حكومة “الخوافين” تتحاشى الاقتراب من حي بوركون

الرباط – الأسبوع
لماذا سافر رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، إلى الرشيدية لمواساة عائلة الطالب الحسناوي الذي تم اغتياله شهر ماي الماضي، ولم يكلف نفسه عناء قطع بضع كيلومترات من أجل الانتقال إلى الدار البيضاء، حيث سقطت ثلاث عمارات في حي بوركون؟ لماذا لم يقترب أي وزير من الحكومة الحالية التي قالوا إنها نزلت بردا وسلاما على المغرب(..) إلى مسرح الحادث.
يجمع جل المتتبعين على أن تخوف وزراء حكومة بن كيران، قد يكون مرتبطا بحادثة السنة ما قبل الماضية (شهر ماي)، عندما قام سكان المدينة القديمة بطرد وزير الداخلية امحند لعنصر من المكان الذي سقطت فيه عمارة، وأودت بحياة 6 أشخاص وخلفت إصابة 15 شخصا.
قد يكون هذا السبب الذي جعل الملك محمد السادس ينتقل شخصيا إلى مكان وقوع العمارات في حي بوركون، هناك التقطت صور له إلى جانب ولي العهد مولاي الحسن، وكأن الأقدار تريد أن تعطيه فكرة عن مغرب المستقبل ومشاكله المستعصية(..).
وزير الإسكان نبيل بنعبد الله لم يشاهد في مكان الحادث لكنه شوهد على شاشة التلفزيون يخطب في البرلمان، بعد أن ارتفعت حصيلة القتلى مع مرور الوقت (23 قتيلا)، ويبدو أنه جاء ليؤكد معطيات خطيرة لم يسبق أن صرح بها وزير، وهي أن المغرب سيشهد مستقبلا مزيدا من الحوادث المرتبطة بانهيار المباني(..).
الوزير بدا وكأنه يخلي ظهره من المسؤولية، وربما لا يعلم أن ما صرح به يهم آلاف المنازل، طالما أنه هو نفسه يعترف بأن ما سقط فوق رؤوس العباد كان هو الفساد عينه، “هناك ممارسات يتداخل فيها نوع من التواطؤ بين مواطنين يريدون الاستمرار في مثل هذه الممارسات التي يعتبرونها أرخص، وبين مسؤولين محليين يغضون الطرف وفي بعض الأحيان يسلمون الرخص للبناء بهذا الشكل، وهو الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى كارثة مثل ما حدث في بوركون بالبيضاء، خاصة وأن تحديد المعايير والمقاولات التي بإمكانها البناء، وقوانين التعمير المسؤولة عن سلامة البناء التي تدخل في اختصاص وزارة التعمير موجودة، لكن تواجد مسؤولين فاسدين ومتواطئين أدى إلى هذه الكارثة”، يقول بنعبد الله.
وتقدر بعض الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الإسكان عدد المنازل الآيلة للسقوط في المغرب بـ”ما بين أربعة آلاف وسبعة آلاف مسكن مهدد بالانهيار في أي وقت في مدينة الدار البيضاء وحدها، وأكثر من 114 ألف منزل آيل للانهيار في المغرب كله، وخصوصا في الأحياء العتيقة والتاريخية لمدينة فاس.. دون أن ننسى مدنا أخرى وفي مقدمتها آلاف الأسر في العاصمة الرباط”.
وقد سمحت فاجعة الدار البيضاء التي انتهت بفاجعة أخرى بعد وفاة صاحب العمارة وابنيه، بالوقوف على الجهل الخطير الذي يعاني منه المغاربة في مجال التدخل لإنقاذ ضحايا الكوارث، وليس هناك أدل على ذلك من بقاء أشخاص معلقين تحت الأنقاض لما يزيد عن 3 أيام، حتى فارقوا الحياة بسبب العطش، وربما لن ينسى الحاضرون في الفاجعة صورة رجال الأمن وهم يهربون من مكان الحادث بعد أن كان معولا عليهم إنقاذ الضحايا، (أنظر الصورة).