دار بوعزة | هاجس الربح جعلها مدينة بدون رئة
دار بوعزة – جواد البوهالي
تشهد منطقة أولاد جرار توسعا عمرانيا مهولا وزحفا إسمنتيا خطيرا في حيز زمني وجيز، على حساب أراضٍ فلاحيه كانت إلى عهد قريب معروفة بخضرواتها وعبارة عن حقول زراعية متنوعة الأشجار والأغراس، إلا أنه لابد من تسليط الضوء على إشكالية عويصة تشغل بال العديد من المهتمين بالشأن المحلي بالمنطقة؛ وهي غياب وعدم تخصيص مساحات خضراء ضمن مخططات التنمية، الشيء الذي يجعل من دار بوعزة إحدى المناطق المعرضة للتلوث البيئي الذي تنجم عنه انعكاسات سلبية تهدد سلامة وصحة ساكنة قبيلة أولاد جرار في صمت، وفي غفلة من أهلها(..) ويرجع ذلك إلى تقليص المساحات المخصصة للتشجير والإتيان على ملك غابوي مهم بالمنطقة من خلال تركه عرضة للانقراض، علاوة على غياب حدائق عمومية موزعة بشكل متوازن ومدروس على جميع المجمعات السكنية بالمنطقة، ناهيك عن اجتتات مجموعة من الأشجار وتبليط مكانها بالإسمنت، وخير دليل على ذلك ما يقع حاليا بطريق أزمور.
إن غياب حكامة بيئية جيدة من طرف أصحاب القرار بالمنطقة للتصدي لجميع مسببات التلوث بمختلف أنواعه يجعل الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة مجرد حبر على ورق، ما لم يتم تفعيله تفعيلا أمثل يتماشى ومقتضيات دستور 2011.
وقال أحد الفاعلين الجمعويين المهتمين بالشأن البيئي، وبكل حسرة، لقد تحول بعض المنتخبين بالمنطقة إلى وسطاء مهمتهم الوحيدة هي تسهيل دخول المنعشين العقاريين إلى المنطقة لشراء الأراضي الفلاحية بأبخس الأثمان، فأين هي الوعود من أجل تمكين ملاكي الأراضي أبناء القبيلة من تصاميم نموذجية للبناء(..).
فالدور كذالك على المنعشين العقاريين الذين يتملصون من إدراج مساحات خضراء ضمن مشاريعهم السكنية بغية كسب بقع أرضية إضافية تزيد من أرباحهم ضاربين عرض الحائط كل دفاتر التحملات، إن هي وجدت أصلا، ودون الاكتراث لأهمية المساحات الخضراء والحدائق العمومية التي تشكل عاملا أساسيا في التنمية المجالية بمختلف تجلياتها.
فقبيلة أولاد جرار عموما ومنطقة طماريس خصوصا تفتقر إلى المنتزهات والفضاءات العمومية الكبيرة التي توفر مكانا رحبا للاستراحة، والتمتع بمباهج الطبيعة، وللترفيه عند الأطفال، واستنشاق هواء نظيف.
وهنا لابد من إعادة دق ناقوس الخطر عن حالة حديقة طماريس التي لم تعد تحمل سوى اسم حديقة حيث صرفت عليها ملايين الدراهم، ولكن ظلت عرضة للإهمال والضياع وأضحت جنبتاها مطرحا للأزبال ومرتعا لكل متعاطي الكحول والشمكارى(..) فمتى سيفكر المسؤولون في خلق فضاءات عمومية تليق بمكانة أولاد جرار، أما أن الأوان لرد الجميل للمنطقة والاعتناء بها بيئيا، فلعل ذلك سيرجع بريقها ولو ببصيص أمل.