تحقيقات أسبوعية

مع الحدث | نقابات صحية وهيئات تحتج على تهريب مشروع قانون “الوظيفة العمومية الطبية”

فوزي لقجع يفجر قطاع الصحة

أثارت تصريحات فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، خلال أشغال تقديم مشروع قانون المالية برسم سنة 2022، أمام أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالغرفة الأولى للبرلمان، (أثارت) جدلا وغضبا واسعا لدى الهيئات المهنية والنقابية في قطاع الصحة، بعدما أعلن عن انتهاء الحكومة من مشروع قانون الوظيفة العمومية الطبية، وعرضه على البرلمان للمصادقة عليه في أقرب الآجال.

وخلق الوزير المنتدب في المالية، مشكلة كبيرة للحكومة، بعد أن صرح بأن التوظيف عبر التعاقد سيمتد لقطاع الصحة مثل التعليم، وأن الحكومة تستعد لإصلاح الوظيفة العمومية الطبية بغرض تحسين أجور الأطباء، مستثنيا بقية الأطر الصحية التي تشتغل في القطاع، مما جعل العديد من الهيئات النقابية والمهنية تخرج بعدة بلاغات تنتقد فيها استفراد الحكومة وتستر وزارة الصحة عن هذا المشروع العجيب.

وبسبب اقتصار مشروع قانون الوظيفة العمومية الطبية على الأطباء، وعدم إدماج بقية الأطر الصحية فيه، وحرمان الهيئات النقابية والمهنية من الاطلاع على مضامينه ومناقشته، قررت هذه الهيئات خوض برنامج نضالي للدفاع عن حقها وحق الأطر الصحية التي تشكل 80 بالمائة من الموظفين العاملين بالقطاع.

 

الرباط. الأسبوع

 

مشروع غامض

    في هذا الإطار، يرى الفاعل النقابي حمزة إبراهيمي، أن تصريحات فوزي لقجع حول قانون الوظيفة العمومية الطبية، هي بمثابة “صب الزيت على النار”، لكونها تصريحات فئوية بمناسبة تقديم أهم مشاريع ومضامين أول قانون مالية في عمر حكومة أخنوش، والذي يتعلق بتحولات الوظيفة العمومية الصحية التي تسعى الحكومة إلى إقرارها في القريب للانتقال بالأطر الصحية من نظام الوظيفة العمومية إلى النظام الخاص بفئاتهم.

وأوضح إبراهيمي، أن “مشروع القانون الذي تتكتم الحكومة على مسودته، ويرفض وزير الصحة مشاركته مع المهنيين التابعين لوزارته والهيئات النقابية دون مبرر مقنع أو عذر صريح، خوفا وتهربا من ردة فعل أهل القطاع، الرافضة لمضامينه التي كشف عنها الوزير، وبنوده التي من شأنها ضرب مكتسبات الأطر الصحية في الحركية والاستقرار الوظيفي والتوظيف والترقية بالامتحان والاختيار، وربما الإجهاز على حقوق الرخص الإدارية والممارسة النقابية”.

وأبرز أنه “من خلال أولى ملامح المشروع الذي نبأنا به الوزير، أنه بعيد كل البعد عن طرح إيجابات مقنعة وتصور منطقي للانتظارات التي يعلقها مهنيو الصحة على مشروع لطالما وعدوهم به، كونه المخلص من كل الأزمات والإجابة السحرية عن جميع مطالب الأطر الصحية بكل فئاتها”، معتبرا أن هذا المشروع “من الخيمة خرج مايل”، فيما تجمع الأطر الصحية على أن “هذا المشروع لا يعنيها ومصيره الفشل الذريع”.

بدوره، انتقد سفيان البرنوسي، نقابي بقطاع الصحة، تحكم وزارة الاقتصاد والمالية في مشروع الوظيفة العمومية الصحية، وتهريب النقاش بعيدا عن الفاعلين والهيئات النقابية الممثلة للعاملين بالقطاع من أطر طبية وتمريضية وتقنية وغيرها، قائلا أن ملف “قانون الوظيفة الصحية يستلزم منا استنفارا عاجلا كأطر صحية، نقابات، هيئات مهنية وشركاء سياسيين، ولا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام هذا الصمت الغريب حول ملف يهمنا بدرجة عالية”، وأكد أن “الوزير المنتدب الذي أدلى بالتصريح في ملف لا يخصه بتاتا، تكلم بطريقة لا يمتلكها حتى أكثر المعنيين بالأمر ثقة، وصال وجال بمقترحات أفضت إلى كون الوزير المنتدب بعيد عن فهم الملف بُعد الشمس عن الأرض، وأوضحت جهله بما يدور في فلك قطاع الصحة”.

 

تصعيد وإضراب

    قررت النقابة المستقلة للممرضين، التصعيد وخوض برنامج نضالي خلال شهر نونبر الجاري، ينطلق بإضراب وطني بجميع المصالح الاستشفائية والمراكز الصحية، إلى جانب تنظيم وقفات احتجاجية أمام وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، موضحة أن قرار التصعيد والعودة للاحتجاج، يأتي من أجل دعوة الوزارات المعنية للإفراج عن مشروع الوظيفة العمومية الصحية وطرحه لنقاش واسع حتى تتمكن النقابة من تضمينه مقترحاتها وملاحظاتها قبل المصادقة عليه بالبرلمان.

ووجهت النقابة المستقلة للممرضين، رسالة احتجاج إلى الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، تقول فيها أنها طالبت في فترة سابقة بالحصول على معطيات حول موضوع مشروع قانون الوظيفة العمومية الصحية، إلا أنها تلقت الجواب بالنفي، وأن المشروع من اختصاص وزارة الصحة.

واستغربت النقابة من تصريحات لقجع في مجلس النواب، بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية في شقه المتعلق بالصحة، والتي تطرق فيها لتوفر الوزارة على مشروع يتعلق بالقطاع الصحي، ويتضمن مفهوم “الوظيفة العمومية الطبية”، الذي يتنافى مع مفهوم “الوظيفة العمومية الصحية” المتداول في القطاع الصحي الذي يشمل (الأطباء، الممرضين، القابلات، تقنيي الصحة، الإداريين والأطر العلمية والتقنيين)، معتبرة أن تصريحات المسؤول الحكومي تخلق جوا من الاحتقان بين مكونات القطاع الواحد، ولا يمكن إنجاح ورش الوظيفة العمومية الصحية دون إنصاف كل فئاتها.

وقالت النقابة أن المقاربة التشاركية التي جاءت في مشروع قانون المالية، تقتضي الموضوعية وإشراك الجميع وليس تنزيلا معزولا لمشروع الوظيفة العمومية الصحية ومشروع التدبير الجهوي للصحة، مؤكدة أن الأطر الصحية متفانية في عملها وتعتبر أن أي إصلاح لا يمكن أن ينجح إلا باعتماد مبدأ خصوصية القطاع الذي على أساسه تم تبني “نظام خاص بالوظيفة العمومية الصحية”، وبأن أهم ركائز الخصوصية، احترام خصوصية واستقلال المهن الصحية.

هيئات مهنية تحتج

    بدورها، راسلت عدة هيئات مهنية رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تطالبه بإشراك كل الفاعلين في تأهيل المنظومة الصحية، وهي: الجمعية المغربية للأطر العلمية بقطاع الصحة، الرابطة المغربية لأطر الصحة، الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش، الجمعية المغربية للقابلات، الجمعية المغربية لتقنيي الأشعة، الجمعية الوطنية لتقنيي المختبرات، حيث عبرت هذه الهيئات عن تذمرها الشديد جراء تغييب الحوار المسبق وتهريبه من طاولة النقاش التشاركي مع المعنيين، وعدم إشراك الجمعيات المهنية بقطاع الصحة في الإعداد للمشروع الوطني المرتقب من أجل إصلاح المنظومة الصحية، كما عبرت عن رفضها لتبني النهج الأحادي في اتخاذ قرارات مصيرية من شأنها إقصاء فئات بعينها، وبالتالي، خلق احتقان حاد بين مختلف الأطر الصحية المكونة للمنظومة الصحية التي ضحت ولازالت بالغالي والنفيس من أجل مجابهة وباء “كورونا”.

وأكدت نفس الهيئات، أن المنظومة الصحية هي منظومة متكاملة لا يمكن التمييز بين أطرها ولا يمكن اختزالها في إطار واحد، بل وجب الاعتراف العادل بكافة الأطر الصحية حسب التكوين الأكاديمي بدون استثناء أو إقصاء، مشددة على ضرورة إرساء الركائز الأساسية المؤسساتية لكل الأطر الصحية، من إحداث هيئات مهنية، وإخراج مصنف للكفاءات والمهن من أجل الحكامة التنظيمية، وإقرار خصوصية قطاع الصحة، وتجسيد مصالحة شاملة، وذلك بنقاش وطني للصحة يؤسس ميثاقا وطنيا لكل الفاعلين الصحيين ويحقق مبادئ الحماية الاجتماعية العادلة.

كما وجهت النقابة الوطنية للصحة العمومية، التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، رسالة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تنتقد فيها “التماطل في تعميم مسودة مشروع قانون الوظيفة العمومية الصحية والتكتم الغير مبرر عن مضامينه، وتغييب النقاش المسبق وتهريبه عن المعنيين، وكذا عدم إشراك الهيئات النقابية بقطاع الصحة في الإعداد للمشروع والأخذ بآراء ممثليها وبلورة الرؤى المشتركة، في إطار مأسسة الحوار الاجتماعي القطاعي الهادف لإقرار منطق الشراكة الاجتماعية وتنزيل التعاقد الحكومي للنهوض بوضعية القطاع الصحي ومهنييه، والذي تعهدت به الحكومة”.

وأعربت ذات الهيئة، عن خيبة الأمل العريضة التي أصابت عموم الشغيلة الصحية، جراء التماطل في تعميم هذه المسودة والتكتم الشديد حول بنودها والحيلولة دون إشراك الفاعلين بالقطاع في ملف مصيري كالذي يشكله قانون الوظيفة العمومية الصحية، الذي بنت عليه نساء ورجال الصحة آمالا عريضة في تجاوز اختلالات التي عانت منها إبان الخضوع للنظام الأساسي للوظيفة العمومية وإيجاد أنجع الحلول لمطالبها وملفاتها التي ظلت معلقة لسنوات طويلة.

نقابات الحكومة تعارض

    بدورها، عبرت النقابات الموالية للأحزاب المشاركة في الأغلبية الحكومية، عن استيائها من احتكار الحكومة لهذا المشروع، وعدم إشراك الفاعلين النقابيين والهيئات المعنية في النقاش الدائر في البرلمان.

واستنكرت الجامعة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، تكتم وزارة الصحة عن قانون الوظيفة العمومية الجديد الذي يستهدف العاملين بالقطاع، محذرة الحكومة من تمريره دون إشراك الجسم النقابي والرجوع إلى الشركاء النقابيين.

وأكدت نقابة حزب الاستقلال، أن هذا الغموض يفضح زيف الشعارات التي تصدح بها الحكومة ووزارة الصحة حول العمل التشاركي مع النقابات، مطالبة بعدم اتخاذ أي خطوة تروم تمرير هذا القانون المصيري دون فتح حوار قطاعي يعطي الفرصة لجميع النقابات للاطلاع على مضمونه وتبادل الأفكار والمقترحات بخصوصه.

بدورها، قالت المنظمة الديمقراطية للصحة، المقربة من حزب الأصالة والمعاصرة، أنها فوجئت بتصريح أحد المسؤولين الحكوميين واختزاله إصلاح الوظيفة العمومية الصحية في فئة الأطباء، بمقاربة فضفاضة إقصائية لـ 80 في المائة من العاملين ضدا على التصريح الحكومي ومضامين النموذج التنموي الجديد، وضدا على خطة تمويل إصلاح القطاع الصحي وتحسين أوضاع كافة الأطر الصحية، وطالبت بـ” تصحيح مواقف وزارة الاقتصاد والمالية من خلال ما جاء على لسان الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، مع الإعلان الرسمي عن أهداف ومرامي إصلاح الوظيفة العمومية الصحية وليس الطبية”، داعية لخلق لجنة وطنية تحت إشراف وزير الصحة، تضم المركزيات النقابية والهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، والهيئات الممثلة لمهنيي الصحة، توكل إليها الدراسة والمصادقة على مشروع الوظيفة العمومية الصحية، ومنظومة الأجور والتعويضات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى