تحقيقات أسبوعية

متابعات | الوزارة الفاشلة 

هل ينجح أيت الطالب في إنقاذها ؟

تعرف المنظومة الصحية العديد من الاختلالات، سواء فيما يتعلق بالبنيات التحتية، أو القوانين القديمة التي لا تواكب المشاريع الملكية للتغطية الصحية والاجتماعية، والتي تتطلب مراجعة شاملة لقانون الإطار، وأيضا وضع قانون للوظيفة الصحية العمومية يتضمن حقوق وواجبات الأطر الصحية والتمريضية وغيرها.

لقد كشفت وزارة الصحة عن مشروع جديد يتعلق بقانون مزاولة مهنة، ومشروع خاص بالمنظومة الصحية، والذي أثار الجدل في أوساط المهنيين والنقابات، بسبب إعداده بعيدا عن الشركاء القطاعيين، الشيء الذي دفع الهيئات النقابية للمطالبة بضرورة المشاركة في صياغة هذا المشروع، ومناقشة المقترحات والنصوص التي يتطرق لها، وذلك بهدف ضمان حقوق الأطر الصحية والممرضين والتقنيين وغيرهم.

فالقطاع الصحي، حسب العديد من المتتبعين، يعاني من عدة مشاكل، فشلت الحكومات السابقة في معالجتها ووضع آلية للنهوض بالقطاع، الذي يعاني عدة نواقص، سواء من ناحية الموارد البشرية، أو البنيات التحتية، أو التجهيزات والمعدات الطبية، الشيء الذي جعل دائما القطاع الخاص متفوق على القطاع العام، وجعل المواطنين يفقدون الثقة في المؤسسات الصحية العمومية، ويفضلون اللجوء إلى الخاصة رغم المصاريف المرتفعة، مما يطرح التساؤل: هل ستفلح الوزارة الوصية في النهوض بالمنظومة الصحية؟

 

إعداد. خالد الغازي

 

غياب رؤية مستقبلية 

    كشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، خلال حضوره في مجلس النواب، عن اعتزام وزارته وضع إصلاح هيكلي شامل، بهدف تنزيل بنود القانون المتعلق بالحماية الاجتماعية، عبر جعل النهوض بالقطاع الصحي من المبادرات المستعجلة التي يجب مباشرتها لإصلاح الاختلالات الحاصلة على مستوى التغطية الصحية، وتصحيح التفاوتات التي تعرفها المنظومة ومعالجة النواقص، وقال: “جاء البرنامج الإصلاحي الهيكلي للمنظومة الصحية الذي تشتغل عليه الوزارة، ليترجم التزام السلطات العمومية في البرنامج الحكومي، بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها، ومراجعة ترسانة النصوص القانونية المتعلقة بالحماية الاجتماعية وبالمنظومة الصحية الوطنية، وبتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض”.

وأوضح الوزير، أن محاور الإصلاح المرتقب تنبني على مرتكزات تهم جوانب تثمين الموارد البشرية من خلال إصدار القانون رقم 33.21 بتغيير وتتميم قانون مزاولة مهنة الطب، والذي رفع المعيقات والقيود التي يفرضها على مزاولة الأطباء الأجانب بالمغرب، والإقرار بخصوصية القطاع في إطار نظام الوظيفة العمومية الصحية لملاءمة تدبير الرأسمال البشري للقطاع الصحي مع خصوصيات المهن الصحية، موضحا أنه تم الشروع فعلا في تفعيل هذا الإجراء عبر إصدار القانون رقم 39.21 بتتميم الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، لمواكبة التحول الذي تعرفه المنظومة الصحية ببلادنا.

وأبرز أيت الطالب، أن الإصلاح يروم تأهيل العرض الصحي، من خلال تدعيم البعد الجهوي عبر تنفيذ البرنامج الطبي الجهوي وإحداث الخريطة الصحية الجهوية، وإقرار إلزامية احترام مسلك العلاجات وتأهيل المؤسسات الصحية، بالإضافة إلى تدابير أخرى تستهدف اعتماد حكامة جيدة للمنظومة الصحية، تتوخى تقوية آليات تقنين وضبط عمل الفاعلين وتعزيز الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي، وكذا إحداث نظام معلوماتي مندمج يبيح تبادل وضبط جميع المعطيات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية.

 

الجهوية ونقص الأطر الصحية

    يقول حمزة الإبراهيمي، عضو النقابة الوطنية للصحة العمومية، أنه في سياق إصلاح المنظومة الصحية، يتم الحديث عن انتقال من نظام وطني إلى نظام جهوي في إطار الجهوية، من خلال إحداث الوكالات الجهوية للصحة والحديث اليوم عن برنامج الصحي الجهوي، ستعطى له صلاحيات أكثر من خلال نقل المسؤوليات من وزارة الصحة إلى المديريات الجهوية، مثل الأكاديميات بقطاع التعليم، والتي ستصبح مؤسسات عمومية صحية مستقلة لها استقلالية إدارية ومالية وتسييرية، وتدبيرية لتدبير الشأن الصحي على الصعيد الجهوي منها حتى التوظيفات وعملية التنقيلات.

وأكد أن الجانب الذي يهم الهيئات النقابية، هو تأهيل الموارد البشرية وإبراز الخصوصية في إطار قانون الوظيفة العمومية الصحية، على اعتبار أن هذه الأوراش التي تبنتها وزارة الصحة والأوراش والتوجيهات الملكية وفي المجال الاجتماعي، لا يمكن تنزيلها إلا بوجود الأطر الصحية التي تعيش حالة مزرية، بسبب تفاقم الأوضاع المهنية، والنقص الحاد في الموارد والتوزيع الجغرافي، بالإضافة إلى ارتفاع الأمراض المهنية في صفوفها، مشيرا إلى أن وزارة الصحة والحكومة لازالت عاجزة عن معالجة الخصاص المهول، بحيث أن المغرب مصنف في الدول 70 في العالم أكثر خصاصا بالنسبة للموارد البشرية والأطقم الصحية العاملة بالقطاع الصحي العمومي.

 

نظام خاص يشوبه الغموض

    ترى الهيئات النقابية في قطاع الصحة، أن مشروع قانون الوظيفة الصحية العمومية، أو قانون الإطار، يجب أن يأخذ بعدا تشاركيا مع الجميع قبل المصادقة عليه أو تنزيله على أرض الواقع، حتى يعالج الاختلالات والمشاكل التي تعاني منها الأطر الصحية العاملة، بالإضافة إلى الصعوبات التي تعتري المنظومة الصحية على مستوى المستشفيات الجامعية والإقليمية وغيرها.

وفي هذا السياق، يقول الإبراهيمي: “القطاع يجب أن يكون ورشا حقيقيا، وأن نبتعد عن المقاربة الأحادية والتنزيل الأحادي، والمقاربات البعيدة عن الحوار، واعتماد الحوار القطاعي الاجتماعي وننزله على أرض الواقع، لكن اليوم، للأسف لازالت وزارة الصحة والحكومة تقول بأن المشروع غير جاهز، مع العلم أن المرفق العام وتنزيل الأوراش هو مرفق متسارع، وأن كل ما يتعلق بتدبير الموارد البشرية، لازال يعاني من خصاص كبير.

اليوم خاص نتداركو هذا التعثر، وهذا التأخر يمشي بنفس السرعة المتزايدة فيما يخص الأوراش الأخرى، باش يمكن نوصلو في نهاية المطاف إلى نفس التنزيل”.

وأوضح المتحدث، أن “الأطر الصحية والنقابات القطاعية تؤكد على ضرورة الاعتراف بخصوصية القطاع الصحي عبر المرور من نظام وظيفي عمومي يشمل جميع الموظفين بالقطاع العام، إلى نظام خاص يتعلق بالأطر الصحية، بحيث اتخذت الحكومة القرار 39.21 لإخراج الأطر الصحية من نظام الوظيفة العمومية وإدراج نظام خاص استثنائي، وأبرز أنه لا يوجد نص صريح وعملي يوضح وضعية الأطر الصحية بعدما صادقوا على إخراجها من النظام الأساسي للوظيفة العمومية دون طرح بدائل”، وتابع: “الأطر الصحية ليس لها نظام أساسي خاص يتم المصادقة عليه وتنزيله على أرض الواقع، اليوم التصريحات موجودة والانتظارات كبيرة، والآمال معلقة، والواقع فيه فراغ كبير، بحيث مازالت المرحلة انتقالية تصب فيها مقتضيات النظام الأساسي، والذي لازال يسري على الأطر في انتظار أن تنزل الوزارة الوصية القانون رقم 39.21، فمسطرة المصادقة داخل البرلمان بالغرفتين تتطلب وقتا أكثر وقد يتأخر، والمشروع لا يذهب في نفس السياق مع النصوص المرتبطة بالحماية الاجتماعية، اليوم الحكومة مطالبة بإشراك الجميع لخلق التوافق”.

 

مراجعة قانون الإطار 

    مصطفى جغا، رئيس النقابة المستقلة للممرضين، يرى أنه قبل خروج قانون الوظيفة العمومية، لا بد من تعديل قانون الإطار 34.09، الذي يحتوي على مواد لم يطرأ عليها تغيير وتطلق على جميع المنظومات الصحية، مبرزا أن هذا القانون موجود في الجريدة الرسمية منذ 21 يوليوز 2011، بحيث يضع القواعد العامة للمنظومة الصحية وعرض العلاجات، ويحدد الأهداف بالمنظومة والأدوار والحقوق والواجبات للساكنة، بالإضافة إلى هيئات الحكامة مثل المجلس الأعلى الاستشاري للصحة، والمؤسسات الصحية الأخرى.

وأوضح أن نقابته تقدمت بطلب إلى الوزارة الوصية من أجل إحداث مشروع يتمثل في الهيئة الوطنية للممرضين، والتي تعتبر من الأولويات في الملف المطلبي لدى الأطر التمريضية وتقنيي الصحة، عبر تغيير المادة 38 من قانون 43.13، وذلك للمرور إلى مرحلة صياغة قانون خاص بالهيئة المقترحة التي تعتبر إطارا هاما سيشمل الجميع، لاسيما بعدما قطع مشروع قانون القابلات أشواطا مهمة، حتى يحصل التوازي والإنصاف لباقي الإطارات الأخرى، سواء الممرضين أو المروضين أو التقنيين والمساعدين الاجتماعيين.

وأكد رئيس النقابة المستقلة للممرضين، على أهمية احترام الحقوق والمكتسبات التي حققتها الشغيلة الصحية، وتغيير المصطلحات المرتبطة بالشبه طبي بمصطلحات “ممرضي الصحة” و”التقنيين”، وحل باقي الملفات العالقة مثل ذوي الثلاث سنوات، وضحايا المرسوم وذوي تكوين سنتين، وتصفية جميع الملفات التي لازالت على طاولة وزارة الصحة والمالية، مشددا على أنه لا يمكن إخراج مشروع الوظيفة العمومية دون حل هذه القضايا المطروحة، وأضاف أن النقابة ألحت على أهمية إدراج واجب الاحترام لمهني الصحة في مشروع القانون، والحفاظ على ممتلكات الصحية، وأيضا هيئة الحكامة التي يجب أن تخرج مستقبلا للوجود، مبرزا أهمية الإصلاح الدوري للمنظومة الصحية عبر إحداث لجنة وطنية للإصلاح، واعتماد التكوين المستمر كقاعدة أساسية للنهوض بالقطاع الصحي.

من جانبه، أكد عادل لعوين، نقابي، أن مشروع قانون الوظيفة العمومية الصحية المرتقب، يتطلب إشراك جميع النقابات من أجل إغنائه من جميع النواحي، حيث سينص على خصوصية القطاع من ناحية الموارد البشرية وهيكلة القطاع الصحي، مشددا على ضرورة حل قضية الممرضين المجازين من الدولة ذوي سنتين على أساس الاتفاق المبرم بين النقابات والوزارة الوصية.

وعبر لعوين عن رفضه لأي محاولة للإجهاز على مكتسبات الشغيلة الصحية، وعدم قبول نظام التعاقد في القطاع، والإنصاف والتعويض عن الأخطار الصحية التي يتعرض لها المهنيون في المؤسسات وأثناء ممارسة عملهم.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى