منتخبو الرباط نسوا رمضان والموسم الدراسي والصيف

حديث العاصمة | بقلم. بوشعيب الادريسي
من يدري، فلن نحتاج في الأيام المقبلة إلى مجلس جماعي ولا انتخابات، مادام الذين انتخبناهم وحملناهم مسؤوليات تدبير شؤون العاصمة، فوضوا هذا التدبير إلى شركات يعلم الله من يقف وراءها. وها هم أحباؤنا وممثلونا المناضلين المتمتعين في أموالنا وسلطاتنا وممتلكات جماعتنا، يوزعون مهامهم الجماعية على القطاع الحر، ربما ليتفرغوا ويهتموا أكثر وعن قرب بمشاكلنا اليومية، والمشاكل كما تعلمون تبدأ حبة ثم قبة فجبل المؤدي إلى الطوفان. هذا الطوفان الذي يحاصر اليوم العاصمة من كل جانب: من ضفة الوادي وساحل الأطلسي وهضاب عكراش، والطريق السيار إلى البحر والبر والسهل وما بينهما من أفظع وأضخم الكوارث منها: آفة البراريك، والجوطيات، والديور المهددة بالانهيار، والتلوث، وأزمة الطرقات والجولان، ومصيبة الأزبال وعواقب حاوياتها المفروضة أمام مساكن المواطنين “تخدرهم” بروائحها المزعجة و”تسلط” عليهم كل أنواع الحشرات و”الطوبات”، وصياح أصحاب النقل العلني والسري واستغلال أبواب العمارات التي تحولت إلى “قامرات” عشوائية وإلى مراحيض عمومية، وأماكن غرامية وتجارية للممنوعات. وانتظرنا مداولات دورة أبريل الماضية، لعل وعسى “يحن” قلب حبيب من الأحباء و”يقلبها” على المجلس الجماعي، بنقطة يقترح فيها على باقي الأحباء المحترمين وأمام طوفان الكوارث والمشاكل: تقديم استقالاتهم والانسحاب إلى شركاتهم ومقاولاتهم مع “شرف” الاعتذار إلى الذين انتخبوهم والتنويه بالذين قاطعوهم ولم يشاركوا في الانتخابات لأنهم كانوا “عايقين بهم”.
ورحم الله المناضل الوطني المرحوم محمد جازوليط الذي انتخب النائب الأول لرئيس المجلس في سنة 1983، ولأن أحد النواب لم يحترم القانون الجماعي وداس على القانون الداخلي، فاحتج المرحوم بتقديم استقالته من المكتب المسير ومن المجلس المنتخب، وانسحب بهدوء ليدخل بذلك إلى تاريخ الرباط، رحمه الله رحمة واسعة، وهذا هو الاحتجاج الحقيقي.
ولنعد إلى دورة أبريل التي اختتمت قبل أيام، بعدما علقت أعمالها وتأجلت أشغالها وتدخلت التليفونات “للتخدير” من الشيطان الرجيم و”نعله” حتى لا يفسد على المنتخبين الأحباء المحترمين مذاق حلاوة التوقيعات ولذة الركوب و”التبناد” في سيارات جابها الله، والتحدث بلا حدود وبدون قيود في تليفونات فابور، وإغراق الجماعة بالتوظيفات وإكرامها بكرم التعويضات والترقيات، وقنص الصفقات لمولات الدار، واقتسام ملايير منح الجمعيات مع الأحباء وفلذات الأكباد، كل هذه “الزردة” تم استحضارها ودون شك كانت حاضرة في المحادثات الهاتفية، لتنتصر على “الشيطان الرجيم” وتصبح إقالة فلان و”تجبيد” أذن فرتلان من الماضي ومن الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الأحباء الذين ضيعوا كل دورة أبريل في مناقشات تافهة وفي تعصير الحامض على عيون البعض حتى يشعر أصحابها بأن الزردة يجب أن تكون للجميع وليس فقط للبعض.
“فدلخنا عليكم بالله”، ما هو الأجدر بالمناقشة والتداول في الدورة؛ هذه الفزاعات المصبوغة بالإقالات، المعروفة بالمناورات و”الحيحة” و”الهيللة”، وضياع الوقت والمال، أم تنكب الدورة على المشاكل الزاحفة على السكان وبكل تأكيد خلال شهر فقط من الآن، سيحل فصل الصيف، وتختتم السنة الدراسية، ويهل هلال شهر رمضان الأبرك، وأحباؤنا في الجماعة ولا هم هنا، ففي الصيف، لهم مسابحهم وشواطئ ومنتجعات صيفية يلجأون إليها، وفي رمضان الأبرك يفضلون قضاء مناسكه في الديار المقدسة، وفلذات الأكباد يدرسون في مدارس “هاي كلاس”، لذلك – ربما – لما “يصدعون” رؤوسهم بترتيب شؤون لا تهمهم، والدليل أنهم لم يناقشوا ولم يهتموا ولم يبالوا بالهواجس الحقيقية لسكان مدينة الرباط.
ومن يدري فقد يفاجئنا أحباؤنا بتأسيس شركات لتنوب عنهم في التفكير والتحضير لاستقبال “حرارة” الصيف، ومشاكل اختتام السنة الدراسية، وغلاء أثمنة السلع في رمضان.
انتهت إذن دورة أبريل، لتستمر محن السكان في غياب تام للأحباء المنتخبين المنشغلين “بالهميزات” والمطاحنات الحزبية وابتداع قاموس جديد زنقوي للفرجة الجماعية في العاصمة السياسية يا حسرة.