تحقيقات أسبوعية

متابعات | عودة الجالية تفتح آمال إنعاش الاقتصاد الوطني

ما بعد صدور الأوامر الملكية لإنصاف مغاربة العالم

فتح قرار الملك محمد السادس الباب أمام أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لقضاء العطلة الصيفية، بعدما تماطلت حكومة العثماني في فتح عملية “مرحبا” وتأخرت كثيرا في فسح المجال أمام مغاربة أوروبا في دخول التراب الوطني، حيث جاءت التعليمات الملكية من أجل وضع ترتيبات خاصة تؤمن عبور أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج على متن البواخر.

وكشف الديوان الملكي في بلاغ له، أن الترتيبات تتعلق بتسهيل المساطر الإدارية والجمركية، والصحية، خلال عملية العبور، لضمان ظروف آمنة وسلسة أثناء السفر وخلال وصول المواطنين المهاجرين إلى إقامتهم، حيث سيتم الاستمرار في العمل بباقي التدابير الاعتيادية الأخرى المتعلقة بالاستقبال والمساعدة، التي تقوم بها مؤسسة محمد الخامس للتضامن.

شكل القرار انفراجا للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وللطلبة المغاربة الذين يدرسون في مختلف البلدان، حيث فسح أمامهم باب العودة لوطنهم وقضاء العطلة الصيفية مع عائلاتهم وذويهم، بعدما خلقت الحكومة الغموض أمامهم في الفترة السابقة ولم تتجاوب مع المطالب، بحيث كانت “الأسبوع” من الصحف الوطنية السباقة لإثارة مطالب الجالية وانتظاراتهم حول عملية “مرحبا” من أجل السماح لهم بالعودة للوطن.

الكثير من المواطنين والتجار والفاعلين، عبروا عن سعادتهم بفتح المجال الجوي والبحري أمام عودة الجالية المغربية من الخارج لأرض الوطن، من أجل صلة الرحم، وأيضا لخلق رواج تجاري، فهل سوف ينعكس هذا الدخول إيجابا على الاقتصاد الوطني؟ هل ستحقق الجالية ارتفاعا ونموا للقطاع السياحي بعدما عاش الكساد؟ وهل قرار المغرب فيه إشارة إلى إسبانيا؟

إعداد: خالد الغازي

 

تعليمات ملكية

    أكد الديوان الملكي أن الملك محمد السادس أصدر تعليماته إلى السلطات المعنية، وكافة المتدخلين في مجال النقل، للعمل على تسهيل عودة الجالية إلى المغرب بأثمنة مناسبة، حيث شملت التعليمات الملكية كل المتدخلين في مجال النقل الجوي، خاصة شركة الخطوط الملكية المغربية، ومختلف الفاعلين على مستوى النقل البحري.

وأوضح الديوان الملكي، أن التعليمات الملكية طلبت اعتماد أسعار معقولة تكون في متناول الجميع، وتوفير العدد الكافي من الرحلات، لتمكين العائلات المغربية بالخارج من زيارة وطنها وصلة الرحم بأهلها وذويها، وخاصة في ظروف جائحة “كورونا”، بحيث تأتي هذه الأوامر في إطار العناية الملكية السامية بأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتجسيدا لحرص الملك على استمرار ارتباطهم بوطنهم الأم.

ودعا الملك محمد السادس كل الفاعلين السياحيين، سواء في مجال النقل أو الإقامة، إلى اتخاذ التدابير اللازمة قصد استقبال أبناء الجالية المغربية المقيمين بالخارج، في أحسن الظروف وبأثمنة ملائمة.

كما أمر الملك بتجنيد جميع السفارات والقنصليات العامة للمملكة بالخارج والانخراط في هذه العملية، وتسهيل جميع الإجراءات القنصلية والإدارية المطلوبة من طرف المواطنين المغاربة والأجانب الراغبين في زيارة المغرب، والتجاوب بطريقة ناجعة مع طلباتهم وانتظاراتهم.

ترحيب مغاربة العالم

    أشاد مجلس الجالية المغربية بالخارج، بالمبادرة الملكية التي تعكس التلاحم الدائم للملك مع أفراد الجالية المغربية بالخارج، والمواكبة المستمرة لقضايا هذه الفئة التي تحظى بمكانة خاصة، وقال مجلس الجالية، بهذه المناسبة، إنه ينوه بالحرص الدائم للملك محمد السادس على حماية حقوق ومصالح أبناء الجالية المغربية بالخارج، أينما كانوا، وتقوية الأواصر المتينة التي تربطهم بوطنهم الأم.

وذكر المجلس بأن الملك أصدر تعليماته السامية للسلطات المعنية وكافة المتدخلين في مجال النقل، قصد العمل على تسهيل عودتهم إلى بلادهم بأثمنة مناسبة، وذلك في إطار العناية الكريمة التي ما فتئ يوليها جلالته لأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج.

وفي هذا السياق، عبرت رابطة الجالية المغربية المقيمة بدولة قطر، عن “اعتزازها بهذه المبادرة الملكية التي تضمنت أوامر سامية لكل المتدخلين والفاعلين في مجال النقل الجوي، وخاصة شركة الخطوط الملكية المغربية، بالحرص على اعتماد أسعار معقولة تكون في متناول الجميع، وتوفير العدد الكافي من الرحلات، لتمكين العائلات المغربية بالخارج من زيارة وطنها، وصلة الرحم بأهلها وذويها، خاصة في ظروف جائحة كوفيد 19″، كما ثمنت دعوة الملك الفاعلين السياحيين، سواء في مجال النقل أو الإقامة، لاتخاذ التدابير اللازمة، قصد استقبال أبناء الجالية المغربية المقيمين بالخارج في أحسن الظروف وبأثمنة ملائمة، مؤكدة أن هذه الالتفاتة تجسد العناية التي ما فتئ جلالة الملك يوليها للمغاربة المقيمين بالخارج.

من جهتها، رحبت غرفة التجارة البلجيكية – المغربية، بالقرار الذي سيسمح للأسر المغربية المقيمة بالخارج بالعودة إلى الوطن وصلة الرحم مع الأهل والأحباب، لا سيما في ظل الظروف الصعبة منذ تفشي وباء “كورونا”، وذلك بفضل مجموعة من التدابير التي تسهل أيضا كل المساطر الإدارية والجمركية والصحية، حتى يمر السفر إلى المغرب في أجواء آمنة وسلسة ومرضية.

وعبرت الهيئة عن ترحيبها بهذا الإعلان وبهذه “الالتفاتة الملكية السخية للغاية”، فضلا عن الاهتمام الخاص الذي يوليه الملك محمد السادس لأكثر من خمسة ملايين مغربي في الخارج منذ أكثر من عام”.

إشكالية الحجر الفندقي

    يشكل الحجر الفندقي إشكالية كبيرة لدى العديد من المغاربة المهاجرين في مختلف البلدان الأوروبية، والآسيوية، حيث يطرح إشكالا لدى الطلبة القادمين من دول أوروبا الشرقية، والخليج، حيث سيكونون ملزمين بقضاء فترة من الحجر الصحي في الفنادق، الشيء الذي يطرح إشكالية كبيرة لهم، لاسيما وأن جلهم لا يتوفرون على الإمكانيات المادية لتحمل تكاليف الحجر الفندقي.

حسن، مواطن مغربي جعلته الظروف عالقا في تركيا منذ عدة أشهر، بسبب تعليق الرحلات الجوية قبل شهر رمضان، عبر عن سعادته بقرار فتح الأجواء والطيران أمام مغاربة العالم للعودة إلى البلد، قائلا: “بطبيعة الحال، الناس سعداء جدا بفتح الأجواء بعد انتظار طويل، العالقون هم أكثر سعادة من الناس المقيمين في الخارج، رغم الصعوبات والتحديات التي واجهناها في العديد من البلدان خاصة من الناحية المادية، ورغم أن القرار متأخر إلا أنه قرار صائب خلق الفرح لدى المواطنين، خاصة العالقين، السعداء بالأثمنة المناسبة جدا”.

وصرح أن بعض الأمور تحتاج إلى وضوح، وخاصة المتعلقة بوزارة الخارجية، والتي تفرض على المغاربة القادمين من بلدان لائحة “ب” الخضوع للحجر الفندقي لعشرة أيام، حيث أن بعض المواطنين يتواجدون حاليا في بلدان لائحة “أ”، لكنهم يحملون بطائق إقامة لبلدان لائحة “ب” مثل قطر وماليزيا وغيرها، متسائلا، هل الشخص الذي وجد نفسه عالقا في إحدى دول قائمة “أ” لعدة أشهر، ملزم بقضاء الحجر الفندقي؟

وقال أن هذه الحالات تحتاج لتوضيح وتسهيلات من قبل مسؤولي وزارة الخارجية، والسلطات الصحية، بإعفاء الأشخاص المقيمين في دول لائحة “ب” والقادمين من بلدان لائحة “أ” من الحجر الصحي، خاصة وأن جلهم قضوا شهرا أو عدة أشهر في هذه الدول مثل تركيا، بعد توقيف المغرب للرحلات الجوية.

ارتفاع ثمن التذكرة في موقع «لارام»
جدول الأثمنة في خط تصاعدي بموقع «لارام»
ارتفاع ثمن التذكرة من أبو ظبي إلى الدارالبيضاء في يوليوز المقبل

 

“لارام” تعود لعادتها

    فوجئ العديد من المغاربة القاطنين في الدول الأوروبية، بتغيير كبير في أثمنة الرحلات الجوية التي سبق أن حددتها الشركة الملكية للخطوط الجوية “لارام”، والتي كانت في متناول الأفراد والأسر وتتراوح ما بين 1200 درهم و2200 درهما، إلا أنه بعد الإقبال الكبير لأفراد الجالية على موقع الشركة، وتسجيل حجز أزيد من 120 ألف تذكرة من طرف مغاربة العالم في يوم واحد، وقع ارتفاع صاروخي في الأثمنة من 8 آلاف درهم إلى 9 آلاف، الشيء الذي أثار استياء العديد من مغاربة العالم.

فقد وضعت شركة “لارام” أثمنة مرتفعة عبر موقعها الرسمي، فمثلا الرحلات الجوية بين باريس والدار البيضاء في بداية شهر يوليوز المقبل، تتراوح من 9248 درهما إلى 11873 درهما، أما بالنسبة للرحلات الجوية بين أبوظبي والدار البيضاء، فقد بلغت 10 آلاف درهم إلى 21 ألف درهم، الشيء أثار استياء المواطنين، بعدما نشرت الشركة أثمنة محفزة لأفراد الجالية ومغاربة العالم عقب القرار الملكي.

فارتفاع أثمنة الشركة يتنافى مع تصريحات عبد الحميد عدو، المدير العام لشركة الخطوط الجوية، والتي قال فيها أن “البرنامج الجديد قام بتعزيز عدد المقاعد، إلى جانب مضاعفة عدد الرحلات وزيادة خطوط جوية جديدة، في سياق التعبئة الوطنية لإنجاح العملية الممتدة لثلاثة أشهر”، وأضاف: “إن الأسعار الاستثنائية تسعى إلى منافسة الشركات الجوية الأخرى البالغ عددها 44، لأن السوق أصبح يفرض قوانينه على الشركات”، مشيرا إلى أن الطلبة المغاربة سيستفيدون من الأثمان نفسها، لأنهم يندرجون ضمن الجالية كذلك.

وعبر أحد المهاجرين المغاربة في فرنسا عن غضبه من قيام شركة “لارام” برفع أثمنة التذاكر خلال الأسبوع الحالي، إلى أكثر من 9 آلاف درهم، بعدما روجت أثمنة منخفضة في الأسبوع الماضي، معتبرين أن هذا الإجراء يتنافى مع التعليمات الملكية، ومع التزامات الشركة بتوفير عدد كبير من المقاعد بأثمنة منخفضة لفائدة الجالية المغربية المقيمة بفرنسا وإيطاليا.

البرتغال تعوض إسبانيا

    قررت السلطات المغربية إقامة عملية “مرحبا” مع البرتغال بعد إقصاء الموانئ الإسبانية، والتي كانت تعود بالنفع والرواج الاقتصادي على الجنوب الإسباني، وتخلق مداخيل مالية مهمة في منطقة الأندلس والجزيرة الخضراء، والفنادق وشركات النقل تصل، حسب التقارير، إلى 500 مليون يورو، حيث شكل هذا الخيار صفعة جديدة للحكومة الإسبانية التي خرجت من حسابات الجالية.

وفي هذا السياق، كشفت وزارة التجهيز والنقل، أنها قررت فتح خطوط ملاحية جديدة مع السلطات البرتغالية من ميناء “بورتيماو” كميناء للعبور في اتجاه ميناء طنجة المتوسط، حيث ستنضاف هذه الرحلات البحرية الجديدة للخطوط المبرمجة بفرنسا وإيطاليا خلال هذه السنة، بطاقة استيعابية أولية تصل إلى 20000 مسافر و5000 عربة أسبوعيا، وكذا تعبئة باخرة إضافية على خطي مرسيليا – طنجة المتوسط، وجنوة – طنجة المتوسط، بطاقة استيعابية تبلغ 4000 مسافر و1000 عربة أسبوعيا.

وحسب الوزارة، فإن الطاقة الإجمالية ستبلغ حوالي 48000 مسافر، وما يفوق 15000 عربة أسبوعيا، مما سيمكن من تغطية المرحلة المتوقعة للعبور، من 15 يونيو إلى 15 شتنبر 2021، بحوالي 650 ألف مسافر و180 ألف عربة.

وأكدت الوزارة، أن مديرية الملاحة التجارية ستواصل اتصالاتها مع شركات النقل البحري، لحثها على توفير المزيد من الرحلات البحرية، وبالتالي، الزيادة في الطاقة الاستيعابية، لمواكبة الطلب على الرحلات خلال هذه الفترة، وذلك حسب ما تسمح به المقتضيات التقنية والمسطرية للموانئ والبواخر.

 

إنعاش الاقتصاد الوطني

    من المنتظر أن يشكل دخول أفراد المهاجرين المغاربة من مختلف أنحاء العالم، إنعاشا للاقتصاد الوطني ويسمح بخلق حركة تجارية في مختلف المدن المغربية، ويعيد الحياة للسياحة الداخلية التي عرفت جمودا كبيرا خلال الأشهر الماضية، بسبب قرارات الحكومة وفرض رخص التنقل بين المدن وتشديد الإجراءات في المدن السياحية، مما حرم الملايين من المواطنين من الاستمتاع بالعطلة خلال الصيف الماضي.

ووفق تقارير اقتصادية، فإن التحويلات المالية للجالية عرفت ارتفاعا خلال الأشهر الفارطة، حيث كشفت معطيات مكتب الصرف، أن قيمة التحويلات خلال نهاية أبريل الماضي، بلغت 28.83 مليار درهم، مسجلة ارتفاعا قدره 45 بالمائة عن السنة الماضية، بحيث يعتبر هذا الرقم الأعلى منذ سنة 2017، إذ كانت تتراوح التحويلات ما بين 18 و21 مليار درهم.

وتساهم التحويلات المالية للجالية المغربية في دعم الأسر المغربية، ودعم رصيد بنك المغرب من العملة الصعبة، بالإضافة إلى خلق المهاجرين المغاربة للعديد من المشاريع المتوسطة التي تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية في المدن المتوسطة والصغيرة.

في هذا الإطار، أكد عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية، أن عودة مغاربة العالم للمملكة ستساهم في عودة الروابط الاجتماعية لأبناء الجالية مع أسرهم بالمغرب، مضيفا في لقاء تلفزيوني، أن عودة مغاربة العالم ستساهم في انتعاش السياحة والاقتصاد بالمملكة، بعد غيابهم لأكثر من سنة.

وأشار إلى أن وقع عودة مغاربة المهجر على المستوى الاقتصادي، سيكون له أثر كبير خلال فصل الصيف، مبرزا أن أهم ما حملته هذه الالتفاتة الملكية، هو إذكاء روح التضامن وربط الصلة مع الوطن الأم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى