جهات

حديث العاصمة | المنتخبون لا يفرقون بين حرف “م” وحرف “ن”

بقلم: بوشعيب الإدريسي

    بالرغم من تواجدهما جنبا إلى جنب في منظومة الحروف الأبجدية ولا يفرقهما أي “دخيل”، فإن حرفي الميم والنون لا يلتقيان إلا في كلمة “من”، ولم نكن نتصور ثورتهما إذا توسطهما حرف آخر في كلمة، في انقلاب تام للهدف يفرضه كل حرف على حدة، فيصير متحكما وموجها للغرض المنشود، وتمعنوا في كلمتين بحروف متساوية ومتجانسة إلا في وسطها: “مهنة” و”مهمة”، فالمهنة حرفة ما لها وما عليها، والمهمة كانت إنسانية أو انتخابية، فهي تطوعية ونضالية.. إنها ثورة الحرفين: الميم والنون، ويمكن على “سبيل البسط” ربطهما بعائلة كلمة “منتخبين”، ربما لهذا الانتساب والتقارب والتجانس لم يفرق منتخبونا بين هدف الميم وغاية النون، فحوروا مهمة انتخابهم إلى مهنة بالتعاقد لمدة 6 سنوات، وهم بذلك يتفوقون على أساتذة وأطباء ومهندسين بـ”الكونطرا” لمدة سنة فقط قابلة للتجديد أو للإلغاء، بينما شرّع بعض المنتخبين لأنفسهم تشريعا يمتعهم لأزيد من نصف عقد من الزمن، ممارسة تتلخص في حضور 3 مرات في السنة إلى قاعات بأرائك مريحة للجلوس وبمكيفات تكيف الجو حتى يمتازوا عن الذين يرتعدون من قساوة الطقس أو الذين يتصببون عرقا من شدة الحر، ومن بين هؤلاء من اختلط عليهم مفهوم المهمة بقوة المهنة، خصوصا وأن لها تعويضات في حكم أجور، وتقطر امتيازات لن توفرها أي مهنة أخرى، مثل السيارات والتلفونات والنفوذ، والتحكم في الصفقات والتوظيفات وركوب الطائرات للحضور في لقاءات “خاوية الوفاض” مما يهم عاصمة المملكة ومستقبل سكانها.. ولا مجلس بمعارضته عارض أو احتج على ما يجري ويدور في الدورات التي صارت بدون أهمية للرباطيين..

فأين هي المهمة التي انسلخت منها السياسة وربما لعدم وجود سياسيين.. وقد كنا نأمل أن تحضر مكانها الإنسانية، وما أحوج عاصمة الثقافة إلى إنسانية منتخبيها وهم الملزمين برعاية وكفالة سكان هذه العاصمة، فإذا بهم عنها منشغلون بالبحث عن “كنوز” الانتخابات و”خيرات” الرباطيين، غير مبالين بالحدث العالمي الذي ستحتضنه المدينة التي يمثلونها ويسيرون شؤونها.

كنا سنتباهى بهم أمام مثقفي العالم لو فاجئوهم بقرار تنازلهم عن امتيازاتهم لفائدة إحداث صندوق يمول نفقات طباعة الكتب والنشرات طيلة أيام المعرض الدولي للكتاب والنشر.. مبادرة ستطوف كل البلدان لرمزيتها مؤكدة تجذر الفكر الثقافي في الإنسان الرباطي المؤطر من منتخبيه. من يدري.. ربما يفعلونها ليغفر لهم الرباطيون ما تأخر وما تقدم من أخطاء و”كوارث”.      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى