أول ما يتبادر للذهن عند قراءة هذا العنوان، هو “سور الصين العظيم”، ذلك السور الذي يمتد على طول 21196 كيلومترا إجمالا، وهي مسافة تساوي تقريبا المسافة الفاصلة بين بكين وواشنطن ذهابا وإيابا، وقد حدث ذلك في زمن الحروب القديمة والقتال بالأسلحة التقليدية البيضاء والمهارات الجسمانية، وتطلب استكماله ألفي سنة تقريبا، وكانت الصين حينها تريد إغلاق الباب على نفسها والانعزال عن العالم، أما اليوم، زمن الانفتاح في حدوده القصوى، فإن السور الذي تبنيه الصين، هو من نوع “الأسوار الناعمة ” الغير مرئية، والتي يكون فيها القتال بالمهارات العقلية والذهنية أولا.. أسوار من النعومة بحيث يمكن مقارنتها بالصوف، ولكن نعومتها الظاهرة إنما تخفي صلابة وقوة أعتى من سور الصين الحجري العظيم، ومن سلاستها ونعومتها، فإنه من الصعب جدا عليك إدراك هذه الأسوار الصوفية التي تبنيها الصين قبل أن تجد نفسك محاطا بها و”منسوجا” داخلها كخيط في قطعة قماش شاسعة تتمدد باستمرار، ولن تتوقف حتى تغطي كامل وجه الأرض. تلك هي استراتيجية الصين الجديدة التي أصبح من العسير جدا الإفلات منها حتى بالنسبة لدولة جبارة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، التي لن نبالغ إن قلنا أنها باتت محاصرة عمليا من طرف الصين، رغم أن هذه الأخيرة تستمر في إعطاء الانطباع بعدم وجود ذلك الحصار، ربما في انتظار اكتماله تماما.
ولتبسيط ما نحن بصدده، سأفصل بعض الأسوار، عفوا الأحداث الأخيرة التي تمر أمامنا دون أن نلقي لها بالا.