تحقيقات أسبوعية

تقرير | مؤشرات طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي برعاية أمريكية

المغرب وأمريكا ينظمان أكبر لقاء لدعم الحكم الذاتي

شكل المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، المنعقد يوم 15 يناير الجاري، خطوة قوية من قبل المملكة، في إطار السياسة والدبلوماسية الخارجية التي تنهجها خلال السنوات الأخيرة، والتي مكنت من تحقيق مكاسب وانتصارات كبيرة على خصوم الوحدة الترابية، بعدماأقدمت عدة بلدان إفريقية على سحب اعترافها بالجمهورية الوهمية، وأكدت سيادة المغرب على صحرائه.
فالمؤتمر الذي نظمته وزارة الخارجية حول تدعيم مقترح الحكم الذاتي بتنسيق مع الولايات المتحدة، يعد محطة مهمة، خاصة على الصعيد الإفريقي، ويقوي الموقف المغربي قاريا، لاسيما وأنه عرف مشاركة 17 دولة إفريقية، هي: زامبيا، الغابون، غينيا، جزر القمر، غامبيا، غينيا بيساو، غينيا الاستوائية، مالاوي، الطوغو، ليبيريا، ساوتومي برينسيبي، البينين، ساحل العاج، جيبوتي، الكونغو الديمقراطية، بوركينافاسو، ومملكة إيسواتيني.

تقرير: خالد الغازي

    تميز المؤتمر الوزاري المنظم من قبل المغرب وأمريكا، بحضور البلدان الإفريقية التي لديها تمثيليات دبلوماسية في الأقاليم الجنوبية، ولديها عضوية ضمن منظمة الاتحاد الإفريقي، مثل السنغال، ساحل العاج، زامبيا، الكونغو الديمقراطية، الغابون، بوركينافاسو، غينيا، غامبيا، غينيا الاستوائية، زامبيا، جزر القمر، بالإضافة إلى غينيا بيساو، ليبيريا، جيبوتي، إيسواتيني، بوروندي، إفريقيا الوسطى وساوتومي برينسيبي، بحيث أعرب خلاله المشاركون الأفارقة والأجانب عن دعمهم القوي للمبادرة المغربية باعتبارها الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع حول الصحراء، داعين لإيجاد حل على أساس خطة الحكم الذاتي المغربیة كإطار وحید لحل النزاع الإقليمي.

وقال وزير الخارجية، ناصر بوريطة، خلال هذا اللقاء، أن قضية الصحراء تشهد تسارعا وتطورات هامة، وهو ما تجلى في قرار الولايات المتحدة الاعتراف بمغربية الصحراء، والدعم الدولي الواسع لمخطط الحكم الذاتي، وأيضا في افتتاح أكثر من 20 قنصلية عامة في الأقاليم الجنوبية مؤخرا، مؤكدا أن مخطط الحكم الذاتي، باعتباره مبادرة جادة وقابلة للتفعيل وذات مصداقية وقائمة على روح التوافق، ليس مجرد مفهوم فكري، بل إنه “يشكل مسارا سياسيا براغماتيا ومشروعا مجتمعيا، وحلا بناء أخذ مجراه”.

لقد كشف المؤتمر عن تحول في الدبلوماسية المغربية، من الدفاعية إلى الهجومية ضد خصوم الوحدة الترابية للمملكة، بعدما كانت محدودة في الماضي، بحيث شكلت هذه التحالفات الجديدة والاعترافات الدولية بالسيادة المغربية، مرحلة مهمة نحو المزيد من التوغل القاري، ومقارعة خصوم الوطن على مستوى القارة السمراء وضمن الاتحاد الإفريقي.

طرد وتقزيم البوليساريو قاريا

    تسعى المملكة المغربية من خلال علاقاتها بالبلدان الإفريقية، سواء عبر الدبلوماسية السياسيةأو الاقتصادية أو الرياضية، إلى تقزيم حضور الانفصاليين لدى هذه البلدان، ومحاصرتها قاريا، وخاصة داخل منظمة الاتحاد الإفريقي، الشيء الذي تحقق من خلال المشاريع والاتفاقيات التي أبرمها الملك خلال جولاته التي شملت عدة بلدان في القارة السمراء، والتي مكنت من كسب حلفاء أفارقة جدد.

في هذا الإطار، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، تاج الدين الحسيني، أن طرد البوليساريو من المنظمة الإفريقية، هو الهدف المركزي والأساسي من هذه التحركات، على اعتبار أن الفكرة ليست وليدة اليوم، بلإنها قائمة منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وكان هدفه كما أشار العاهل المغربي في خطاب شهير، أن يقوم بتصحيح وضع المنظمة من الداخل وليس من الخارج، لأن المغرب اعتبر في ذلك الوقت أن سياسة الكرسي الفارغ لم تعد مجدية على الإطلاق.

وأوضح الأستاذ الحسيني، أن عملية التغيير تتطلب أغلبية الثلثين من الأعضاء، وهي أغلبية لا يمكن الوصول إليها إلا إذا صوتت حوالي 38 دولة لصالح تغيير النظام الأساسي للمنظمة، وهذا التغيير سيكون من شأنه بالفعل إما طرد البوليساريو كدولة من المنظمة، أو على الأقل تجميد عضويتها في انتظار القرار الذي سيتخذه مجلس الأمن على مستوى المفاوضات ذات الطبيعة السياسية، مضيفا أن المسألة قد تكون قريبة المنال إذا ما استمرت جهود الدبلوماسية المغربية في الحضور بقوة في الساحة الإفريقية، مستبعدا حصول ذلك في مؤتمر أديس أبابا المقبل، كما يرى البعض، لأن اللائحة الأولى التي طالبت بتجميد وضعية البوليساريو تضمنت 28 دولة، وتحقيق المغرب لهذا الهدف يتطلب الوصول لثلثي الأعضاء.

وأشار الأستاذ الحسيني، إلى أن مشاركة فرنسا في مؤتمر دعم مسلسل الحكم الذاتي، الذي نظم بتعاون مع الولايات المتحدة، معبرة وذات مغزى، لأن فرنسا لديها نفوذ خاص في الكثير من البلدان الإفريقية، التي لاتزال محتشمة في اتخاذ موقف واضح بهذا الخصوص، معتبرا أن الأسابيع المقبلة قد تكون حبلى بالكثير من الأحداث الإيجابية بهذا الخصوص.

ومن جهته، يقول البشير الدخيل، القيادي وأحد مؤسسي الجبهة، والمتخصص في قضية الصحراء،أن المملكة المغربية من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية والفاعلة على الصعيد القاري، لكن حصل خطأ في الماضي وقع في أوج الصراع بين الغرب والشرق خلال الحرب الباردة، مشيرا إلى أن الجزائر كانت تقف وراء بعض الأحزاب المحسوبة، وتماشت في هذا الخط الذي لا يتماشى مع القانون، ومنه تم الاعتراف بجبهة البوليساريو التي هي في الأصل جمهورية غير معترف بها لا من قبل الأمم المتحدة ولا من طرف الأوربيين، ولا من أي مؤسسة أخرى في العالم.

البشير الدخيل: موقف الجزائر لا يتماشى مع القانون // تاج الدين الحسيني: فكرة طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي ليست وليدة اليوم

سياسة “جنوب-جنوب”

    اعتمد المغرب في العقد الأخير على سياسة تعاون جديدة مع البلدان الإفريقية، عبر المقاربة التشاركية “جنوب-جنوب”، وذلك بهدف تحقيق التنمية القارية، والتعاون بين دول القارة السمراء في إطار توصيات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمؤتمرات التي تحث على ضرورة التعاون بين الدول الإفريقية في شتى المجالات، خاصة وأن إفريقيا ستكون قبلة للاستثمارات العالمية، لأنها القارة النظيفة.

في هذا الإطار، قال البشير الدخيل،أن المغرب، عقب تولي محمد السادس الحكم، اتخذ خطة جديدة ممتازة جدا، تمثلت في عودة المغرب إلى مكانته الطبيعية في قارته الإفريقية، والتخلي عن سياسة الكرسي الشاغر التي استمرت لسنوات، والتواجد في كل مكان ومهما كان، من أجل شرح الموقف المغربي، ثم تعزز هذا الموقف بفضل الحصيلة الدبلوماسية الملكية التي أصبحنا نرى نتائجها من خلال موقف أمريكا، أقوى دولة في العالم، التي واكبت ترجمة القرارات الأممية، وخصوصا قرار مجلس الأمن، الذي يشدد على ضرورة التوصل لحل سلمي يرضي الجميع، مضيفا أن أفضل حل هو مقترح الحكم الذاتي، الذي أصبح اليوم مسألة ضرورية يمكن التفاوض حولها، ولا يمكن التفاوض حول فكرة الاستقلال وتقرير المصير والاستفتاء، لأن هذا الأخير تم إقباره بقرارات أممية كما نعلم.

واعتبر الدخيل أن مشاركة 40 دولة في المؤتمر الوزاري ومنها دول إفريقية تدعم مقترح الحكم الذاتي، تشكل خطوة تتماشى مع التوجه الجديد الذي أصبحت تتبناه الكثير من الدول الغربية والإفريقية، وهو طبعا نتيجة دبلوماسية نشيطة يقوم بها الملك محمد السادس، مؤكدا على أن الهدف في الخطوة القادمة، هو طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، لأن المغرب لم يدخل الوحدة الإفريقية إلا ولديه أكثر من ألف اتفاقية، ومتواجد اقتصاديا ويعد قوة فعلية وبديلة في القارة، قائلا: ((.. فالمغرب تقدم للوحدة الإفريقية ليس بالشعارات ولا الخطابات، وإنما بمشاريع “رابح- رابح”، وهذا شيء مهم جدا ومفهوم تحث عليه توصيات الأمم المتحدة، كما أن هناك فكرة “جنوب- جنوب” لمغرب عاد للقارة الإفريقية وإلى مكانته الأصلية، بمشاريع وأفكار جيدة)).

الاتحاد الإفريقي

الهجرة مفتاح الوحدة

    شكلت الهجرة عائقا كبيرا وأزمة داخل القارة الإفريقية بسبب الحروب الأهلية، والانقلابات والفقر والجفاف، مما دفع بالكثير من المنظمات الدولية إلى دق ناقوس الخطر، ومطالبة الدول الإفريقية بإيجاد مقاربة اجتماعية في التعامل مع قضايا الهجرة والمهاجرين، وهذا ما تجاوب معه المغرب عبر اتخاذ قرارات سياسية جديدة ومقاربة إنسانية واجتماعية مع المهاجرين المنحدرين من القارة، قصد تسوية وضعية الآلاف منهم والانفتاح على الهجرة الإفريقية.

وفي هذا السياق، يؤكد الدخيل على أن المغرب أصبح الحاجز الطبيعي للهجرة، لكن بالمفهوم الإيجابي، رغم أنه يصعب حجز الهجرة، وذلك عبر نهجه لسياسة جديدة تجاه ملف الهجرة وتحوله لبلد الاستقرار لهذه الجاليات الإفريقية التي تأتي من عدة بلدان، ومن المفروض على هذه الدول أن تتعامل مع المغرب، لأن مواطنيها في حاجة إلى هذا التعاون، مبرزا أن المغرب ليست له سياسة الشعارات وإنما سياسة عملية بشعار “رابح – رابح” مع الدول القارة كاملة، وهذا شيء أساسي يجب التركيز عليه، لأن أكبر مشكل تعاني منه بلدان الغرب هو الهجرة، فالمغرب أصبح سندا وليس حارسا للقارة الأوروبية، عبر العمل علىبرامج تحتضن مواطنين من دول إفريقية.

من جانبه، أشاد الأستاذ تاج الدين الحسيني، بالأسلوب الذي اتبعه المغرب في معالجة ظاهرة الهجرة، كونه لم يعد بلد عبور، بل أصبح بلد الاستقرار وأتاح للكثير من الأفارقة فرصة الاندماج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية المغربية، ومكنهم حتى من بطائق الإقامة، وبالتالي، بات نموذجا يقتدى به بالنسبة لجميع البلدان الإفريقية، خاصة وأن العاهل المغربي اقترح، منذ انضمام المغرب للمنظمة، إقامة مرصد إفريقي لمعالجة والتعايش مع قضايا الهجرة بشكل براغماتي وواقعي والبحث عن الحلول لملف المهاجرين، مشيرا إلى أن المرصد رأى النور وافتتح بالرباط ويمارس نشاطه بقوة، ويعد من المكتسبات الاستثنائية التي استطاع المغرب أن يحققها في عودته الناجحة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى