الرأي

الرأي | لنتدارك ما فات «أرشيفنا» في المجال الإداري

بقلم  إدريس بابا

     في الأسبوع المنصرم عرضت في إحدى المحطات التلفزية حفلة تدشين وتأسيس «الأرشيف المغربي»، والغريب في هذه العملية تأخرها عن إعلانها منذ قرون باعتبار أن «الأرشيف المغربي» هو الوثائق والمعاهدات السياسية والرسائل المبعوثة من زعماء ورؤساء وملوك المغرب لمن يؤمر بعمل حربي أو فكري أو جهادي لفتح ما وقع استعماره، وقبل استقلال وطني، وبالضبط في أيام المواجهة مع المستعمر كإنشاء وثيقة المطالبة بالاستقلال «11 يناير 1944» وكم هي الوثائق التي كتبت في هذا الشأن، وكذلك ما قيل عن المولى حفيظ في توقيعه على وثيقة المعاهدة مع المستعمر 1912، وأكثر الوثائق الأصلية أو المناقضة لها لم يقع العثور عليه لتكون ضمن «الأرشيف المغربي» الأكثر من هذا ما وقع مصادرته ضمن الوثائق المحمولة في صناديق عبر بها في البحر ليبقى الأرشيف المغربي منها خالي الوفاض، وعلى سبيل الذكر، صحة توقيع السلطان المولى حفيظ على وثيقة الحماية فإن أبناءه يؤكدون أنه لم يوقع على الوثيقة، كما أنشأ قصيدة في ذلك لديهم مثبتة ومشار إليها في كتابه المؤلف بعنوان «داء العطب» فالأرشيف المغربي لا يتجلى فيما كتب في التاريخ السياسي والدبلوماسي، أو المعاهدات والرسائل المبعوثة إلى الشيوخ الصوفية من طرف ملوك المغرب بالرعاية والحماية، «وبالإمكان تدارك ما فات المشرفون على جمعه في هذا الإطار».. وباعتبار أن العمل الإداري من أصل العمل «الأرشيفي» الذي يجب المحافظة عليه في جميع المجالات العسكرية والمعاهدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مع تكوين مختصين وجدناهم قد كتبوا فهارس بأسماء العلماء والمختصين في الصنائع والحرف التي عرفها ميدان الثقافة على اختلاف تعددها وكذلك الصنائع التي ما تزال آثارها بادية في مآثرنا التاريخية في الخشب والجبص والرخام.. وقبل أن نفكر في تكوين أرشيفنا الضائع والمهمل وقع التفكير في جانبه الإداري من طرف المستعمر الذي أصبح يدرك أن الحاجة الوطنية لإثبات «الأرشيف الإداري» سيصبح من المؤاخذات التي سيلام المستعمر عليها، وأكدت ذلك الأحداث التي عرفها القرن الماضي في مواجهة المستعمر – بكسر الميم – أثناء الأحداث الوطنية.. في هذا الإطار أنشأت الإدارة الاستعمارية «المدرسة المغربية الإدارية» تحت عنوان «التمدن المغربي»

La Modernisation du Maroc.

وكان افتتاح تلك المدرسة في 9 يناير 1950، فبعد هذا التاريخ بما يفوق 60 سنة تأتي فكرة تكوين وتدشين «مؤسسة الأرشيف المغربي!!»، وكان قد ترأس تلك المدرسة الإدارية كمدير لها جهاز عسكري يرأسه الجنرال جوان و«باسكيلني» كمدير الأبحاث العلمية العليا و«روكس» مدير مولاي يوسف، و«ميروز» مدير ليسي «كورو» و«ياريو» مدير المدرسة الملكية، وتعددت أسماء الشخصيات المشرفة على تسيير هذه المدرسة الإدارية (الاستعمارية) كما حشد فيها طلبة من ذوي الأعيان، كما استدعى الصدر الأعظم كممثل لجلالة الملك الراحل محمد الخامس شخصيات كان لها شأن إذ ذاك، كمحمد الحجوي، ومحمد بوعشرين، والمدني بن الحسني، ومحمد معمري، ومحمد الحسين بنعيش وغيرهم، وباعتبار ما كان للمدرسة من أهداف في خدمة المستعمر فقد وقع إنشاؤها في «14 دجنبر 1949»، وحج إليها التلاميذ من مختلف النواحي المغربية..

ونجد من بين الطلبة الذين عرفتهم المدرسة الإدارية من مراكش أحمد بن عمر الحوتة وأقديم حسن ومحمود الشرادي.. مما أثار انتباهي في تدشين مؤسسة -الأرشيف المغربي- في الأسبوع الماضي أن أحد الطلبة الذين تناولوا الكلمة قال: إنه يعد بحثه في الأرشيف المغربي، واسترسل قائلا إن ثمن السكر في العشرينيات يساوي 250 فرنكا «سنتيما»، وما لم يذكره الطالب أن هذا الثمن هو ثمن «القالب» أو ثمن «الكيس» الذي يحتوي على عشرات «القوالب» مع أن هذا الثمن مبالغ فيه إلى حد كبير فثمن 250 سنتيما يمكن أن يكون في العشرينيات ثمن دار بمراكش، ولا يمكن أن يناسب الثمن المذكور إلا زمن السبعينيات من القرن الماضي.. وأشير بالمناسبة أن تدارك ما فات من تسجيلات في الأرشيف يمكن الرجوع إليه بإجراء بحوث مع المسنين في المجال الصناعي والحرفي، ومع الدارسين المختصين في المجالات الحرفية ومع العلماء والمفكرين في المجال الفكري على حسب تخصصاتهم.

تعليق واحد

  1. مبادرة جد مهمة وإن جاذت متآخرة وهذا التأخيز مقصو،د والأخطر هو تدمير أرشيف الردارة العمومية والإدارة المركزية وخاصة وزارة الداخلية والتي كانت تشرف على تسير كل القطاعات من فترة السبعينات إلى يومنا مع تغير بعض التفاصيل في التدبير ومن أخطر الأمور هو أن الإدارة المغربية لم تكن في يوم من الأيام تحترم القانون وتعطي للمواطن وتائق تتبت قراراتها أو تعليلا لهاده القرارات أو أحقية المواطن أو عدمها بالنسبة لطلباته زو شكاياته التي كان يطالب بها ولا يزال حتى يومنا هذا
    صم هناك ضياع الكتير من الوثائق المهمة من المحافضة العقارية وكدا الرسوم العقارية …..
    اليوم تقدمت التكنلوجيات ويمكن إنشاء شبكة وطنية تربط مستشفيات الولادة بالمدارس بالجماعات المحلية بوزارة الداخلية وكدا الظابطة القضائية (الأمن الوطني )، بوزارة العدل وكل القطاعات المرتبطة بحيات المواطن مند الولادة وتتبعه عبر مراحل نموه وتنقلاته ممن الحي إلى المدرسة و العمل و كل الردارات ببعضها وهنا سيسهل على الإدارة المركزية الحصول عى المعلومة الخاصة بالأفراد والجماعات وكدا المؤسسات وإحدات أرشيف جديد خاص بالوضائف والمهن و الأرض والبشر أما ما حدث فهو جريمة كبرى في حق المغاربة والتاريخ يحفظ ـ(on à la mémoire dans la peau),.
     

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى