من يريد توريط الجيش المغربي في مواجهة مفتوحة مع داعش؟
الرباط – سعيد الريحاني
كذبت بعض الصحف والمواقع الإخبارية التي روجت لتنسيق أمني مزعوم بين الأجهزة الأمنية المغاربية لمواجهة مخاطر تأسيس فرع لحركة داعش في ليبيا، ذلك أن جريدة “الخبر الجزائرية” الصادرة في 4 يوليوز الجاري، والتي استندت عليها هذه المواقع لم تتحدث عن تنسيق مع المغرب، بل إنها أكدت عكس ذلك وهي تتحدث عن اجتماع جمع بين مسؤولي المخابرات في كل من تونس ومصر والجزائر، على خلفية تقارير أمنية غربية حذرت من انتقال جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام للعمل في ليبيا.
وكانت عدة تقارير قد أكدت عزم جماعة “أنصار الشريعة” في درنة الليبية على تأسيس مقر جديد لـ”دولة الخلافة”، وتسميتها بـ”الدولة الإسلامية” المعروفة بداعش على غرار إعلان أبي بكر البغدادي، خليفة المسلمين بالعراق والشام، أكثر من ذلك فإن أحد المواقع (مؤسسة الراية للإنتاج التابعة للجماعة) قالت إن أنصار الشريعة لا يتحكمون في مدينة درنة أمنيا وعسكريا فقط بل تعليميا وثقافيا.
تبعا لذلك تعد ليبيا مستنقعا بالمعنى الحرفي للكلمة، فكل الإشعارات التي رفعت فيها باسم الربيع العربي تبخرت في الهواء وحلت محلها المليشيات المسلحة، الأمر الذي يقتضي تدخلا من نوع خاص(..)، في هذا الصدد يروج البعض إمكانية تدخل الجيش المغربي في التراب الليبي لوضع حد للانفلات الأسلحة.
بل إن موقع القناة “الإخبارية العربية”، نقل عن جودة صالح نائب رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر العام الليبي: “إن اللجنة ستطلب من المغرب بعث قوات عسكرية لتنتشر في المنطقة الغربية من ليبيا، للمساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار، علاوة على قوات عسكرية من الأردن وماليزيا وإندونيسيا”.
ولا تقف دائرة المتحمسين لفكرة تدخل العسكر المغربي في ليبيا عند حدود مواقع إخبارية أجنبية، بل إن أحد المواقع المغربية بدأ يروج أخبارا عن تدخل عسكري محتمل في ليبيا، دون أن تعي خطورة الأمر، فما معنى أن يتدخل الجيش المغربي عسكريا في ليبيا؟
الذين يروجون لتدخل عسكري مغربي في ليبيا ينطلقون من بعض المسلمات؛ أولها: خبرة العسكر المغربي في حروب الصحراء، وثانيها: حرصه على تطوير ترسانته، من خلال رفع ميزانية التسليح والصناعة العسكرية، حتى أن حكومة بن كيران رفعت ميزانيته بنسبة 7 في المئة.. إنها الجزئيات التي لم يهملها التقرير الأخير للمعهد الأمريكي للدفاع الاستراتيجي والاستعلام.
في ليبيا وفي المغرب هناك من يطالب بتدخل عسكري مغربي، لكن هل سيكون ذلك في مصلحة المغرب؟ يرد بعض المتتبعين بأن المرحلة الراهنة والتي تتميز بتقارب “جزائري مصري” تفترض إبقاء العيون مفتوحة على الشأن الداخلي، لا سيما وأن الشهور القادمة قد تحمل بعض المفاجآت أقلها إمكانية سحب قوات “المينورسو” من الصحراء، بل إن تعقيد الأوضاع في الجزائر قد يدفع الجنرالات هناك لتصدير أزمتهم للخارج، وأغلب الظن أنهم سيفكرون في المغرب كما جرت العادة، لذلك قد لا يبدو منطقيا تشتيت الجيش المغربي المتمركز بشكل كبير حسب الخبراء جنوبا، في معارك خارجية، لأن الأمر قد لا يعدو يكون في نهاية المطاف محاولة لإضعافه.
قد لا يكون هناك مجال لانتقال الحرب مع “داعش” إلى المغرب، لكن دخول الجيش المغربي في حرب مع “الفئة الضالة” كما تصفها السعودية، قد يجعل المغرب في قلب حدث كنا نعتقد أنه بعيد عنا، خاصة أن أطماع حركة “داعش” في المغرب بدأت تظهر منذ مدة، من خلال أشرطة بثها موقع “اليوتوب”، لشباب يتوعدون بنقل الفوضى إلى المغرب، بل إن بعض المواقع نشرت صورا لمغاربة يفتخرون بالقتال في جبهات داعش، (أنظر الصور).
وربما يجب الانتباه أيضا إلى الهجوم الذي شنه “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” على رموز السلفية في المغرب، فالشيخ عمر الحدوشي وهو أكثر الشيوخ راديكالية حسب المتتبعين، لم يعد في نظرهم سوى واحدا من: “مخالفي الدولة الإسلامية”، تبعا لذلك يمكنكم أن تتصوروا موقفهم من بقية السلفيين، أمثال: أبو حفص، والفيزازي، والكتاني(..).
في المغرب أيضا وجد خليفة داعش، أبو بكر البغدادي من يبايعه “خليفة للمسلمين”، حتى أن “فتيحة المجاطي، أرملة كريم المجاطي، عضو تنظيم القاعدة الذي قتل في السعودية، غادرت المغرب متجهة نحو العراق لتلتحق بمقاتلي داعش في العراق، وذكر موقع “برلمان كوم”، الذي انفرد بنشر هذا الخبر، أن فتيحة المجاطي ستعقد قرانها خلال الأيام القليلة المقبلة على الساعد الأيمن لأبي بكر البغدادي، خليفة داعش” (يومية الناس، عدد: 9 يوليوز 2014).
“لقد أعلنت المجاطي مبايعتها للبغدادي علنا، بل إنها أرسلت ابنها إلى الشام للقتال إلى جانب تنظيم داعش، إنها مصيبة، أصلح الله الأمور”، هكذا علق الشيخ حسن الكتاني على الخبر (المصدر نفسه)، المصيبة حسب تعبير الكتاني لا تقف عند هذا الحد بل إن هناك “مصائب أخرى” فعدد المقاتلين المغاربة في صفوف حركة “داعش” المنتشرة بين العراق وسوريا يزيد عن 1500 مغربي، وهو رقم له دلالته الخطيرة(..) قد يدفع إلى مراجعة حسابات المتحمسين لدفع الجيش المغربي إلى الحرب مع “داعش” في الخارج، ماذا لو كان ذلك مدخلا لنقل المعركة إلى داخل المغرب؟ أليست الصور المسربة هي التي تقول: “لن ننسى أسرانا في المغرب الأقصى”(..).
“الرميد وزير الظلم” والراحل الشيخ ياسين، قبوري مشترك”.. هذه بعض أفكار “داعش”.. بالمقابل يقول الشيخ محمد الفيزازي: “سمعت عن خليفة للمسلمين لم يبايعه عالم واحد. ومن أبسط شروط البيعة الشرعية أن تتم بقيادة جمهور العلماء أولا، فجماهير المسلمين قاطبة ثانيا باعتبارهم تبعا لعلمائهم. بل إن من يسمون بعلماء الجهاد مثل أبي قتادة والمقدسي وأيمن الظواهري والسباعي… وغيرهم لم يبايعوه. لا بل أنكروا عليه خلافته، كما أنكر عليه ذلك كل علماء الدنيا… فعن أي خليفة يتحدث المغفلون؟”.