مقاطعات الرباط: للتقرب من السيارات والتليفونات والتعويضات

وقع انقلاب في اختصاصات وتخصصات مجالس المقاطعات، وعلى كل مهتم تفحص وثائق حساباتها الإدارية، ولا نقول ميزانياتها فهي ليست لها ميزانيات، بل فقط لها منح تمنحها الجماعة لتأمين خدمات القرب للسكان، ولكن مع الأسف هذه المنح التي تبلغ قيمتها معدل 550 مليونا لكل مقاطعة صرفت على “خدمات” السيارات من بنزين، وتأمينات، وإصلاح، وضريبة، و”خدمات” التليفونات التي تلتهم الملايين في كل مقاطعة، و”خدمات” التعويضات للرؤساء ونوابهم، و”خدمات” بعض الصفقات والأسفار و…
فأين هي خدمات القرب للمواطنين؟ علما بأن نفقات أجور وتعويضات الموظفين، ومصاريف الكهرباء والماء وتكاليف صيانة بناياتها ومكاتبها وغيرها على عاتق ميزانية الجماعة.
وخمس مقاطعات في الرباط؛ أربع منها تقول بأنها معارضة وواحدة موالية للحكومة وللجماعة، فلا المعارضون أبانوا عن نضال المعارضة ولا الموالون أكدوا صلاحياتهم الحكومية والجماعية، كلهم “يتبخترون” في سيارات جابها الله ويثرثرون في التليفونات على نفقة المقهورين والبؤساء ويسافرون في الطائرات على حساب أصحاب البراريك والديور المهددة بالانهيار، بل وتفوق المعارضون في التمركز بمواقع جماعية أحدثوها وأسسوا شركات جماعية “لتسيير” المرافق التي لها مداخيل بالملايير ومقرات مريحة في بنايات حديثة، ولم يفكروا في إحداث شركات لإصلاح الديور المهددة بالانهيار، وهيكلة الأسواق وتنشيط المقاطعات بأنشطة موازية حتى صارت هذه المقاطعات ميتة بالرغم من حوالي 250 جمعية تستفيد من مال السكان.
مقاطعاتنا انخرطت في تبذير أموال المنح في “خدمات” القرب للمنتخبين و”التزمت” بإبعاد والابتعاد عن تسهيل مأموريات خدمة المواطنين، واسألوا المترددين على المقاطعات للحصول على وثائق إدارية، وابحثوا عن “السماسرة” المرابضين في أبوابها وفي المقاهي القريبة منها والذين يقدمون “خدمات” تحت الطلب.
الجماعة، وأصحاب الجماعة يطمعون في اختصاصات الولاية، وحتى وإن تحقق لهم ما يطلبون وما يحلمون به فلن يتوقعوا عن طلب المزيد لتنمية مصالحهم الشخصية، فمتى تعود المقاطعات إلى خدمة سكانها بعيدا عن المزايدات التي مللناها والنفقات الباهظة التي ذكرناها؟