أطفال الشوارع .. مشروع مجرمين

المقصود بأطفال الشوارع، تلك الحالات التي عادة ما نصادفها في مختلف المدن والأحياء من الذين فقدوا الارتباط بفضاء المنزل والأسرة والعائلة، أو أنهم يعيشون بدون مأوى ويجعلون من الأرض فراشا ومن السماء غطاء، والمقصود بذلك أيضا الحالات- الأطفال الذين فقدوا الارتباط بفضاء المدرسة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى، في مقابل التشرد وما سيتبع ذلك من حرمان، وبؤس، وتهميش…
فمثلا تفيد مجموعة من الإحصائيات أن ما يناهز مليون طفل بالمغرب تتراوح أعمارهم ما بين 9 و14 سنة لا يتوفون على مقعد داخل المدرسة. كما أن العديد من حالات الأطفال يتم تشغيلهم بدون سند قانوني ولا أخلاقي ويتم استغلالهم في ظل وضعية مهينة، إذ أن الكثير منهم يتعرض للضرب، والعنف، والحرمان من طرف مشغليهم (حالة مشغلات قاصرات تعرضن للضرب والتعذيب). كما أنها عديدة هي الحالات التي يكون فيها الأطفال عرضة لتحرشات مختلفة.
أما الحالات المعهودة والمتعلقة بأطفال الشوارع من الصنف المعهود، فهي حالة- قضية أصبحت تطرح نفسها بشدة على المستوى الاجتماعي. إنها نوع من المأساة بألوان التشرد، والحرمان، والقسوة، والانحراف.. في عز الحديث عن بنود اتفاقية حقوق الطفل بما فيها حق التمدرس، وحق التربية، وحق الرعاية…
لقد أصبح من المفروض مساءلة حصيلة الإنجازات المسجلة على مستوى هذا القطاع، وكذا البحث في الظروف التي تساهم في ظهور وتنامي هذه الظاهرة المتمثلة في مغادرة الأطفال لأسرهم ومنازلهم وفضاءاتهم العائلية. علاوة على معرفة دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية والجمعيات التي تشتغل في هذا الميدان. وكذا البدائل المقدمة من أجل القضاء والحد من هذه الظاهرة وما ينعكس عليها من خطورة مجتمعية.
إن التحدي الذي يواجه الجهات الوصية والمسؤولة هو ضرورة إنقاذ هذه الطفولة من ينابيع وأوكار الانحراف، والتشرد، والتسول، والبؤس، وكذا معالجة الاختلالات الأسرية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى مثل هذه الحالات والعمل على معالجة جذور الظاهرة، إذ من الصعب استمرار وجود هذا الواقع المؤلم في مختلف الأماكن: شوارع، وأزقة، ومزابل. أطفال عرضة لكل السلوكات والممارسات ومظاهر الانحراف، وهو المحيط المسؤول مع توالي الأيام على تحول هؤلاء الأطفال في المستقبل إلى مجرمين.
محمد زاهـد