تحت الأضواء | حركة “حماس” تخطب ود خصوم قضية الصحراء المغربية
بعد إعلان ولائها لـ"حزب الله" وطلب زيارة الجزائر
الرباط. الأسبوع
((السيد رئيس الحكومة المحترم، لقد قمتم بدعوة حركة “حماس” الفلسطينية لزيارة المغرب، وقد كانت الدعوة رسميا باسم الحزب.. وحيث إنني لم أصوت لحزب العدالة والتنمية ولا أظنني سأفعل ذلك مستقبلا، وحيث إنني غير مقتنع لا بمشروعكم المجتمعي ولا بأدائكم السياسي ولا بمشروع “حماس”، فلو بقيت الزيارة في إطارها الحزبي، لم أكن لأعتبر نفسي معنيا مباشرة بها وبحيثياتها ونتائجها، أما وقد حملتكم صناديق الاقتراع لرئاسة للحكومة، فإن استقبالكم لوفد “حماس” ولو في جزء منه بهذه الصفة، يضعكم في موضع المساءلة أمامنا، لأنكم مسؤولون تجاه جميع المغاربة بمختلف قناعاتهم وحساسيتهم السياسية والثقافية، وكثير منهم لا تمثلهم أفكار “حماس” ولا مشروعها السياسي، ولا تعتبر “حماس” ممثلا للشعب الفلسطيني برمته، وهي بالفعل لا تمثله، كما أن هناك طيفا واسعا من الفلسطينيين الذين تمثلهم حساسيات سياسية أخرى تجتمع تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني))..
الفقرة أعلاه، هي مقتطف من رسالة مفتوحة رفعها رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية إلى رئيس الحكومة، ويعبر من خلاله عن عدم اتفاقه مع زيارة حركة “حماس” للمغرب من حيث الطقوس التي رافقتها، بل ويضيف في رسالته لرئيس الحكومة، والتي حصلت “الأسبوع” على نسخة منها: ((لا يخفى عليكم (موجها كلامه لرئيس الحكومة)، أن المغاربة جميعا يعتبرون القضية الفلسطينية قضية وطنية منذ منتصف القرن الماضي، كما يعتبر المغرب الرسمي القضية قضية وطنية منذ نصف قرن، أي قبل 1988، سنة تأسيس “حماس” وقبل 1977 سنة تأسيس الجماعة الإسلامية التي تنحدرون منها، وقبل 1992 سنة تأسيس حزب العدالة والتنمية، ولذلك، وبناء على هذه المعطيات، فأنتم مطالبون سياسيا ومعنويا وتاريخيا بأخذ ذلك بعين الاعتبار.. طبعا، لا نختلف على أن استقبال “حماس” بالحفاوة والزخم الإعلامي الذي تمت به يعتبر شيئا جيدا في سياق البحث عن حل للقضية الفلسطينية، ولكن ذلك لا يجب أن يتم بواسطة مبادرات قد تتسبب في شق الصف الفلسطيني، كما لا يجدر بنا تفصيل موقفنا الوطني من القضية وفق خلفية إيديولوجية قد تتحول لاستراتيجية إقصائية في حق الفصائل الأخرى، وتبرر بالتالي، اختزال القضية برمتها في مجموعة سياسية أو إيديولوجية بعينها، ولذلك السيد رئيس الحكومة، وحتى لا تتحول القضية الفلسطينية إلى مجرد رهان انتخابي، ومن باب المسؤولية التاريخية التي تتحملونها، ونظرا لضرورة الحفاظ على توازن الموقف المغربي من القضية، فإننا نطالبكم من هذا المنبر، بتوجيه دعوة على نفس المستوى لممثلي الفصائل الوطنية الفلسطينية الأخرى واستقبالها بنفس الحفاوة والترحيب والاستماع إلى مقاربتها للمرحلة بنفس الاهتمام)).
المصطفى كرين، نموذج لفاعل حقوقي ينتظر القيام باللازم إزاء “منظمة التحرير الفلسطينية” التي حاولت النأي بنفسها عن هذه الزيارة، ويقول بعض الفلسطينيين، أن ((“حماس” تصرفت وكأنها الممثل الشرعي لفلسطين، وهذا غير صحيح))، وبينما يعيش المغرب تداعيات هذه الزيارة، تواصل حركة “حماس” جولاتها بعدد من الدول، لتكون آخر لقاءاتها هي لقاء رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، مع حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” اللبناني.
وحسب بيان “حزب الله”، فقد استعرض حسن نصر الله وإسماعيل هنية، ((الحرب الفلسطينية الإسرائيلية الأخيرة، وأسبابها ومجرياتها ونتائجها فلسطينيا وعربيا وإسلاميا ودوليا، مما يمكن المقاومة في فلسطين، ومعها محور المقاومة في المنطقة، من البناء على هذا النصر الكبير، وتوظيف وتنظيم كل الطاقات والقدرات من أجل الوصول إلى النصر الحاسم والنهائي))، وأوضح البيان أنه ((تم البحث في اللقاء في عمق العلاقة القائمة بين “حزب الله” و”حماس”، وموقعها الأساسي في هذا المحور، وفي هذه المعركة الحاسمة)).
يمكن القول إن حركة “حماس” استطاعت حشد بعض التعاطف الشعبي معها من خلال زيارتها للمغرب، لكن حساباتها لا تتوافق بالضرورة مع المغرب، حيث أن المغرب سبق أن اتهم “حزب الله” بدعم البوليساريو، بل إن وزير الخارجية ناصر بوريطة، سبق أن قال بأن ((قرار قطع العلاقات مع طهران صدر ردا على تورط إيران عن طريق “حزب الله” في تحالف مع البوليساريو يستهدف أمن المغرب ومصالحه العليا، منذ سنتين، وبناء على حجج دامغة))، بل إن الوزير قال ((قد بدأ “حزب الله” يهدد بالثأر وأرسل أسلحة وكوادر عسكرية إلى تندوف لتدريب عناصر من البوليساريو على حرب العصابات وتكوين فرق كوماندوز وتحضير عمليات عدائية ضد المغرب))، مؤكدا ((إرسال صواريخ “سام 9″ و”سام 11” أخيرا إلى عناصر الجبهة الانفصالية)).
ليس إعلان ولاء حركة “حماس” لـ”حزب الله” وحده هو ما يثير الانتباه في تحركاتها، بل إنها أعلنت رغبتها في زيارة الجزائر، وقد جاء ذلك خلال لقاء جمع القيادي في الحركة، سامي أبو زهري، مع السفير الجزائري لدى تركيا، مراد عجابي، في مقر سفارته بأنقرة، وقال أبو زهري، عبر حسابه على “تويتر”: ((زرنا اليوم مقر السفارة الجزائرية بأنقرة، وكان اللقاء مع سعادة السفير مراد عجابي حميما))، وأضاف: ((تناولنا الأوضاع الفلسطينية بعد “سيف القدس” (المعركة الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل)))، وتابع أبو زهري: ((أكدنا على طلب زيارة قيادة حركة “حماس” للجزائر الشقيقة ضمن جولتها لدول المنطقة، وتعبيرا عن العلاقات التاريخية بين الشعبين الفلسطيني والجزائري)).. وهذا التحرك “الحماسي” ينضاف إلى تحركات أخرى تجمع حركة “حماس” مع خصوم الدبلوماسية المغربية.