آفة الهدر المائي.. إلى أين تسير؟
لقد بدأ علماء الكون ينذرون بآفة نقص المياه في السنوات المقبلة.. ولعل علماء أمريكا والصين الشعبية يدركون ذلك قبل غيرهم لما يستهلكونه من مياه عظمى من أجل إصرارهما على التنافس في ريادة العالم من الناحية الاقتصادية.. وأمريكا بنفسها مدركة للخسائر الفاحشة التي تلحقها بالفضاء الكوني من خلال تعسفها الصناعي، وكذا من خلال فرط استهلاكها للطاقة، وكذا عدم انضمامها للدول التي وقعت على معاهدة الحد من ظاهرة تلوث الجو، ومدى تأثيره في توسيع الثقب الأزوني، والمغرب مدرك لندرة المياه التي سوف يعرفها ربما بدءا من سنة 2025 إلى غاية 2030..
ذلك أن استهلاك المغرب للمياه كان في حدود 1700 مترا مربعا في السبعينيات، لينحصر اليوم في حدود 720 مترا مربعا، في حين أن الحد الأدنى لكل مواطن هو ألف متر مربعا سنويا كما هو متفق عليه عالميا.. ومن المرتقب حسب الاستنتاجات المهتمة بهذا الميدان أن يعرف المغرب ندرة استهلاك المياه قد تصل إلى 500 مترا مربع في أفق سنة 2025.
وإن مثل هذه الترقبات ليست خاطئة لعدة عوامل:
أولها: إنه ليس هناك سياسة تقشفية من شأنها أن تحد من هدر المياه وذلك يتجلى في عدة مظاهر منها السقي العشوائي الذي مازال يقوم به قوم غفير من الفَلاَحَة في حقولهم، مما يستوجب على وزارة الفلاحة أن تعمل جاهدة على تعميم سياسة السقي بالتنقيط عن طريق تقنين مسطرة الدعم لهذا المخطط.
ثانيا: إن الوكالات المسؤولة على توزيع المياه في المدن لا تقوم بتتبع التسربات التي تقع في عدة نقط تعرف الهدر المفرط للمياه وذلك عن طريق سد وإصلاح جميع منافذ المياه سواء السواقي العمومية أو غيرها. إذ يمكن من خلال تجوال بسيط في الأحياء سوف يلاحظ كل مهتم بهذه الظاهرة أن عدة عدادات استهلاك المياه تظل في حال مزرية يستشف منها غياب الحس المهني لدى المهتمين بهذا القطاع..
ثالثا: إن ظاهرة حفر الآبار بشكل خفي في الفيلات الفاخرة قصد تزويدها بالمسابح من شأنه أن يجعل فئة محظوظة تنعم بالمياه على حساب الفئات المحرومة؛ وهذا يشكل في حد ذاته عاملا من عوامل مظاهر 2025 التي يترقبها المختصون في هذا الميدان.
رابعا: إن المسؤولين عن هذا القطاع لا يبذلون الجهد الكافي لتوعيه العباد بأهمية المياه وضرورة استعماله للحاجة القصوى؛ وبشكل ملطف.. حتى لا نعرض الأجيال القادمة للمجهول، وذلك بالتركيز على بعض التدابير الوقائية؛ وهي كثيرة من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر: تقنين غسل السيارات في محطات الوقود بطريقة عقلانية، وذلك بإدخال بعض التحسينات في طريقة غسلها دون إهدار الماء بشكل مستفز؛ وفي جميع الأحوال نحن ملزمون بالتقشف ليس في هدر الماء وحسب، ولكن علينا التقشف في جميع ما يمكن أن يستهلك.. وله علاقة مباشرة بهذه المادة الحيوية لكل إنسان يعيش فوق هذه البسيطة، والكلام كثير ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عبد الرحمن المريني (القنيطرة)