تحقيقات أسبوعية

ربورتاج | أسبوع الحوادث المفجعة في المغرب

بين "مجزرة" سلا وحادث "مصنع" طنجة..

اهتز الرأي العام الوطني لوقع حوادث خطيرة خلال الأيام الماضية، خلفت استياء كبيرا وموجة استنكار لدى المواطنين الذين عبروا عن امتعاضهم من الجرائم التي تحصل في المجتمع والتي لا تتماشى مع الأعراف والتقاليد والعلاقات الإنسانية التي تجمع بين المغاربة، معتبرين أن هذه الحوادث التي تقع بين الفينة والأخرى، هي أفعال دخيلة على المجتمع المغربي الذي تسوده الرحمة والتضامن بين الناس.
فقد وقعت ثلاث جرائم مؤخرا، جعلت المواطنين يتساءلون عن سبب الانحراف الذي يحصل في المجتمع، وفي مصير المتضررين، وكذا المسؤولين بسبب عدم تحمل المسؤولية، وأيضا بسبب الجشع والطمع والرغبة في الامتلاك والاستحواذ وتحقيق الأرباح على حساب حياة الآخرين، مما أدى إلى انتشار العنف والاستغلال والسطو على حقوق الغير.

ربورتاج: خالد الغازي

جريمة مروعة هزت الرأي العام

    شكلت جريمة سلا التي راحت ضحيتها عائلة مكونة من 6 أفراد، صدمة للمغاربة قاطبة، حيث يرى الناس أن الفاعل هو عنصر من العائلة مدمن على المخدرات وله سوابق عدلية، يتاجر في المتلاشيات والمعدات القديمة والمستعملة، والتي غالبا ما يكون مصدرها جامعو المتلاشيات الذين يسمون بـ”الميخالة”.

وقد وقعت الجريمة صباح يوم السبت الماضي بحي الرحمة في مدينة سلا، حيث أقدم “الجاني” على ذبح وحرق 6 من أفراد العائلة، قبل أن يضرم النار في المنزل لإخفاء معالم الجريمة، حتى يظهر أنه من بين الضحايا، ويدفع المحققين للتفكير في فاعلين آخرين مجهولين، لكن حسب معاينة ضباط الشرطة القضائية، تبين عدم وجود أي علامات بارزة للكسر على أبواب ونوافذ المنزل المكون من طابقين، والذي يتوفر على كلبين شرسين للحراسة في سطح المنزل.

وخلفت الجريمة ستة ضحايا، هم والد “الجاني” المفترض، وهو جندي متقاعد، ووالدته الخمسينية، وزوجة أخيه إلى جانب رضيعها الذي لم يتجاوز الـ 3 أشهر، وأحد إخوته البالغ من العمر 5 سنوات، والذين لقوا جميعهم حتفهم داخل المنزل، بينما توفي أحد أفرد الأسرة فور نقله إلى المستشفى، بسبب الاختناق.

وفتحت السلطات الأمنية بحثا قضائيا لفك لغز الجريمة الغامضة وتحديد ظروف وملابسات القضية، حيث تؤكد بعض المصادر استبعاد وجود عصابة أو جهة مجهولة قامت بهذا الفعل الشنيع، بينما تشير أصابع الاتهام إلى ابن العائلة “بائع المتلاشيات”، الذي يتوفر على بنية جسدية قوية ومن الصعوبة التغلب عليه.

واعتبر علماء النفس أن الجرائم المرتكبة ضد الأصول والفروع، غالبا ما تكون ناتجة عن أسباب متعددة، من قبيل الإدمان على المخدرات، والتفكك الأسري، والمشاكل الاجتماعية، وانعدام العلاقات المتينة المبنية على الاحترام والمودة، ويؤكدون أن من يرتكب هذه الجرائم، يكون إنسانا غير طبيعي يعيش الاضطراب النفسي والعقلي، حيث أصبحت العلاقات العائلية تتحكم فيها العوامل المادية، أي توفر المال، وحب فرض الذات ورفض الرأي الآخر داخل الأسرة، مما يخلق تشنجات ومشادات تتطور إلى أفعال إجرامية.

حادثة “معمل” طنجة.. من المسؤول ؟

    عقب الجريمة الشنعاء بمدينة سلا، وقعت حادثة أخرى أكثر فظاعة، ويتعلق الأمر بحادثة “مصنع” طنجة بعد يومين فقط، والتي راحت ضحيتها 29 عاملة في “مصنع” للنسيج يوجد في قبو لفيلا سكنية، بسبب تسرب مياه الأمطار التي أدت إلى حصول تماس كهربائي وسط الورشة، في حادث خلف صدمة وتساؤلات حول وجود عشرات العمال في مصنع للنسيج دون علم السلطات؟

فقد تسببت الحادثة في وفاة عشرات العاملات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و40 عاما، وذلك بسبب تضرر تجهيزات كهربائية بمياه الأمطار، مما عرض الضحايا للصعق الكهربائي، بينما تمكن بعض الأشخاص من النجاة من الغرق والموت، بمساعدة بعض سكان المنطقة، وأفراد الوقاية المدنية.

وتم فتح تحقيق جنائي تحت إشراف النيابة العامة، للكشف عن ظروف وحيثيات الحادث وتحديد المسؤوليات، حيث تم إيقاف صاحب المصنع للتحقيق معه في عدد من التهم الموجهة إليه، بينما يطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بمحاسبة المسؤولين وممثلي السلطات، والقطاعات المسؤولة عن مراقبة المنشآت الصناعية والورشات، منتقدين وصف المعمل بـ”السري”، لكونه يتوفر على عشرات العاملات والعمال الذين يشتغلون منذ سنوات في هذا المصنع.

فقد شكل الحادث صدمة كبيرة لدى كافة المواطنين، لكون الضحايا من أسر فقيرة، يشتغلون في ظروف مزرية تفتقر لأدنى شروط السلامة في قبو فيلا، تم استغلال حاجتهم للعمل، دون التصريح بهم لدى مؤسسات الضمان الاجتماعي، حيث حمل نشطاء مواقع التواصل المسؤولية الكاملة لسلطات الولاية، ولمندوبيتي وزارتي الشغل والصناعة.

وانتقد مرصد الشمال لحقوق الإنسان في بيان له، تغاضي السلطات عن نشاط هذا المصنع المتواجد في قبو فيلا، متسائلا، كيف يمكن لعشرات العمال والعاملات أن يلجوا، لسنوات، مرآب بناية سكنية وسط حي سكني بدون انتباه ومراقبة السلطات المحلية؟ وكيف يمكن لوحدة صناعية بمرآب فيلا الحصول على التيار الكهربائي المرتفع بدون الحصول على الرخص من السلطات المختصة؟ مطالبا بتوقيف ومتابعة المتورطين والمتسببين في هذه الحادثة الأليمة.

نزاع حول أرض يتطور إلى محاولة قتل

    وفي نفس سياق الحوادث المؤسفة، وقعت جريمة أخرى في الأسبوع الماضي، تمثلت في محاولة قتل حارس ضيعة ببندقية صيد، بمنطقة دائرة سيدي عزوز بمشرع بلقصيري، من قبل أشخاص مجهولين، مازالت قوات الدرك الملكي تبحث عنهم، قاموا بمهاجمة الحارس في “البراكة” التي يقطن فيها.

ووقعت الجريمة عندما سمع الحارس، وهو ابن عم مالك الأرض، حجرة طائشة أصابت بوابة المنزل الصفيحي، فخرج ليستطلع الأمر، ليفاجأ برصاصة طائشة تصيب الباب، تلتها رصاصة أخرى أصابته في رأسه وأسقطته أرضا مضرجا في دمائه.

وبعد ذلك، هرع أحد جيران الضيعة إلى مكان الحادث بعد سماعه لصوت الرصاص وصراخ الحارس، فوجده مغمى عليه، ليتصل برجال الدرك الملكي الذين حضروا لعين المكان مرفوقين بكلاب مدربة وفرق خاصة للبحث عن الفاعلين، إلى جانب ممثلي السلطات، الذين قاموا بتمشيط المنطقة، خاصة وأن الجريمة استعمل فيها سلاح ناري، بينما تم نقل الضحية إلى المستشفى الإقليمي.

وحسب مصادر مطلعة، فإن محاولة القتل التي تعرض لها ابن عم صاحب الضيعة، لها علاقة بنزاع حول أرض فلاحية مساحتها مائة هكتار في ملكية العائلة منذ عهد الاستعمار، وقد تمكن عم الضحية من نيل أحكام قضائية نهائية لفائدته تؤكد أن الأرض في ملكية الورثة، ولديها مطلب تحفيظ مسجل لدى المحافظة العقارية منذ ستينيات القرن الماضي باسم جدهم.

وأوضحت نفس المصادر، أن حارس الضيعة سبق أن تعرض للتهديد بالسيوف والأسلحة البيضاء من قبل أشخاص ملثمين، يبدو أنهم من سكان المنطقة تم استخدامهم لأجل دفع حارس الضيعة للرحيل عنها، مشيرة إلى أن عم الضحية سبق له أن تعرض لاعتداء بالضرب رفقة عون قضائي من قبل أشخاص يعملون في شركة مجاورة للأرض، بعدما طلب منهم مغادرة أرضه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى