“الحصلة” والحصيلة في نهاية العام الدراسي
بعد أيام قليلة سينتهي العام الدراسي، وستغلق المدارس والجامعات والمعاهد أبوابها ليحل فصل الصيف، فصل الراحة والاستجمام والأسفار.
ويتساءل كل من التلاميذ والآباء والأولياء، والمدرسين، رجال ونساء التعليم والمسؤولين كذلك عن النتائج التي حصلوا عليها، ما الذي حققوه ولم يستطيعوا تحقيقه خلال هذا العام؟ ما هي المشاكل والعوائق التي منعتهم من تحقيق أهدافهم؟
كثير من الناس لا يتحدثون عن الجانب المعرفي فقط، فتلك مسألة مفروغ منها، يأتي التلاميذ والطلبة إلى المدارس والجامعات للحصول على العلم والمعرفة، لتطوير مهاراتهم لاكتشاف أشياء جديدة، لتنمية مدارك معينة، يفتح أمام عقولهم وعيونهم آفاقا جديدة ومعالم ما كان من الممكن التطلع إليها من قبل، لولا الدراسة والتفكير والاجتهاد.
هؤلاء يتحدثون عن حصيلة من نوع آخر، حصيلة إنسانية تجلت لعقولهم عندما عانقوا زملاءهم وأساتذتهم وأصدقاءهم في نهاية السنة الدراسية، وودعوهم بدموع صادقة وقلوب حزينة منكسرة، أحسوا خلال لحظات الوداع بأنهم تعلموا أشياء كثيرة بجانب المقرر الدراسي. تعلموا كيف يحبون ويحترمون زملاءهم وأساتذتهم وبنوا معهم حياة أسرية من نوع آخر، نسجوا علاقات المحبة والاحترام والتقدير والثقة مع ناس آخرين، ينتمون لشرائح اجتماعية مختلفة، شخصياتهم لا تعكس دوما ظروفهم ومحيطهم. أشخاص يجمعهم محيط واحد، أهداف واحدة ومسؤولية واحدة، يناقشون المواضيع بوضوح وشفافية في ما بينهم، لهم الحق في الاختلاف، لكل واحد أفكاره وآراؤه ولكن عليهم التعايش مع هذا الاختلاف.
بين الفينة والأخرى، يحدث سوء تفاهم بينهم، وهذا شيء عادي. ففي المؤسسات التعليمية، يتعلم المرء كيف يمد يديه للآخرين ويتقبل مساعداتهم لتجاوز الصعوبات رغم أن هناك من يفضل الاعتماد على النفس والعمل بصمت وبشكل فردي ويبخل على الآخرين بالمساعدة.
ويبقى العمل الجماعي أكثر ثراء معرفيا وإنسانية، لابد من الاندماج فيه. زيادة على ذلك، في المدارس والجامعات، يستفيد الجميع من الأنشطة المختلفة التي تنظم خلال السنة: رحلات، مسرحيات، موسيقى، معارض، رياضة، مباريات..
كل هذه الأشياء تعتبر رصيدا إنسانيا يضاف إلى الرصيد المعرفي والعلمي، الذي يحققه الإنسان على مر هذه الشهور.
نجيبة بزاد بناني (الرباط)