تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | لهيب أسعار المواد الأساسية يسبق رمضان ويعمق أزمة “كورونا”

مطالب بحماية القدرة الشرائية للمواطنين

يسود غضب كبير في صفوف المغاربة، جراء الزيادة الأخيرة التي عرفتها بعض المواد الغذائية الأساسية، مثل الشاي وزيت المائدة، الذي عرف زيادة وصلت لعشرة دراهم، أثارت موجة استنكار عارمة لدى المواطنين، الذين اعتبروا هذه الزيادات غير مقبولة وتكشف عن جشع الشركات والمحتكرين لهذه المواد، وعدم مراعاتهم للظروف الاجتماعية التي تمر منها غالبية الأسر المغربية في ظل جائحة “كورونا”، التي عطلت العديد من الأنشطة التجارية والمهنية، مثل الحمامات، صالونات الحلاقة، ومموني الحفلات، والعديد من المقاهي والمطاعم، وتوقف بعض الشركات، مما أوقف مصدر عيش مئات الآلاف من الأسر
فقد استنكر العديد من المواطنين، في الشارع وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الزيادة الغير منطقية، والتي جاءت في هذه الظرفية العصيبة التي يمر منها المواطنون المنتمون للطبقة الفقيرة والكادحة، بسبب توقف أجور الكثير منهم، وارتفاع فواتير الكهرباء والماء، وسومات الكراء، فضلا عن إكراهات أخرى، مما خلق مشاكل اجتماعية كبيرة بالنسبة لغالبية الأسر.

ربورتاج: خالد الغازي

زيادة غير قانونية في أثمان المواد الاستهلاكية 

    في هذا الإطار، يرى بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن الزيادة في ثمن المواد الاستهلاكية غير مقبولة في ظل هذه الظروف الحرجة التي يعيشها المغرب والتي تسببت في ضرر فادح للقدرة الشرائية للمواطنين، لاسيما وأن الكثير من الناس فقدوا وظائفهم، معتبرا أن الشركات الخاصة ليس لها الحق في الزيادة في أسعار المواد الغذائية، مثل الزيوت، التي تعد مادة غير مقننة، وبالتالي ليس للمنتج الحق في رفع السعر.

وأضاف الخراطي: إن جميع الشركات إذا قامت بالزيادة في الأثمان باتفاق فيما بينها، تكون قد وقعت في مخالفة لقانون حرية الأسعار والمنافسة، ويسمى هذا الأمر بـ”التوافق فيما بينها للزيادة على المواطن”، وهذا يتطلب ضرورة تدخل مجلس المنافسة لكي يقوم بإحالة ذاتية لمعرفة ما يقع في السوق، خاصة وأن منتوج زيت المائدة يعرف احتكارا من قبل شركة واحدة تستغل السوق بنسبة أكثر من 50 بالمائة.

وأكد المتحدث، أن الشركة المحتكرة إذا قامت بالزيادة لوحدها، فجميع الشركات التي تسوق نفس المنتوج سوف ترفع السعر، مثل ما حصل في مادة الحليب بعد زيادة شركة “سنطرال”، منددا بهذه الزيادة بدون مبرر، خاصة في هذه الظروف المادية الحرجة التي تعيشها معظم الأسر المغربية.

واعتبر الخراطي أن الزيادة في المحروقات لها تأثير مباشر على الأسعار، لأن النقل هو من العوامل التي تدخل في تركيبة سعر المواد الاستهلاكية، إذ كلما ارتفعت تكلفة نقل السلع والبضائع حتما يرتفع ثمن المنتوج الذي سيباع للمستهلك، مبرزا أن الشركات التي قامت بالزيادة مؤخرا في منتوجها، تدخل ضمن القطاعات التي عرفت انتعاشا ملحوظا خلال فترة “كوفيد 19” من حيث ارتفاع نسبة المبيعات جدا مقارنة مع السنوات الماضية، نتيجة الإقبال الكبير للمواطنين عليها خلال فترة الطوارئ الصحية على المواد الأساسية والغذائية.

وتساءل عن الكيفية التي تم بها اتخاذ قرار رفع أسعار المواد الأساسية، رغم الأرباح الكثيرة التي حققتها الشركات المنتجة لهذه المواد الغذائية، ونظرا للإقبال الكبير للمواطنين على الأسواق الكبرى ومحلات البقالة، لشراء تلك المواد أثناء فترة الطوارئ، إذ أن جميع شركات المواد الأساسية المطلوبة بكثرة حققت أرباحا كبيرة، والدليل، أن هناك إقبالا متزايدا على محلات المواد الغذائية في جميع الأحياء.

حقوق المستهلك غائبة

    يعيش المستهلك المغربي عدة إكراهات ومشاكل، نتيجة تحكم الشركات الكبرى واللوبيات في أسعار الخضر والفواكه والقطنيات، وغيرها من المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية، حيث يجد المغربي نفسه مكرها أمام ارتفاع جنوني لأسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية، والخضر واللحوم البيضاء، خاصة في فصل الشتاء وفي شهر رمضان، لكن دون أن يكون له الحق في إبداء رأيه أو معارضة أو مقاطعة هذه المنتجات، أو التقدم بشكايات إلى المصلحة المختصة لرفع الضرر ومراقبة أسعار البضائع والمواد في الأسواق.

وفي هذا السياق، يقول الخراطي أن الحكومة غير مهتمة بحماية المستهلك المغربي باستثناء بعض القطاعات الوزارية، مضيفا أنه رغم الوعود التي قدمتها لحماية المستهلك عقب حملة المقاطعة السابقة، إلا أنه تم طي الموضوع، و”عادت حليمة إلى عادتها القديمة”، بالاهتمام فقط بالمقاولات والشركات دون أن تهتم بالمستهلك وتحمي صحته ومصالحه الاقتصادية طبقا للقانون رقم 31.08.

وتابع أن هذه الحكومة، باستثناء وزارتين، لا تعطي لحماية المستهلك أي حق، والدليل هو غياب المستهلك كتمثيلية في جميع مجالس المؤسسات العمومية، بل حاضرة لإبداء الرأي حتى لا نقع في هذه المشاكل والاحتكار، مشيرا إلى أن المقاربة التشاركية التي أشار إليها الملك محمد السادس، غير حاضرة لدى عدة قطاعات وزارية فيما يتعلق بحماية المستهلك.

 

مسؤولية الحكومة

    من جهته، قال علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن الحكومة مع كامل الأسف، ورغم حالة الطوارئ التي أدت إلى حرمان الملايين من المواطنين المغاربة من كسب قوتهم اليومي، بالإضافة إلى ما يفوق المليون عامل فقدوا وظائفهم بسبب جائحة “كورونا”، وملايين آخرين من المواطنين ممنوعون من مزاولة أنشطتهم التجارية في مجال القطاع غير المهيكل مثل “الفراشة” والباعة المتجولون، وبدل أن توفر لهم بعض الإمكانيات وتتضامن مع هذه الفئات المتضررة من الجائحة، تفرض زيادات في أسعار مواد غذائية أساسية، وهذا يدل “أننا أمام حكومة التفقير وتجويع الشعب المغربي”.

وأكد لطفي، أن شعارات الحكومة مجرد شعارات إعلامية فقط، مثل الشعارات التي أطلقها حزب رئيسها العثماني وقياداته، الذين قالوا في عدة مناسبات، أنهم جاؤوا من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، معتبرا أن هذه الزيادات والممارسات والقرارات الجائرة ضد فئات فقيرة من الشعب المغربي، تبرز أن شعارات هؤلاء المسؤولين مجرد شعارات دعائية لغاية في نفس يعقوب، وليس لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الطبقية، التي أصبحت هوتها اليوم تتسع بشكل كبير في ظل الجائحة وارتفاع البطالة في صفوف الشباب وخريجي الجامعات.

 

ارتفاع فواتير الكهرباء والماء

    من بين الزيادات التي تثقل كاهل المواطن بشكل كبير، فواتير الكهرباء والماء، التي ارتفعت سومتها بشكل خرافي خلال أشهر الحجر الصحي، بجميع المدن، سواء من قبل شركات التدبير المفوض، أو وكالات التوزيع التابعة للمكتب الوطني للماء والكهرباء، مما دفع بالعديد من المواطنين إلى القيام بوقفات احتجاجية، بسبب المبالغ الجزافية التي حملتها الفواتير من قبل المصالح التقنية التابعة لهذه الشركات، وذلك عبر “القياس” و”التقدير” دون القيام بمراجعة واحتساب الاستهلاك المسجل في العدادات.

ومازال المواطنون يعانون من ارتفاع فواتير الكهرباء خلال الفترة الحالية، بسبب نظام الأشطر الذي يضاعف سعر الاستهلاك، مما يتسبب للعديد من الأسر في مشاكل مادية واجتماعية ومعاناة كبيرة من أجل تسديد فواتير الكهرباء التي أصبحت مثل القروض البنكية، تتراوح ما بين 800 درهم إلى 1200 درهم شهريا.

واستنكر الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، ارتفاع أسعار المواد الغذائية وفواتير الكهرباء والماء، بعد تسجيل تضرر معظم الأسر من الزيادات الملتهبة في كل شيء، محملا المسؤولية للحكومة في الزيادات التي تعرفها المواد الأساسية، لأن الشركات لا يمكنها أن تقوم برفع السعر لوحدها دون نيل موافقة ومصادقة الحكومة.

غضب شعبي بسبب الزيادة في الأسعار 

    أكد العديد من المواطنين استياءهم من ارتفاع أثمنة بعض المواد الأساسية، كالزيت والشاي والدقيق، مما أثار موجة غضب كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقرب بعض محلات البقالة.

وقد اعتبر أحد المواطنين، أن هذه الزيادات غير معقولة في الظروف الحالية، التي يمر منها الناس بسبب قلة ذات اليد وتوقف العديد من المهنيين والحرفيين والتجار عن ممارسة أنشطتهم، بسبب الإقبال الضعيف أو بسبب قرارات السلطات، متسائلا: ماذا سيفعل هؤلاء المواطنين في ظل غياب مصدر عيش قار، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقال مواطن آخر، أن “هذه الزيادات المفاجئة مقلقة، خاصة وأن شهر رمضان على الأبواب، وهو أمر لا يخدم بتاتا مصالح المستهلك المغربي الذي تضررت قدرته الشرائية بسبب الزيادات المتكررة خلال كل سنة”.

من جهته، أكد أحد البقالة أن المواد الغذائية الأساسية، تعرف تقلبات في الأسعار وبعض الزيادات حسب الظرفية، مشيرا إلى زيادة درهم في ثمن الشاي، و5 دراهم في كيس الدقيق، بالإضافة إلى زيادات في بعض أنواع القطاني.

وحمل العديد من المواطنين المسؤولية للحكومة من خلال تدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ارتفاع الأسعار خلال فترة الجائحة، نظرا للظروف الصعبة التي تمر منها عدة قطاعات تجارية ومهنية، وبعد توقف العديد منها، مما يثقل كاهل الأسر بمزيد من المصاريف والتكاليف، خاصة وأن غالبية المغاربة يعيشون ضائقة مالية خانقة، وديون متراكمة زادت من تفاقم أوضاعهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى