جهات

حديث العاصمة | الرباط على موعد مع التاريخ الثقافي

بقلم: بوشعيب الإدريسي

    لم يكن النضال الثقافي للرباطيين مجرد سحابة صيف عابرة أو مناسبة، بل هو عقيدة راسخة تتوارثها الأجيال وكل جيل يشيد طابقا من العرفان فوق أساس صلب وضعه الرواد وصمموا له ثلاث واجهات: واجهة الكفاح الوطني فسجلوا أعظم الانتصارات، وواجهة الثقافة المتنورة فأناروا بها مدينة الأنوار، ثم واجهة التربية على الثقافة ونحن انصهرنا فيها بعدما وجدنا كنوزا من الإرث التنويري لآبائنا تغمدهم الله برحمته، الذين زرعوا وكافحوا وضحوا من أجل جعل الرباط عاصمة للثقافة، حيث انتشر صيتها بتنظيم الندوات والمحاضرات واللقاءات الفكرية على مدى عقود، فوصل إشعاعها إلى كل دول القارة الإفريقية، التي ارتضت أن تكون العاصمة المغربية مركزا لثقافتها وسراجا منيرا لمثقفيها.. ولم تغتر الرباط بلقبها الجديد، بل ورغم ظروف الجائحة وتداعياتها، شقت طريقها نحو العالمية متحدية الإكراهات التي لم تعجزها عن استئناف كفاحها لأداء رسالة الوفاء للعباقرة، الذين رحلوا والذين ورثوا عنهم أسرارهم فهيئوا وحصروا للرباط ثورة ثقافية مستمرة إلى يومنا هذا، مما أهل عاصمة الثقافة لاحتضان المعرض الدولي للنشر والكتاب، وهو معرض لا علاقة له بالتجارة، بل اعتراف بمكانة الرباط الثقافية في القارة السمراء، وتكريم لإنسانها المثقف المناضل المنتج للأفكار البناءة.

ليطرح السؤال: ماذا أعدت مجالس العاصمة لهذا الموعد الثقافي، مع العلم أن المعرض الدولي للكتاب سيعود لمدينة الدار البيضاء، مكانه الأصلي؟ وهو مناسبة ربما لن تتكرر.. فهذه المجالس من حقها طلب اعتمادات خاصة من الوزارة الوصية لتواكب أنشطة المعرض الدولي، وذلك لتنظيم حفلات استقبال للمشاركين البارزين، ولدعوة الحائزين على جوائز “نوبل”، وعمداء الثقافة من جل العواصم وتخصيص يوم لـ”رد الاعتبار إلى المثقفين المحليين” بتكريمهم وطبع كتبهم وإهدائها للمؤسسات التعليمية.

فالرباطيون ينتظرون صحوة منتخبيهم حتى تكون الرباط في مستوى هذا الحدث الثقافي المتميز.          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى