تحقيقات أسبوعية

متابعات | هل تؤدي الحرب بين شباط ونزار البركة لسقوط حزب الاستقلال ؟

استحقاقات "انْتَ و زَهْرك"

يشهد حزب الاستقلال حراكا داخليا وشدا وجذبا بين تيار شباط والمتعاطفين معه، وبين أعضاء في اللجنة التنفيذية لـ”الميزان”، الراغبين في إزاحته من الساحة السياسية، وإنهاء مساره مع الحزب بسبب منهجية تدبيره السابقة عندما كان أمينا عاما للحزب، وقيامه بتهميش قيادات بارزة وأعضاء اللجنة التنفيذية.

ويمر حزب الاستقلال حاليا بمرحلة تحضيرية استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لكن تخلي الحزب عن مدينة فاس العاصمة العلمية ومهد الحزب، جعل العديد من المتعاطفين يطرحون التساؤل: هل سيتخلى الحزب عن فاس لفائدة حزب العدالة والتنمية؟

إعداد: خالد الغازي

    كشف الخلاف بين اللجنة التنفيذية للاستقلال وتيار شباط عن وجود فراغ للحزب في مدينة فاس، حيث تبين أن القاعدة التي يتوفر عليها الحزب والمتعاطفين، أغلبهم يتبع تيار عمدة المدينة السابق، مما يطرح إشكالا كبيرا للقيادة التي تحاول إقناع المناضلين بضرورة التخلي عن دعم شباط.

فالعديد من التحديات أمام نزار البركة، الأمين العام الحالي، الساعي لتحقيق الريادة في الاستحقاقات المقبلة، لكن عليه تسوية الخلاف بين بعض أعضاء اللجنة التنفيذية، ولدى المكاتب الإقليمية والفروع الجهوية، وخاصة في ظل تزكية مرشحين قادمين من أحزاب أخرى، وعدم الاهتمام بمطالب المناضلين والقواعد التي تطالب بضرورة اعتماد الديمقراطية الداخلية في انتقاء المرشحين.

يقول المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير، أن التناقضات الموجودة داخل الأحزاب ليست صراعات حزبية – حزبية، بل صراعات أجهزة الدولة، كل واحد يريد التحكم أكثر في البلاد لكي يتحكم أكثر، ولهذا يجب عليه أخذ مواقع في البرلمان والمجالس البلدية والغرف المهنية وعليه الدخول للأحزاب، ولذلك فالصراعات التي تعيشها الأحزاب هي انعكاس صراعات داخل إدارات الدولة، مبرزا أن كل طبقة لها حزب أو حزبان حسب الفئات التي فيها، وبالتالي، فالصراعات داخل الأحزاب تعكس الصراعات داخل المجتمع.

وأوضح أن اللعب مفتوح.. وهذا شيء إيجابي وليس على صعيد المجتمع، بل على صعيد القوة المتحكمة في السلطة الإدارية، طبعا في آخر المطاف، الملك سيلعب الدور الحاسم، وحزب الاستقلال موزع الولاءات ومحسوب على القصر الملكي، وشباط الذي قام بانقلاب سابق، معروف أنه محسوب سابقا على الداخلية. 

وأوضح أن شباط، سابقا، كانت معه “القوة” التي أرادت صعوده لحزب الاستقلال عندما كانت له نقابة وموارد مالية ضخمة، وكانت معه البورجوازية التي تستفيد منه، لكنها حاليا ربطت الصلة مع أطراف جديدة، وتغيرت الشروط كثيرا، وشباط يريد البقاء في الصورة، والذي يراهن عليه، يستعمله للضغط من أجل تحقيق مكاسب داخل حزب الاستقلال.

واعتبر بلكبير أن حزب العدالة والتنمية تغلغل بطرق دينية وأخرى، ويمكن أن يلبي حاجيات الدولة بدون الاضطرار إلى شباط، لأن الدولة لا تريد التخلي عن العدالة والتنمية، لأنه مفيد لها لا محليا ولا سياسيا، ولا يمكن أن تتركه يتغول ولا يجب أن يموت أو ينقسم، لأنها في حاجة إليه، مؤكدا أن مائدة المخزن تسع الجميع، حيث أن المواقع هي التي تتغير، وعلى الجميع المشاركة في العملية.

شباط

قلب الصراع

    تعتبر مدينة فاس ذات مكانة عريقة في تاريخ حزب الاستقلال، لكونها منبع القيادة التاريخية للحزب والحركة الوطنية، إلا أن القيادة الحالية برئاسة نزار البركة، قررت حل جميع فروع الحزب بالعاصمة العلمية للمملكة، واعتماد إجراءات تنظيمية مؤقتة تحت إشراف اللجنة التنفيذية لتدبير شؤون الحزب ومسألة الترشيحات، وخاصة بعدما أعلن حميد شباط، أحد أبرز وجوه الاستقلال، رغبته في الترشح خلال الاستحقاقات المقبلة بشعار “الميزان”.

فقد خلقت عودة شباط إلى الواجهة، صراعا بين المناضلين الاستقلاليين داخل المدينة، مما دفع اللجنة التنفيذية للتدخل لحل فروع الحزب بفاس، مبررة ذلك بتقهقر الحزب على مستوى التنظيمات المحلية وتوتر الصراع بين الأجهزة والقواعد، وفشل محاولات قيادة الحزب للمصالحة بين الأطراف المتصارعة على الصعيد المحلي.

وعقب قرار اللجنة التنفيذية، كشفت معطيات أن الأمين العام نزار البركة قام بزيارة للعاصمة العلمية، وعقد اجتماعا مع العديد من الوجوه المحلية البارزة بفاس وتاونات وبولمان، لم يحضره شباط، تمت خلاله تزكية بعض الأسماء الوازنة مثل الوزير التجمعي السابق محمد عبو، الذي سيترشح بتاونات، والمفضل الطاهري بدائرة غفساي، وتزكية العيدي بدائرة مولاي يعقوب، ودعم ترشح حسن الشهبي بدائرة فاس الشمالية، وعلال العمراوي بدائرة فاس الجنوبية، وعبد المولى الحرشي بدائرة بولمان.

وقد أعلن شباط رفضه لقرار اللجنة التنفيذية بحل جميع فروع الحزب بمدينة فاس، داعيا إلى وقف ما أسماه “العبث” الذي لا يخدم سوى حزب العدالة والتنمية، بعدما كانت الفرصة مواتية لحزب الاستقلال للعودة بقوة إلى المشهد الانتخابي بالعاصمة العلمية.

خطوة القيادة العليا للحزب، دفعت شباط ليفتح مفاوضات مع قيادة الحركة الشعبية، للترشح باسم “السنبلة” في الاستحقاقات المقبلة، لكنها تبقى محاولة منه، حسب مراقبين، للضغط على اللجنة التنفيذية لفتح باب الحوار معه، لأن انتقاله إلى حزب آخر قد يؤثر سلبا على أداء التنظيم السياسي للحزب بالمدينة، ويسهل الطريق لحزب العدالة والتنمية الراغب في الظفر بالعمودية.

حركة داخل الحزب  

    راسل أعضاء من حزب الاستقلال، الأمين العام نزار البركة ورئيس المجلس الوطني للحزب، احتجاجا على ما وصفوه بـ”مخالفات ضد قانون الأحزاب وروح النظامين الداخلي والأساسي لحزبهم”، رافضين “التعسف والشطط في استعمال القانون والأنظمة المتجلية في تعطيل مهام ومؤسسات الحزب وأجهزته الوطنية والجهوية والمحلية، وتبرير ذلك بتعليلات غير موضوعية”.

وتم الترويج لعريضة في مواقع التواصل الاجتماعي تحمل نداء للأمين العام ورئيس المجلس الوطني لـ”الميزان”، احتجاجا على ما اعتبروه “التعسف والشطط في استعمال القانون والأنظمة” المتجلية في “تعطيل مهام ومؤسسات الحزب وأجهزته الوطنية والجهوية والمحلية، وتبرير ذلك بتعليلات غير موضوعية”.

ووجه أصحاب العريضة النداء أيضا، إلى أعضاء اللجنة التنفيذية، “الذين يتحملون المسؤولية بصفة جماعية عن كل القرارات المخالفة لقانون الأحزاب السياسية ونظامي الحزب الأساسي والداخلي”، معتبرين أن “القيادة الاستقلالية لم تحسن، لحد الآن، تدبير العديد من المحطات منذ اختتام أشغال المؤتمر العام للحزب، وخاصة على المستوى التنظيمي، الذي عرف اختلالات كثيرة وسيادة مبدأ الولاءات الضيقة على المصلحة العليا”، حسب ما جاء في وثيقة النداء “المجهولة”.

وأكد أصحاب النداء، أنهم “يهدفون وفق ما جاء في الوثيقة نفسها، إلى “الحفاظ على ثوابت الحزب وقيمه من كل ألوان العبث والتسلط والجبروت المفروض”، جازمين أن “معركتهم ستكون بالشراسة الضرورية، لأنها معركة القيم والمبادئ ضد المال والفساد والتسلط، وذبح الديمقراطية”.

وأشار بيان الأعضاء المتمردين على قيادة الاستقلال، إلى أن غاية قيادة الحزب باتت تتلخص في البحث عن موقع انتخابي متقدم وبأي وسيلة كانت، مما خلف احتقانا داخليا في أغلب الجهات والأقاليم والمدن، مما بات يتطلب تصحيح كل التجاوزات والأخطاء القانونية المرتكبة، مطالبين بفتح حوار مباشر موسع مع كل قواعد وأطر الحزب في إطار المؤسسات التنظيمية القانونية، وهي المجالس الجهوية والإقليمية ومجالس الفروع.

حمدي ولد الرشيد و نزار البركة

الصراع ينتقل للشبيبة

    أعلن مجموعة من شباب مدينة فاس عن تأسيس “تنسيقية الشباب الاستقلالي”، من رحم الشبيبة الاستقلالية، مما أسفر عن صراع داخل شبيبة الحزب، حيث جاءت هذه التنسيقية في ظل الاحتقان الذي تعيشه فروع الحزب بمدينة فاس، وفي ظل الصراع بين تيار شباط واللجنة التنفيذية لـ”الميزان”.

وانضمت تنسيقية الشباب الاستقلالي إلى تيار المعارضة، حيث استنكرت القرارات الأخيرة للجنة التنفيذية للحزب القاضية بحل جميع فروع الحزب، والتنظيمات الموازية لها، وتعيين شخص لتدبير الانتخابات المهنية والجماعية والتشريعية، معتبرة أن هذه القرارات “ارتجالية”.

وعبرت التنسيقية عن رفضها لمحاولة أحد أعضاء اللجنة التنفيذية، التضحية بفاس ومناضليها خدمة لجهة معينة، داعية الأمين العام وحكماء الحزب إلى إلغاء القرار حفاظا على لحمة الاستقلاليين ووحدتهم، ووقف الممارسات التي أدت إلى نزيف الاستقالات بكل فروع الحزب بمختلف المدن.

من جهتها، اعتبرت منظمة الشبيبة الاستقلالية، أن “تنسيقية الشباب الاستقلالي بمدينة فاس” والتي خرجت إلى الوجود مؤخرا بعد قرار قيادة حزب الاستقلال حل جميع فروع وتنظيمات الحزب بعمالة فاس، لقطع الطريق على ترشيح حميد شباط، بأنها “إطار غير قانوني”، وأضافت أنها قررت تجميد عضوية كل من أيوب الصافي وأمين الكوهن، عضوي اللجنة المركزية، والحسين الناجي وحمزة أغداوش وعبد الحي فوزي وسناء السيوري، أعضاء المجلس الوطني، مبرزة أن القرار جاء استنادا على معطيات منشورة بمواقع التواصل الاجتماعي باسم إطار غير قانوني يطلق عليه “تنسيقية الشباب الاستقلالي بمدينة فاس”.

وقالت الشبيبة الاستقلالية أنها أحالت ملف أيوب الصافي وأمين الكوهن على لجنة التحكيم والمتابعة، طبقا للفصل العاشر من القانون الداخلي للحزب، وذلك للبت في شأن “إخلالهم بمهامهم التنظيمية وخرقهم لمضامين القانون الأساسي والداخلي”.

تصدع في مدن أخرى

    شهدت بعض المدن والأقاليم استقالات ومغادرات لبعض مناضلي حزب الاستقلال، لأسباب غامضة، حيث وضع هذا الأمر الحزب في موقف صعب مع قرب الانتخابات المقبلة، وهو الأمر الذي يهدد بإفراع الحزب من قواعده القديمة وقوته التنظيمية في بعض الأقاليم والمدن.

ففي عمالة إنزكان، قدم سبعة محامين استقلاليين استقالتهم من رابطة المحامين الاستقلاليين ومن التنظيم السياسي للحزب، حسب نص رسالة استقالة جماعية وجهوها للأمين العام نزار البركة، بينما في أيت ملول، استقال العشرات من شباب وشابات الحزب، احتجاجا على أسلوب تدبير شؤون الحزب إقليميا وعلى كافة المستويات، وقد سبق هذا استقالة أزيد من 20 عضوا من بينهم أعضاء اللجنة التحضيرية وأعضاء المجلس الوطني للشبيبة الاستقلالية.

وفي تارودانت، استقال قياديان محليان، عبد الهادي ماما كاتب فرع الشبيبة الاستقلالية، وياسين بيقندران، الذي التحق بحزب الاتحاد الاشتراكي كوكيل للائحة بدائرة إنزكان في الانتخابات المقبلة، كما تلقى حزب الاستقلال بجماعة سيدي موسى دائرة أولاد تايمة، ضربة موجعة، بعد التحاق 8 أعضاء بحزب التجمع الوطني للأحرار، من أجل الترشح باسم “الحمامة” في الاستحقاقات المقبلة.

وفي الجهة الشرقية، قدم أعضاء منظمة الشبيبة الاستقلالية بوجدة، استقالتهم من هياكل الحزب بشكل جماعي (أزيد من 70 عضوا) بالتزامن مع زيارة الأمين العام للحزب للمنطقة، وذلك بعدما تم إقصاء أعضاء الشبيبة من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بالرغم من الترويج لفكرة دعم الشباب للانخراط في العمل السياسي، وفي مدينة تاونات، قدم كاتب فرع الشبيبة الاستقلالية، يوسف الوارتي، وكاتبة فرع الحزب، أنيسة الوردي، استقالتهما من كل الهياكل التنظيمية، بسبب عدم إشراك والإنصات لكل الفاعلين والمناضلين الحزبيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى