تحقيقات أسبوعية

تقرير | العدوي تكشف أسباب فشل الحكومة والمؤسسات المنتخبة

مجلس الحسابات يقدم الحساب

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، الذي ترأسه زينب العدوي، أن الأزمة الصحية العالمية أثرت على الاقتصاد الوطني، حيث عرف الناتج الداخلي الإجمالي تراجعا كبيرا خلال سنة 2020، بنسبة بلغت 6.3 بالمائة، وسجلت في نفس السنة فقدان ما يزيد عن 430 ألف منصب شغل همت بالأساس القطاع الفلاحي والخدمات، مما نتج عنه ارتفاع في نسبة البطالة لتقارب 12 بالمائة عند نهاية سنة 2020.

وقام المجلس بإنجاز 665 مهمة رقابية من طرف المحاكم المالية، منها 107 أنجزت على صعيد غرف المجلس و558 مهمة على مستوى المجالس الجهوية الاثنتي عشر، حيث شملت المهام: التصريح الإجباري بالممتلكات، مراقبة حسابات الأحزاب السياسية، تتبع تنفيذ التوصيات، وتدقيق البرامج الممولة من طرف هيئات الأمم المتحدة، وتوصل إلى وجود اختلالات وهفوات على صعيد الجماعات الترابية، ومجالس العمالات والأقاليم، وتعثر البرامج والمشاريع، وإشكالية القضاء على دور الصفيح وفشل البرامج المرافقة، بالإضافة إلى مشاكل أخرى تتعلق بصندوق التقاعد، والتدبير الضريبي، والتعليم القروي والخدمات القنصلية والإدارية وغيرها.

 

تتمة المقال بعد الإعلان

إعداد: خالد الغازي

 

إحالة ملفات على القضاء

تتمة المقال بعد الإعلان

    كشف مجلس الحسابات عن حصيلة عمل المحاكم المالية في إطار الاختصاصات والمهام الرقابية التي تنجزها، حيث بلغ عدد الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم المالية برسم سنتي 2019 و2020، 287 حكما وقرارا في إطار 72 قضية حكمت فيها بعقوبات في حق المسؤولين الذين ثبت ارتكابهم لمخالفات مستوجبة للمسؤولية، وذلك في إطار ممارستها لاختصاص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.

وذكر التقرير السنوي للمجلس، أن مجموع مبالغ الغرامات المحكوم بها في إطار هذه القضايا، بلغ 5 ملايين و228 ألفا و700 درهم، في حين بلغ مجموع مبالغ إرجاع الأموال المحكوم بها، مليون و338 ألفا و237 درهما.

وعلى مستوى القضايا التي بتت فيها المجالس الجهوية للحسابات، فإنه من أصل 192 قضية رائجة، توزعت الطلبات الموجهة إلى وكلاء الملك لدى هذه المجالس، بين تلك الصادرة عن رؤساء المجالس الجهوية للحسابات على إثر مداولات هيئات هذه المجالس، سواء في إطار التدقيق والبت في الحسابات، أو مراقبة التسيير بنسبة 68 بالمائة، وتلك الصادرة عن وزير الداخلية استنادا إلى تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية بنسبة 32 بالمائة.

تتمة المقال بعد الإعلان

وأشار التقرير إلى أن النيابة العامة لدى المجلس، قامت خلال نفس الفترة، بإحالة 22 ملفا على الوكيل العام لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، قصد اتخاذ المتعين بشأن هذه الملفات، فيما اتخذت مقررات بعدم إثارة الدعوى العمومية بشأن 6 ملفات لعدم كفاية القرائن والإثباتات.

 اختلالات في تسيير الجماعات

    حسب مجلس العدوي، فإن بعض الجماعات الترابية لم تقم بإعداد مخططاتها التنموية، مما يؤشر على غياب الرؤية التنموية لدى الجماعات المعنية والتي تمكنها من تشخيص دقيق لمؤهلاتها وإمكانياتها المالية والطبيعية، وتحديد حاجيات الساكنة، استنادا إلى منهجية تشاركية لإرساء تنمية محلية مندمجة ومستدامة، وأوضح أن 20 جماعة بإقليم خنيفرة لم تتوفر على المخطط التنموي، ولم يتم إعداد المخطط الجماعي للتنمية بالنسبة لجماعات سبت النابور بسيدي إفني، وجماعتي الوطية وتلمزون بإقليم طنطان، مشيرا إلى أن 12 جماعة بجهة تافيلالت لم تحترم المدة الزمنية التي يجب أن يغطيها المخطط الجماعي للتنمية، وخمس جماعات بإقليم زاكورة وثلاثة بميدلت وجماعتان بإقليم تنغير، وجماعة بإقليم الراشيدية.

تتمة المقال بعد الإعلان

وأكد التقرير أن بعض الجماعات قامت بإنجاز مشاريع لا تندرج في الأصل ضمن تلك الواردة بمخططاتها التنموية، ولم يتم تحيينها وفق ما ينص عليه المخطط الجماعي، مما يبرز عدم فعالية آلية التخطيط في تدبير شؤون هاته الجماعات، إذ تم حصر عدد المشاريع المنجزة خارج المخططات الجماعية في 71 مشروعا على صعيد جهة درعة تافيلالت، وسجل التقرير ضعف الإمكانات المالية للجماعات مقارنة بتكلفة مخططاتها الجماعية، وكذا تأخر الجماعات في إعداد برامج العمل والمصادقة عليها من طرف مجالسها، حيث تجاوزت مدتها في بعض الحالات ثلاث سنوات أي نصف المدة الانتدابية، بينما لم تتمكن جماعات أخرى إلى حدود تواريخ مراقبة التسيير، من إعداد مشاريع برامج عملها وعرضها على المجالس.

 

غياب الحكامة في مجالس العمالات

تتمة المقال بعد الإعلان

    تحدث تقرير مجلس الحسابات عن وجود قصور في إرساء قواعد الحكامة الجيدة بنسب متفاوتة حسب العمالات والأقاليم، مما نتج عنه رصد غياب جزئي أو شبه كلي للآليات الضرورية لمواكبة العمالة أو الإقليم لبلوغ حكامة جيدة في تدبير شؤونها، وممارسة الاختصاصات الموكلة لها وعدم تفعيل مقتضيات النظام الداخلي المتعلق بتدبير أشغال هيئات الحكامة المحلية.

ووقف المجلس على ضعف مردودية اللجان الدائمة المحدثة (لجنة الميزانية والشؤون المالية، ولجنة التنمية القروية والحضرية وإنعاش الاستثمارات والماء والطاقة والبيئة، ولجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة)، مشيرا إلى وجود تدخل بعض أعضاء مجلس العمالة أو الإقليم في التسيير الإداري المباشر لشؤون العمالة أو الإقليم.

وحسب التقرير، فإن مجالس العمالات والأقاليم تفتقر لنظام معلوماتي ترابي يمركز المعطيات الإحصائية والخرائطية التي تنتجها مختلف القطاعات، باعتبارها أداة أساسية للتشخيص وترتيب الأولويات والمشاريع، إضافة إلى أنه لا يتم استغلال المعلومات والمؤشرات المتوفرة ببنك المعطيات الإحصائية المدبر من طرف المديريات الجهوية للتخطيط، كما سجل التقرير عدم مراعاتها أثناء إعداد برامج التنمية، للتوجهات الاستراتيجية للسياسة العمومية لإعداد التراب ووثائق التعمير، بالنسبة للجماعات الترابية والمغطاة بهذه الأخيرة.

تعثر مئات المشاريع

    العديد من المشاريع التي تواجه صعوبات لعدة أسباب، ترتبط بمراحل التخطيط وتنفيذ الأشغال واستغلال المنجزات، حيث يقول التقرير أن عمليات الرقابة خلال متم سنة 2020، كشفت أن عددا من المشاريع التي تواجه صعوبات بلغت 2635 مشروعا، بقيمة مالية ناهزت 19.4 مليار درهم، منها 1369 مشروعا بقيمة مالية بلغت 14.8 مليار درهم تعرف صعوبات على مستوى تنفيذ الأشغال، و1266 مشروعا بتكلفة مالية تقدر بحوالي 4.6 مليار درهم تعرف صعوبات على مستوى الاستغلال، وأن عدد المشاريع التي تجاوزت الصعوبات التي كانت تعاني منها، بلغت 1147 مشروعا بنسبة 44 بالمائة، ويتعلق الأمر بمؤسسات استشفائية وتعليمية وأخرى للتكوين المهني، أو مرتبطة بالمجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية أو مشاريع ذات طابع تجاري.

وأشار التقرير إلى أن أسباب تعثر هذه المشاريع مرتبطة بعدة عوامل، أهمها التخطيط، وضعف الدراسات التقنية والمالية، ومحدودية التنسيق بين الأطراف المعنية بالمشروع، وعدم تحديد التزامات الأطراف، أو عدم إبرام اتفاقيات شراكة، فضلا عن عدم تسوية الأراضي المحتضنة للمشاريع العمومية.

فشل في ضبط أسواق الجملة

    حسب مجلس الحسابات، فإن الجماعات الترابية لا تستطيع التحكم في أسواق البيع بالجملة للخضر والفواكه، لأنه يتميز بمنافسة شديدة معلنة وغير معلنة، إذ تبقى الأسواق مفتوحة في وجه السلع من مختلف المناطق وتقدم خدماتها للمرتفقين والمستفيدين كيفما كانت وجهتهم، مثلا يكتسي سوق الجملة للخضر بالدار البيضاء طابعا وطنيا، وأسواق أخرى كفاس ومكناس تكتسي طابعا جهويا.

وأضاف التقرير، أن العمليات الرقابية المعتمدة والمقابلات الميدانية، كشفت عن انتشار ظاهرة البيع المباشر بين تجار الجملة وتجار التقسيط في محلات معدة لهذا الغرض، كما يلجأ بعض كبار مستهلكي الفواكه والخضر (المطاعم، الفنادق) إلى التزود مباشرة من المنتجين، مبرزا أن أسواق الجملة الخاضعة للجماعات تواجه عدة معيقات تحد من أدائها، ترتبط أساسا بالترسانة القانونية، التي تعود إلى الستينات، خصوصا فيما يتعلق بإلزامية ولوج الخضر والفواكه عبر هذه الأسواق، ومواصلة العمل بنظام الوكلاء، والمقتضيات المتعلقة بالأداء، فضلا عن المنافسة التي تتسبب فيها الأسواق غير النظامية.

وأوصى المجلس بوضع استراتيجية وطنية للتعاون بين الجماعات الترابية وتحديد المجالات ذات الأولوية والمبادئ التي يتعين توفرها لإحداث جهاز تعاون، والحرص على التقييم الأولي للحاجيات، ثم توفير التمويل الضروري ووضع تصور شامل عن المهام التي سوف تناط بالأجهزة والنطاق الترابي لتدخلاتها.

 نظام التقاعد وخطر الإفلاس

    أكد تقرير المجلس، أن تغطية التقاعد الإجمالية للسكان النشيطين في المغرب تظل محدودة، حيث أنه من بين 4.4 ملايين شخص مع نهاية سنة 2019، لا يتجاوز معدل التغطية 42 بالمائة، رغم التقدم الكبير الذي لوحظ خلال السنوات الأخيرة على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ لا يتجاوز المشمولون بتغطية التقاعد 33 بالمائة من مجموع النشيطين، وبالتالي، بلغ عدد النشيطين غير المشمولين بتغطية التقاعد 6.3 ملايين عامل نهاية سنة 2019.

وأبرز التقرير أن أنظمة المعاشات الأساسية تعاني من اختلال على مستوى التوازنات المالية، مما يؤثر سلبا على ديمومتها، وبالتالي، على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين المستقبليين، مضيفا أن وضعية المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد صعبة رغم التعديلات المهمة لمقاييس النظام التي جاء بها إصلاح 2016، ما أمكن من تقويم التوازن بشكل ملحوظ في كلفة الخدمات، بحيث يعرف هذا النظام عجزا إجماليا ومن المنتظر أن يستنزف احتياطاته في سنة 2026.

وحسب التقرير، فإن نظام المعاشات المدنية يتخبط في اختلالات عميقة تهم توازنه المالي وديمومته، ورغم الإصلاح المعياري وسلسلة من الإجراءات المتخذة، فإنه يترقب تصحيح مختلف مؤشرات النظام على المدى الطويل، إذ أنه – وفق التوقعات – سيواجه النظام مخاطر السيولة اعتبارا من سنة 2023، وستستهلك احتياطاته المالية بحلول سنة 2027، مشيرا إلى أن الإصلاحات المتخذة مكنت من تمديد أفق ديمومته من سنة 2021 إلى 2027، وتقليص العجز التراكمي إلى سنة 2065، وبحلول سنة 2027 ستصل الالتزامات غير المغطاة مبلغ 723 مليار درهم، وبالتالي، سيصبح نظام المعاشات المدنية غير قادر على الوفاء بالتزاماته تجاه المتقاعدين، معتبرا أن الإصلاحات المعيارية المرتبطة بإصلاح منظومة التقاعد والتدابير المتخذة للحفاظ على استدامة أنظمة المعاشات الأساسية غير كافية.

وأشار التقرير إلى أن نظام الضمان الاجتماعي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو نظام إلزامي لأجراء القطاع الخاص، لكن نسبة كبيرة من العاملين والأجراء لا يتم التصريح بهم لدى الصندوق، حيث قدرت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي عددهم بـ 830 ألف سنة 2019.

ثغرات ضريبية

    كشف التقرير عن مجموعة من الملاحظات بخصوص تدبير الوعاء الضريبي، من بينها أنه لا يتم القيام بالإحصاء السنوي طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 17 من القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية، وذلك قصد تحديد أساس وسعر فرض الرسم المهني الخاص بالمزاولين لنشاط مهني، مما يؤدي إلى عدم استغلال الإمكانيات المتاحة من خلال هذه الآلية لتوسيع قاعدة الوعاء الضريبي، ورصد الإعفاءات غير المستحقة، بالإضافة إلى عدم تحيين المعلومات بخصوص استمرار أو توقف الأنشطة المهنية.

وأضاف التقرير أن معظم المديريات لا تقوم بوضع خطة فعالة لحل إشكالية الشركات غير النشيطة (المشطب عليها وغير المشطب عليها، والتي لم تعد تزاول نشاطا مهنيا لعدة سنوات)، إذ في حال اختيار المديرية عدم تطبيق التضريب، فإن ذلك يتم دون التأكد من عدم استمرارية وجود هذه الشركات من خلال التحريات الميدانية، أو لدى الجهات المختصة بما فيها المحاكم التجارية للاستفسار عما إذا كانت الشركات المعنية قد شطب عليها من السجلات التجارية  أو التي قيد التصفية القضائية، وفي غياب هذه التحريات، لا يمكن اعتبار الشركات غير النشيطة غير موجودة، لأنها لا تزال تتمتع بوجود قانوني.

تعثر برنامج “مدن بدون صفيح”

أكد مجلس العدوي، أن برنامج “مدن بدون صفيح” واجه صعوبات كبيرة في المضي بالسرعة المطلوبة لتحقيق الأهداف المحددة والتمكن من القضاء على أحياء الصفيح، وأن 78 بالمائة من الأسر هم المستفيدون الأصليون الذين يقيمون في مساكنهم، وأضاف أن عمليات إعادة الهيكلة لم تحقق الأهداف المتوخاة، رغم أنها مكنت من تحسن طفيف في الظروف المعيشية للمستفيدين، لأن الطرق الضيقة وكثافة الأحياء والتأخير في تصفية العقار وطرق البناء، يجعل هذا النسيج يحتفظ دائما بمظهر أحياء الصفيح.

وأبرز التقرير أن برنامج “مدن بدون صفيح” شهد اختلالات متعددة، تتجلى في عدم توفر الجهات الفاعلة على وثيقة تصف الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها أو التي سيتم اتخاذها لإبرام وتنفيذ بنود عقد المدينة، مضيفا أن معظم عقود المدينة واتفاقيات التمويل، لم تسبقها دراسات تشخيصية حول البيئة البشرية، والاقتصادية للساكنة المعنية، بل تم اعتماد تقديرات سطحية مؤقتة للمستفيدين من البرنامج وليس إحصاء رسميا وفق توصيات خطة تنفيذ البرنامج.

وقال التقرير أن الدعم المقدم من طرف صندوق التضامن للسكن والاندماج الحضري، في هذا البرنامج لا يمكن أن يحقق الأهداف المسطرة إلا إذا تم ضبط واحترام كيفية تخصيصها، إذ لوحظ في بعض العمليات أنه تم تمويلها بالكامل بواسطة الصندوق.

واعتبر التقرير أن البرنامج يواجه مجموعة من التعقيدات والصعوبات، خاصة بالمدن الكبرى، بسبب التغييرات المتكررة لأهداف البرنامج، إذ كثيرا ما تمت مراجعة الأهداف، التي أصبحت متجاوزة أمام الزيادة المستمرة في عدد الأسر القاطنة في الأحياء الصفيحية، ويستهدف البرنامج حاليا معالجة 472 ألفا و723 أسرة موزعة على 85 مدينة، بدلا من 270 ألف أسرة بـ 70 مدينة في سنة 2004، أي بزيادة بلغت 75 بالمائة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى