في سحب جميع القوانين التي تضر بمصالح اللوبيات”.

مشاريع عالقة

    الكثير من الملاحظين يعتبرون أن الأمانة العامة للحكومة تعتبر بمثابة ثلاجة للقوانين والمشاريع التي تسعى الحكومات والأحزاب إلى تأجيلها وعرقلة مسارها، بحيث ظلت الكثير من القوانين عالقة لدى الأمانة العامة، من بينها مشاريع قوانين تتعلق بالهيئات المهنية وممارسة بعض المهن، وتنظيم بعض القطاعات المهمة في المجتمع.

وحسب موقع الأمانة العامة للحكومة، فإن “العديد من المشاريع لازالت عالقة لدى القطاعات الحكومية، ومشاريع أخرى مودعة لدى البرلمان، من بينها مشاريع لها عدة سنوات لم تخرج لحيز الوجود، مثل مشروع قانون مدونة التعاضد، ومشروع قانون تنظيمي يتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ومشروع قانون متعلق بالنظام الأساسي لغرف التجارة والصناعة والخدمات، ومشروع قانون متعلق بالاتصال السمعي البصري، ومشروع يحدد شروط استيراد وتصدير النفايات، ومشروع يتعلق بممارسة مهن الترويض…”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى