ذكرى المسيرة الخضراء تسائل دور الأمم المتحدة في قضية الصحراء
عبد الله جداد. العيون
عرفت قضية مغربية الأقاليم الصحراوية للمملكة، تحولات سياسية كثيرة بفضل عبقرية ملك وإرادة شعب، لتترجم بانطلاق المسيرة في 6 نونبر 1975، ووصولها لمنطقة الطاح (لكروشي) التي تعتبر نقطة حدودية تحت حراسة الجيش الإسباني، وهناك داس متطوعو المسيرة على الأشواك والحواجز ورفع العلم المغربي بعد قرار مدريد بعدم التدخل العسكري في حق مواطنين عزل يحملون كتاب الله والعلم المغربي، واستطاع الملك الراحل الحسن الثاني، أن يجسد ملامح زيارة المغفور له الملك محمد الخامس في عام 1958، إلى الأقاليم الصحراوية، التي أظهر أبناؤها تعلقا متينا وراسخا بدينهم ووطنهم وملكهم، وعبروا عن مشاعر الاعتزاز العميق بانتمائهم إلى الرصيد الكفاحي التاريخي الذي جمع سكان الصحراء بإخوانهم في باقي مناطق البلاد، خلال فترات تاريخية ونضالية ضد الاحتلال الأجنبي.
وتوالت الأحداث مسرعة بعد ضغط المغرب في المحافل الدولية، وخاصة في الأمم المتحدة، للدفاع عن حقه الطبيعي في استرجاع جزء من ترابه، حيث قررت الحكومة المغربية إثبات أحقيتها بالصحراء بإحالة القضية يوم 24 شتنبر 1974 على محكمة العدل الدولية للبت فيها، وقد أقرت المحكمة الدولية يوم 16 أكتوبر 1975، بوجود روابط تاريخية وقانونية تشهد بولاء عدد من القبائل الصحراوية لسلطان المغرب، وكذلك بعض الروابط التي تتضمن بعض الحقوق المتعلقة بالأرض الواقعة بين موريتانيا والقبائل الصحراوية الأخرى. واعتبر الملك الحسن الثاني، أن الاعتراف بوجود هذه الروابط التاريخية والقانونية هو بمثابة تأييد لموقفه، رغم أن إسبانيا كانت ترفض الخروج من الصحراء، بل وكثفت وجودها العسكري فيها، وقامت باستنفار قواتها المسلحة وربطت 35 ألف جندي إسباني على بعد أقل من 20 كم من الحدود الاستعمارية الفاصلة بين المغرب والصحراء حينذاك، مع تلغيم جزء منها لقطع الطريق على المشاركين في المسيرة.
واليوم تحل الذكرى السادسة والأربعين لاسترجاع الصحراء دون قدرة الأمم المتحدة على إيجاد حل توافقي مبني على الاقتراح المغربي بتمتيع الصحراء بحكم ذاتي تحت السيادة المغربية في إطار الجهوية الموسعة، بعد فشل كل محاولات ممثلي الأمين العام للأمم المتحدة، الذين تعاقبوا على بعثة “المينورسو”، في الوقت الذي يمضي فيه المغرب إلى إعمار الصحراء بمشاريع النموذج التنموي الجديد والتي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس بالداخلة، ومن بينها إحداث طريق سريع يربط مراكش بالداخلة، والميناء المتوسطي الدولي بالعركوب، وإجراء الاستحقاقات الانتخابية بمشاركة قياسية تعبيرا عن تعلق الصحراويين بوطنهم، وهو الأمر الذي عزز ثقة مجموعة من الدول التي افتتحت تمثيلياتها الدبلوماسية بكل من الداخلة والعيون ومن بينها أمريكا والإمارات والأردن وعدد من الدول الإفريقية.
هذا، وتستمر مسيرة النماء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في كافة مدن الصحراء دون العودة إلى الملف السياسي الذي تتشابك فيه خيوط اللعبة بين الدول العظمى بقيادة أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وغيرها، والتي صادقت على تمديد فترة عمل “المينورسو” لسنة واحدة باستثناء روسيا، وتونس، الدولة العربية التي خرجت عن مبادئ ثورة حشاد وزعامة بورقيبة ووحدة الرؤية بين المغرب وتونس، لتمتنع عن التصويت في إشارة غير مفهومة وفي وقت دقيق.