تحقيقات أسبوعية

متابعات | حقيقة الضريبة التي خوفت المهنيين

غموض حول نظام المساهمة المهنية وهيئات تطالب الحكومة بفتح حوار جاد

تعاني الكثير من القطاعات المهنية والتجارية من أزمة خلال فترة جائحة “كورونا”، والتي أثرت سلبا على الكثير من التجار والبقالة والمقاهي والمطاعم ومحلات الألبسة وغيرها، الشيء الذي أدى إلى حصول أزمة اقتصادية واجتماعية جعلت فئة عريضة من الناس متضررة بسبب قرارات الإغلاق المبكر والحجر، ثم انضافت إليها الضرائب التي نزلت كالمطرقة على الجميع في ظرفية اقتصادية صعبة.
فالكثير من الناس يعانون ظروفا اجتماعية ومادية صعبة مع استمرار جائحة “كورونا”، التي أضرت بالعديد من القطاعات المهنية والتجارية، من بينهم التجار وأصحاب محلات بيع المواد الغذائية والألبسة والخدمات، الذين فرضت عليهم ضريبة جديدة وفق قانون المالية الجديد، تسمى “المساهمة المهنية الموحدة”، إلى جانب القيمة التكميلية للتغطية الصحية.. فما هي هذه المساهمة الضريبية الموحدة؟ وكيف يرى المهنيون والنقابيون هذه الضريبة الجديدة؟

إعداد: خالد الغازي

 

قانون مقبول ولكن..

    يوضح محمد الجرايفي، ناشط نقابي،أن المساهمة المهنية الموحدة تدخل في سياق مشروع مجتمعي كبير كانت تطالب به التنظيمات المهنية منذ سنوات لتطبيقه واعتماده، لأجل توفير حق التغطية الصحية لفائدة جميع التجار والمهنيين في المغرب، بعدها تم عقد سلسلة من اللقاءات في إطار تنسيقية وطنية تضم النقابة الوطنية للتجار والمهنيين،والفضاء المغربي للمهنيين، والاتحاد العام للمقاولات والمهن، مبرزاأن هذه التنسيقية أخذت على عاتقها متابعة الملف ومناقشته والترافع من أجله، بعد مخاض عسير وعدة إشكالات، ولكن تم التوصل لاتفاق مع الإدارة والجهات المختصة يشمل التغطية الصحية إلى جانب الضريبة التي أطلق عليها المساهمة المهنية الموحدة، والتي تعطي للتجار والمهنيين أداء ضريبة واحدة في السنة تتضمن جميع الضرائب بما فيها ضريبة النظافة و”لابتانت”.

وأضافالجرايفي،أن مصالح الضرائبفرضتهذه السنة،نفس الضريبة الماضية،الشيء الذي خلق إزعاجا بالنسبة للناس، لأنها حددت مبلغا ضريبيا لكل فرد، مما طرح مجموعة من الإشكالات والصعوبات، بينما في السنة المقبلة، سيكون التجار ملزمون بالتصريح بالرواج الذي بناء عليه ستحدد قيمة المساهمة في التغطية الصحية، معتبرا أن مشروع المساهمة المهنية الموحدة في شموليته مقبول لدى المهنيين والتجار الصغار، لكي يكون لهم الحق في التطبيب والعلاج وفي الاستشفاء.

وأكد أن هناك جمعيات مهنية تعارض النظام الجديد بشكل متأخر بعدما تم تنزيله، وتعتبره غير ملائم، حيث كان لها الوقت الكافي لكي تناقش القانون وتدلي بمقترحاتها عندما كان المشروع يناقش في البرلمان ومع المهنيين، موضحا أن نقابتهم قامت بدراسة القانون واستشارت مع عدة جهات مختصة، وطالبت بتغيير مجموعة من الأشياء ولم تفاجأ بتنزيله، بينما التنظيمات المهنية المعارضة كان عليها القيام بنفس الشيء، عندما كان القانون عبارة عن مشروع وكان بإمكانهم التدخل والتعبير عن آرائهم والنضال من أجل تعديله.

وكشف أن هناك فئات أخرى لن تستفيد من النظام الجديد، ومنها فئة تعارض نظام المساهمة المهنية الجديدة، لأنها كانت تستفيد من النظام القديم، قائلا: “بطبيعة الحال، كانت فئة مخبية في هذا النظام التي لديها تجارة كبيرة، والمفروض عليها القيام بنظام المحاسبة الحقيقية، وهذ النظام لم يعجبها واعترضت عليه لكنها لم تنجح، وهناك فئة المسيرين والمساعدين والمشرفين على المحلات بالمقابل، وجدوا أنفسهم غير مستفيدين، لأن المستفيد هو صاحب المحل التجاري”.

إشكاليات متعددة وغموض

    يرى محمد زيان، رئيس الاتحاد العام للتجار والمهنيين بالمغرب،أن المساهمة المهنية الموحدة تضمن مجموعة من الاختلالات والأمور غير الواضحة، مما جعلهم يرفضون تنزيلها في الفترة الحالية، حتى تتم المراجعة وفتح باب الحوار مع التجار والمهنيين لأجل الاستماع لمشاكلهم ومعاناتهم، مبرزا أن المهنيين يعانون الأمرين في ظل جائحة “كورونا”، ويتم فرض قوانين عليهم بأثر رجعي، ويفرض عليهم تسديد ضريبة مثل سنة 2019 التي شهدت رواجا تجاريا كبيرا، بينما حاليا تعرف الحركة التجارية انتكاسة بسبب الجائحة والركود الاقتصادي.

وقال: “إن جميع التجار يرفضون اعتماد الأثر المرجعي الضريبي لسنة 2019 في ظل هذه الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة، ونرحب بالتغطية الصحية التي طالب بها الجميع في المغرب بكامله، لكن طريقة تنزيلها لم تكن كما يجب، خاصة وأن التجار يؤدون القيمة التكميلية للتغطية مع ضريبة 2020 ولن يستفيدوا منها إلا في سنة 2021″، معتبرا أن تطبيق القانون جاء في ظروف غير مناسبة حاليا.

وأكد أن خطاب الملك كان صريحا وواضحا، وتطرق للكثير من الأمور التي لم تلتزم بها الحكومة، وأمرها بفتح النقاش والتشاور مع التجار والمهنيين وأخذ الآراء لكي يكون التنزيل شاملا وكاملا، لكن الحكومة قامت بتنزيل متسرع أحادي، واكتفت فقط بثلاث نقابات دون توسيع المشاركة والمشاورات، وأغفلت الكثير من الجمعيات المهنية القوية في الساحة والتي لها قواعد مهمة، مشيرا إلى أنه لا الظروف الحالية ولا الوقت يسمح بتنزيل قانون التغطية حاليا، وكان الأفضل تأجيل الأمور لسنة وفتح حوار مجتمعي لشرح المشروع للناس والتجار وتوضيح المساهمة المهنية.

وتابع موضحا، أن من بين الأمور الغامضة، صدور قرار من البرلمان يقضي بالإعفاء من واجب التعريف المهني “لابتانت”، لكن المهنيين ملزمون بأدائه عند مصالح الضرائب بأثر رجعي، متسائلا لماذا لا تكون التغطية الصحية التكميلية بأثر رجعي حتى يستفيد منها الجميع؟ مبرزا أن هناك إشكالية وإكراهات بالنسبة لفئة من التجار والمهنيين الذين وصلوا إلى 60 و65 سنة من عمرهم، إلى جانب عراقيل وصعوبات لأجل الاستفادة من الخدمات الطبية في المصحات.

زازو

 

ثقل الضرائب في زمن الجائحة

    العديد من القطاعات تعاني ضعف المداخيل والأرباح خلال فترة الطوارئ الصحية والإجراءات الاحترازية والإغلاق المبكر، مما انعكس سلبا على أرباب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، لكن الواجبات الضريبية ظلت مفروضة عليهم رغم الجائحة والكساد والجمود الاقتصادي، وفي هذا السياق، يؤكد أحمد بفركان، المنسق الوطني للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم،أن الحكومة لم تراع الظروف وفترة الحجر الصحي وفرضت على أصحاب المقاهي والمطاعم تأدية ضريبة الحجر الصحي خلال فترة أبريل إلى 31 يونيو 2020، رغم توقف عملهم، ثم فوجئوا بوجود الضريبة المهنية (لاباتانت) خلال تقديم بيانات الحسابات بشكل مضاعف، إذ أن الذي كان يسدد 6 آلاف درهم، أدى 12 ألف درهم، وصاحب 9آلاف درهم فرضت عليه 18 ألف درهم، مستغربا فرض هذه الضريبة على المهنيين المتضررين في زمن الحجر الصحي والإغلاق المبكر على الساعة الثامنة.

واعتبرأن القانون غير منصف، لأنه يفرض تسديد الضريبة عن دورة كاملة حتى لو اشتغلت المقهى أو المطعم يوما واحدا فقط، تنضاف إلى 16 ضريبة ورسوم يؤدونها بشكل منتظم، موضحاأن المهنيين صدموا بقرار تسديد الرسوم الجبائية والضريبة عن فترة الحجر الصحي التي كانوا متوقفين فيها، ورفض المصالح الجماعية والضريبية التجاوب معهم أو تخفيضها رغم مذكرات الداخلية الموجهة إليهم.

وأشار إلى أن التنسيقية والعديد من الجمعيات، راسلت جميع القطاعات الحكومية والفرق البرلمانية والأحزاب، لتوضيح الأزمة والحالة المزرية التي يعيشها قطاع المقاهي والمطاعم بسبب الضرائب والإغلاق، داعيا الحكومة إلى اعتماد توزان في اتخاذ القرارات بين اللجنة العلمية والدراسات الميدانية والواقع.

 

مخاوف من الإغلاق

    يسود استنكار واستياء كبير في صفوف المهنيين والتجار وأرباب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، بعد إصدار الحكومة لقرار الحظر الليلي وإغلاق المحلات وجميع الأنشطة المهنية بعد الإفطار، الشيء الذي سيخلق أزمة اجتماعية واقتصادية، حيث يرى العديد من الفاعلين أن تعليق النشاط في شهر رمضان يضر بفئة كبيرة من الناس.

يقول نبيل النوري، رئيس النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، أن الإغلاق الليلي يمكن أن يخلق أزمة عند بعض القطاعات التي لم تتعاف بعد من الأثار الجانبية للإغلاق السابق، وبدأوا يسترجعون شيئا ما نشاطهم العادي، لاسيما وأن أغلبية الحرفيين والتجار لديهم مشاكل ضريبية واجتماعية ومالية، معتبرا أن فرض الإغلاق سيتسبب في مجموعة من المشاكل لبعض القطاعات في الظرف الحالي.

وأضاف النوري، أن جل التجار في السنة الفارطة عاشوا أزمة خانقة، وخاصة الصناع التقليديين الذين ترتبط منتوجاتهم فقط بالمناسبات والأعياد، ويكثر الإقبال عليها في شهر رمضان، داعيا إلى مراعاة الظروف الاجتماعية القاسية، لأن التجار يعانون منذ السنة الفارطة ولا يمكن فرض سنة أخرى بيضاء تزيد من معاناتهم.

وتابع قائلا أن فئة كبيرة سوف تتضرر من الإغلاق، منهم الخياطة والصناع التقليديين وتجار الملابس التقليدية والمقاهي ومحلات الأكلات الخفيفة، لاسيما وأن العديد منهم عليه مصاريف الكراء والكهرباء والماء والمدارس الخاصة للأبناء، ومشاكل كبيرة قد تتفاقم، بحيث أن الإغلاق له تأثير سلبي على التجارة عموما.

نور الدين الحراق

لماذا أهملت الحكومة المقاربة الاجتماعية في مشكل المقاهي ؟

    قال نور الدين الحراق، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي،أن المهنيين يعانون كثيرا بسبب عدم تجاوب الحكومة مع مشاكل القطاع، خاصة مع قرب شهر رمضان الذي يتطلب مجموعة من الإجراءات والاستعدادات وتوفير المنتوجات بشكل استثنائي، معتبرا أن قرار الإغلاق خلال رمضان، سيضر بالمهنيين وأرباب المقاهي وسيخلق لهم مشاكل، منها الإيجار وأجور المستخدمين والعمال والديون، وسيؤدي إلى كارثة حقيقية في هذا القطاع، لاسيما وأن العديد من الوحدات أفلست وأغلقت بصفة نهائية ولم تستطع مواكبة الإجراءات والقرارات التي تقوم بها الحكومة، وربما سيغلق عدد كبير محلاتهم إذا ما استمرت سياسة الإغلاق.

وتابع الحراق موضحا: “مؤسف جدا أن الحكومة لا تجلس مع المعنيين بالأمر من أجل الوصول إلى صيغة لحل الأزمة، رغم أن الكل يعترف بوجود أزمة صحية ووباء عالمي، ولكن يجب مناقشة المشاكل المطروحة للوصول إلى صيغة نهائية لتجاوز هذه الأزمة بأخف الأضرار، خاصة وأن هناك أمورا عالقة يجب مراجعتها، مثل الجبايات المحلية والمسائل الضريبية، ومعالجة قضية الإيجار بين مالك البيت وصاحب المقهى”.

الكثير من القطاعات تعاني جراء الإجراءات الضريبية التي خرجت بها الحكومة وإدارة الضرائب خلال فترة الطوارئ الصحية، والتي لا تتماشى مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وكرست معاناة الآلاف من أصحاب المشاريع والصغيرة والمتوسطة والمحلات التجارية، حيث ينتظر الجميع تسوية المشاكل الضريبية وفق مقاربة اجتماعية تراعي الضرر الذي لحق بالعديد من الأنشطة الاقتصادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى