صراط البكالوريا: بين هاجس العائلات وإهمال البلديات
حديث العاصمة | بقلم. بوشعيب الادريسي
لكل عائلة ابن أو حفيد أو فرد من الأسرة أو ابن الجيران، مقبل على المرور من “صراط البكالوريا”؛ هذا الصراط الدنيوي الذي يمر منه إجباريا كل من يريد جنة العلوم وفردوس الوظائف والأعمال الراقية، ولن يدخل تلك الجنة أو ذلك الفردوس إلا من يجتاز الصراط الدنيوي بسلام وعافية وعلى جبهته “حسن” أو “حسن جدا”، أما “متوسط” أو “مقبول” فهاوية جحيم البطالة الفكرية وعذاب الحياة المعيشية في انتظاره، وابتداء من الأسبوع المقبل (10 يونيو) ستشغل كل الأسر الرباطية بهذا الصراط الذي سيترك وراءه وكما جرت العادة لكل سنة، ضحايا يقدرون بحوالي نصف الممتحنين وهم بالآلاف، فإذا كنا نتوقع ضحايا فمن المسلم له هناك جلاد يختفي بيننا لا يتوقع أي شيء والدنيا “هانية” في حين كل الأسر الرباطية في حالة استنفار قصوى وتعيش في أجواء مكهربة في انتظار أيام الصراط والحساب.
والذين ينوبون عن الأسر والساكنة هم أصحاب الدنيا “هانية” فلقد مرت دورة أبريل الماضية، وكنا ننتظر مناقشة ورش امتحانات البكالوريا وما بعده وما قبله والتخطيط لمواجهة كل الاحتمالات بتأسيس لجنة كومندو للإشراف على عمليات إنقاذ وتوجيه وإرشاد وتسهيل، وتشجيع وتسوية كل ما يعتري الممتحنين كما هو موجود مثلا في بلديات فرنسا وإسبانيا حيث تتدخل هذه البلديات لضمان مستقبل أبناء من انتخبوهم.
وعندنا في الرباط العاصمة يا حسرة فبدلا من طرح هذا الملف للنقاش والتقرير، تجند المنتخبون باستدعاء “الاحتياطيين” وعَمّْرو قاعة الاجتماعات عن آخرها، وتسلحوا بالمدافع الكلامية، وتحصنوا بمناضلي أحزابهم، وأعلنوا عن افتتاح الحرب في ما بينهم، وتحت أنظار المتفرجين بدأت المعارك الكلامية، والاتهامات المتبادلة، والفضائح المزلزلة، حتى تخيلنا بأن يوم القيامة آت لا محالة، وأن هذه الشقلبة ستترك ضحايا مثل ما ينتظر أبناءنا. وبعد أيام من القصف والقصف المضاد حول (كما تعلمون) مسألة حزبية توقف “البارود” المشكل من الثرثرة، وسحب كل فريق مناضليه، بعدما اتفقوا بأن لا غالب ولا مغلوب، ومنهم من تعانق وربما أقيمت “زردة” عند أحدهم لوقف هذه الحرب، وانتهت دورة أبريل، لتبدأ معاناة الأسر مع امتحانات البكالوريا وهي امتحانات ليست حربا بلا صراط وما أدراك ما صراط البكالوريا. وهو الأمر الذي لم يتمكن المنتخبون من فك شفرات طلاسمه التي سوف تقضى إلا إذا تدخلت عناية الله على زهاء نصف المرشحين.
وسيكون الناجحون والراسبون على حد سواء يدبرون “سوق راسهم” ما دام المنتخبون أنهكتهم الحروب الحزبية للمحافظة على المقاعد الجماعية، أو لشقلبة بعضهم البعض “للجلوس” على تلك الملايير، عفوا، تلك المقاعد.
فاللهم أعن فلذات الأكباد على امتحاناتهم ويسر ولا تعسر مبتغاهم، وقلوبنا معهم، في عهد منتخبين مشغولين بهواياتهم الكلامية التي مل منها سكان العاصمة الإدارية.