تحقيقات أسبوعية

متابعات | تقارير تكشف اختلالات مالية غامضة بجامعتي الريكبي والشطرنج

عقوبات دولية تنتظر المغرب

يعرف القطاع الرياضي العديد من الاختلالات، خاصة على مستوى التدبير المالي في بعض الجامعات الملكية الرياضية، التي تعرف صراعات وخلافات بسبب التسيير العشوائي للموارد المالية من قبل بعض الرؤساء والمكاتب الجامعية، مما دفع ببعض الأصوات المعارضة، للمطالبة بتدخل الوزارة بحياد لأجل تصحيح الوضع قصد وضع حد للتلاعبات التي تحصل في الجموع العامة والاختلالات في المال العام، بينما مازالت بعض ملفات جامعات رياضية معروضة على القضاء، بسبب التجاوزات المالية، رغم وجود اختلالات مالية في تقاريرها، مما يطرح تساؤلات حول سبب صمت الوزارة عن التلاعبات الحاصلة في الجموع العامة والتجاوزات الأخرى، وعدم اتخاذ إجراءات في حق المسؤولين عن تلك الاختلالات المالية، مما جعل الممارسين والرياضيين والمدربين والأندية هم الضحايا لهذه الأوضاع المزرية التي تعرفها بعض الرياضات الوطنية.

إعداد: خالد الغازي

    الكثير من الأنشطة الرياضية متوقفة لدى بعض الجامعات الرياضية بسبب جائحة “كورونا”، أو بسبب صراعات شخصية بين بعض مسؤولي المكاتب الجامعية والأندية المعارضة، حيث تسود المصالح الشخصية والحسابات الضيقة على المصلحة العامة للعبة، مما جعل البعض يعتبر الجامعة الرياضية ملكا له، رغم فشله في تدبير وتسيير المؤسسة لعدة سنوات، ودخوله في صراعات مع عدة أطراف بسبب تحكمه في زمام الأمور، ورفضه الرأي المخالف أو المشاركة في تسيير وتدبير مالية الجامعة.

وقد كشفت العديد من القضايا والمشاكل أن الرياضة الوطنية تعيش في الحضيض، بسبب تحكم فئة في تسييرها بمباركة الوزارة الوصية منذ عدة سنوات، حيث تحولت بعض الجامعات إلى مؤسسات خاصة تابعة لبعض الأسماء الذين أصبحوا رؤساء دائمين، لا تحركهم لا جموع عامة ولا معارضة ولا اختلالات مالية.

اختلالات بارزة في جامعة الريكبي

    من بين الجامعات التي تعرف تجاوزات واختلالات مالية غير مبررة، جامعة الريكبي، حيث وقعت العديد من الأمور الغريبة في هذه الجامعة خلال فترة الرئيس السابق، منها قضية الجمع العام الذي كان مقررا انعقاده يوم 16 نونبر 2019، لكن الرئيس قرر تأجيل الجمع عقب تقدم عبد الناصر بوكجة بلائحة الترشيح، إلى وقت لاحق، ليبدأ مسلسل التماطل والمراوغة في عقد الجمع العام، مما دفع بـ 21 ناديا وجمعية وثلاث عصب جهوية، بمراسلة الوزير، للمطالبة بعقد الجمع العام واحترام موعده.

فقد تجاهل الرئيس جميع المطالب حتى داخل المكتب الجامعي، مما دفع بثلثي الأعضاء لتقديم استقالتهم بسبب السياسة الفردية التي ينهجها في تسيير الجامعة، رافضا عقد جمع عام ومطالبا الفرق والجمعيات بالمشاركة في المسابقات الرياضية، مما دفع برؤساء 23 فريقا وثلاثة رؤساء للعصب، للاتفاق على عقد جمع عام انتخابي في الدار البيضاء يوم 29 فبراير 2020، بعد رفض الرئيس جميع الدعوات لتحديد تاريخ لعقد الجمع العام، بحيث تفاجأ معارضوه برسالة من مسؤول لجنة رياضيي النخبة، يخبرهم بأن الوزارة لا تعترف بالجمع العام الذي يريدون عقده في مدينة الدار البيضاء.

واتخذ رئيس الجامعة قرارا بعقد الجمع العام السنوي في مدينة وجدة، بعدما قام بترتيب الأمور وتمهيد الطريق لشقيقه لخلافته في رئاسة الجامعة، إذ حدد يوم 7 مارس موعدا لعقد الجمع العام وألغى الجمع العام السابق، ليتمكن من تمرير الرئاسة إلى شقيقه في جمع عام وصفته المصادر بـ”غير قانوني وغير شرعي”، وفي غياب أي منافسة من مرشح آخر.

سجل تقرير مكتب الحسابات المعتمد من قبل وزارة الشباب والرياضة، لإجراء افتحاص في الجامعة الملكية المغربية للريكبي، عدة اختلالات ومعاملات غير مفهومة

اختلالات مالية في تقرير الافتحاص

    سجل تقرير مكتب الحسابات المعتمد من قبل وزارة الشباب والرياضة، لإجراء افتحاص في الجامعة الملكية المغربية للريكبي، عدة اختلالات ومعاملات غير مفهومة في العمليات المحاسباتية في الجامعة خلال الفترة ما بين 2012 و2016، إذ تم تسجيل ضعف مستوى المراقبة الداخلية لمصاريف الجامعة، سواء المتعلقة بالمصاريف أو المداخيل، حيث أن بعض الفواتير غير مبررة وغير مقنعة، بينما الأداء يتم نقدا للمزودين، وغياب التقرير المالي لموسم 2014-2015 لأسباب غير معروفة، بدعوى استقالة ثلث أعضاء المكتب الجامعي.

كما سجل تقرير الخبير المحاسباتي المعتمد من الوزارة الوصية، عدم وجود الوثائق والمستندات الحسابية والمالية لمواسم: 2012-2013، 2013-2014، و2014-2015، إلى جانب مصاريف غير مبررة تكشف غياب الحكامة والشفافية في صرف أموال الجامعة، منها مبلغ 17 مليون سنتيم في موسم 2012-2013، و19 مليون سنتيم في موسم 2013-2014، و62 مليون سنتيم خلال موسم 2015-2016، بالإضافة إلى وجود غموض حول مداخيل مالية أخرى تطرق لها التقرير تتعلق بالمواسم المذكورة.

عقوبات دولية

    تعرض رئيس جامعة الريكبي السابق، الطاهر بوجوالة، لعقوبة الإيقاف من قبل الاتحادين الدولي والإفريقي لخمس سنوات، بسبب عدم تعاونه مع ممثل الاتحاد الدولي للعبة ورفضه استضافة المراقبين الماليين، بعدما تطرق تقرير الاتحاد لجملة من الاختلالات الإدارية في الجامعة، وغياب الحكامة والمصداقية، بعد رفض الرئيس السماح للمراقبين بالاطلاع على العمليات الحسابية، مما دفع الاتحاد الدولي لإصدار قرار يقضي بتجميد عضوية الجامعة الملكية للريكبي ومنع المنتخبات الوطنية من المشاركات القارية والدولية.

وعقب ذلك، قرر الاتحاد الدولي منح فرصة أخرى للجامعة، لإعادة إصلاح الأمور التنظيمية والمالية والإدارية، واحترام القوانين الأساسية والأنظمة العامة، وقانون التربية البدنية، محددا مهلة شهر دجنبر الماضي، مما يجعل الجامعة مهددة بعقوبات أخرى إضافية في حالة عدم استجابة شقيق الرئيس السابق للتوجيهات الدولية، إذ يمكن أن تتعرض الجامعة للتوقيف من الاتحاد الدولي، الشيء الذي سيحرم جميع الممارسين والأطر التقنية والحكام المغاربة، من المشاركة في الأنشطة الدولية والإفريقية، وبالتالي استبعاد المنتخبات الوطنية من جميع المسابقات والبطولات الدولية.

وخرجت لجنة الاستئناف بالاتحاد الإفريقي للريكبي بعقوبة إيقاف أخرى ضد الجامعة بتعليق جميع أنشطتها، مؤكدة قرار اللجنة التأديبية للاتحاد القاري، القاضي بتوقيف الرئيس السابق، الطاهر بوجوالة لخمس سنوات، معتبرة أن الجمع العام الانتخابي الذي عقد في شهر مارس 2020، وعرف انتخاب إدريس بوجوالة، يعد لاغيا بقوة القانون، كما سار الاتحاد العربي بدوره على نفس المنوال وقرر توقيف وتجميد أنشطة الريكبي الوطني معتمدا على قرارات الاتحاد الدولي.

جامعة الشطرنج.. مكتب جامعي “بدون شرعية”

    تعرف الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، منذ سنوات، عدة قضايا معروضة على المحاكم وعلى وزارة الشباب والرياضة، بسبب الاختلالات في التسيير الإداري والمالي في عهد الرئيس مصطفى أمزال المنتهية ولايته، الذي يتهمه معارضوه بالقيام بعدة تجاوزات و”خروقات” في الحساب المالي للجامعة.

وحسب مصادر مطلعة، فالمكتب الجامعي استوفى ولايته (4 سنوات) منذ 22 مارس 2019، مما يستوجب عقد جمع عام انتخابي جديد لانتخاب مكتب ورئيس جديد يتولى تدبير وتسيير الجامعة، لكن الرئيس المنتهية ولايته مازال يقوم بتسيير الجامعة بدون أغلبية، وفي غياب للكاتب العام وأمين المال ومساعده، مشيرة إلى أن رياضة الشطرنج تعيش جمودا على مستوى البطولات الرسمية التي لم تنظم منذ سنة 2017، منها المسابقات الفردية والجماعية ومسابقة كأس العرش، بحيث تقوم بعض الأندية المعارضة فقط بتنظيم بعض المهرجانات والتظاهرات الوطنية، مثل مهرجان شفشاون، دوري القصيبة، تزنيت، مكناس، المحمدية، بينما يرفض الرئيس المنتهية ولايته الاعتراف بها.

فقد وصل الصراع بين أعضاء المكتب الجامعي السابق إلى القضاء، بعدما تقدم المرحوم تقي الدين، أمين المال السابق، بشكاية ضد رئيس الجامعة، يتهمه فيها بسحب مبالغ مالية من الحساب البنكي للجامعة دون موافقته، والتي أخذت مسارا طويلا بداية من يوم تقديم الشكاية (28 أكتوبر 2016) من قبل أمين المال، حسب نفس المصادر، حيث أحيل الملف على  النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية للبت فيه، ثم قررت مجموعة من الفرق التقدم بشكاية أخرى عبر الجمعية المغربية لحماية المال العام، لدى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف، تم عرضها على الفرقة الوطنية لتعميق البحث، ثم قامت النيابة العامة بإحالة الملف على المحكمة الابتدائية بقرار أثار جدلا واسعا، والتي بدورها أحالت الشكاية على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ليعود ملف القضية في ماي 2018 إلى قاضي التحقيق، حيث مازال الملف إلى يومنا لم يخرج من مكتبه رغم تعيين قاضي جديد في يوليوز الماضي للبت في الموضوع.

كان من المفروض على الوزير تعيين لجنة مؤقتة بالجامعة، لاسيما وأن آخر جمع عام رسمي للجامعة انعقد في يناير 2016

 تماطل الوزارة في تعيين لجنة مؤقتة

    تؤكد بعض المصادر، أن المشكل يكمن في الوزارة الوصية التي ترفض تعيين لجنة مؤقتة لتسوية وإصلاح الأوضاع التي تعيشها رياضة الشطرنج منذ سنوات، بسبب التسيير والتحكم الانفرادي للرئيس في تدبير جميع الأمور الإدارية والمالية والتنظيمية، مضيفة أن الوزير السابق، رشيد الطالبي العالمي، وجه لأمزال رسالة إنذار بناء على المادة 31 من قانون التربية والرياضة، تطالبه بتسوية الوضعية التي تعيشها الجامعة ابتداء من تاريخ 2 أبريل 2019، حيث كان من المفروض على الوزير تعيين لجنة مؤقتة بالجامعة، لاسيما وأن آخر جمع عام رسمي للجامعة انعقد في يناير 2016، ولم يتم بعده عقد ثلاثة جموع عامة لسنوات 2017، 2018، و2019.

وأفادت المصادر، أن الوزارة الوصية قامت بمحاولة للتهرب من مسؤوليتها عبر إحالة قضية رئيس الجامعة السابق والمعارضين على غرفة التحكيم الرياضي رغم غياب أي خلاف شخصي، داعية الوزارة لتطبيق القانون واتباع المسطرة التي شرعت فيها منذ عهد الوزير الطالبي العلمي، بناء على المادة 31 من قانون التربية البدنية، لأجل تعيين لجنة مؤقتة.

ووفق ذات المصادر، فقد قامت الوزارة بإجراء افتحاص مالي وإداري للجامعة، سجل تحفظات ومجموعة من الملاحظات والاختلالات حول المعاملات المالية في التسيير والتدبير الإداري للجامعة خلال السنوات الفارطة، والتي تعد سببا بارزا لكي تقوم الوزارة الوصية بإعادة هيكلة الجامعة وإصلاح وضعها.

الاتحاد الدولي ينهي مهام الرئيس

    قرر الاتحاد الدولي للشطرنج، في دجنبر 2020، وقف الاعتراف برئيس الجامعة والمكتب المديري، بسبب المشاكل التي تتخبط فيها الجامعة والمعروضة على القضاء، ونظرا لأن الجامعة الملكية المغربية للشطرنج لم تعقد أي اجتماع منذ شهر يناير 2016، كما أن ولاية رئيسها انتهت في 22 مارس 2019.

وجاء القرار من قبل اللجنة الدستورية للاتحاد الدولي بعدم تولي رئيس الجامعة المنتهية ولايته تمثيلها في الاجتماعات الدولية، من أجل فسح المجال للجامعة لتصحيح الوضعية، وتطبيق القوانين، لكن في حالة عدم الاستجابة للقرارات الدولية، تلجأ اللجنة التنفيذية الدولية لتعيين “مندوب لكل جامعة لم يعد مكتبها التنفيذي معترفا به من قبل الاتحاد الدولي، وستتمثل مهمته في التعاون مع المنظمين حتى تتم الموافقة على المسابقات، التي ستسمح للاعبين بالحصول على التصنيفات والألقاب الدولية، وأيضا ارتقاء الحكام في الرتب”.

وأضافت اللجنة في قرارها، أن هذا المندوب ستعطى له صلاحية تعيين أعضاء المنتخبات الوطنية الذين سيشاركون في البطولات الدولية، وذلك لتجنيب اللاعبين والمدربين والأطر، التأثر بسبب صراعات الجامعة الملكية المغربية للشطرنج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى